بسم الله الرحمن الرحيم
مقــدمة
نعيش الآن في فترة لم يسبق لها مثيل من التغيرات في الخدمات الإنسانية، حيث تم إعادة اختراع بنية الخدمات في مناطق عدة، بارتفاع متساوٍ, لجميع المنظمات المتخصصة بتوفير الخدمات الاجتماعية.
لم تكن الإدارة الفعالة والقيادة الحقيقية لبرامج الخدمات الإنسانية ضرورية لهذا الحد في سبيل تغيير اتجاهاتهم نحو النجاح في هذا العلم الذي يتطلب التحدي في كل شيء . ولسوء الحظ، غالباً ما تعتبر الإدارة شر لا بّد منه، فهو شيء ما يقود الهدف الاجتماعي لوكالة ما عن طريق سلب طاقة الزبائن وتحويلها للإدارة.
يفهم معظم المدراء ورؤساء العمل التنفيذيين والفعالين أن المنظمات هي موجودات مركبة تتطلب دعماً ورعاية ثابتة، تماما مثل جسم الإنسان لا يمكنه العمل جيداً إذا كان هناك أطراف مفقودة أو مريضة. لا يمكن للمنظمات أن تؤدي عملها جيداً إلا إذا تم تحديد جميع عناصرها بوضوح وتم ربطهم مع بعضهم البعض في سبيل تحقيق مهمة مفروضة على المنظمة.
يكمن هدف هذا النص في تزويد نموذج جديد لإدارة المنظمة، ويمكن للمدراء استخدامه كبرنامج عمل نفهم منه ما الذي يجب إعارته اهتمامنا ولماذا عن طريق ضمان أن هيئة المنظمة هي كاملة وصحيحة، ويمكن للإداريين في الخدمات الإنسانية ضمان أن منظماتهم قادرة على توصيل أعلى مستوى محتمل من المخرجات للمجتمع.
نظرة شاملة عن المنظمة:
- تعتبر المنظمات شاملة، هناك صورة كبيرة للمنظمات ويتوجب على المدراء فهم وتعزيز هذه الصورة من خلال المنظمة، وضمان أن المنظمة تتلاءم مع البيئة التي تعمل بها.
- المنظمات مترابطة، كل شيء فيها يعتمد على شيء آخر، ومن المحتمل أن تأثير الأفعال المأخوذة في مجال ما أن تأثر على عناصر أخرى للمنظمة.
- تعتبر المنظمات عضوية، حيث يعملون على تطوير ساعات العمل الإضافية وفقاً للعمليات الطبيعية وبناءاً على مدى صحة تنشئة الموظفين. ونلاحظ مدى الشبه بين المزرعة وبين المنظمة كل ما تزرعه جيدا ينمو جيدا. يحتاج الرؤساء لحرث الأرض الخصبة وذلك بتزويدها بالتوجيهات الاستراتيجية السليمة وبيئة داخلية صحية...وتزرع النباتات عن طريق الحصول على نوعية الناس ووضع التركيبة الضرورية في مكانها لمساعدة الناس على عمل أحسن ما عندهم وإنشاء المنظمة لتنمو ولتصل إلى أقصى إمكانياتها.
- المنظمة هي بناء الإنسان، النتائج المفروضة بالقوة تنبع من أفعال الناس المندفعين للعمل مع بعضهم في سبيل تحقيق هدف مشترك.
بفهم هذه القواعد، فإن التحدي الأساسي الذي سيواجهه المدراء (خاصة المدراء التنفيذيين) هو ثلاثي المضمون:
أولاً: عليهم أن يطوروا وينفذوا كافة \"الأجزاء\" التي تحتاجها المنظمة للنجاح.
ثانياً: عليهم أن يقوموا بربط الأجزاء ليتسنى لهم فهم و إدارة علاقات (السبب والمؤثر) المهمة.
ثالثاً: عليهم أن يقوموا بتدريب الأشخاص في المنظمة ليتسنى لهم فهم أدوارهم ويكون لديهم المهارة والدافع الكافي ليؤدوا أدوارهم بنجاح. السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي الأجزاء المطلوبة وكيف هي مرتبطة مع بعضها البعض؟
للإجابة على هذه الأسئلة، سنقوم باستعراض نموذج لنظام تنظيمي يصف كافة عناصر منظمة الخدمات الإنسانية الفعالة، ويساعد المدراء على فهم كيفية حرث الأرض وزرع البذور المهمة للمنظمة ولإنتاج أحسن المخرجات الممكنة لزبائنها.
المهمة والرؤيا وقيم المنظمة:
هي الأساس التي يبنى عليها كل شيء آخر يمكن بناؤه. تقوم هذه العناصر بتعريف الهدف الأساسي للمنظمة ولوجودها، وتساعد على توفير توجهات المنظمة من خلال عرض ما تريد المنظمة الوصول إليه وما الذي يعتقد به رؤساؤها ويعيرونه الاهتمام لازدهار المنظمة، أي فهم جذور كل شيء مزروع في المنظمة.
البيئـة الخارجيـة:
هي المكان الذي تبدأ منه عندما تكون المهمة واضحة. وعلى مستوى ما، نجد لكل مؤسسة ما خدمة اجتماعية لمساعدة الآخرين، وبالتالي ومن الضروري فهم كافة جوانب الخدمة، من هم الزبائن وما الذي يحتاجونه الآن وكيف تتغير هذه الاحتياجات أو كيف من المحتمل أن تتغير في المستقبل وكيفية نظرة المجتمع لاحتياجاتهم أو للمنظمة، وما هي الخدمات الأخرى التي تم توصيلها لخدمة المجتمع.
ترتكب العديد من منظمات الخدمة الاجتماعية خطأ يتمثل في بدء برامج اجتماعية جديدة دون أي فهم كامل للبيئة الخارجية، وفي كثير من الحالات تبين أن النتائج هي عبارة عن الخدمات التي تتشابك أو تتضاعف بوجود الخدمات المتوفرة. وهي بالكاد متناسقة مع الخدمات الأخرى، وهي غير مدعومة من قبل المجتمع وغير قادرة على تلبية احتياجات الناس الذين يتوجب خدمتهم.
الاستراتيجيـة:
ينبغي على البيئة الخارجية أن تؤثر على تطور الاستراتيجية طويلة الأمد للمنظمة، ولتحقيق ذلك ينبغي إيجاد ثلاثة عوامل:
1- مجموعة واضحة من الأهداف الواقعية التي تقوم بتعريف المنظمة وتعتزم بالإنجاز في غضون الثلاث أو خمس سنوات القادمة.
2- تقييم لأكثر القدرات حساسية والتي ستكون عبارة عن الداعم الأساسي لقدرة المنظمة لتحقيق مهمتها.
3- مجموعة من الأهداف الإضافية المتوقعة النجاح في تمكين المنظمة لتحقيق أهدافها.
الإطار الاستراتيجي للمنظمة:
تؤسس الاستراتيجية أهداف تنظيمية، أي توجهات سليمة لتحديد إطار استراتيجي للمنظمة. الإطار الاستراتيجي الذي يمكن تسميته \" الصورة الكبيرة \" للمنظمة، يوضح لنا كيف تبدو المنظمة وما الذي يمكنها تقديمه في مجال خدمات المجتمع وكيف ترتبط بالمنظمات الأخرى.
تعتبر تصاميم بعض البرامج الاجتماعية المحددة جزءاً حساساً من الإطار الاستراتيجي، تعرض الخدمات التي يمكن أن تقوم المنظمة بتوفيرها. ينبغي اتخاذ قرارات استراتيجية فيما يخص إمكانية تزويد الخدمات من خلال مصادر داخلية أو السعي وراء التعاون مع منظمات أخرى.
إطـار العمـل:
وخارج الإطار الاستراتيجي يأتي برنامج ومجموعة من أهداف إدارية. تأتي هذه الأمور كأساس لإيجاد أفضل إطار عملي للمنظمة. وتعتبر الموارد البشرية أكثر العناصر أهمية بالنسبة للعمليات.
من الضروري تحديد الأدوار والمسؤوليات لكل مسمى وظيفي في المنظمة، يعيّن أفضل الأشخاص، يتم تدريبهم والإشراف عليهم حتى يملكوا المهارة الكاملة للنجاح، وتقدم لهم الحوافز والجوائز. وينبغي إعلامهم بالمصادر المالية وإداراتها بجهد. ونحتاج بعض مصادر رأس المال على شكل أبنية وأجهزة وأنماط أخرى من البنية التحتية.
وتصميم إطار العمل هو جزء حيوي من الفعالية التنظيمية، عن طريق رسم أكثر الطرق المعروفة للعمل المطلوب من المنظمة. أما أنظمة السيطرة فهي مطلوبة لتعرّف الإدارة والمجلس عن الذي يدور حولهم في المنظمة، كما سيتم تزويد خطوط توجيهية لفريق العمل ليتسنى لكل شخص فهم كيفية صنع القرار ويمكنهم العمل بحرية مع هذه الخطوط.
البرنامج، العملية، وتنفيذ المشروع:
يزوّد الإطار العملي السعة المطلوبة لعمل المنظمة ولخدمة الفئات المستفيدة والعمل مع الممولين وتسويق البرامج وجمع التبرعات وغيرها من الأمور.
وهذا ما يسمى بالبرنامج، العملية وتنفيذ المشروع. كل الأشخاص المرتبطين بالمنظمة، مثل المجلس وطاقم العمل والمتطوعين والمتعاونين، يحتاجون للعمل مع بعضهم البعض كفريق واحد لخدمة المستفيدين بأفضل الطرق المحتملة وتنفيذ أنشطة أخرى تحتاجها المنظمة لتحقيق أهدافها.
النتائـج:
إنجاز أعمال المنظمة سيؤدي مباشرة إلى مخرجات نوعية وكمية. إذا تمّ تصميم البرامج الاجتماعية تصميما جيداً وتم دعمها دعماً كاملاً من حيث المصادر والأساليب وتم تنفيذها تنفيذاً جيداً عندها يكون هناك احتمالية كبيرة بأنه يمكن تحقيق نتائج مرضية للفئات المستفيدة.
مضامين لإدارة الخدمات الإنسانية
بما أن معظم الناس مرتبطون بالخدمات الإنسانية نتيجة لتعاطفهم مع احتياجات المجتمع والتزامهم بقضية ما، ويوجد هناك إغراء قوي لتركيز جميع الطاقات على \" إنجاز العمل \" باستخدام نموذج أنظمة تابع للمنظمة والأنشطة بالإضافة إلى برنامج المشروع وحلقة تنفيذ العملية.
لا بد للنموذج أن يساعد في إثبات انه من المستحيل تقديم أفضل النتائج للمجتمع في هذا الأسلوب. يمكن أن تنبع أحسن النتائج من وجود اتجاه واضح يناسب احتياجات المجتمع، وبناء السعة الداخلية التي يحتاجها للسعي وراء هذا الاتجاه بأكثر الطرق فعالية وكفاءة وبتطبيق السعة لخدمة المستفيدين.
لكن يمكن للمدراء التنفيذيين ومنسقي البرنامج ومدراء آخرين استخدام نموذج نظام تنظيمي لتقييم ما هي الجوانب التي تستفيد منها المنظمة من هذه التقوية.
هل للمنظمة مهمة ورؤيا ومجموعة قيم محددة بشكل واضح ومفهومة بشكل مشترك؟
هل تم تقييم البيئة الخارجية في غضون السنتين أو الثلاث الأخيرتين؟ هل تم تخطيط خطة استراتيجية، وإذا تم ذلك بالفعل، هل تم تطبيقها؟
هل التقنيات موجودة بالمكان المناسب ليتسنى لها فرصة النمو والتطور وتحفيز الناس للتوجه نحو المنظمة؟
يكمن الغرض الأساسي من ممارسة الإدارة الشاملة هو توصيل أكبر قيمة محتملة للفئات المحتاجة والمجتمع عن طريق ضمان أن الهيئة التنظيمية تملك كل المقومات التي تحتاجها لتعمل على أحسن وجه.
الخاتمـة:
تعتبر الإدارة الشاملة تحدي فعلي لجميع المدراء، بما أنه ليس هناك أي تدريب (خصوصا في مجال الخدمات الإنسانية). أما في مفاهيم الأنظمة التنظيمية أو في المهارات التي تحتاجها العديد من الأنظمة، مثل إدارة التخطيطات الاستراتيجية الموارد البشرية. نأمل من خلال هذا المادة مساعدة المدراء في مجال الخدمات الاجتماعية ليروا منظماتهم برؤية جديدة، وتحفيز تدريبات إدارة أقوى تعمل على إفادة المجتمعات بشكل مباشر.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد