تأثير التلفاز على المجتمع


بسم الله الرحمن الرحيم

 

إذا كانت وظائف الاتصال التقليدية قد انحصرت في تحقيق تبادل المعرفة والمعلومة مع بداية الفهم النظري للعملية الاتصالية فإن ما حدث اليوم من ثورة حقيقية في عالم الاتصال وما ظهر من تقنيات عالية متجددة، جعل للاتصال وظائف جديدة لم تكن في متناول الفكر الإعلامي من قبل، فلم تعد قضية نقل الحدث وتفسيره بل حتى تحليل مضمونه ومحتواه هي الشيء الذي تدور حوله الدارسات الاتصالية فقط بل تعدي ذلك لتصبح العملية الاتصالية من خلال رسائلها وتقنياتها شريكة في صناعة الحدث نفسه بل وصياغة القرار مما يؤكد الاتفاق على الدور المتعاظم والمتطور الذي تحققه العملية الاتصالية في شكلها ونموذجها الحديث وفي تعاملها مع شعوب العالم ودوله وأحداثه، لقد أصبح الإعلام يمتلك قدرة البناء وترسيخ القيم كقدرته على الهدم وابدال القيم، فقد أصبح لوسائل الإعلام الحديثة تأثيرها على المجتمع المتلقي سواء كان هذا التأثير ايجابياً أو سلبياً مما دفع بأهل الاختصاص في مجال الدراسات الإعلامية إلى تناول وتصنيف هذا التأثير من خلال نظريات ودراسات علمية وبحثية، ومما تم التوصل إليه أن الإعلام اليوم ووسائله قادر على تحقق أمور نذكر منها.

 

1 - تغيير المواقف والاتجاهATTITUDE CHANGE :

عندما يعرض الإنسان لقضية أو لشخص أخر فإنه يبني حكمه ويتخذ مواقفه بناء على ما توفر لديه من معلومات عن هذه القضية أو ذلك الشخص، ولما كانت وسائل الإعلام مصدراً أساسياً للمعلومات يبنى أفراد المجتمع على معظمها مواقفهم حيال الأحداث والمتغيرات المحيطة بهم بما يوفر عنصر القبول أو عنصر الرفض فإنها بذلك، أي وسائل الإعلام، تسهم بشكل فعال وإيجابي في تشكيل هذه المواقف وخاصة بالنسبة للجمهور المتلقي والمستهدف سواء ذلك بالنسبة للقضايا المطروحة على الساحة المحلية أو على المستوي الدولي العالمي، إن تغير المواقف والاتجاه لا يقف عند حدود التقبل أو الرفض أو السخط أو الرضا بل يتعدى ذلك إلى القيم وأنماط السلوك الفردي والجماعي، فقد يتقبل المجتمع قيماً كانت محل الرفض وعدم القبول قبل بث الرسالة الإعلامية، أو يرفض قيماً كانت سائدة ومعترف بها ويستبدل بها قيماً أخرى. هكذا تصبح الرسالة الإعلامية بمضمونها الواضح وأسلوبها المقنع ووسيلتها المؤثرة، عاملاً من عوامل عملية التحول بما تقدمه من معلومة موجهة صادقة كانت أو كاذبة، وذلك من خلال التعرض المستمر والمدمن من قبل المتلقي للرسالة الإعلامية.

 

2 - التغير المعرفي Cognitive Change :

إذا كان تغير المواقف من القضايا والأحداث يعتبر أمراً من الأمور التي تعرض للمتلقي للرسالة الإعلامية فإن هذا النوع من التغير يظل أمراً عارضاً قد يبقي وقد يزول بزوال المؤثر بعكس التغير المعرفي حيث أن قضية المعرفة تقوم على أسس وجذور ممتدة في أعماق النفس الإنسانية وتمر بعمليات تحول بطيئة قد تستغرق زمناً طويلاً بعكس عملية تغيير المواقف، ووسائل الإعلام، خصوصاً، في العصر الحاضر - تعمل بصورة نشطة في مجال التشكيل المعرفي للمتلقي - أفراداً أو جماعات - مستفيدة من أثار التعرض الطويل والمستمر والمتكرر للرسالة الإعلامية الموجهة والتي تجد الاهتمام باعتبارها مصادر أساسية للمعلومات التي يتطلع إليها الناس.

 

ومن هذا المنطلق فإن الوسيلة الإعلامية من خلال ما تعرضه من أفكار وموجهات إنما تسعي إلى وضع الأصول المعرفية القائمة محل النقاش والجدل بما ينزع عنها الكثير من المسلمات القائمة عليها، ليصبح من الأسهل بعد ذلك اجتثاث هذه الأصول يحل محلها أصول جديدة تقوم عليها قناعات مستجدة سواء في مجال الفكر عامة أو حتى المعتقد القائم في نفس المتلقي مستخدمة في ذلك قوالب جذابة لها قدرة مقاومة الأعراف والتقاليد السائدة.

 

إن عملية التغيير المعرفي بهذه الصورة ليست بالأمر السهل المبسط بل هي عملية تتداخل فيها العديد من المتغيرات والتي تتمثل في طبيعة شخصية المتلقي وميوله ومهاراته وبيئته الاجتماعية ونوع ثقافته، كما يدخل فيها عامل قوي الضبط الاجتماعي من تقاليد وعادات ومعتقدات ونظم، وبقدر قدرة الوسيلة الإعلامية على توظيف هذه المتغيرات وتوجهها ومراعاتها تستطيع الرسالة الموجهة إحداث التغير المعرفي المطلوب([1]).

 

3 - التنشئة الاجتماعية Socialization :

تشترك عدة مؤسسات في عملية التنشئة الاجتماعية للأفراد ثقافة وتعليماً ونعتبر البيت (الوالدين والأسرة) من أول هذه المؤسسات وأهمها حيث يتعامل مع النشء منذ ولادته طفلاً رضيعاً وتستمر معه الفترة الأطول من حياته ثم تأتي المدرسة وما يماثلها من مراكز ومؤسسات ثقافية أو تربوية كالأندية والجمعيات ودور العبادة المسجد ومراكز التوجيه والتوعية، حتى كان عصر الاتصال الجماهيري ليجعل من وسائل الإعلام عاملاً جديداً من عوامل التوجيه والتنشئة وبدأ ذلك الأمر بصورة متواضعة وإسهام يكاد يكون محدوداً، ومع ثورة الاتصال والتطور التقني لوسائل الإعلام تبع ذلك تطور نوعي في البرامج والرسائل الإعلامية لتصبح لها القدرة على الوصول إلى كل بيت تخاطب الصغير والكبير - المتعلم والأمي - من خلال مضامين فكرية واتجاهات ثقافية تحملها برامج للترويح والتسلية والرياضة والأغاني وفق نماذج متقدمة في العرض والمخاطبة فاستطاعت أن تستأثر بالعديد من العقول والعواطف حتى أستسلم الطفل لهذا الموجه الجديد والذي أصبح في بعض الأوقات يقوم بدور الأب والمعلم والمدرسة بل إن البالغين أيضاً أصبحوا يتعاملون مع هذه الوسائل على أنها مصدر من مصادر المعلومات والتثقيف والأخبار سواء كان ذلك عن قصد أو غير قصد، حيث أن ما تحمله هذه الوسائل الإعلامية في تطورها. التقني والنوعي الحديث لا تخلو من قيم وموجهات تخدم فكر المرسل بهدف إحلال هذه القيم أو إزالة وزعزعة قيم وغرس أخرى أي التدخل والتأثير في عملية التنشئة الاجتماعية بوسائل غير مباشرة تتمثل في صياغة خبر أو تقديم فكاهة أو عرض أحداث مسلسل أو مسرحية أو حتى برنامج علمي([2]).

 

إن أجهزة الإعلام تعمل بشكل متواصل على تقديم صور من الحياة المعيشية ونماذج من التصرفات التي تصلح للإقتداء بها وقد تأكد أن استخدام الأطفال لوسائل الإعلام يحقق لديهم ميلاً للأخذ بالعبر والدروس التي تقدم من خلال هذه البرامج مع ربط ذلك بواقع تجاربهم الذاتية([3]).

 

ويجدر بالذكر هنا أن تأثير وسائل الإعلام في مجال التنشئة الاجتماعية إنما يتفاعل مع عوامل عديدة مختلفة في المحيط الاجتماعي مع التأكيد على أن فرضيات التأثيرات الإعلامية في التنشئة موجودة ويمكن أن تلمسها في المعايير والتوقعات التي يتوقعها الأباء والأمهات مع استخدام أطفالهم لوسائل الإعلام حيث ينظر أحياناً إلى وسائل الإعلام على أنها تقدم وتوزع مواد إعلامية تهدد وتعارض وتتحدي القيم الاجتماعية التي يبثها الآباء والأمهات والتربويون وغيرهم من مؤسسات الضبط الاجتماعي.

 

وعلى العموم فإن دور وسائل الإعلام في عملية التنشئة ليس محل شك أو إنكار ويمكن أن يتوصل إلى درجة التأثير من خلال تحليل مضمون المواد الإعلامية ومن استخداماتها التي تفرض التأثير على الجماهير([4]).

 

وإذا حاولنا أن ندرك مثل هذه المواقف فإنه من خلال مشاهدة الفرد لمسلسل تلفازي يسخر من تعدد الزوجات مثلاً فإن هذا المضمون لا يعرض بحوار مباشر بل من خلال بعض المشاهد المسلية والمضحكة أحياناً يراها ويشاهدها الفرد على أنها مجرد تسلية ومتعة مشاهدة بريئة، سلبية حيال قضية التعدد بطريقة لا شعورية في حين قد يكون العكس لو تم عرض مثل هذا المضمون في حديث مباشر في محاضرة أو مقال صحفي أو ندوة تلفازية فقد تجد الفكرة حينئذ مقاومة وتفقد تأثيرها المطلوب.

 

4 - الإثارة الجماعية Collective Reaction :

من خصائص الإعلام الجماهيري قدرة الوسيلة الإعلامية على مخاطبة جماهيرية عريضة في وقت واحد بحيث يمكن توجيه هذه الجماهير نحو هدف أو قضية معينة كما يحدث في حالات استنفار وسائل الإعلام لاستنهاض الحس الوطني في المواقف الوطنية والقومية مثل ما يحدث الآن في السودان من حفز المواطنين لدعم المجاهدين في الجنوب.

 

وقد يكون الهدف أيضاً تجميع المواطنين لمحاربة رذيلة أو مواجهة عدو محارب أو الوقاية من مرض أو وباء، وكثيراً ما تجد مثل هذه المواقف استجابة واضحة من قبل الجمهور المتلقي لمثل هذه الوسائل ويتجمع الناس لتحقيقها والعمل بما تدعو إليه من خلال ما تثيره في النفوس من حماس قائم على توعية بطبيعة المشكلة([5]).

 

وإذا كانت الإثارة الجماعية قد تأخذ شكلاً وهدفاً إيجابياً فإنها أيضاً في حالات أخرى تأخذ شكلاً سلبياً عندما تسعي إلى إثارة نشر الهلع والفزع والفوضى داخل المجتمع، وربما يكون ذلك عن طريق إثارة الجماهير ببث أخبار مضلله أو مشوهة تنذر بخطر داهم كما حدث عندما تم افتعال برنامج إذاعي لنشرات أخبارية تعلن غزواً من أهل المريخ للأرض وذلك عام1938م قدمه المزيع(أورسون ويلز Orason Wells)، ومثل هذا أيضاً ما أصاب مواطني دول الخليج وكذلك اليهود في فلسطين من هلع من جراء نشر أخبار عن عزم العراق ضرب هذه المناطق برؤوس نووية.

 

كما أنه يوجد نوع أخر من الإثارة الجماهيرية عندما تتجه وسائل الإعلام للدعوة إلى العصيان وإثارة أعمال الشغب ومقاومة السلطات الأمنية وما يحدث من تدمير وسلب نتيجة مثل هذا النوع من الإثارة وبث روح الهلع والقلق والخوف([6]).

 

5 - الاستثارة العاطفية Emotional Responses:

يعيش الإنسان في هذه الحياة ويتعامل مع أحداثها ومستجداتها من خلال التفكير العقلي القائم على المنطق والدليل والاستنتاج بجانب المشاعر والأحاسيس التي تحركها العاطفة والميول والرغبات.

 

 وقضية المشاعر والعواطف لا تنفصل عن الطبيعة الإنسانية والفطرة البشرية فهي التي تحمل معالم الحب والكراهية والسعادة والرضا والغضب، وهذه العواطف ملازمة للإنسان وقد تتغلب أحياناً على أحكام العقل والمنطق نتيجة فشل الفرد في التحكم فيها مما يبتعد به السلوك القويم والهدى الراشد وقد جاء تحذير القرآن الكريم من هذا الميل الشديد إلى العاطفة التي تعمي الإنسان عن الحقائق فيما يخبر به رسول الله صلي الله عليه وسلم (فَإِن لَم يَستَجِيبُوا لَكَ فَاعلَم أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهوَاءَهُم وَمَن أَضَلٌّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهدِي القَومَ الظَّالِمِينَ) سورة القصص50.

 

وتأتي وسائل الإعلام لتعمل على استثارة العاطفة باعتبارها وسيلة هامة من وسائل التأثير فهي - أي وسائل الإعلام - أصبحت تتمتع بقدرة فائقة في التعامل مع العواطف الإنسانية بأساليب مختلفة ويظهر ذلك بصورة أوضح فيما يقدم من أعمال درامية تخاطب المشاهد من خلال عواطفه بمواقف وأحداث تثير فيه مشاعر الحب أو مشاعر الكراهية ومشاعر الغضب والرضا، هذا بجانب ما تثيره بعض المشاهد أو البرامج(حتى المسموعة) من غرائز عندما تعرض لموضوعات الجنس والمرأة والعلاقات بينها وبين الرجل من خلال كلمات الإثارة في الأغاني أو عن طريق أدائها، وقد كثرت في الآونة الأخيرة مشاهد الإغراء والعري ومواقف الغرام التي تستحث شهوة العديد من المشاهدين(رجالاً ونساء)، ولعل هذا الجانب وهذا النوع من الإثارة يعد سلبية واضحة من سلبيات وسائل الإعلام وتأثيرها على المتلقي والتي قد تستخدم للتضليل وصرف الجمهور عن القضايا الحقيقة التي تهم الأمة([7]).

 

إن قضية إثارة العواطف قد تحمل جوانب إيجابية بناءة وذلك كالحث على رعاية اليتيم والرفق بالفقراء فقد جاء القرآن الكريم مخاطباً العاطفة الإنسانية حاثاً لها لعمل الخير والرفق باليتامى ممن فقدوا آباءهم أو أمهاتهم في قول تعالي\"وَليَخشَ الَّذِينَ لَو تَرَكُوا مِن خَلفِهِم ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيهِم فَليَتَّقُوا اللَّهَ وَليَقُولُوا قَولاً سَدِيداً\" (النساء:9).

 

كما أثار القرآن عاطفة الأبوة نحو الأبناء كوسيلة للحث على الإنفاق في سبيل الله \"أَيَوَدٌّ أَحَدُكُم أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِن نَخِيلٍ, وَأَعنَابٍ, تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحتَرَقَت كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُم تَتَفَكَّرُونَ\" (البقرة:266) وفي هذه إثارة للإنفاق من خلال إثارة العاطفة نحو الأيتام والمحرومين.

 

ولعل في الرسالة الإعلامية التي حملها الهدهد إلى سليمان - عليه السلام - وهو نبي الله الداعي لتوحيد الله في الأرض وهو من سأل الله أن يعطي ملكا لا ينبغي لأحد سواه فنجد أنها رسالة تحمل إثارة تجمع بين إثارة العقل والعاطفة معاً حين يقول \" إِنِّي وَجَدتُ امرَأَةً تَملِكُهُم وَأُوتِيَت مِن كُلِّ شَيءٍ, وَلَهَا عَرشٌ عَظِيمٌ*وَجَدتُهَا وَقَومَهَا يَسجُدُونَ لِلشَّمسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطَانُ أَعمَالَهُم فَصَدَّهُم عَنِ السَّبِيلِ فَهُم لا يَهتَدُونَ* أَلَّا يَسجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخرِجُ الخَبءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَيَعلَمُ مَا تُخفُونَ وَمَا تُعلِنُونَ\" (النمل: 23 - 24 - 25). وهذه الفقرة من الآية الأخيرة فيها إثارة للعقل والمنطق ومخاطبة لواقع يجب أن يقوم.

 

6 - الضبط الاجتماعي Social Control :

مما لا شك فيه أن عملية الضبط الاجتماعي تمثل عنصراً أساسياً في استقرار أي مجتمع تقوم عليه مؤسسات أمنية واجتماعية وفق نظم وقوانين ولوائح، غير أن هناك وسائل أخرى تمثل سلطة قائمة في المجتمع تعمل على الإسهام الجاد في عملية الضبط الاجتماعي وهي تلك التي تنبع من نفس المواطن وإحساسه بالانتماء بواجب الولاء بدافع ذاتي حضاري حتى ولو لم يكن هنالك رجل أمن أو ممثل للقانون ويتم ذلك عن قناعة ورضا، وقد قسم بعض المختصين هذا الجانب من عوامل الضبط الاجتماعي إلى ثلاثة أنواع([8]).

 

(أ) ما كان متعلقاً بأعراف المجتمع وتقاليده.

 

(ب) ما هو مرتبط بقيم الشخص وقناعاته.

 

(ج) ما يتعلق بقبول الآخرين ومواقفهم.

 

بالنسبة للجانب الأول وهو ما يتعلق بالقيم والأعراف الراسخة والقائمة في المجتمع فإنها تمثل عاملاً أساسياً في قيام ظاهرة الضبط الاجتماعي مثل قيم الشرف والمواطنة وهي قيم تحكم ضبط المجتمع ككل، أما بالنسبة للقيم التي يرتبط بها الشخص ويلتزم بها بدافع ذاتي أو تعود ونشأ عليها فهي تحدد طريقة تعامله مع الآخرين وتبقي القواعد التي تنظم طرق التعامل مع الآخرين حيث يلتزم الفرد بما يلتزم به أفراد المجتمع في المظهر أو السلوك كالملبس ومواقف المجاملات والمواساة وغيرها.

 

وهنا نجد أن وسائل الإعلام تصبح أداة من أدوات الضبط الاجتماعي من حيث اعتماد الناس عليها في استيفاء المعلومة وبالتالي تحديد وتبصير الناس بما يصح وما لا يصح من أقوال أو أفعال وما تروجه من قيم ومعتقدات مما يجعل منها مصدراً ومكوناً من مكونات العرف الذي قد يجد قبولاً من الجمهور المتلقي، إن وسائل الإعلام تعمل إلى حد ما على توحيد الناس على ثقافة قد يصبح الخروج عليها أمراً غير مقبول.

 

لقد ظهرت عادات وقيم جديدة مكان عادات وقيم كانت سائدة وأصبحت هذه العادات الجديدة تمثل صوراً من صور الضبط الاجتماعي وذلك من خلال الرسائل المتكررة لوسائل إعلامية مؤثرة بل إن بعض عوامل الضبط الاجتماعي أصبحت بلا أثر ولم تعد تحتل موقعها القديم بعد أن وجدت الاستهجان أو الإنكار أو التعتيم من جانب رسائل الإعلام([9])، ومع ذلك كله فإن وسائل الإعلام تقوم أصلاً على دعم تعزيز القيم السائدة في المجتمع حيث أنها من المفروض أن تكون على طبيعة محافظة([10]).

 

 ـــــــــــــــ

[1] محمد عبد الرحمن الحضيف، كيف تؤثر وسائل الإعلام، ص 33 – 35.

[2] د. محمد عبد الرحمن الخصيف، كتب تؤثر وسائل الإعلام، مرجع سابق ص 33 – 35.

[3] مثل دراسات وولف وفيسك Walfe Fiske، دراسة براون عام1976م Brawn.

[4] دينس مكويل، الإعلام وتأثيراته، ترجمة د. عمر عثمان العربي مطابع دار طيبة الرياض 1992م ط1 ص 150.

[5] د. محمد بن عبد الرحمن الحضيف، مرجع سابق ص 36.

[6] دنيس مكويل، مرجع سابق ص 100 – 154.

[7] د. محمد عبد الرحمن الحضيف، مرجع سابق، ص 38.

[8] Sampson E. Social Psychology and country us society، NewYork، tom Wily and son1971

[9] د. محمد عبد الرحمن الحضيف، مرجع سابق، ص 39 - 40 .

[10] د. رينيس مكويل، ترجمة د. عثمان العربي، مرجع سابق ص 200.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply