بسم الله الرحمن الرحيم
عادة ما تعني المشاركة داخل منظمة ما، أن يكون للأعضاء المتأثرين أو المرتبطين بقرار ما أو رأي في صنع هذا القرار. ومثل هذه القرارات قد تشتمل على حل المشكلات أو وضع جداول الأعمال أو توزيع المهام أو التدريب، أو أي عدد من الموضوعات التي ترتبط بأعمالهم. يشترك الأعضاء في تحديد الأهداف، وفي تقييم أداء بعضهم البعض، وقد يقررون أيضاً كيفية توزيع المكافآت. ومهما يكن القرار، فإن الحقيقة الضمنية، هي اشتراك الموظفين مع رؤسائهم في القيادة.
لا يعني هذا بالضرورة أن كل المنظمات التي تمارس نظام الإدارة المشتركة هي منظمات ديمقراطية. فليست آراء الجميع متساوية، ومن المحتمل ألا تؤخذ جميع القرارات بالتصويت، الأكثر احتمالاً أن يكون لكل عضو الحق في محاولة التأثير على عملية صنع القرار، عندما يؤثر هذا القرار عليه. وعلى الأقل يصبح الموظفون في هذا الجو التشاركي واثقين أن الإدارة لن تتخذ قرارات تعسفية ضد مصلحة الموظفين، وإذا حدث فسيكون بناء على معرفة مسبقة. في وضع الإدارة المشتركة الحقيقة، تقوم العلاقة بين الإدارة والموظفين على أساس الثقة والاحترام والمصارحة.
يعتقد بعض المديرين أن مثل هذه المشاركة تدل على التنازل عن حقوق ومسؤوليات الإدارة، ويقولون إنها طريقة سهلة يتخلى بها المديرون عن التزامهم، لكن الوصول إلى مشاركة الموظفين ليس أمراً سهلاً. أحياناً يتطلب الأمر من الأعضاء وقتاً طويلاً للوصول إلى الثقة والمصداقية الضروريتين لتطبيق الإدارة المشتركة. إنها عملية تنشئة، يمكننا رؤية النتائج التي تأخذ أحياناً وقتاً طويلاً متمثلة في الالتزام الوظيفي العميق والحافز المتزايد والإنتاجية الأعلى.
كان عالم الاجتماع ومدير معهد البحوث الاجتماعية بجامعة ميتشجان، رينسيس لايكيرت أحد أهم المؤيدين لفكرة الإدارة المشتركة. كان اقتناع لايكيرت القائم على سنوات من البحث في الشركات، أن أفضل القرارات تنتج عن المشاركة، وأن المشاركين في صنع هذه القرارات يكونون أكثر التزاماً في عملية تنفيذها من أولئك الذين لم يشاركوا في صنعها. نشر لايكيرت بحثه في كتابين هما: \"أنماط إدارية جديدة\" عام 1961، و \"المنظمة الإنسانية\" 1967، وحدد فيهما أربعة نظم للإدارة هي: 1. الاستغلالي المتسلط، 2. المتسلط المعطاء، 3. التشاوري، 4. المجموعة المشتركة.
وفيما يلي وصف للأنماط الثلاثة الأولى:
1. الاستغلالي المتسلط:
الإدارة لا تثق بالمرؤوسين ولا تأخذ بآرائهم في تحديد السياسة العامة، واتخاذ القرارات. ينبع الحافز من الخوف، والتهديدات، والمكافآت أحياناً. ينساب الحوار غالباً من أعلى إلى أسفل، وما يصعد من أسفل إلى أعلى لا يكون دقيقاً، ويعبر عما يظن الموظفون أنه ما يريد المدير سماعه. تتحدد الأهداف من القيادة العليا.
2. المتسلط المعطاء:
تكون العلاقة بين الإدارة والموظفين علاقة السيد والخادم. يضم هذا النظام بعض المشاركة من الموظفين، ومكافآت أكثر من النظام الأول، وانسياباً أفضل قليلاً للمعلومات من أسفل إلى أعلى. هذه المنظمة أبوية وودودة بخلاف النمط الأول، لكنها لا تهتم كثيراً بإرضاء الموظفين.
3. التشاوري:
الإدارة تتحكم في الأمور، لكن يمكن أن تستشير الموظفين قبل الوصول إلى القرارات، أو الحلول لبعض المشكلات. الحوار من أسفل إلى أعلى أفضل، لكن الموظفين ما زالوا حذرين مما يصل إلى الإدارة. فالمعلومات غير السارة، وغير المرغوبة لا يتم عرضها بصراحة. يدرك الموظفون أيضاً أن مساهماتهم في اتخاذ القرارات قد لا تؤخذ بجدية.
وأثبت لايكيرت أنه لم يكن وحده في الاعتقاد بأن المشاركة تنتج شركات أكثر فاعلية، فالغالبية العظمى ممن قابلهم، سواء كانوا مديرين أم مرؤوسين يعتقدون أيضاً أن مؤسساتهم تعمل بشكل أفضل عندما تتم المشاركة في القيادة، وعندما ينساب الحوار بحرية وعندما يستطيع الموظفون الانضمام إلى عملية تحديد الأهداف، وعندما يساعد المرؤوسين في صياغة القرارات التي ستؤثر عليهم. يزعم لايكيرت أنه كلما اقتربت المؤسسة مما أسماه النمط الرابع (المجموعة المشتركة)، كانت أكثر فاعلية. وهذا وصف النظام الرابع.
4. المجموعة المشتركة:
تثق الإدارة بالموظفين وتعتبر أنهم يعملون بإرادتهم نحو تحقيق أهداف المنظمة. أعضاء المنظمة محفوزون بالمكافآت، والموظفون ملتزمون على كل المستويات بمناقشة وتحديد الموضوعات الهامة بالنسبة لهم. الحوار دقيق تماماً، ويتدفق من أسفل إلى أعلى، ومن أعلى إلى أسفل، وداخل المستويات الواحدة. الأهداف لا تتحدد بأمر الإدارة العليا، وإنما بمشاركة الأعضاء الذين سوف يعملون على تحقيقها. تعرف الإدارة تماماً عن طريق تدفق المعلومات بحرية في جميع الاتجاهات ما المطلوب لإنجاز العمل، ويدرك العاملون في المستويات الأقل مدى أهمية أن يكون المدير على علم بكل ما يحدث، والإدارة لا تشعر أن نشر المعلومات يعني التنازل عن النفوذ والمكانة السامية.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد