الغيوم التي أرعدت
و لم تمطر
سارت إلى جهة الشرق
لتقطر فوق الحقول رؤوس شياطين
و النسائم المشبعة بعطر الليلك الكاذب
قبلتها الشرق
و النار التي أوقدوا
أوقدوها للشرق
و لحرق ظفائر الصبايا
الحاملات الجرار
نحو سواقي الماء
و لليلى قصتها التي تحكيها كل ليلة
تتوسد وسادة الحلم
و تقول:
(كان يا ما كان....)
آه يا شرق الحكايا
و المرايا
و الكحل و العطور
آه يا شرق الخدور
و التوابل
و السحر الأخاذ
آه يا شرق القناديل المعلقة
على أسوار المدن الغامضة
يا مصابيح تظل تشهق حول أرصفة الشوارع و الحارات خافتة
إلى أن يطفئها العسس صباحا
يا شرق المطلقات
اللائي يخرجن من علب جواهرهن الخواتم و الأقراط القديمة كل ليلة
و يرحن يحدثنها دامعات العيون
إلى أن يشفق عليهن النوم
و يداعب أشفارهن
يا شرق الأسواق القديمة
و الأشياء العتيقة
و الفضيات المدهشة
يا شرق المساند المطرزة بأشكال و أنواع الحرير
يا شرق القصور التي في كل أصل شجرة في حدائقها قصة
يا شرق المساجد
و المآذن و القباب
و الكتب القديمة
يا شرق الجدران المرممة التي تنبعث منها رائحة التاريخ
يا شرق القراطيس القديمة المكنونة
يا شرق الصحارى الشاسعة
و شرق فلا الريم
و رقصات الغزلان في أصائل الصيف
يا شرق النخل و التين و الزيتون
و شرق العجائز الطيبات
و العيون السوداء الجميلة
يا شرق الأنبياء
و شرق العابدين
و شرق الصالحين
و شرق المعجزات
و شرق المكرمات
يا شرق الزهر
و شرق الشعر
و شرق النثر
و شرق الحبر
و شرق الخيام المنصوبة بين الجبال
و شرق قوافل الجمال
و أحجيات السمر في ليالي الشتاء
يا شرق الروعة و الدهشة
لك الله أمام ما حشدوا ليقلبوك غربا
فهل تثبت في وجه العاصفة؟