حوار مع ملعون

5.2k
3 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

حاورت الشيطان الرجيم في الليل البهيمº فلما سمعت أذان الفجر أردت للذهاب إلى المسجد فقال لي: عليك ليل طويل فارقد. قلت: أخاف أن تفوتني الفريضة قال: الأوقات طويلة عريضة قلت: أخشى ذهاب صلاة الجماعة قال: لا تشدد على نفسك في الطاعة فما قمت حتى طلعت الشمس... فقال لي في همس: لا تأسف على ما فات فاليوم كله أوقات، وجلست لآتي بالأذكار ففتح لي دفتر الأفكار فقلت: أشغلتني عن الدعاء قال: دعه إلى المساء وعزمت على المتاب، فقال: تمتع بالشباب!

قلت: أخشى الموت قال: عمرك لا يفوت... وجئت لأحفظ المثاني قال: روّح نفسك بالأغاني قلت: هي حرام قال: لبعض العلماء كلام! قلت: أحاديث التحريم عندي في صحيفة قال: كلها ضعيفة، ومرت حسناء فغضضت البصر قال: ماذا في النظر؟ قلت: فيه خطر قال: تفكر في الجمال فالتفكر حلالز

وذهبت إلى البيت العتيق فوقف لي في الطريق.. فقال: ما سبب هذه السفرة ؟ قلت: لأخذ عمرة فقال: ركبت الأخطار بسبب هذا الاعتمار، وأبواب الخير كثيرة، والحسنات غزيرة؟! قلت: لابد من إصلاح الأحوال. قال: الجنة لا تدخل بالأعمال. فلما ذهبت لألقي نصيحة.. قال: لا تجر إلى نفسك فضيحة!! قلت: هذا نفع العباد!! فقال: أخشى عليك من الشهرة، وهي رأس الفساد.. قلت: فما رأيك في بعض الأشخاص؟ قال : أجيبك على العام والخاص. قلت: أحمد بن حنبل؟ قال: قتلني بقوله عليكم بالسنة والقرآن المنزّل. قلت: فابن تيمية؟ قال: ضرباته على رأسي باليومية. قلت: فالبخاري؟ قال: أحرق بكتابه داري. قلت: فالحجاج؟ قال : ليت في الناس ألف حجاج فلنا بسيرته ابتهاج، ونهجه لنا علاج. قلت: فرعون؟ قال: له منا كل نصر وعون. قلت: فصلاح الدين بطل حطين؟ قال : دعه فقد مرغنا بالطين. قلت : محمد بن عبد الوهاب؟ قال: أشعل في صدري بدعوته الالتهاب، وأحرقني بكل شهاب. قلت: أبو جهل؟ قال: نحن له أخوة وأهل. قلت: فأبو لهب؟ قال: نحن معه أينما ذهب! قلت: فلينين؟ قال : ربطناه في النار مع استالين. قلت: فالمجلات الخليعة؟ قال: هي لنا شريعة. قلت: فالدشوش؟ قال: نجعل الناس بها كالوحوش. قلت: فالمقاهي؟ قال: نرحب فيها بكل لاهي. قلت: ما هو ذكركم؟ قال: الأغاني. قلت: وعملكم؟ قال: الأماني. قلت: وما رأيكم بالأسواق؟ قال: علمنا بها خفاق، وفيها يجتمع الرفاق. قلت: فحزب البعث الاشتراكي؟ قال: قاسمته أملاكي، وعلمته أورادي وأنساكي. قلت: كيف تضل الناس؟ قال: بالشهوات والشبهات، والملهيات والأمنيات والأغنيات. قلت: كيف تضل النساء؟ قال: بالتبرج والسفور، وترك المأمور، وارتكاب المحظور. قلت: فكيف تضل العلماء؟ قال: بحب الظهور، والعجب والغرور، وحسد يملأ الصدور. قلت: كيف تضل العامة؟ قال: بالغيبة والنميمة، والأحاديث السقيمة، وما ليس له قيمة. قلت: فكيف تضل التجار؟ قال: بالربا في المعاملات ومنع الصدقات، والإسراف في النفقات. قلت: فكيف تضل الشباب؟ قال: بالغزل والهيام، والعشق والغرام، والاستخفاف بالأحكام، وفعل الحرام. قلت: فما رأيك بدولة اليهود (إسرائيل)؟ قال: إياك والغيبة، فإنها مصيبة. وإسرائيل دولة حبيبة، ومن القلب قريبة. قلت: فأبو نواس؟ قال: على العين والرأس، لنا من شعره اقتباس. قلت: فأهل الحداثة؟ قال: اخذوا علمهم منا بالوراثة. قلت: فالعلمانية؟ قال: إيماننا علماني، وهم أهل الدجل والأماني، ومن سماهم فقد سماني. قلت: فما تقول في واشنطن؟ قال: خطيبي فيها يرطن، وجيشي فيها يقطن، وهي لي موطن. قلت: فما رأيك في الدعاة؟ قال: عذبوني وأتعبوني، وبهذلوني وشيبوني، يهدمون ما بنيت، ويقرؤون إذا غنيت، ويستعيذون إذا أتيت. قلت: فما تقول في الصحف؟ قال: نضيع بها أوقات الخلف، ونذهب بها أعمار أهل الترف، ونأخذ بها الأموال مع الأسف. قلت: فما تقول في هيئة الإذاعة البريطانية؟ قال: ندخل فيها السم في الدسم، ونقاتل بها بين العرب والعجم، ونثني بها على المظلوم ومن ظلم. قلت: فما فعلت في الغراب؟ قال: سلطته على أخيه فقتله، ودفنه في التراب حتى غاب. قلت: فما فعلت بقارون؟ قال: قلت له احفظ الكنوز يا ابن العجوز، لتفوز فأنت أحد الرموز. قلت: فماذا قلت لفرعون؟ قال: قلت له يا عظيم القصر، قل أليس لي ملك مصر، فسوف يأتيك النصر. قلت: فماذا قلت لشارب الخمر؟ قال: قلت له اشرب بنت الكروم، فإنها تذهب الهموم، وتزيل الغموم، وباب التوبة معلوم قلت: فماذا يقتلك؟ قال: آية الكرسي منها تضيق نفسي، ويطول حبسي، وفي كل بلاء أمسي. قلت : فما أحب الناس إليك؟ قال: المغنون والشعراء الغاوون، وأهل المعاصي والمجون، وكل خبيث مفتون. قلت: فما أبغض الناس إليك؟ قال: أهل المساجد، وكل راكع وساجد، وزاهد عابد، وكل مجاهد. قلت: أعوذ بالله منك فاختفى وغاب، كأنما ساخ في التراب، وهذا جزاء الكذاب


أضف تعليق