الحبوب المنبهة والمنشطة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قضية هامة وخطيرة للغاية، تجر لشر عظيم، وخطب جسيم، تعبث بعقول الناشئة والشباب، ويزين الشيطان تعاطيها، ويبشر بنتائجها، وحيث يكثر تناولها لدى بعض الشباب والشابات في أيام الاختبارات، فما أسباب انتشارها ومخاطر وجودها؟ ومن ثم العلاج المناسب.

 

----------------------------------------

الأستاذ: عبد المحسن بن سليمان المنيع

يحكي أحد الذين تابوا من تعاطي هذه العقاقير المنبهة والمنشطة وأنابوا قصته فيقول: ((لقد كنت ممن يتعاطى الحبوب المنبهة في أيام الاختبارات وربما امتد تعاطيها إلى غير ذلك...وقد كانت بداياتي معهاº عندما كنت أُذاكر أيام الاختبارات أتى إليَّ أحد الزملاء ممن أذاكر معهم فقال لي: هل تُريد أن تكون أكثر نشاطا وحيوية!؟ فقلت له: كيف ذلك؟! فأخرج من جيبه حبة وقال: هذه تجعلك تهتم بالمذاكرة أكثر و تبذل جهدا أكبر!!

 

فأوجست منها خيفة ودافعتها إلا أني في النهاية قبلتها و على سبيل التجربة.

 

أكلتها ولأول مرة، أكلتها ولكني شعرت بشعور غريب فقد أقبلت على المذاكرة دون انقطاع، فانتابني شعور بأن تلك الحبة فعلت الأفاعيل، فحرصت على تناولها بمباركة من ذلك الزميلº حتى وقعت في مهاويها وأسرتني في حبالها وشباكه، فكنت لا أستطيع أن أقرأ الكتاب إلا بعد تعاطيها.

 

أسرتني حتى توهمت قدرتها العجيبة، فقد كنت أقرأ وقتاً أكثر وأبذل جهداً أكبر ولكن الحقيقة أن الفهم أقل والاستيعاب ضحل ناهيك مفعولها عن استرجاع المعلومات، فقد تتعب كثيراً وتسهر طويلاً ولكن في الاختبار قد تصاب بالإرهاق والصداع ويتشتت التركيز... فهذه هي حقيقته.

 

عندها انتبهت لحالتي وتدهورت دراستي إذ بدأت بالتأخر عن المنافسة وبدأ المستوى يتراجع فقد كنت أقارن بين حياتي قبلها ومعها فأجد البون شاسعا والفرق واسعا فأيقنت بالخطأ فقررت تركها وإعدامها قبل أن تقضي عليَّ وتعدمني)).

 

فهذه قصة من بين مئات القصص في هذا المجال افتتحت بها مشاركتيº لنأخذ منها العظة والعبرة قال - تعالى-: (فَاقصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُم يَتَفَكَّرُونَ) الأعراف: 176 وقوله -تعالى-: (لَقَد كَانَ فِي قَصَصِهِم عِبرَةٌ لِأُولِي الأَلبَاب) يوسف: 111.

 

ولقد جاءت هذه القصة على محاور القضية الثلاثة (الأسباب، المخاطر، العلاج).

 

فلو رجعنا قليلا إلى القصة لوجدنا أسباباً عدة منها:

 

• الجليس: وكلنا يعرف أثر الجليس ويحفظ النصوص في ذلك وخاصة الحديث المشهور \" مثل الجليس الصالح وجليس السوء... \".

 

• التجربة: واستخدامها في الأمور المشبوهة والطرق الملتوية، وهي بوابة يلج من خلالها أكثر المنحرفين أو من يسلك مسالك الهلاك والسقوط في مهاوي الردى.

 

• غياب الرقيب: وهذا الأمر مما طم ضرره على المجتمعات حيث اشتغل الرقيب عمن استرعاه الله إياهم بمشاغل أقل قدراً أو لم يستطع الجمع بينهما فوقع الفأس بالرأس وشجه شجة تعب بعدها في البحث عن العلاج.

 

• ضعف الوازع الديني: وهذا من الأسباب المهمة وخاصة عند من يطلب العلمº إذ كيف تنتشر مثل هذه الآفات عند طلاب علم؟!؟

 

• قلة التوجيه والإرشاد: وركوده في أغلب الأحيان وأكثر الأوقات.

 

• توهم الفوائد: (السير خلف الوهم) وطغيانه على الرؤية الصحيحة.

 

• الإعلام: وهو من الأسباب التي ساعد على انتشارها بما يسمى بالمسلسلات والتمثيليات والأفلام وعرض ذلك على شكل يومي وتأثيره المباشر وغير المباشر وقل أضعاف ذلك بعد الانفتاح الإعلامي الواسع.

 

• عدم الاكتراث بالعواقب: في البداية وقل بلاهة التصرف.

 

ولو انتقلنا إلى مخاطر تلك العقاقير المنبهة والمنشطة على المجتمعات والأفراد ولاسيما المجتمعات الإسلامية فأورد بعضا من تلك المخاطر بعد تمهيد بسيط:

 

فهذه الحبوب تعمل عبر مكونات كيميائية من شأنها إثارة خلايا الجسم ويتركز عملها في خلايا المخ حتى تواصل عملها دون توقف ويتضاعف جهدها ولا تجد وقتاً للراحة ولا فرصاً للاستراحة، فتنقل العمل من وجهه الطبيعي إلى أوجه غير طبيعية، ومن طورها المحدود إلى أطوار خارج الحدودº فتنهك الخلايا ويتعب العقل ويقصر عمره الزمني ولهذا الأمر مخاطر دينية وصحية واجتماعية وعملية وإنتاجية منها:

 

1- أن استخدام هذه الحبوب المنبهة المنشطة به تختلط الأوراق وتتداخل الأوقات ويختل البرنامج اليومي فتدخل أوقات الراحة والنوم في أوقات العمل، فإذا ما انتهى مفعول تلك الحبوب فكأنما انفلت من عقال... وانكب في نوم عميق دون أن يعير للصلاة أي اهتمام وهذا من أشد الأخطار.

 

2- أن متعاطيها يستنفذ طاقته العقلية ويجهد خلايا المخ بشكل كيميائي وبهذا لا بد من أثر رجعي وأثر جانبي بعد زمن يقل أو يطول وخاصة عند مدمنه.

 

3- أن هذه الحبوب لا تعطي حاسة الفهم والذاكرة أي اهتمام بل إن هاتين الحاستين تتأثران سلباً بسبب إشغال العقل بنشاط غير طبيعي.

 

4- عدم اهتمام متعاطيها بمن حوله لأنه منكب على عمل معين و تركيزه منصب عليه وهذا يخل ببرنامجه الاجتماعي.

 

5- أن غالب المتفوقين إن لم يكن كلهم من الطلاب الذين لا يتعاطون تلك العقاقير بل ويحاربونهاº إنما الواقع أن متعاطيها يتدهور دراسياً ويتراجع تراجعاً ملحوظ.

 

6- أن متعاطيها يفضل العزلة ويبتعد عن العلاقات العامة لأنه في تصوره موضع شبهة.

 

ولا غرو أن تهتم الدولة حرسها الله في محاربة هذه الآفات لما تسببه من أضرار جمة وهنا فالوقاية خير من العلاج، ومن سبل العلاج التي قد تسهم مساهمة فاعلة في القضاء على مثل هذه المخاطر:

 

• الاهتمام بغرس الوازع الديني لدى الجميع: كي يكون هو الضابط عند كل عمل، وإقصاء كل سبب أو شهوة أو هوى.

 

• تفعيل دور الرقيب، وإحياء الرقابة الذاتية: ويتضاعف تفعيله في أوقات الاختبارات.

 

• مضاعفة الجهود التوجيهية والإرشادية وإظهار خطورة مثل هذه الأعمال ومغبة الوقوع فيها سواء دينياً أو صحياً أو اجتماعياً أو علمياً أو عملياً أو إنتاجياً وهذا له طرق عدة من أهمها:

 

1- طريق التعليم العام.

 

2- طريق الإعلام.

 

3- طريق الخطب و المحاضرات.

 

4- طريق المسابقات من قبل المؤسسات و الجمعيات المختلفة.

 

----------------------------------------

الشيخ (الطبيب): علي بن سليمان المسعود

 

انتشرت المخدرات بأنواعها المختلفة في العالم بأسره انتشاراً لم يسبق له مثيل في التاريخ، وتشير الإحصاءات إلى تزايد عدد المتعاطين للمخدرات بشكل كبير ففي العالم ما يزيد على عشرين مليون مدمن.

 

وأكثر من نصفهم بدأوا بتعاطيها قبل البلوغ، وهذا يحصل رغم التوجه العالمي ضد المخدرات ومروجيه، ورغم الكميات المهولة التي تضبط في نقاط التفتيش المختلفة أو عن طريق رجال مكافحة المخدرات.

 

والشباب هم الفئة الأكثر انزلاقاً في منحدر المخدرات فتشير الإحصاءات إلى أن سبعين بالمائة من المدمنين هم من الشباب، ووجد أن من أهم أسباب انحرافهم: الاضطرابات الأسرية، وبعد الأب عن مسؤوليته التربوية بالوفاة أو بسوء أسلوبه ومنهجه في التربية، ومخالطة رفقاء السوء، وكذلك عدم الثقة بالنفس، والفراغ الممل والفشل في الحياة والعزلة والحالة الاقتصادية المتدنية وعدم وجود الروابط الاجتماعية القوية المتنوعة.

 

وتنتشر في أوساط الشاب أوقات الامتحانات بعض الحبوب التي قد يظن البعض أن لها أثراً إيجابياً على التحصيل العلمي وتقوية الذاكرة، بينما هناك الكثير من الآثار الضارة المترتبة على استخدامه، وسأناقش في هذه السطور أنواع الحبوب المستخدمة من قبل الشباب في الامتحانات وآثارها الضارة وطرق العلاج. الحبوب المنبهة المؤدية إلى الإدمان والتي تسمى(CNS STEMULANTS).

 

نوعان رئيسان الأول الامفيتامين والثاني الكوكايين.

 

الامفيتامين: هو الأكثر شيوعاً واستخداماً لتوفره ورخص ثمنه وطول مفعوله المؤثر وهو مصنف من المخدرات الممنوعة التي تؤدي إلى الإدمان، على الرغم من استخدامه في بعض الحالات العلاجية المحدودة.

 

ويتوفر بتركيبات كيميائية مختلفة تزيد عن 6 مركبات، مختلفة من حيث شدة التركيز والتأثير.

 

الآثار الجانبية لاستخدام الحبوب:

مستخدم هذه المركبات يشعر لأول وهلة بالاسترخاء وزيادة الطاقة وشعور بتهيج العاطفة والكبرياء والاندفاع غير المنضبط وهذه الأعراض قد تستمر من بضع ساعات إلى ثمان وأربعين ساعة يصاحب تلك الأعراض ارتفاع في الضغط وتزايد دقات القلب وفقدان للشهية وفقدان الإحساس بالعطش مما يؤدي إلى الجفاف وغثيان وهلوسة ذهنية واضطراب في التفكير وتشنج عضلي وتعرق شديد ونبات خوف شديد.

 

وهناك بعض الأضرار الخطرة والتي عادة ما تنتج عن الاستخدام المفرط أو إضافة مواد أخرى إلى الحبوب تزيد من خطورتها والتي قد تؤدي إلى الوفاة مثل فشل حاد في وظائف الكبد وتجلط في الدماغ وارتفاع شديد في درجة الحرارة واضطراب حاد لنبضات القلب و ذبحة صدرية أو جلطة قلبية ونبات صرع.

 

والمدمن قد يصاب باكتئاب حاد وتغير في المزاج ونوبات قلق وإجهاد وإعياء شديد إذا زال تأثير الحبوب مما يدعوه إلى استخدام جرعة أكبر مما يؤدي لتعرض أكبر للآثار الضارة للحبوب.

 

وهذا الأثر قد يستمر لعدة أشهر.

 

طرق تشخيص إدمان الحبوب:

يكون ذلك بملاحظة تلك الأعراض المذكورة آنفاً وكذلك مرور الشاب بأطوار نفسية مضطربة، ويمكن للطبيب تأكيد ذلك بفحص عينة من البول حيث يكشف ذلك وجود مركب الامفيتامين.

 

طرق العلاج:

الإيقاف المفاجئ للحبوب لا يترتب عليه تغيرات فسيولوجية كثيرة، لذا ينصح من ابتلي بإدمان تلك الحبوب بإيقافها دون الحاجة إلى تدرج في ذلك.

 

قد يضطر المدمن أحيانا إلى إرشاد طبيب نفسي للتحكم بالأعراض الجانبية الناتجة عن الإيقاف المفاجئ للامفيتامين ويتم استخدام بعض الأدوية كالاندرال وغيره.

 

وختاماً الأمر الأهم هو التعرف على الأسباب التي أدت إلى الوقوع في ذلك المستنقع سواءاً كانت اجتماعية أو أسريه أو نفسية أو بسب رفقاء السوء ويكون ذلك هو منطلق العلاج.

 

وإن كان من سبب رئيس في هذه القضية فهو ضعف الصلة بالله والبعد عن منهج الله إذ لا ملل ولا فقر ولا مشكلة أيا كان حجمها يمكن أن تسوق المؤمن المتصل بالله إلى هذه الهاوية السحيقة.

 

وقد اتفق المصلحون على أن ضعف الوازع الديني هو سبب انتشار المخدراتº وهذا يعني أن الحل الأمثل لهذه المشكلة ومحاربتها وحماية الشباب منها يكون بالتوعية الدينية والتربية الإسلامية الصحيحة.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

  

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply