هذه خطتي لوقف نزيف الدم في الجزائر لكن متى ترى النور


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

تشهد الساحة الجزائرية صراعاً داخلياً عنيفاً، برزت معالمه بقوة بعد إلغاء الانتخابات في عام 2991م، ثم اشتعلت حرب ضروس قادها التيار الاستئصالي في المؤسسة العسكرية، أدخلت البلاد في دوَّامة سياسية مضطربة، أنهكت الشعب الجزائري وأتت على كثير من حقوقه وخيراته.

 

وبعد أكثر من عشر سنوات من السجن خرجت قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وعلى رأسها: الشيخان عباسي مدني، وعلي بن حاج، وقبيل عيد الأضحى الماضي أعلن الشيخ عباسي مبادرته للوئام، في الوقت الذي يستعد الجزائريون للانتخابات الرئاسية في شهر أبريل القادم.

 

وللوقوف على حقيقة هذه المبادرة وموقف المؤسسة السياسية منهاº نلتقي فضيلة الشيخ عباسي مدني رئيس الجبهة الإسلامية، ونسمع منه رؤيته في الانتخابات، والمخرج من الأزمة التي يعاني منها الشعب الجزائري.

 

* ضيفنا في سطور:

وُلد الشيخ الدكتور عباسي مدني بمدينة سيدي عقبة جنوب شرقي الجزائر 82/2/1391م، بدأ تعليمه في المدرسة القرآنية، وختم حفظ القرآن الكريم في سنوات طفولته، التحق بالمدارس الفرنسية الابتدائية لكنه طرد منها كمعظم أطفال الجزائر القرويين، إثر ذلك تكفل بتعليمه الشيخ النعيمي في أحد مساجد بسكرة العتيقة، كما تعلم أيضاً بالمدارس الحرة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، في عام 3691م سجَّل في الدراسات العليا لدراسة الفلسفة والتربية، واستمر في دراسته حتى حصل على الدكتوراه درجة ثالثة، في الفترة من 5791 ـ 8791م انتقل إلى لندن وحصل على دكتوراه دولة في التربية المقارنة، عاد إلى بلده مدرساً ومحاضراً بجامعة الجزائر، وبدأ بعد عودته بسلسلة من الدروس والمحاضرات والنشاطات المتنوعة والاتصال بالشيوخ والدعاة.

 

وحياة الشيخ - حفظه الله - حافلة بالأعمال الجليلة، مواكبة للأحداث والتطورات التاريخية التي مرت بها الجزائر منذ شبابه إلى الآن، في كفاح مستمر وجهد متواصل يسعى إلى تحقيق حياة إسلامية ينعم بها الشعب الجزائري المسلم، ويعد تأسيس حزب «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» أبرز المحطات والأعمال في حياة الشيخ، حيث سعى مع الشيخ علي بن حاج إلى تأسيس الحزب، والذي فاز بالأغلبية في الانتخابات البلدية عام 0991م، وبعد استعداد الجبهة لدخول الانتخابات التشريعية بزعامته تم إلغاء الانتخابات، ليدخل الحزب في إضراب سلمي، ويُعتقل الشيخان، ويصدر في حقهما حكم نهائي بالسجن 21 سنة نافذة، لكن أفرج عن الشيخ عباسي مدني بعد 6 سنوات إفراجاً مشروطاً، ثم حُوّل إلى الإقامة الجبرية، صار بعدها معزولاً عن عائلته التي استقرت في ألمانيا وعن الناس وعن الأحداث، وصار تهدده أمراض كثيرة، إلى أن رُفعت عنه الإقامة الجبرية يوم الأربعاء 2/7/2002م، ليطرح بعد ذلك مبادرته لحل الأزمة في الجزائر.

 

البيان: فضيلة الشيخ عباسي مدني، بعد الانتخابات السابقة التي تدخّل فيها الجيش، ودخلتم إلى السجن مع قيادات الجبهة، حصلت تغيرات كثيرة في داخل الجزائر، وحصلت فتنة عريضة، هل لكم أن تحدثونا عن الذي جرى في هذه الفترة؟

 

 * بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الكريم، ورضي عن الصحابة وعن التابعين، والحمد لله رب العالمين. الحقيقة سؤالكم الكريم يريد أن يرجع بي إلى ما يزيد على 21 عاماً، والرجوع لهذه الفترة قد يكون مفيداً إلى حد ماº لأن القضايا المستجدة كلما أردنا النجاعة والفعالية يقل اهتمامنا بتلك الفترة، وما دامت الرغبة أن نتذكر، فلنتذكر وإن بشيء من الاختصار.

الذي حدث في الجزائر بعد الانتخابات التشريعية التي قرر فيها الشعب الجزائري إرادته في التغيير في إطار لحظة شاملة أصيلة، في إطار مشروع مستقبلي رسالي حضاريº هو توقيف المسار الديمقراطي وليس الانتخابي فقطº بدليل المدة التي مرت كلها، والتي دلت على أن البلاد منذ ذلك العهد ألقي بها في محيط اليأس والبؤس والفقر والتقتيل والتشريدº بحيث لا مجال للمقارنة بين ذلك وبين ما كانت عليه الجزائر إبان تلك اللحظة، وإبان تلك الصحوة، وإبان تلك الوثبة التي وثبها الشعب الجزائريº مما يبين كيف أن الكيد كان خطراً، وأنه ما يزال يمضي بالبلاد في أعماق المجهول، وفي أغوار اليأس والبؤس، حتى صار الشعب الجزائري الذي كان أغنى شعب في المنطقةº أفقر شعب في المنطقة، وحتى صار الشعب المنتصر بنصر الله له إثر حرب التحرير التي خاضها ضد الاستعمار الفرنسي، والتي كلل الله مسعاه فيها بنجاح تام، واسترجع استقلاله الكامل، وسيادته على كافة ترابه الوطنيº يلقى به في المجهول ثانية، وما يزال على تلك الحالة. ويلاحظ كل المؤرخين أن الشعب الجزائري ما يزال على عهده مع الله ثابتاً، وما يزال على نهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - مستمراً، وما يزال يطمح في نهضة أصيلة تكون في مستوى قيادة إفريقيا وتلك المنطقة دون شك.

 

كما تعلمون أن الشعب الجزائري ابتلي باستعمار يعترف جل المؤرخين بأنه كان وما يزال أخبث استعمار في  العالمº لماذا؟ لأنه في الجزائر خاصة كان يركز على الدين الإسلامي وعلى اللغة العربية، ولكن حرص الاستعمار الفرنسي على القضاء ـ حسب زعمه ـ على الإسلام وعلى اللغة العربية في الجزائرº ما زاد الشعب الجزائري إلا تشبثاً واستماتة إلى أن نصره الله واسترجع سيادته وحريته واستقلاله، وبصفة لم يسبق أن حققها شعب ابتلي بالاستعمار من قبل ولا من بعد حتى الآن.

 

هذا ما جعل الاستعمار عندما عجز عن فرض سياسته الاستعمارية التي كانت متمثلة فيما يسميه بالجزائر الفرنسية، عندما خاب وخضع للاعتراف بالاستقلال التام والسيادة التامة للشعب الجزائريº لجأ إلى المكر والخديعة، فاعترف بالاستقلال لكنه لم يترك القرار السياسي في يد الشعب، بل وضعه في يد عملائه، وضعه في يد عملائه الذين تكفلوا بما كُلفوا به للقيام به في فترة ما بعد الإعلان عن الاستقلال الجزائري استقلالاً تاماً، والمتمثل في النظام الذي استُجلب واستورد وفُرض بطريقة الخداع بطريقة العناصر، العناصر التي تسربت من الجيش الفرنسي في جيش التحرير وسرعان ما استولت على قيادة جيش التحرير، وما أن جاء الاستقلال حتى استولت عن طريق الانقلاب الذي حدث أولاً، حتى قبل عودة المهاجرين إلى الجزائرº أعني في طرابلس سنة 2691م، استعمل الانقلاب الأول على الحكومة المؤقتة الجزائرية التي فاوضت فرنسا على الاستقلال، وكان يرأسها بن يوسف بن خدّة - رحمه الله -.

 

إذاً تلاحظون أن الانقلاب وقع من أجل أن يكون القرار في يد عملاء فرنسا، وكان كذلك في عهد بومدين ثم استمر إلى اليوم، إذاً الجزائر استقلت واعتُرف باستقلالها، الجزائر استرجعت سيادتها، الجزائر صارت دولة، ولكن النموذج الذي حاربت من أجل تحقيقه والمتمثل في نداء أول نوفمبر 4591م لإقامة دولة حرة مستقلة ذات سيادة في إطار المبادئ الإسلامية، هذه الدولة هذا النموذج الذي حُدد في نداء أول نوفمبر كان هو منطلق ثورة التحرير الوطني، هذا النموذج جُمّد ووضع موضعه النظام الاشتراكي العسكري الاستبدادي الذي أقل ما يقال عنه إنه خليفة الاستعمار، وبالفعل أوغل بالجزائر في التخلف وفيما آلت إليه إلى هذه الساعة.

 

هكذا ترون كيف أن الشعب كافح من أجل نموذج لدولة جزائرية حرة مستقلة ذات سيادة، تحترم الحريات الديمقراطية في إطار المبادئ الإسلامية، هذا المشروع الذي له أكثر من معنى من حيث الأصالة، ومن حيث أنه كان موضع إجماع من الشعب الجزائريº يؤجل ويجمد إلى الساعة، لم يتحقق هذا النموذج بل أتي ببديل له هو الحكم الاشتراكي العسكري.

 

من هذا الواقع الأليم يمكن للمؤرخ أن يستنبط جميع ما يمكن أن يترتب على مثل هذا المسعى المخيب للآمال، آمال شعب أبلى البلاء الحسن طيلة قرن ونصف وهو يواجه الاستعمار الفرنسي دون هوادة، لكن شاء الله أن جعل إرادة الشعب قوية على الرغم من كل الذي حدث في عهد الاستعمار والذي حدث أيضاً في هذا العهد، فإن الشعب الجزائري ما يزال ثابتاً على دينه، ما يزال مستمسكاً به أشد الاستمساك ولن يرضى به بديلاً، من أجل ذلك بقي الشعب الجزائري قوياً وما يزال ذا طموح وذا آمال وذا استعدادات قوية لفرض وجوده، فهو كما خرج من بلية الاستعمار التقليدي منتصراًº إن شاء الله سيخرج أيضاً من بلية الاستعمار الحديث منتصراً إن شاء الله.

 

البيان: كما أن أبناء فرنسا قطفوا ثمرة مواجهة الاستعمار، كذلك في الانتخابات السابقة جاء أبناء فرنسا وقطفوا ثمرة الانتخابات، وأعادوا المنطقة إلى أتون الصراع السياسي والعسكري، وحدثت في هذه الفترة مجازر كثيرة وكثر الخلط واللبس، فمن المسؤول عن هذه المجازر التي تستهدف المدنيين بكل وحشية؟

 

* سؤالكم يحمل كل أبعاد المأساة، في مختلف أشكال التضليل والمكر والخديعة، إلى درجة أنهم جعلوا من الضحية المجرم، يذبحون القتيل ويتهمونه بالجريمة!

 

أخي الكريم! الآن الأمور اتضحت، والمكايد انكشفت، ولم تعد ثمة أي صعوبة كي نتكلم في هذا الباب بالوضوح الذي لا يترك أي مجال للشكº حيث إن الضباط الذين عاينوا هذه الأحداث وعايشوا هذه المأساة انفلتوا من قبضة الجيش وخرجوا للخارج وكشفوا ما حدث، مثل الضابط (سويدية) في كتابه (الحرب القذرة)، فقد بيّن كيف كان الجنود المخصصون لمثل هذه المذابح يخرجون من الثكنات، وكيف يلبسون لباساً أفغانياً أو ما شاكله، ثم يُغيرون على الأماكن المحددة مسبقاً، وماذا يفعلون بها من مجازر، حتى إنهم يأخذون الصبي الصغير ويشوونه على النار، هذه الحقيقة ما ذكره الضابط سويدية، ثم ضباط آخرون ـ جزاهم الله كل خير ـ عندما خرجوا من الجزائر قدموا اعترافات وبينوا بالأدلة القاطعة ما فعلته هذه الأيدي الآثمة المجرمة الوحشية بالجزائر في هذه الفترة، من أولئك العقيد سمراوي، الذي كان قد وعد بنشر كتاب يفضح فيه هذه الجرائم، وسمعت أن الكتاب قد نشر الآن، ويوجد في الأسواق على ما أعتقد باللغة الفرنسية.

 

إذاً هذه الأمور صارت مفضوحة الآن، ولا تحتاج إلى جهد كبير لإظهار هذه المآسي وهذه الجرائم، في الحقيقة باختصار شديد نطرح السؤال: لِمَ حدث وما يزال يحدث؟ كل الذي حدث من الجرائم في حق الشعب الجزائري، ماذا فعلوا بعد أن أوقفوا المسار الديمقراطي مسار الانتخابات وحرموا الشعب من استعمال قراره السياسي في صالحه والتصرف في ثرواته وفي مجالات سيادته؟ الجواب صار لا يحتاج إلى دليل، عندما زعموا أنهم منعوا من أسموهم بالإسلاميين من الوصول للحكم لأنهم إن وصلوا للحكم لا يتركونه، ثم ماذا فعلوا في هذه المدة كلها؟ لو أنهم بنوا الجزائر في هذه العشرية كما كان المشروع الذي أعده المسلمون لهذه الفترة للنهوض بالجزائر حضارياً ورسالياً! ماذا فعلوا؟ لو أنهم بنوها لقلنا لهم الحق في الكلام، لكن ماذا فعلوا؟ لقد زادوا الشعب فقراً، وزادوا الشعب تقتيلاً، وزادوا البلاد هدماً وتخلفاً وبؤساً إلى الدرك الأسفل الذي لم يشهده حتى في عهد الاستعمار الفرنسي المباشر! لذلك الحقيقة ـ أخي الكريم ـ هذه المأساة من قام بها ومن دبرها ومن يزال يعمل حتى الآن على استمراريتها واضح.

 

البيان: لكن ألم يتورط بعض المتسرعين من أبناء الحركة الإسلامية في شيء من هذه المجازر؟

 

 * والله ـ يا أخي الكريم ـ يأتي متسرع كما يقولون ويشعل عود ثقاب فيشعل بركاناً! هذا غير معقول، البركان اشتعل ولا يمكن أن يُشعله عود ثقاب، البركان هو بركان معد، وتفجيره هو تفجير في وجه نهضة أمة، وفي وجه مشروع عالمي رسالي عظيم.

 

أخي الكريم! الناس يدَّعون ولهم أن يدعوا، ولكن هناك منطق، هناك علم يسمى بعلم التاريخ يحتاج إلى أدلة يحتاج إلى براهين يحتاج إلى منطقية تجريبية تاريخية. كل هذه المزاعم باطلة باطلة تماماً، بطلان مزاعم الكفر والإلحاد طيلة صراعها مع الحقيقة الرسالية الربانية القرآنية، الحمد لله.

 

البيان: لكن ألا توجد جماعات مسلحة تنتمي إلى الحركة الإسلامية موجودة في الساحة؟

 

 * الحركات الإسلامية التي تسمعون عنها أغلبها.. حتى أخيراً في الأيام الأخيرة في اليوم الذي كنت أنا قادم فيه من جدة إلى الدوحة في الطائرةº وجدت صحيفة الحياة اليومية اللندنية، وجدت فيها ما ادعى بأنه تقرير عن نشاط حركات الدعوة السلفية التي في الجبال، تبين أن هذه الحركة هي الأخرى سطوا على قيادتها الحقيقية، وأُتي بقيادات أخرى لتقودها، كما فعل غيرها بما يسمى بالحركات الإسلامية المسلحة، كما فعل (الزوابري)، وكما فعله (زيتوني)، وما فعله غيرهما.

 

البيان: تعني أن الحركات المسلحة اخترقوها؟

 

 * أغلبها أغلبها بنسبة عالية تماماً، هي الآن مخترقة، وهي الآن تعمل وفق المخطط الذي يريد أن يبقي الجزائر تشتعل بنار الفتنة التي أشعلوها منذ حادثة 2991م، أخي الكريم! تلك المزاعم باطلة.

 

البيان: لكن هذه الفتنة التي حدثت في الجزائر خلال الثنتي عشرة سنة الماضيةº ألم تؤثر على قاعدة الحركة الإسلامية في الجزائر؟

 

 * القاعدة الإسلامية هي من الشعب الجزائري المسلم، مائة في المائة، الشعب الجزائري كما قلت لك عانى من أجل الإسلام منذ ما يزيد عن قرن ونصف، وما زاده ذلك إلا صلابة في دينه وثباتاً عليه، فهذه المزاعم لا تستطيع أن تغير الحقيقة التي تتمثل في رغبة الجزائر في النهضة بسيادتها وحريتها واستقلالها من أجل تشييد قطرها وعمرانهاº بدءاً بتشييد دولتها على أحسن ما يكون عليه القوام، وعلى أحسن ما تكون عليه الشرعية والمشروعية، المشروعية العقائدية والشرعية القانونية الوضعية التي ينجح الشعب الجزائري في تأسيسها كدولة تتمتع بكافة شروط الوجودº من حرية واستقلال وأمن واستقرار بإذن الله، هذا الهدف هو الذي يشغل بال كل راشد وكل عاقل وكل مسلم في هذا البلد، ولئن أرادوا أن يمنعوا أو يحرموا الشعب الجزائري من تحقيق هذا المبتغىº فإنهم ـ لا شك إن شاء الله ـ خائبون في مسعاهم، فكل ما يحدث من أحداث هو فقط للحيلولة دون ترك الشعب الجزائري يبني هذه الدولة التي حلم وجاهد من أجل تحقيقها.

 

البيان: بعد أن حُظرت الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وزج قادتها وكثير من قواعدها في السجونº هل ترون أن قاعدة الجبهة انحازت إلى الحركات الأخرى الموجودة في الساحة الإسلامية وتركت الجبهة بعد ذلك؟

 

 * والله! هذا أمر لا يهمنا كثيراً، المهم هو أن تبقى الجبهة جبهة القضية الجزائرية، جبهة الحق، جبهة الجد في الحق والصواب فيه، الناس يتغيرون، الناس يموتون، ولكن الحق يستمر، والحركة التي ثبتت على الحق تستمر باستمرار الحق، هذا بالتجربة التي عشناها ما يزيد عن نصف قرن من مواجهة الاستعمار، وما يزيد عن قرن ونصف في مواجهة الاحتلال الاستعماري الفرنسي، تبين أن الأمر يتعلق بصدق الموقف، والتعامل مع المنهج القويم المناسب للمبدأ الشريف الذي هو تحرير البلاد، الذي هو احتضان الشعب في محنته، والذي هو قيادة الشعب من أجل نهضته، هذا المسعى هو الذي ينجح، هذا المسعى هو الذي سيحقق الله له وبه النصر بإذن الله إن آجلاً أو عاجلاً.

 

البيان: لبثتم حفظكم الله في السجن أكثر من عشر سنين ثم خرجتم، خلال فترة السجن كان هناك انقطاع وعزلة عن الشعب الجزائري، ما الذي تغير بعد خروجكم؟ كيف وجدتم الشباب الجزائري بعد هذا الانقطاع؟

 

 * سؤال مهم جداً، هذا الذي كان يُظن قبل أن نخرج إلى الشارع ونذهب إلى المساجد، لكن الحقيقة كذّبت هذه المزاعم تماماً، ثق أخي الكريم! أننا لم نجد شيئاً من الضعف فيما تركناه خلفنا بل العكس وجدنا العزيمة، ووجدنا الروح الفياضة الوثابة في المجتمع الجزائري، إذا لم تكن أقوى ليست أقل من تلك التي تركناها قبل أن ندخل السجن، هذه هي الحقيقة، ويشهد بها كل من ذهب إلى الجزائر وشاهدنا عندما ندخل المسجد أو نمشي في الشارع أو ندخل السوق، أو ع

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply