بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً: طبيعة الوقت:
لا بد إنكم سمعتم بالسؤال: «ما الشيء الأطول والأقصر في آن واحد، والأسرع والابطأ معاً، والذي نهمله جميعاً ثم نأسف عليه، ولا شيء يمكن أن يتم بدونه، إنه يبتلع كل ما هو صغير وينمّي كل ما هو عظيم؟\"نعم، إنه الوقت!
الوقت هو الأطول لأنه قياس الخلود، وهو الأقصرº لأنه ليس بيننا من يملك الوقت اللازم لإنجاز كل أعماله، وهو الأسرع بالنسبة إلى السعداء، والابطأ بالنسبة إلى التعساء. ولا يمكن عمل أي شيء بدونهº لأنه هو المسرح الوحيد الذي نعيش فيه. إنه مادة الحياة. يبتلع في طي النسيان كل تافه وينمّي كل ما هو عظيم.
ثانياً: الاستفادة من الوقت:
يقضي الناجحون وقتهم في تأدية الأعمال التي لا يرغب الخائبون في عملها. والشخص العادي يجد من الأسهل أن يتكيّف مع متاعب الإخفاق بدلاً من تقديم التضحيات التي تؤدي إلى النجاح. إن حقيقة أن يكون لدينا أهداف وتوجهات معينة في الحياة تعني القليل إذا لم يكن لدينا جدول زمني ببرمجتها. عندئذ فقط يمكننا أن نبدأ التحرك نحو تحقيق أهدافنا والوصول إلى مبتغانا.
ويصنّف البشر ضمن واحدة من فئتين: الأولى سيئة الحظ غير موفقة تحاول القيم بعمل شيء ما يظل دائماً في الغد. أما الفئة الثانية التي تثير الإعجاب فهي المجموعة المستعدة للعمل على الفورº لأن الغد بالنسبة إلى هؤلاء غير مضمون.
إن قتل الوقت لا يُعدّ جريمة عادية، إنه اغتيال متعمَّد. فإذا كان لزاماً على المرء أن يقتل الوقت فلماذا لا يقتله استغلالاً حتى الموت؟ حينما تقول: «أنا ليس لديّ الوقت» فاّنك تعني أن لديك شيئاً آخر أهم منه.
أ - يوماً بعد يوم:
حينما نستيقظ صباح كل يوم نجد مفكرة الجيب مليئة بـ 24 ساعة، وفي هذا الصدد جاء في الأثر:
«ليس من يوم الا وهو ينادي: يا ابن آدم أنا خلقٌ جديد، وأنا حينما تعمل فيَّ عليك شهيد، فاعمل فيَّ خيراً أشهد لك له، فاني لو مضيت لم ترني. ويقول الليل مثل ذلك»(1).
فعلى كل يوم أن يكون مليئاً بالأعمال التي نفخر بها، وإذا لم نكن على استعداد للبدء الآن، بغضِّ النظر عن حسن نوايانا، أو في مثل هذا الوقت غداً، أو مثل هذا الوقت في الأسبوع القادم، أو مثل هذا الوقت بعد عشر سنوات من الآن، فإننا سوف نظل مكبلين في مكاننا بدون تحقيق أي تقدم.
ب - معنى الوقت:
الوقت يعني لبعضنا اللحظة التي تكون فيها الفرصة في أوجها. إنهم يؤكدون كثيراً على التوقيت الجيد. وللوقت حينما تكون الفرصة أكثر من مؤاتية مغزى خاص عند كثير من الناس. ويعلمنا خبراء الإعلان أنه ليس هناك شيء أثمن من فكرة وردت في الوقت المناسب. إذا كان بوسعك أن تتعلم إدراك اللحظة المناسبة حينما تأتي وأن تغتنمها قبل أن تذهب، فإن مشكلات الحياة تصبح في منتهى اليسر.
إن الوقت عند بعضنا يمثل مجرد قياس للثواني والدقائق والساعات والسنوات. وحينما يفكر أولئك في الوقت فإنهم يرون إما ساعة أو تقويماً، ويستشعرون بعداً واحداً فقط هو الفترة الزمنية، لكن هذا المفهوم للوقت هو أكثر المفاهيم ضحالة، فأصحابه لم يبدعوا شيئاً مذكوراً. إن مأساة هذا المفهوم للوقت هو أنه يدمر رو المبادرة ويحبط البواعث الإبداعية، ولا يحقق إنجازاً في الوقت المخصص. فإذا كان لدينا أسبوع لإنجاز مهمة من المهام فإنها سوف تستغرق أسبوعاً. وإذا ما منحنا عشرة أيام لإنجازها فإنها سوف تستغرق عشرة أيام، فالمهمات تتمدد وتنكمش لاستيعاب كل الوقت المخصص لها.
وأخيراً: هناك الذين يعطون معنىً حقيقياً للحياة وذلك من خلال إعطاء الوقت صفة العمق العظيمة. فالوقت لديهم ليس حبيس الساعة ولا أسير التقويم. إن إنجازات هؤلاء تحكمها روح الإخلاص والحماسة لا الساعات أو الأسابيع، فهم يؤمنون جداً بما يفعلون وينجذبون تجاه الهدف باندفاع روحي قوي لا يعترف بالوقت. لقد ألزموا قلوبهم بمهمة يحبونها، وعملهم ليس إلا تعبيراً عن رسالة تشع بالأهداف والغايات، وهذا الفهم للوقت يعدّ تحدياً لنا جميعاً. إن الاستخدام السليم للوقت يقرر الإخفاق أو النجاح للموظف العادي، وعليه فإن تدبير وقته أهم من معرفته الفنية لإنتاجه وخدماته. إن التنظيم السليم للوقت يعدّ بكل تأكيد أحد البنود الأولى في أية صيغة من صيغ النجاح. ومن أكثر المهام صعوبة بين المجموعات جعل الناس ينظمون أوقاتهم، لذلك أصبح من الضروري على كل فرد أن يقضي بعض الوقت في بداية الأسبوع ليخطط بالتفصيل الجدول الدقيق لأعمال ذلك الأسبوع.
ثالثاً: الوقت الضائع:
ماذا تفعل بالدقائق التي لا تستخدمها أو ما يطلق عليه اسم الوقت الضائع؟ هل تدرك أن الكتب يمكن أن تؤلف وأن القرآن والحديث يمكن حفظهما جميعاً عن ظهر قلب، وأن هناك درجات وشهادات علمية يمكن الحصول عليها بالاستخدام الصحيح لهذا الوقت الضائع؟ إن مثل هذا الوقت المهدور يمكن أن يكون بضع دقائق تضيع في انتظار السفر بالقطار أو بالطائرة أو بالحافلة، فهل تسمي ذلك الوقت وقتاً ضائعاً أم وقتاً للإبداع؟ إن إضاعة 15 دقيقة كل يوم تعني إضاعة 11 يوماً كاملاً كل عام، كما أن إضاعة نصف ساعة كل يوم تعني إضاعة 22 يوماً كاملاً، وهي مدة تزيد عن شهر عمل إذا ما حسبنا أيام العطلات. لذا يؤمن رجال الأعمال بقاعدة «الوقت يساوي المال». ونحن نمنع الآخرين من سرقة أموالنا لكننا نسمح لهم بسرقة أوقاتنا، بيد أن الوقت يفوق المال في قيمته لأنه حياتنا، فالوقت هو الحياة!
كان هناك بائع جوال اعتاد أن يكسب 20 دولاراً في الساعة. أراد أن يطلي بيته بنفسه فسأله صديقه «إذا قمت باختيار دهّان، هل ستختار شخصاً هاوياً تدفع له 20 دولاراً في الساعة أم رجلاً خبيراً تدفع له 5 دولارات في الساعة؟ \"إن الإجابة واضحة، ومع ذلك فكثير منا يقضي وقته القيّم المخصص لعمله المعقد لإنجاز عمل يمكن أن ينجز آخرون بشكل أفضل وبتكاليف أقل.
رابعاً: كيفية مرور الوقت:
يوضع هذا الجدول ماذا تفعل بوقتك خلال فترة حياة متوسطة:
النشاط.
ربط الأحذية.
انتظار إشارة المرور الخضراء.
زمن تقضيه في محل الحلاقة.
تدوير أرقام الهاتف.
ركوب المصاعد في المدن الكبرى.
تنظف الأسنان بالفرشاة.
انتظار الحافلات (في المدن).
زمن تقضيه في الحمّام.
قراءة الكتب.
تناول الطعام.
كسب الرزق.
مشاهدة التليفزيون.
النوم.
الوقت.
8 أيام .
شهر واحد.
3 شهور.
5 شهور .
6 شهور .
سنتان.
4 سنوات.
9 سنوات.
10 سنوات.
20 سنة.
وهذا يعني أن كل فعالية نستغرق وقتاً، فإذا كنت تريد الوقت الذي تنجز فيه عملاً فعليك أن تخطط لذلك وأن تبرمجه ضمن جدولك، أما إذا انتظرت إلى أن يحين الوقت المناسب ويعرض نفسه عليك، فإنك قد تنتظر إلى الأبد.
وأنت حين تحدد موعداً مع الطبيب أو اجتماعاً أو مناسبة خاصة ضمن جدول مواعيدك، فإنك تحافظ عليه. افعل الأمر نفسه مع الوقت الذي تريد أن تخصصه للأشياء التي تود إنجازها. خصص وقتاً معيناً كل يوم، ثم التزم به جهدك.
وعلى سبيل المثال، فإنك بتخصيصك ساعة من كل يوم عمل لأداء جهد ما فإنك تكسب 260 ساعة سنوياً أو ما يعادل 32 يوم عمل بالكامل. بوسعك أن تنجز الكثير في تلك الفترة الزمنية. مثلاً:
حفظ أجزاء عديدة من القرآن.
تعلّم أساليب القراءة السريعة.
اكتساب مهارات محددة.
إعداد أجمل حديقة في منطقة سكنك.
تعلّم لغة أجنبية.
تأليف كتاب.
الحصول على دبلوم.
إضافة دخل جديد لميزانيتك.
ولان الوقت يمر بسرعة في مئات الأحداث التافهة الضائعة، فعليك أن تجدول الوقت ثم تلتزم بتنفيذ الجدول الزمني. وليس ذلك بأمر سهل. بيد أن الحسرة على الوقت الضائع يمكن أن تتحول إلى قوة دافعة للخير للاستفادة من الوقت المتبقي. والوقت المتبقي، أيا كان، هو وقت كاف إذا ما أوقفنا الكسل والبكاء على الوقت المهدور.
خامساً: بعض الإرشادات لتوفير الوقت:
اتبع المقترحات التالية لبضعة أيام وسوف تعجب للنتائج:
1 - خطط يومك كل صباح بكتابة الأشياء التي يجب عملها واشطب كل عمل تم إنجازه أثناء اليوم.
2 - تجنبّ زيارة صديق دون أن تبلغه بذلك أو تحادثه هاتفياً.
3 - احتفظ دائماً بقلم وورق أو مفكرة صغيرة في جيبك لتسجيل الخطط والأفكار أثناء الفراغ.
4 - خطِّط أوقات الراحة وحاول أن تجعلها تتفق مع أوقات الصلاة.
5 - استفد من وقت الفراغ في القراءة والحفظ أو في عمل شيء بنّاء.
6 - حينما ترتب موعداً تأكد أن الطرفين يعيان الوقت والمكان والعنوان بالضبط.
7 - احسب وقت انتقالك إلى مكان الموعد وأضف فترة زمنية مناسبة احتياطاً لمواجهة الطوارىء حتى تصل في الوقت المحدد.
8 - وفّر كل المواد والمراجع اللازمة بين يديك قبل أن تبدأ العمل، سواء كان ذلك العمل طهواً أو كتابة مقالة أو إعداد خطبة.
9 - تجنب الأشخاص الذين يسرقون وقتك بأنانية وحماقة.
10 - لا ترتب رحلة لإنجاز عمل ما إذا كان بالوسع إنجاز ذلك العمل بخطاب أو بمحادثة هاتفية.
11 - املأ خزان سيارتك بالوقود حينما تمر بمحطة البنزين التي تفضلها. تجنب القيام برحلة خاصة لذلك وتجنب بكل الوسائل أن ينفذ الوقود، فإن ذلك يظهرك كالمقصر الغبي.
12 - احتفظ بالعملات المعدنية المناسبة طوال الوقت، لاستخدامها في عدادات وقوف السيارات أو في إجراء المكالمات الهاتفية.
13 - إذا كانت لديك مهام قصيرة أو مشتريات قم بإعداد قائمة بها تشمل كل البنود، وخطط نشاطاتك المختلفة، وخط السير بحيث تحتاج إلى قطع أقصر مسافة ممكنة.
إن هناك أفكار أخرى لتوفير وقتك يمكنك أن تدونّها. قم بإنجاز هذه القائمة محاولاً معظم هذه المقترحات، وعلينا ألا نجافى الراحة والمتعة الحلال، بل نتجنب إهدار الوقت. إن الترفيه في ذاته يعني الترويح، وهو ضروري لنا جميعا. وإحدى أهم مآسي الحياة العصرية أننا كثيراً ما ندع أجسادنا تسبق أرواحنا لدرجة يُشكٌّ معها في لقاء الجسد بالروح مرة أخرى. إن السعادة تتحقق إذا ما وافقنا ولاءمنا بين أرواحنا وأجسامنا. خصِّص من وقتك فترات للصلاة والتفكر والتأمل وقم بشحن بطاريات الإيمان لديك من جديد باستغلال وقتك الثمين.
سادساً: أمور يجب أن نتذكرها عن الوقت:
أ - خصص وقتاً.
خصِّص وقتاً للتفكير، إنه مصدر القوة.
خصِّص وقتاً للَّعب، إنه وعاء الشباب المتجدد.
خصِّص وقتاً للقراءة، إنها أساس الحكمة.
خصِّص وقتاً للصلاة، إنها مصدر أعظم قوة على الأرض.
خصِّص وقتاً لكي تحب وتكون محبوباً، فالإيمان ليس إلا الحب والبغض.
خصِّص وقتاً لتكون صديقاً ودوداً، فذلك طريق السعادة.
خصِّص وقتاً للضحك، إنه أفضل وسيلة لإضفاء البهجة على حياتك.
خصِّص وقتاً للعطاء وتخلَّ عن الأنانية، فالحياة قصيرة.
خصِّص وقتاً للعمل، إنه ثمن النجاح، لكن لا تخصص وقتاً للضياع والإهدار والتبذير.
تذكر دائماً «مَن استوى يوماه فهو مغبون».
ب - كيف تتعامل مع الوقت.
نقضي جزءاً كبيراً من حياتنا مع أصدقائنا، ما نوعية المحادثة بيننا؟ تذكر الحكمة التالية:
العقول الكبيرة تناقش الأفكار.
العقول المتوسطة تناقش الأحداث.
العقول الصغيرة تناقش الأشخاص والماديّات
العقول الصغيرة جداً تناقش شخصياتها.
سابعاً: دراسة حالة: كم تكلف الدقيقة الواحدة؟
القضية الرئيسية: قيمة الوقت:
كثيراً ما نتحدث عن قيمة الوقت وعن أهميته وكلفته. لكننا قلّما نحسب كلفة الوقت في اجتماع أو مؤتمر. إذا ما حسبنا ذلك على أساس كلفة الدقيقة بالدولار فإننا سوف نتحقق من أن كل دقيقة تهدر تعني فقدان الكثير من المال. إن ذلك يمثل عبئاً ثقيلاً من المسؤولية على المنظمين كي يخططوا كل دقيقة من النشاط بالطريقة الملى. دعونا هنا نأخذ حالة عملية وهى « ندوة إسلامية الميول والممارسات في العلوم والتكنولوجيا »، والتي عقدت في مقر المعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن العاصمة عام 1987 م:
لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد:
إذا أجّلت وسوّفت، فإن العمل سوف يتراكم. وأنت لا تعرف ما سيأتي به الغد. ستنعم براحة البال إذا بدأت يومك دون عمل متراكم من اليوم السابق. وهناك عادة حميدة وهي أن تنجز العمل حال تسلّمه في موقعه إذا كان يستغرق 5 دقائق أو أقل. أما إذا كان يستغرق أكثر من 5 دقائق فأدخله في الجدول حسب أولوياته . هذه القاعدة الذهبية يمكن أن تجعلك من أعظم المنجزين في الحية. تخيل فقط أنه بإمكانك أن تؤدي 20 عملاً في ساعة واحدة. أنت وحدك بوسعك أن يكو ن لك تأثير يعادل منظمة بأكملها، وإذا كان هناك فقط 10 أفراد مثلك في المنظمة فإن حجم تأثيركم سوف يكون بالغاً للغاية. وفوق هذا كله، فإن الله - سبحانه و تعالى - سوف يبارك الجهود التي تبذل في سبيله.
طريقتان لتطويع الوقت:
مبدأ باريو (ويعرف أيضاً بقاعدة 80 / 20)
النظرية: البنود الهامة الأساسية في مجموعة ما تشكل جزءاً صغيراً نسبياً من إجمالي البنود في المجموعة.
التطبيق: قم بإعداد قائمة بجميع البنود المطلوب إتمامها. تعرّف على الـ 20% من البنود التي لو نفذت لحققت 80% من النتائج المنشودة. اعمل على إنجاز هذه البنود أولاً، فهي تتصدر الأولويات.
قانون ب اركنسن
النظرية: يمدد العمل كي يملا الوقت المتاح لاستكماله.
التطبيق، حدد موعداً أخيراً ونهائياً لكل عمل من الأعمال والتزم بهذا الموعد.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد