بسم الله الرحمن الرحيم
هذه سهام لصيد القلوب، وهي فضائل تُستعطَف بها القلوبُ، وتُستر بها العيوب، وتستقال بها العثرات.
الابتسامة:
قالوا: هي كالملح في الطعام، وهي أسرع سهم تُملَك به القلوب، وهي عبادة وصدقة، (فتبسمك في وجه أخيك صدقة\" كما في الترمذي، وقال عبد الله بن الحارث: \"ما رأيتُ أحداً أكثر تبسماً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -\".
البدء بالسلام:
سهم يصيب سويداء القلب ليقع فريسةً بين يديك، لكن أحسِنِ التسديدَ ببسطِ الوجه والبشاشة، وحرارة اللقاء وشدّ الكفِّ على الكفِّ، وهو أجر وغنيمة، قال عمر الندي (وهو من التابعين): \"خرجتُ مع ابن عمر فما لقي صغيراً ولا كبيراً إلاّ سلّم عليه\"، وقال الحسن البصري \"المصافحة تزيد في المودة\"، والنّبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: \"لا تحقِرنّ من المعروفِ شيئاً ولو أن تلقَى أخاك بوجهٍ, طليق\".
الهدية:
ولها تأثير عجيب، وما يفعله الناس من تبادل الهدايا في المناسبات وغيرها أمرٌ محمود بل مندوب إليه، على أن لا يكلف المرءُ نفسَه إلاّ وسعها.
الصمت وقلة الكلام إلا فيما ينفع:
إياك وارتفاع الصوت وكثرة الكلام في المجالس، وعليك بطيب الكلام ورقة العبارة، فـ\"الكلمة الطيبة صدقة\" كما في الصحيحين، ولها تأثير عجيب في كسب القلوب والتأثير عليها، حتى مع الأعداء، فضلاً عن إخوانك وبني دينك، فهذه عائشة - رضي الله عنها - قالت لليهود: \"وعليكم السام واللعنة\"، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"مهلاً يا عائشة فإن الله يُحبٌّ الرّفق في الأمر كله\" متفق عليه، وعن أنس - رضي الله عنه - قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"عليك بحسن الخلق وطول الصمت، فو الذي نفسي بيده ما تجمَّلَ الخلائقُ بمثلهما\" أخرجه أبو يعلى والبزار وغيرهما.
حسن الاستماع وأدب الإنصات:
فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقطع الحديث حتى يكون المتكلمُ هو الذي يقطعه، ومن جاهد نفسه على هذا أحبّه الناس، وأُعجِبوا به، بعكس الآخر كثير الثرثرة والمقاطعة.
حسن السمت والمظهر:
وجمال الشكل واللباس وطيب الرائحة لهما أثر طيب في النفوس، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: \"إنَّ الله جميل يحبٌّ الجمال\" رواه مسلم. وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: \"إنه ليعجبني الشاب الناسك، نظيف الثوب، طيّب الريح\"، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: إني ما رأيتُ أحداً أنظفَ ثوباً ولا أشد تعهّداً لنفسه وشاربه وشعر رأسه وشعر بدنه، ولا أنقى ثوبا وأشده بياضا من أحمد بن حنبل.
بذل المعروف وقضاء الحوائج:
مساعدة الناس وتقديم العون لهم سبيل إلى محبّة الخالق، ومحبّة الناس، يقول الله - عز وجل -: (وَأَحسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبٌّ المُحسِنِينَ) (البقرة: 195). ويقول - صلى الله عليه وسلم -: \"أحبُ الناس إلى الله أنفعهم للناس\". ويقول الشاعر:
أحسِن إلى الناس تستعبد قلوبهُمُ
فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
وقديما قالوا: عجباً لمن يشتري المماليك بماله، كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه؟! ومن انتشر إحسانه كثُر أعوانه.
إحسان الظن بالآخرين والاعتذار لهم:
أحسن الظن بمن حولك، وإياكَ وسوء الظن بهم، وأن تجعل عينيك مرصداً لحركاتهم وسكناتهم، فتُحلِّلَ بعقلك التصرفات ويذهب بك كل مَذهب، والظن باب من أبواب الإثم (إِنَّ بَعضَ الظَّنِّ إِثمٌ) (الحجرات: 12). واسمع لقول المتنبي:
إذا ساءَ فعلُ المرءِ ساءت ظنونُه *** وصَدَّقَ ما يعتادُه من توهّمِ
واعتَد على الاعتذار لإخوانك، يقول ابن المبارك: \"المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثراتهم\".
المداراة:
فهل تحسن فن المداراة؟ وهل تعرف الفرق بين المداراة والمداهنة؟ روى البخاري في صحيحه من حديث عائشة - رضي الله تعالى عنها -: أنّ رجلاً استأذن على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رآه قال: بئس أخو العشيرة، فلما جلس تطلّق النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجهه، وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل، قالت له عائشة: يا رسول الله حين رأيتَ الرجلَ قلت كذا وكذا، ثم تطلّقت في وجهه وانبسطت إليه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"يا عائشة متى عهدتِني فاحشاً؟ إن شرّ النّاس عند الله منزلة يوم القيامة من تركَه الناس لقاء فحشه\".قال ابن حجر في فتح الباري: هذا الحديث أصلٌ في المداراة، ونقل قول القرطبي: والفرق بين المداراة والمداهنة أنّ المداراة هي بذلُ الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معاً، وهي مباحة وربما استُحبّت، والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد