يا باحثاً عن العلاج عما أصابك من أمراض


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الصحة في الأبدان من أعظم النعم التي منّ الله بها علينا، ننعم بها ونستلذ بطعم الحياة إذا ما ألبسنا ثوبها، فلا طعم لطعام ولا لشراب ولا لمال من دونها،، وقد قيل: (طيبته العافية) لمن قال: ما أطيب هذا الطعام،،!!،، ولكن الصحة لا تدوم لإنسان بل لابد وأن يعتري الإنسان علة أو مرض فلا سعادة تدوم ولا صحة تبقى سواء كان هذا المرض خفيفا سهلا أو كان قاسيا خطيرا،، وسواء أمكن تشخيصه مخبريا أو لم يمكن تشخيصه،، وسواء عرف له علاج أو لم يعرف له علاج،، وسواء كان له سبب أو لم يكن له سبب ظاهر،، فعندها يبدأ المرء بالبحث عن العلاج الناجع لهذا المرض، ويشد عصا الترحال من طبيب إلى طبيب، ومن مستشفى إلى مستشفى بحثا عن الدواء،، وقد يخطئ الشخص الطريق فيذهب للكهان والسحرة والمشعوذين فحينئذ يقع المريض في مرض آخر أخطر من المرض الأول إذ انه في هذه الحال قد أصاب العقيدة.

 

إن لكل مرض علاجا علمه من علمه وجهله من جهله،، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء) متفق عليه وروى مسلم عن جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لكل داء دواء فإن أصيب دواء الداء برأ بإذن الله - عز وجل -).

 

وبالرغم من أن هناك أمراضا لم يتوصل العلم الحديث إلى علاج لها حتى الآن إلا أن المسلم الذي يتوكل على الله حق التوكل يعرف أن ذلك لم يصبه إلا بأمر قد كتبه الله عليه فيصبر على ذلك ويحمد الله ف(ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها)، ويأخذ بالأسباب السليمة الموصلة إلى العلاج من ذلك المرض، والناس في هذا الأمر بين مُفرط ومفرط،، فقد تجد من يذهب إلى المستشفيات لأي مرض حتى ولو كان بسيطا لا يحتاج إلى طبيب وإنما يحتاج فقط إلى بعض الراحة،، ومن الناس من لا يذهب الى الطبيب إلا منقولا ومحمولا،، ولكن ليس هذا ما أردت الحديث عنه هنا، وإنما حديثي يدور على نقطة محددة تدور حول أن البعض لا يعرف طريقا للعلاج إلا من خلال المستشفى والطبيب فقط، ولا يرى غيره،، وهنا أود أن أذكر أسبابا أخرى مفيدة جدا لعلاج أي مرض على الإطلاق يغفل عنها الكثير منا وهي مهمة لمن يروم الشفاء بإذن الله:

* السبب الأول في البحث عن علاج لكل مرض بإذن الله: القرآن الكريم، قال - تعالى -: (وننزّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) الإسراء آية 82، وقال - تعالى -: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور) يونس آية 57،، فمن استشفى به وفق لعلاج ناجع بإذن الله، يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى -: (فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله، ومن لم يكفه فلا كفاه الله) ويدخل تحت هذا الأمر الرقية الشرعية وأحسن ما يكون فيها أن يرقي المريض نفسه ويقرأ على نفسه القرآن، فما أحسن هذا السبب حيث جمع بين أجر التلاوة فلكل حرف عشر حسنات وانه من انفع الأدوية على الإطلاق،،!!.

 

* السبب الثاني في البحث عن علاج للأمراض: عسل النحل قال - تعالى -: (يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس) سورة النحل آية 69، فهو نافع لكثير من الأمراض، توصل العلم الحديث إلى الكثير منها، يعتبر عسل النحل من أحسن الأدوية لها فما أحسن هذا الدواء قد جمع بين الغذاء والدواء،،!! وفي الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أخي يشتكي بطنه، فقال: (اسقه عسلا)، ثم أتاه الثانية، فقال: (اسقه عسلا)، ثم أتاه الثالثة فقال: (اسقه عسلا) ثم أتاه فقال: قد فعلت، فقال: (صدق الله، وكذب بطن أخيك، اسقه عسلا)،، فسقاه فبرأ.

 

ويجمع السببين الأول والثاني الحديث الموقوف على ابن مسعود - رضي الله عنه - رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (عليكم بالشفاءين: العسل والقرآن).

 

* السبب الثالث من العلاجات النافعة: ماء زمزم وبرة وبشرى وسالمة والشباعة وشفاء سقم وصافية وطاهرة وعاصمة وعافية وكافية وميمونة ونافعة وغياث،، وتعدد الأسماء يدل على قيمة وشرف ذلك المسمى،، وزمزم ماء مبارك نبع بين قدمي نبي قال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ماء زمزم لما شرب له) وقال - صلى الله عليه وسلم -: (أنها مباركة، أنها طعام طعم وشفاء سقم) ويقال عند شرب ماء زمزم: (بسم الله: اللهم اجعله لنا علما نافعا ورزقا واسعا وريا وشبعا وشفاء من كل داء واغسل به قلبي واملأه من خشيتك)، فما زمزم لما شرب له فهو للعلم وللرزق وللشفاء وللري وللشبع بإذن الله - تعالى -،،، ويذكر أن هناك فتاة انجليزية مريضة بمرض عضال ورغم أنها غير مسلمة إلا أنها حرصت على أن تشرب ماء زمزم للشفاء، ولقد كانت المفاجأة المبهرة إذ شفيت من ذلك المرض الذي عجز عنه أمهر الأطباء في أوروبا، وتعلق تلك الفتاة قائلة: كنت عند شربه معتقدة بان فيه الشفاء لكثرة ما قرأت عن فوائده الصحية،، فماء زمزم نفع مع فتاة غير مسلمة فكيف سيكون لمن يؤمن بالله ويشرب زمزم تعبدا ويعتقد من شربه الخير والبركة وأنه علامة الإيمان وبراءة من النفاق، قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم).

واشرب من ماء الشفاء زمزم * ليطفي لهيبا في فؤادي كالجمر

 

* السبب الرابع من أسباب العلاج النافع والناجع: الصدقة ورد المظالم إلى أهلها فقد قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث معناه: (داووا مرضاكم بالصدقة).

 

* السبب الخامس من الأسباب النافعة للعلاج من الأمراض: الصلاة فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، وقد ذكر العلماء جملة عظيمة من الفوائد التي تحصل للمصلين غير ما فيها من الأجر العظيم منها: أنها مجلبة للرزق، حافظة للصحة، دافعة للأذى مطردة للأدواء، ممدة للقوى حافظة للنعمة دافعة للنقمة،.

 

* السبب السادس مما يعد من العلاج النافع والدافع للأمراض: الدعاء،، والقصص الواردة في ذلك كثيرة فهذه قصة ايوب - عليه السلام - التي ذكرت في سورة الأنبياء آية 83 و84 (وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر،،).

 

* ما سبق من الأسباب جمعت بين الأسباب الحسية والأسباب الروحية المعنوية فهي من الأمور التي ينبغي للمسلم أن يبدأ بها ثم ينتقل إلى الأسباب الحسية والمتمثلة في السبب السابع من الأسباب للعلاج من الأمراض وهو:

الطب الحديث وهذا ما عنيت به الدولة أعزها الله بتوفيره في كل مكان يعيش فيه المواطن، فبارك الله في جهودها ونفع بها فبذلت الأموال وشيدت المستشفيات وجهزتها بأحدث الأجهزة الطبية وجندت أمهر الأطباء لخدمة المواطن وتوفير سبل الصحة له.

ختاما هذه بعض المقتطفات الطبية من كتاب زاد المعاد لابن قيم الجوزية:

متى أمكن التداوي بالغذاء لا يعدل عنه إلى الدواء، ومتى أمكن بالبسيط لا يعدل عنه إلى المركب.

قال أبقراط: الإقلال من الضار خير من الإكثار مع النافع.

وقال بعض الحكماء: من أراد الصحة فليجود الغذاء وليأكل على نقاء وليشرب على ظمأ،.

وهذه تصلح لحال الكثيرين منا، قال طبيب المأمون: لا تأكل طعاما وفي معدتك طعام، وإياك أن تأكل طعاما يتعب أضراسك في مضغه، فتعجز معدتك عن هضمه.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply