بسم الله الرحمن الرحيم
لكل منا أهداف، قد تكون في مجال العمل أو الأسرة، أو الدراسة، أو أي مجال آخر. وهذه الأهداف ستبقى مجرد أمنيات وأحلام أو «حبر على ورق» إن لم تضع خطة تقودك نحو تحقيق طموحاتك التي تسعى وراءها. وهناك ست خطوات يمكنها (بعد دمجها بفاعلية) أن تجعلك تحول أحلامك إلى حقائق، وتحقق أهدافك بدقة وهي:
* الخطوة الأولى: عبر عن هدفك:
في إطار سلوك وأحداث معينة، تطغى أحلامنا على التفاصيل والحقائق المهمة، وتغطيها بطبقة لامعة وبراقة، تحول دون رؤية التفاصيل. أما الأهداف، فلا بد من أن تكون محددة، واضحة المعالم. ولكي يتم تحقيق الهدف، يجب تعريفه بشكل عملي، وبعبارة أخرى: يجب التعبير عنه في إطار الأحداث أو السلوكيات التي تشكل الهدف.
وعلى سبيل المثال، في لغة الأحلام يكون التعبير عن السفر متمثلاً في عبارة «أريد أن أجوب العالم» مثلاً. أما في لغة الحقائق والأهداف فيكون من الضروري التعبير عن هذه الرغبة بوصف العمليات والسلوكيات التي تحدد معنى «أن أجوب العالم»، كأن يقول الشخص الذي يكون السفر هدفه بالفعل: «أعتزم السفر إلى ثلاث دول عربية، ودولة أجنبية واحدة، خلال خمس سنوات»، فالآن تم تقسيم الهدف إلى خطوات، يمكن متابعتها والسعي وراء تحقيقها. إذًا لكي يتحول الحلم إلى هدف، يجب تعريفه في إطار العمليات، بمعنى ما الذي سيتم عمله؟ لهذا قرر ماذا تريد، وقم بتحديد وتعريف الهدف بدقة شديدة، ويجب عليك أيضًا الإجابة عن الأسئلة التالية:
ـ ما الإجراءات والسلوكيات المحددة التي تشكل الهدف؟
ـ كيف ستتعرف على الهدف عندما تلقاه؟
ـ ما شعورك عندما تصل إلى الهدف؟
وستصبح إجاباتك عن هذه الأسئلة والمعبر عنها بتفاصيل ملموسة، مؤشرات تخبرك عما إذا كنت متجهًا نحو هدفك على نحو فعال، أم أنك تحتاج إلى وقفة لتصحيح الأمور.
* الخطوة الثانية: حدد الهدف على أسس يمكن قياسها:
فيجب التعبير عن الأهداف في إطار نتائج يمكن قياسها وملاحظتها، ولكي يرتفع شيء ما إلى مستوى هدف يمكن إدارته وإنجازه، يجب أن تكون قادرًا على تحديد مستوى تقدمك، ويجب أن تعلم جيدًا ما هو بالضبط مدى ما حققته من الهدف، وفي الواقع يجب أن يكون لديك طريقة ما لمعرفة إذا ما كنت قد وصلت بنجاح إلى المكان الذي تريد أن تكون فيه.
في عالم الأحلام قد تقول «أرغب في حياة رائعة ناجحة». في عالم الأهداف والحقائق، قد تعرف كلمة «رائعة» وكلمة «ناجحة» بالنوع نفسه من التحديد الذي تحدثنا عنه في الخطوة الأولى، وكذلك في أطر يمكن قياسها، بمعنى أنه يجب عليك التعبير عنها بطريقة يمكنك من خلالها تحديد ما استطعت تحقيقه من هاتين الكلمتين، ومن الأسئلة المتصلة بهذا الموضوع:
ـ من أجل حياة رائعة، أين يمكن أن تعيش؟
ـ من أجل حياة رائعة، مع من يمكن أن تقضي حياتك؟
ـ كم من المال تريد؟
ـ أي نوع من العمل ستزاوله؟
ـ ما مقدار الوقت الذي ستقضيه في أداء أنشطة معينة؟
خلاصة القول: عبر عن أهدافك في إطار نتائج يمكن قياسها، وتتيح لك معرفة إذا ما كنت تقترب من الوصول إلى الهدف، وما المسافة التي ما زالت أمامك لتقطعها، وإذا ما كنت قد حصلت على الهدف أم لا.
* الخطوة الثالثة: قم بتحديد فترة زمنية لتحقيق هدفك:
خلافًا للأحلام التي تتطلب الأهداف جدولاً محددًا لإنجازها. في عالم الأحلام قد تقول مثلاً: «أريد أن أكون غنيًا يومًا ما»، أما في عالم الحقائق والأهداف فالعبارة ستكون «أرغب في تحقيق دخل مادي يقدر بخمسين ألف ريال في السنة» مثلاً. فالوقت والتاريخ المحدد الذي وضعته لنفسك يعزز الإحساس بالغاية والضرورة، والذي سيعمل بدوره حافزًا مهمًا. فالأهداف ترتبط بمتطلبات رعاية الوقت بدرجة عالية ولا تدع متسعًا للتقصير والمماطلة.
* الخطوة الرابعة: اختر هدفًا يمكنك تحقيقه:
فالأحلام تخيل لك ما لا يمكن تحقيقه في الواقع، في حين ترتبط الأهداف بمظاهر في حياتك تسيطر عليها، وبالتالي يمكنك التحكم فيها. في عالم الأحلام قد تقول: «إن حلمي هو أن أقضي عيدًا جميلاً ذا شمس ساطعة»، لكن العبارة الأكثر واقعية يمكن أن تكون «سأهيئ جوًا فيه مزيج من التقاليد والحنين إلى الماضي لعائلتي في العيد». ربما لأنه لا يمكنك التحكم في الطقس، فإن الشمس الساطعة ليست هدفًا مناسبًا، ومن ناحية أخرى، يمكنك التحكم في أشياء أخرى مثل الديكورات والطعام والملابس، فمن المناسب أن تجعل هذه الظروف جزءًا من هدفك، ذلك لأنه يمكنك التحكم فيها. وخلاصة القول: عند تحديد هدفك، اسع وراء ما يمكنك إنجازه، وليس وراء ما لا يمكنك.
* الخطوة الخامسة: ضع وأعد استراتيجية تؤدي بك إلى الهدف:
ترتبط الأهداف بخطة استراتيجية للوصول إلى الهدف. فتصور خطة للانتقال من النقطة «أ» إلى النقطة «ب»، يمكن أن تكون محددة النتائج، والسعي وراء الهدف بجدية يتطلب منك تقييم العقبات والموارد بواقعية، وأن تقوم بوضع استراتيجية لإدارة دفة هذه الحقيقة.
من الفوائد الكبيرة لوجود استراتيجية مخططة ومبرمجة جيدًا، أنها تساعدك على التخلص من الاعتماد المضلل عديم المغزى على قوة الإرادة. تذكر أن فكرة وجوب توافر قوة الإرادة لديك هو أسطورة، فقوة الإرادة هي محرك عاطفي لا يمكن الاعتماد عليه، يعاش في لحظة انفعال، قد يزود جهودك مؤقتًا بالطاقة، ولكن بمجرد زوال العاطفة يتوقف القطار!!
إن الطريقة الوحيدة لضمان التحرك إلى الأمام خلال لحظات انخفاض المعنويات هي تصميم خطة صلبة تحافظ على التزامك في غياب الطاقة العاطفية، وبشكل خاص يجب برمجة بيئتك وجدول أعمالك ومسؤولياتك بطريقة تؤازرك جميعها، عند تلاشي الذروة العاطفية.
افترض، على سبيل المثال أن هدفك هو أن تجعل ممارسة الرياضة من الأعمال المنتظمة في حياتك، فمن السهل بالنسبة لك أن تخرج للركض أو الجري. لكن إذا كانت العاطفة (قوة الإرادة) هي التي تحمسك، فماذا سيحدث في الصباح البارد في شهر فبراير مثلاً، عندما تجد أنك لا تهتم بممارسة الرياضة، وأنك تفضل كثيرًا النوم بدلاً من ذلك؟ لقد تلاشت قوة الإرادة، ولكن الحاجة ما زالت موجودة. الشيء الوحيد الذي سيجعلك تستمر في أداء ما تهدف إليه، هو برمجة بيئتك بطريقة تجعل من الصعب أو من المستحيل عدم القيام بما التزمت أن تقوم به.
* الخطوة السادسة: حدد الهدف في إطار خطوات:
قد تقول في عالم الأحلام: «بحلول الصيف سيكون وزني 70 كيلو غرامًا بدلاً من 80 كيلو غرامًا»، أما العبارة المبنية على الواقع فستكون «سأتبع خطوات معينة لأفقد كيلو غرامًا أسبوعيًا، ولمدة عشرة أسابيع متتالية». ففي عالم الأحلام نتظاهر بأن النتائج ستحدث يومًا ما، أما في الواقع فيتم تقسيم الأهداف إلى خطوات يمكن قياسها، تقودك في النهاية إلى النتيجة المرغوب فيها.
إن تغييرات الحياة الأساسية لا تحدث فجأة، ولكنها تتحقق على خطوات. فعندما يفكر المرء في الأمر بشكل كلي، سيجد أن حلم إنقاص الوزن بمعدل عشرة كيلو غرامات يمكن أن يكون معجزة، ولكنه يبدأ في الظهور كهدف يمكن إدارته وتحقيقه بكل تصميم، عندما يتم تقسيمه إلى خطوات، في كل منها يتم إنقاص كيلو غرام أسبوعيًا. فالتقدم الثابت يؤدي إلى تحقيق نتائج في النهاية، إذا تم اختيار الخطوات الواقعية له.
قد تقرر أن ابنك يجب أن يحصل على تقدير ممتاز في جميع المواد الدراسية في نهاية السنة، ولكن الحقائق تقول إنه يجب أن تكون الأهداف مشكّلة بصورة تجعل على عاتق ابنك نوعًا من المسؤولية في كل خطوة، فربما يذهب إليك أو إلى شخص أكبر منه سنًا لمراجعة نتائجه في جميع الواجبات المنزلية والاختبارات، وإزاء هذا النوع من المسؤولية يكون الابن محفزًا للأداء والتحسن، بما أنه يتوقع أن تفحص نتائجه على أساس أسبوعي.
لذا عليك إيجاد نوع من المسؤولية عن أفعالك وتراخيك عن العمل. ففي بعض الأيام قد تشعر بأنك تعمل بحق في سبيل هدفك، وفي بعض الأيام قد لا تشعر بهذا، لكن إذا كنت تعرف بالتحديد ما الذي تريده، ومتى تريده، وكنت تقوم بتحديد الوقت والمكان والالتزام بهما، وكانت هناك نتائج واقعية لعدم أداء العمل الملزم به، فستستمر في سعيك وراء الهدف.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد