بسم الله الرحمن الرحيم
لا خلاف أن المصاعب والتحديات الإدارية تزداد يوما بعد يوم في هذا القرن الذي نعيش فيه، ولا بديل أمام أي مدير يريد الحفاظ على منظمته والتقدم بها إلا أن يكون عالما بتلك التحديات المعاصرة ولديه المرونة الكافية لمواجهتها ليصعد بمؤسسته عاليا في ظل منافسة شرسة تحتاج إلى يقظة ومرونة وفكر إداري ناضج.
واليوم سنتناول إحدى هذه التحديات المعاصرة والتي لها أثر كبير على واقع الإدارة لا يخفى على أحد، إنها \" الخصخصة \"
فكما هو معروف أن هناك نظامين اقتصاديين رئيسين في العالمº وهما النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي، فالنظام الرأسمالي سمته الأساسية الملكية الفردية لعناصر الإنتاج، بمعنى كل فرد في المجتمع له مطلق الحرية في امتلاك المصانع والشركات وهو ما يسمى بشركات القطاع الخاص - والآلات وجميع ما يحتاجه من عناصر للإنتاج، أما النظام الاشتراكي فسمته الأساسية هي ملكية الدولة لعناصر الإنتاج، بمعنى أن الدولة هي التي تملك المصانع والشركات وهذا ما يسمى بشركات القطاع العام- وتقوم بتوظيف الأفراد للعمل لدى هذه المصانع أو الشركات.
وقد كان اعتماد الدول النامية في الستينيات بالدرجة الأولى على القطاع العام في العملية التنموية، أما عقد السبعينات فقد شهد زيادة كبيرة في شركات القطاع العام بحيث أصبحت متواجدة في جميع المجالات الاقتصادية بلا استثناء.
وبالتجربة تبين أن معظم هذه الشركات أداءها غير مرضي وكفاءتها متدنية.
أما في عقد الثمانينات، ففي ظل الضغوط الاقتصادية التي تعرضت لها الدول النامية الناتجة عن أزمة الديون والتي أدت إلى انخفاض كبير في التمويل الخارجي، اتجهت هذه الدول إلى تطبيق سياسات مالية انكماشية من أجل التخفيف من ذلك الاختلال الاقتصادي الحاصل، وقد تمثلت هذه السياسات المالية الانكماشية في المحاولة من تخفيض من النفقات وزيادة من الإيرادات قدر الإمكان.
وفي هذا الإطار ظهرت الخصخصة كجزء من الحل، كما حدث في دول أمريكا اللاتينية مثلا حيث أنه تمثل الخصخصة بالنسبة لدول أمريكا اللاتينية وسيلة لتثبيت اقتصادياتها وتخفيض ديونها الخارجية وإعادة توزيع مصادر وإيرادات الدولة بشكل أفضل.
وقبل أن نتكلم عن دور الإدارة المعاصرة في التعامل مع الخصخصة والتكيف معها، نريد بداية أن نتعرف على الآتي:
معنى الخصخصة:
تعني الخصخصة: قيام الدولة بتحويل ملكية المؤسسات العامة أو المشروعات العامة جزئيا أو كليا إلى القطاع الخاص.
أهداف الخصخصة؟
1-تحسين الكفاءة الاقتصادية، وذلك يتم من خلال الاعتماد على آليات السوق والمنافسة.
2-تخفيف الأعباء المالية عن الدول التي تعاني من الخسارة الكبيرة في شركات القطاع العام، وبالتالي يتوفر للدولة موارد مالية لتمويل أنشطة أخرى.
3- توسيع حجم القطاع الخاص، والاعتماد عليه أكثر في عملية النمو والتنمية.
وعلى هذا فإن أسلوب الخصخصة يتضمن إلى جانب تحويل ملكية المنشآت العامة إلى خاصة التحول أيضا في اساليب عمل حيث يتم اتباع أساليب عمل جديدة تهتم في المقام الأول بالمنافسة وتلبية احتياجات السوق وهو ما يؤدي إلى الارتقاء بكفاءة وإنتاجية المؤسسات، كما أنه يتضمن إعطاء السوق الحر والقطاع الخاص الدور الأكبر في المجتمع.
أساليب الخصخصة:
هناك عدة أساليب تستخدمها الدول لإجراء عملية الخصخصة وهي كالآتي:
1- إنهاء ملكية الدولة للمنشآت من خلال بيعها أو تصفيتها كليا أو جزئيا ويتم نقل الملكية لصالح مستثمرين أو عاملين أو مديرين في المنظمة أو منافسين.
ومن صور إنهاء الملكية ما تقوم به الحكومات من بيع أسهم شركات القطاع العام في السوق، ومن أمثلة ذلك ما قام به القانون المصري حيث \" شجع القانون المصري صغار المستثمرين على شراء الأسهم بهدف توسيع قاعدة الملكية لتشمل أكبر عدد من المواطنين، وتوخت الحكومة المصرية الحرص على عملية تحويل الملكية تدريجياً، وأعطت ضمانات كثيرة أهمها منع الاحتكار، كما وضعت ضمانات للعمالة الموجودة في هذه الشركات المخصصة، حيث خصصت 10% من أسهم كل شركة للعاملين بها، وبالتالي تم تحويل العاملين إلى ملاك، وبعد نجاح هذه التجربة طرحت الحكومة المصرية في سوق الأوراق المالية عام 1996 أسهم 15 شركة صناعية وغذائية وهندسية، ونقلت بالكامل إلى المستثمرين المصريين والعرب والأجانب، وكانت شروط تملك هذه الشركات زيادة نشاطها بالسوق، واستمرار نوعية وطبيعة الإنتاج للتصدير إلى الأسواق الخارجية، وعدم المساس بحقوق العاملين دون الرجوع إلى الدولة.
وروعي في اختيار هذه الشركات على أساس أنها تعمل في أنشطة مماثلة للقطاع الخاص، ولا يمس إنتاجها الأمن القومي الاستراتيجي، وأنها ستوفر 15 ألف فرصة عمل جديدة.
2- السماح بدخول القطاع الخاص إلى مجال العمل والإنتاج جنبا إلى جنب مع المشروعات الحكومية، مع إلغاء القيود المفروضة على القطاع الخاص، وإلغاء الدعم الحكومي للمشروعات العامة، بحيث يكون البقاء للأصلح في هذه المنافسة.
3- تقوم الحكومة بتفويض أو توكيل القطاع الخاص في القيام بالأنشطة التي كان القطاع العام يقوم بها، كخدمات التليفونات والمياه والكهرباء مثلا.
4- قيام الحكومة بالانسحاب من تقديم الخدمات العامة وربما إهمالها، وذلك لتشجع القطاع الخاص على دخول السوق والقيام بهذه الخدمات.
مزايا الخصخصة:
1-رفع الكفاءة الإنتاجية للمنشأة التي تم تخصيصها وتحسين أدائها.
2- تحسين نوعية وجودة الخدمات والسلع المقدمة للعملاء، ويتم ذلك من خلال الاقتراب من حاجات ورغبات العملاء، وترشيد التكاليف، وزيادة المنافسة بين الشركات.
3-زيادة فعالية الإدارة، وذلك من خلال تقليص دور الدولة في إدارة المؤسسات العامة والتخلص من القيود الحكومية والروتينية والبيروقراطية.
4- توسيع فرص الاستثمار المحلي والدولي، وذلك من خلال اجتذاب رؤوس الأموال المحلية والعالمية لشراء أو تأجير المشروعات أو الخدمات العامة.
5- إعادة توزيع مصادر وإيرادات الدولة بشكل أفضل، حيث أن تقليص الدعم الحكومي للمشروعات العاملة يؤدي إلى تقليل تكاليف الدولة وتخفيف العبء من عليها، كما أن إيرادات الدولة تزيد من بيع المشروعات العامة للقطاع الخاص.
عيوب الخصخصة:
في مقابل هذه المزايا للخصخصة هناك بعض العيوب من أهمها:
1- رفع الكفاءة وتخفيض التكاليف قد يؤدي إلى مشاكل مثل تخفيض العمالة، الأمر الذي قد يؤدي إلى بطالة عمال القطاع العام.
2- قد يلجأ القطاع الخاص إلى رفع الأسعار أو تخفيض جودة السلعة من خلال تحفيض التكاليف، وذلك بغرض زيادة الربح مما قد يلحق الضرر بالعملاء المتلقين للخدمة.
3- مشكلة التدخل الأجنبي، حيث أن تدخل رؤوس الأموال العالمية في شراء المشروعات العامة أو تقديم الخدمات العامة قد يشوبه شبهة التدخل في شئون المشروعات المحلية والأنشطة الاقتصادية وربما السياسية في الدولة.
كيف تنجح منظمتك في ظل الخصخصة:
يفرض الواقع اليوم والذي يشهد اتجاها كبيرا نحو الخصخصة منافسة شرسة بين مختلف الشركات والمؤسسات، وأصبحنا نعيش الآن في عالم جديد تلعب فيه المنافسة الدور الأساسي، شعارها الرئيسي \" البقاء للأصلح \" فالبقاء للدول الأصلح، وللشركات الأصلح، وللمديرين الأصلح بل وللعاملين الأصلح.
ونجاح منظمتك أو مؤسستك في هذا الواقع مرهون بقدرتها على التعامل مع هذا القانون \" البقاء للأصلح \"، ولذا تحتاج منظمتك إلى التمتع بالمميزات التنافسية المختلفة والتكيف مع الواقع لتستمر وتثبت وجودها وقدرتها على المنافسة.
ومن أهم الممارسات التي تحتاج إلي التركيز عليها لتكون مؤسستك قادرة على الاستمرار في سباق المنافسة والبقاء في حلبة الصراع:
1- الاهتمام بالعميل واحتياجاته والاهتمام بالجودة التي يحتاج إليها العميل (فحقيقة الجودة ليست صناعة متقنة، ولكن صناعة ما يحتاج إليه العميل، وما يراه أنه بهذه المواصفات عالي الجودة، لا ما تراه المنظمة).
2- الإنتاج في أقل وقت ممكن وبأقل تكلفة ممكنة وعلى وفق معايير الجودة المطلوبة.
3- علاقات طيبة مع العملاء والموردين.
4- القدرة على تسويق المنتجات بكفاءة تصل بها إلى الشريحة المناسبة من المستهلكين.
5- قيادة ملتزمة قادرة على تحقيق أهدافها وتحفيز الموظفين والعاملين وتطوير ادائهم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد