مدخل إلى فقه الأقليات


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مفهوم\"فقه الأقليات\"لم يأت من فراغ وليس مجرد ذكاء فردي من باحث أو كاتب، بل هو فكرة وقضية تمثل حصيلة عشرات اللقاءات والحوارات والمناقشات المستفيضة حول أسئلة لم تعرفها البيئات المسلمة التي ارتحل المسلمون المقيمون في الغرب عنها إلى هذه البيئات الغريبة في أمريكا وأوربا.

 

لقد كان الجيل الأول من المسلمين القادمين إلى هذه الديار قد شغل بقضيتين أعطاهما من الحجم ما كان ملائماً لهموم واهتمامات أولئك المسلمين الذين يمثلون بقايا\"العالمية الإسلامية الأولى\"كما يقول أخونا أبو القاسم أو بقايا المسلمين في دائرة انتشار\"الإسلام الأولى\"بين الأميين الذين لم يأت إليهم قبل رسول الله محمد r من نبي ولا رسول، تلك القضيتان هما\"الحلال\"و\"الهلال\". والحلال يراد به اللحم الحلال، وهل للمسلم أن يطعم لحوم أهل الكتاب فيسمي ويأكل أو لا بد من أن يذبح بنفسه فلا يأكل إلا ما ذبحه مسلمون بوسائلهم وبأساليبهم وشروطهم. أما قضية الهلال فتتعلق بثبوت دخول شهر رمضان وخروجه وتحديد يومي الفطر والأضحى، وهل يجب على المسلمين أن لا يصوموا ولا يفطروا حتى يرى نفر منهم -واحداً أو أكثر- الهلال بالعين المجردة، أو يمكن الأخذ بالحساب الفلكي أو متابعة البلدان المسلمة؟

 

تلكما القضيتان كانتا الشغل الشاغل للمسلمين حين يأوون إلى مساجدهم ويجالسون فقهائهم منذ أن لم يكن في أمريكا كلها أكثر من عدة مساجد لا تتجاوز أصابع الكف الواحدة حتى صار فيها – بفضل الله - تعالى - ما يزيد عن ألفين وثلاثمائة مسجد ومركز، وما يقرب من خمسمائة مدرسة إسلامية.

 

أما الآن فهناك أجيال طالعة مسلمة في الغرب تختلف اهتماماتها اختلافاً كبيراً عن اهتمامات آبائهم وأجدادهم ولها هموم وأسئلة وإشكالات مغايرة إنهم أبناء\"العالمية الإسلامية الثانية\"التي يتجه الخطاب القرآني فيها إلى البشرية كافةً، وفي مقدمتها أهل الكتاب من نصارى ويهود ونحوهم تمهيداً لالتقاء البشرية على الدين القيم الموحد، الدين الذي حمله الأنبياء كافة سداه ولحمته قيم الهدى والحق والخير، وإسلام الوجه لله رب العالمين. وقد انضم إلى الأجيال الطالعة من أبناء المسلمين – أولئك الذين اعتنقوا الإسلام أو عادوا إليه من أبناء هذه الديار الغربية، فانضموا إلى الإسلام بعد أن صيغت شخصياتهم، وتكونت ثقافاتهم، وتأسست وتكاملت هوياتهم الغربية.

 

 وإذا كانت الشريعة وضعاً آلهياً ثابتاً لا يقبل التغيير فإن الفقه في الشريعة فهم بشري قابل للتأثر بكل ما يؤثر على الفكر البشري من مؤثرات زمانية أو مكانية أو ثقافية أو بيئية. وإذا كانت الشريعة الآلهية تتسم بالإطلاق على الجملة فإن\"الفقه\"نسبي، ولذلك تحول\"الفقه المذهبي\"إلى مدارس تأثرت بنفس الأقاليم التي انتشرت فيها المذاهب\"والمناطق التي استقر بها العمل فيها – حتى اتخذ الفقه طابعاً إقليمياً خاصاً في تلك البلدان والأمصار، شأنه في ذلك شأن كل كائن حي يخضع لعوامل الزمان والمكان تبعاً لذلك. ومن أمثلة ذلك: القديم والجديد من مذهب الأمام الشافعي، فالمشهور أن\"القديم\"هو ما قاله في العراق إفتاءً أو تصنيفاً، وتلقاه عنه تلامذته العراقيون أحمد بن حنبل، وأبو ثور والزعفراني والكرابيسي ومن إليهم. و\"الجديد\"ما قاله بمصر حينما تغيرت رؤيته للمسائل وتكييفه لها، وظهرت له أدلة لم تكن حاصلة له من قبل، إذ بلغته أحاديث لم تبلغه حين كان في بغداد يدوّن مذهبه القديم، وقد شاع وعرف تناول الشافعيين لمذهبهم بطريقتين: الأولى\"طريقة العراقيين\"، والثانية\"طريقة الخراسانيين\"وقد وصف الشافعية\"طريقة العراقيين\"في تدوين المسائل الفقهية بأنها أتقن وأثبت. ووصفوا\"طريقة الخراسانيين\"بأنها أحسن من حيث التصرف والبحث والتفريع والترتيب.

 

 ومثل ذلك يقال عن المذهب المالكي فهناك طريقة المالكية العراقيين، وثانية للمغاربة، وثالثة للقرطبيين في الأندلس، ورابعة لمالكية مصر. ولكل طريقة من هذه الطرق مصنفات في المذهب تختلف قليلاً أو كثيراً عن مصنفات أصحاب الطرق الأخرى. ومالكية العراق يعدون أشبه بالحنفية من حيث أخذهم الكثير بإجماع الرأي وإثبات الاستدلال، ويغلب على مالكية المغرب مراعاة الأمور العملية وتكييف الأحكام في النوازل. ويختلف شافعية جنوب شرق أسيا في عصرنا هذا في كثير من مسائل الفقه عن الشافعية في مصر والعراق ومثل ذلك يقال عن المذاهب الأخرى. وكذلك مذاهب الفرق الإسلامية خارج الدائرة السنية التي تأثرت تأثراً كبيراً في اختلاف الأقاليم.

 

لذلك كان اقتراح الشيخ علي حسن عبد القادر العميد الأسبق لكلية الشريعة بالأزهر بضرورة تقسيم دراسة الفقه عند المقارنة إلى مناطق اقتراحاً وجيهاً له ما يبرره بحيث يمكن النظر إلى المناطق الإسلامية الكبرى باعتبارها وحدات جغرافية اجتماعية لكل منها مميزاتها في نظامها الاجتماعي والثقافي، واختلاف العادات والملابسات النفسية والاقتصادية والسياسية، وأحوالها الطبيعية.

 

وقد كان ابن خلدون وهو القاضي الفقيه المؤرخ وعالم الاجتماع من أوائل من التفتوا إلى ما يمكن تسميته\"بالجغرافية الفقهية\"، فقد ذكر وهو يتحدث عن انتشار المذهب المالكي واختلاف مالكية المغرب عن مالكية العراق، قال\"فالبداوة كانت غالبة على أهل المغرب والأندلس، ولم يكونوا يعانون الحضارة التي لأهل العراق. فكانوا إلى أهل الحجاز أميل – بمناسبة البداوة – ولهذا لم يزل المذهب المالكي عندهم غضاً، ولم يأخذه تنقيح الحضارة وتهذيبها كما وقع في غيره من المذاهب\". ومن هنا يتضح أن البعد الجغرافي بعد أساسي في عمليات تكييف القضايا والمشكلات الفقهية تجب مراعاته وملاحظته في الفقه والفتوى والقضاء، وليس بفقيه من يتجاهل بُعداً له هذا القدر من التأثير في تكييف المسائل. بل إن النظر في المراجع الفقهية وفي أقوال الفقهاء واختيار الفتاوى والأحكام والترجيح بينها لابد أن يلاحظ بدقة هذا البعد. ولم يبعد من قال: إن هناك\"فقهاً أقليمياً\"وفقه مناطق.

 

وأمريكا بكل ما فيها من اختلاف عن العالم الإسلامي يظلم المسلمون أنفسهم ويظلمون الإسلام لو فرض على المسلمين من أبنائها والمقيمين فيها فقه لا يلاحظ هذا البعد ولا يأخذه بنظر الاعتبار، فإنه إذا بقي أئمة المساجد والمتصدون للفتوى يحاولون تطبيق فقه مذاهبهم في هذه البيئة دون نظر إلى اختلاف هذه البيئة الكبير في مسائلها ووقائعها ونظم حياة أهلها، وثقافاتهم ونفسياتهم فإنهم قد يحملون أبناء الإسلام قبل غيرهم على البحث عن معالجات وحلول لمشكلاتهم وأسئلتهم وقضاياهم خارج الفقه الإسلامي كله وأخشى أن أقول: خارج الدائرة الإسلامية كلها والمسألة ليست مسألة تخفيف وتشديد، بل هي أكبر وأخطر إذ أن للفقه والتقنين تأثيراً مباشراً في البناء الاجتماعي والثقافي والنفسي، ولذلك فإن الأمر أخطر مما يظن أولئك الذين يصورون هذه الأمور على هواهم، إن الأمر يتعدى ويتجاوز تلك المشكلات الفقهية التي تعن للأفراد. إن الإشكال يتعلق في كيف نجعل مقاصد القرآن العليا الحاكمة ومقاصد الشريعة والعقيدة والشريعة معاً تنعكس كلها على مجتمعاتنا في المهجر لنقدمها نماذج تستولي على احترام الآخرين وإعجابهم وتقديرهم، ومن ثم الرغبة في الانضمام إلى هذه الأمة القانتة.

 

ومن هنا بدأ التفكير بوضع ما أسميناه\"فقه الأقليات\"والتأصيل له، وبناء أصوله وقواعده، وثم تحويله إلى برنامج دراسي ومقرر في جامعتنا الفتية جامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية للدراسات العليا في فرجينيا**.

 

الفقه الذي نسميه بفقه الأقليات ليس أمراً مبتدعاً ابتكرناه أو ابتدعناه لكنه كان معروفاً في تاريخنا الفقهي بأنه فقه النوازل، وكتبه ودراساته كثيرة فهناك\"نوازل أهل بغداد في عهد التتار\"و\"نوازل أهل بيت المقدس في عهد الصليبيين\"و نوازل\"أهل الأندلس\"إلى غير ذلك. لكننا نريد أو نحاول أن نخرج هذا الفقه من دائرة فقه نوازل ومصائب وظروف استثنائية وأحكام عرفية إلى دائرة أخرى ليكون فقها له تأصيل آخر وننحو به منحاً آخر يجعل منه فقهاً لجماعة نموذجية إذا نظر الناس إليها وجدوا نظام حياتها وطرائق تعاملها مع الآخرين هادياً لإدراك محاسن الإسلام. وهذا في الحقيقة ما حاولت أن أفعله أو هذا هو ما جعلناه هدفنا حين وضعنا\"مقرر فقه الأقليات\"لتدريسه في جامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية للدراسات العليا، وكانت النية أن نغير من اتجاه فقه النوازل إلى تأصيل فقه أقليات.

 

يزورنا هنا في الولايات المتحدة و يزور إخواننا في أوروبا وغيرها الكثير من المشايخ و العلماء من بلاد المسلمين ويقدمون فتاوى فقهية كل منهم حسب منطلقه ومذهبه ومقدار فهمه للواقع. فلم تعد هناك مشكلة من المشاكل إلا وفيها عشرات الفتاوى التي تعطي الشيء ونقيضه: فالشيء الواحد حلال وحرام، كفر وإيمان، أسود وأبيض، ولا يمكن في هذه الحالة من الفوضى الفكرية أن نبقي على هوية أمة أو أقلية ولا يمكن أن تحافظ عليها، ستذوب إن لم تذب في الجيل الأول فإنها ستذوب في الجيل الثاني أو الثالث كما ذابت هجرات قبلنا. من هنا انبثقت الحاجة لإيجاد أو لتدريس هذا الفقه في مؤسستنا التعليمية الناشئة، فكيف بنيناه؟

 

الأمر الأول: استبعدنا فكرة الفقه بمفهومه الاصطلاحي الدقيق المصغر لنأخذ الفقه الأكبر وهذه نقلة أساسية ونوعية إذا لم نأخذ بها فمن العسير جداً علينا أن نخرج من هذه الدوامة. لم يكن الفقه (بمعناه المتداول اليوم) معروفاً عند المسلمين حتى سنة 40 للهجرة، كان البديل عنه ما سماه أبو حنيفة - رحمه الله -بعد ذلك بالفقه الأكبر. يعني أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يكن عندهم فقه أصغر كالفقه الذي ورثناه عن المدارس الفقهية المتأخرة وإنما كان لديهم فقه أكبر والفقه الأكبر هو فقه يشتمل على جانبين: فقه الدين، وفقه التدين. ولكن هذا الفقه الأكبر تحول أو بدأ يتحول بعد سنة 40هـ ليصبح فقهاً بدأ يتضيق ويصغر ويأخذ المعاني الفنية الدقيقة، شيئاً فشيئاً إلى أن أصبح على أيدي علماء أواخر القرن الثاني الهجري والقرن الثالث هو\"معرفة الأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية\". فتراجع الفقه الأكبر لحساب الفقه الاصطلاحي الخاص بالأحكام العملية لمسائل معينة توصف تارةً بأنها\"عملية\"وتارةً أخرى بأنها\"فروعية\"تمييزاً لها عن المسائل الاعتقادية التي يتناولها علماء الكلام والتوحيد، وكذلك المسائل الأصولية التي يجري بحثها في علم\"أصول الفقه\".

 

و حينما نتابع دراسة الأدلة والمفاهيم الشرعية وتاريخ كل منها والظروف التي نشأت فيها نجد الصلة الوثيقة والرابطة التي لا انفصام لها بين الفقه وبين الاجتماع الإسلامي. فالمجتمع الإسلامي المتحرك يفرز مشكلات ويطرح أسئلة، والفقيه وهو يحاول أن يجيب عن تلك المشكلات وعن تلك الأسئلة هو ابن بيئته ومحدود بظروفه، وبالإضافة إلى هذا فإن محدودية العقل الإنساني لا تسمح بتجاوز البيئة والزمان للإتيان بفهم يتجاوز ظروف المشكلات التي يعالجها الفقيه أو المفكر. من أجل ذلك كان من الضروري أن لا نجعل أقوال الفقهاء وأصولهم في الأصول وفي الفروع مرجعية مطلقة بل ننـزلها بما يليق بها من مكانة كسوابق اجتهادية يستفاد منها دون الغفلة عن نسبيتها، وصلتها الوثيقة بالزمان والمكان لمعرفة مناهج السالفين في التعامل مع الأصول وباعتبارها أمثلة على طرائق العلماء في تحديد\"فقه التدين\"في كل عصر، وممارسة التجدد والتجديد الذاتي في إطار القيم الحاكمة والمقاصد العليا لا في إطار التقليد المذموم.

 

الأمر الثاني: إن النظر في المسائل والوقائع والظواهر المستجدة من خلال الفقه الأكبر، لا من خلال الأدلة التفصيلية وحدها يحمل المفتي على الرجوع إلى المصدر المنشئ للأحكام والمصدر المبين له على سبيل الإلزام. فالقرآن الكريم في مفهومنا الفقهي هذا هو المصدر المنشئ للأحكام لا مصدر غيره، ولم يكن يعرف المسلمون مصدراً للمعرفة بكل أنواعها ومنها الشرعية إلا القرآن الكريم طيلة عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وتلك هي السيرة. القرآن وحده كان هو المصدر المنشئ لفكرهم، لمعتقداتهم، لتصوراتهم لنظام حياتهم، لكل شأن لديهم. ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يتلو عليهم القرآن ويطبق القرآن فيهم. ولذلك كانت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -وهي من أفقه الصحابة رضوان الله عليهم كانت حينما تسأل عن خلقه - عليه الصلاة والسلام - تقول:\"كان خلقه القرآن\". ليس هناك شئ سوى القرآن. وكانت حينما توجه لها بعض الأسئلة ويقال لها روى فلان أن رسول الله e قال كذا فلا تعقب إلا أن تقول: أقول لكم ما فعل - عليه الصلاة والسلام -، وتصرفهم عن القول ومناقشته بذكاء شديد إلى الفعل النبوي لرسول الله e لتبين المصادر المعرفية كما هي. فالسنة النبوية هي المصدر المبين للقرآن على سبيل الإلزام وأي بيان آخر خارج القرآن وخارج السنة هو بيان غير ملزم ولذلك نقل البيهقي عن الإمام الشافعي (إنه لا سنة لرسول الله صحت ولا أصل لها في القرآن كما في أحكام القرآن للإمام الشافعي الذي جمعه البيهقي). أما أقوال الفقهاء فلك أن تسمع إليهم وتناقش وتحاور وترجح وفقاً لقواعد النظر والاستدلال آخذاً من أقوالهم المختلفة ما ترجحه ولكن لا يلزمك شيء منها. فالقرآن هو المصدر المنشئ والسنة هي المصدر المبين له في إطار علاقة تكاملية لا تسمح بإسقاط أحدهما على حساب الآخر كما لا تسمح بالفصل بينهما.

 

الأمر الثالث: يجب أن نميز بين مقاصد الشارع والشريعة وبين مقاصد المكلفين. لذلك وجدنا أن المقاصد الشرعية التي يمكن أن تشكل لنا إطاراً قيمياً حاكماً بموجب استقرائنا لآيات الكتاب الكريم المحددة لهذه القيم يمكن تلخيصها بالثلاثة الآتية:

المقصد الأول: التوحيد

المقصد الثاني: التزكية

المقصد الثالث: العمران

وقد حصرنا القيم والمقاصد القرآنية الحاكمة بهذه الثلاثة على اعتبار أن حاصل أي شيء من الأشياء إنما هو ناجم عن تفاعل يجري بين الغيب والإنسان والكون. الغيب واسع يشمل الغيب المطلق والغيب النسبي، وكل ما يتعلق بالعقيدة نعتبره مدرجاً تحت التوحيد، ويمكن للتوحيد أن يدل عليه.

 

ومفهوم التزكية تندرج تحته قضايا كثيرة جداً تتعلق بالتكوين العقلي والنفسي والتربوي والجسدي لهذا الإنسان المزكى الذي يستطيع أن ينفذ مقتضيات العهد الآلهي. فلا يستطيع أن يقوم بمهمة الائتمان أو الأمانة ومهمة الاستخلاف إنسان غير مزكى، ولا يستطيع أن يقوم بالعمران إنسان غير مزكى\"ولا تعثوا في الأرض مفسدين\"(العنكبوت:36)\"إن الأرض يرثها عبادي الصالحون\"(الأنبياء:105)، ولا يستطيع أن يكون إنسانا ناجحاً في الابتلاء حتى يتزكى\"ليبلوكم أيكم أحسن عملاً\"(الملك: 2)... إلى غير هذا.

 

وأما مفهوم العمران فابن خلدون - رحمه الله -كان في مقدمة من لفت الأنظار إليه وإلى الفوارق الدقيقة بينه وبين مفهوم الحضارة، وبين أن العمران حضارة ولكنها قائمة على رؤية كلية ومصحوبة بقيم. وحينما ننظر في سيرة وسنة رسول الله e وهو يتعامل مع الجماد ويتعامل مع الشجر ويتعامل مع الماء ويتعامل مع التراب ويتعامل مع الحيوانات وغيرها، نستطيع أن نكتشف هذا الحس العمراني في الوجود. فالإنسان ليس عدواً للطبيعة والعلاقة بينهما ليست علاقة صراع، إذ أن الإنسان ابن الطبيعة والمستخلف فيها وعليها كذلك.

 

في إطار هذه القيم الحاكمة والمقاصد العليا تأتي مقاصد الشريعة الأخرى ومنها المقاصد التي ذكرها أئمة الفقه من الإمام الشافعي والإمام أبي حنيفة – باعتبارها مقاصد المكلفين - ثم مروراً بالأئمة الآخرين حتى الغزالي والعز بن عبد السلام والشاطبي. فالقرآن لم يكد يترك شيئاً من الأشياء ذات الأهمية، إلا وأضاف لها قيمتها وعلل تشريعها. علل النبوة وعلل الرسالة وعلل في قضايا الحلال والحرام وبين الأسباب والعلل الكامنة وراء ذلك كله. ورسول الله e سلك المسلك نفسه وهو يبين تلك الأحكام حتى لم يكد يبقى شيء يقال له: أنه غير معقول المعنى، وما يطلق عليه العلماء اسم\"أمر تعبدي\"يقصد به: أنه ليس له علة متعدية تصلح للقياس ولكن لم يقصدوا به أن لا يكون له معنى أصلا. فليس هناك شيء غير معقول المعنى في هذه الشريعة، ولكن هناك معنى اكتشفه مجتهد في عصر ويغيب عنه معنى آخر قد يكتشفه من يأتي بعده لأن من المهم أن ندرك خصائص هذه الشريعة الخاتمة، ومنها هذه العلل التي تتكشف للمجتهدين وفقاً لشروط وضوابط تتفق والوقائع والآفاق المعرفية للمجتهدين لأن القرآن الكريم والسنة النبوية ما تركا شيئاً إلا وعللاه ضمن المقاصد العليا وفي دائرة المقاصد المترتبة عليها. وكذلك مقاصد المكلفين التي نص الفقهاء أيضاً – على مراعاة الشارع لها - هي مدرجة في هذا الإطار محكومة بالمقاصد الحاكمة التي تعتبر بمثابة قمة الهرم نفرع عليها ما بقي. فيجب ملاحظة المقاصد هنا ملاحظةً دقيقة، وفيما نتناوله منها نحاول إحداث الوعي على أهميتها وعلى قيمتها كمدخل أساسي وضروري في بناء فقه الأقليات.

 

الأمر الرابع: لم نقبل مفهوم الأقلية كما هو في العلوم السياسية المعاصرة التي نهض بنيانها على فكرة الدولة القومية، وحين نرجع إلي القرآن الكريم المصدر المنشئ لمعارفنا وتصوراتنا نجد القرآن الكريم ينحو بمفاهيم الأقلية والأكثرية منحى آخر: فكثيراً ما يذكر الأكثرية في معرض الذم\"وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله\"(الأنعام:116).\"ولكن أكثر الناس لا يعقلون\"ففي هذه الآيات يذكر القرآن الأكثرية في معرض النقد وفي معرض التنديد لأنه هو - أي القرآن - لم ينطلق من منطلق القوة كما تصوغ مفهومها العلوم السياسية المعاصرة - القوة التي تحتاج إلى عدد وأغلبية - ولكن القرآن الكريم انطلق من مفهوم الحق، ومفهوم الحق شئ ومفهوم القوة شئ آخر، في إطار مفهوم الحق يجب علي المكلّف أن يبحث عن الحق والحقيقة بكل ما لديه من وسائل فإذا وصل إلى نهاية جهده وبذل قصارى طاقاته قال: يا ربي هذا ما أملكه وهذا ما توصلت إليه ثم يعمل بما أداه إليه اجتهاده ولكن ينبغي أن لا يتوقف بحثه عن ذلك، فما دام الأمر اجتهادياً فيمكن أن يتغير الاجتهاد بعد سنوات أو في الجيل القادم، فما يتوصل المجتهد إليه مُلزِم له ولمن يقلده في عصره، أو يتبنى – اجتهاده – بعد قبول أصوله بعد ذلك. و\"الأقلية\"أحيانا تكون هي صاحبة الحق. حتى إن شاعرنا العربي يقول مفاخراً:

 

 تعيرنا أنا قليل عديدنا فقلت لها إن الكرام قليل

 لذلك ارتبط بوعينا الأدبي مفهوم القلة بالنخبة فليس بشرط أن تكون القلة ضعفاً بل قد تأخذ مفهوم النموذج-النخبة، الأمة المسلمة المخرجة صاحبة رسالة ودعوة وهي بالنسبة لسائر الأمم أقلية.

 

ولقد خاطبنا ربنا جل شأنه حينما قال\"كنتم خير أمة أخرجت للناس\"(آل عمران:110) فنحن أمة\"مخرجة\"نموذجاً لغيرها شاهدة على الناس وبنو إسرائيل أمة\"مدخلة\"إلى الأرض المقدسة. فالله - تعالى - يقول لنا\"كنتم خير أمة أخرجت للناس\"ويقول لهم\"ادخلوا الأرض المقدسة\"(المائدة:21)، أي أن عندكم بقعة محددة من الأرض خذوها. بالنسبة لنا الأرض كلها ميدان عمل لنا يقول الرسول e:\"جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً\"، فالأرض كلها مسجد يدور حول الحرم ويتجه إليه\"إن الأرض يرثها عبادي الصالحون\"(الأنبياء: 105)، ولذلك لم يكن تأصيل أو عناية في الإسلام بمفهوم الوطن، بل هناك مفهوم الدار. وما ورد في الأثر من أن رسول الله e كان يحنّ إلى مكة ويقول\"لولا أنهم أخرجوني ما خرجت\"لا علاقة له بما نقول. فالدار هو أي جزء من الأرض تستطيع أن تسكنه وتستقر فيه. إنه ليس للمسلم موطن يمثل جزءً من الأرض يقدسه دون سواها، ويحميه ويدافع عنه، وبقية الأرض لا مانع أن تكون ميداناً للتلوث وتدمير البيئة ودفن النفايات النووية.

 

أما فكرة تقسيم الأرض لدى الفقهاء المتقدمين إلى دار الحرب ودار الإسلام فإنها موضع نقاش وتمحيص في ضوء خصائص الشريعة وعالمية الإسلام، وقد ناقشها قبلنا فخر الدين الرازي - رحمه الله -(ت:606 هـ) ووصل إلى نتائج مختلفة تؤصل توجهاً آخر غير ما اعتدنا سماعه في هذا الموضوع وهو تقسيم الأرض إلى دار إجابة ودار دعوة، والأمم أمتان: أمة إجابة وأمة دعوة.

 

فالمسلم لديه دار، وهذه الدار توجد بوجوده وتغيب لغيابه. هذه الدار ليست مجرد بقعة أرض بمواصفات معينة، وإنما هي دارٌ يستطيع أن يمارس أحكام دينه فيها. ما دام قد حل بها مسلم تمكن من إقامة الإسلام ولو على المستوى الفردي فهي دار إسلام. فعندنا فرق كبير بين مفهوم الدار ومفهوم الوطن لابد من ملاحظته – وقد نص الإمام الماوردي على أن دار الكفر بالنسبة للمسلم تصبح دار إسلام ما دام يأمن فيها على نفسه وعرضه وماله، ويتمكن من إقامة فرائضه من صلاة وصيام ونحوها، بل إن الماوردي قد نص على كراهة مغادرة هذه الدار إلى دار الإسلام إذا طمع في إسلام أحد على يديه.

 

في إطار كل هذه المعطيات وكثير غيرها، بنينا هذا المقرر الدراسي لنجيب على أسئلة أو تحديات البيئة الأمريكية إجابة لا تخضع لآراء وأقوال فقهائنا الماضين وحدهم، ولكن تقوم على الرجوع إلى مصادر الشريعة لاستنباط الأحكام منها فالمصادر هي: القرآن الكريم وهو المصدر المنشئ والسنة النبوية هي المصدر المبين على سبيل الإلزام، والعلاقة بينهما تكاملية. والأدلة الأخرى يستفاد منها كسوابق في إطار اجتهادنا الفقهي. الأرض هي دار وليست وطناً، إن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - جاء ليقيم أمة دعوة شاهدة على الناس والفرق كبير بين أمة الدعوة التي تكون للعالم بمثابة القطب أو المحور وبين دولة ذات سيادة على بقعة تحددها حدود جغرافية تنحصر مهمتها فيها، وهذا هو الخطأ الكبير الذي وقعنا فيه ونحن نفكر من منطلقات الهيئات والحركات التي نشأت على فكرة إقامة دولة والوصول إلى الحكم، لأن حركاتنا السياسية كلها أقيمت وفقاً للطراز الغربي ومفاهيمه للدولة والأقاليم والسيادة ونحوها، وهيكلية الأقلية والأكثرية جزءً من ذلك. ولقد عرفت الأمة – شذوذاً – فكرة الطوائف والفرق، لكن الأحزاب بطريقتها هذه هي أمور أخذناها من الغرب ووضعنا لها المحتوى الإسلامي: أو هيكلناها هيكلة إسلامية، ومشينا فيها بشكل أو بآخر، ولذلك فنحن في حاجة ماسة إلى إعادة النظر فيها، فرسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – كان عبداً لله ونبياً ورسولاً ولم يكن ملكاً من الملوك والأحاديث الدالة على ذلك كثيرة.

 

الأمر الخامس: نحن في هذا الإطار حذرون جداً من أن ندخل إلى فقهنا عملية أو فكرة الارتهان إلى الواقع الأمريكي. وهناك أخوة تلقفوا منا الكلام عن\"فقه الأقليات\"وبدأوا يكتبون ويناقشون قبل أن يقرؤا شيئاً مما كتبنا وزعم بعضهم أننا نحاول أن نوجد فقهاً خاصاً بهدف التحلل من أي ارتباط بالأحكام الفقهية المعروفة وفصل ما بين الأقليات وعمقها في العالم الإسلامي، وأن الشريعة واحدة فلا تتنوع وفقاً لكثرة الناس وقلتهم. إننا لم نرد بالدعوة إلى بناء هذا الفقه أن نعطي للأقلية إذناً بالتحلل من كثير من الضوابط الشرعية!! بل نريد أن نلقي على عاتقها هموماً أخرى لكي تبني الأمة المخرجة أو نموذج الأمة المخرجة في المهجر فتكون أمة قطباً وتكون أمة نموذجاً حيث تكون، سواء أكانت فرداً أو مجموعة فهي أمة. والأرض هي دار والدار مؤقتة، الدار خيمة نبنيها ونرفعها غداً تنتقل بانتقالنا ومعنا قيمنا وديننا والمعاني التي نحملها وننشرها. إننا نريد أن نقدم هذه الأمة أو هذه المجموعة المسلمة لهذا المجتمع نموذجاً قدوةً بحيث يستطيع من يراهم أن يرى من خلال سلوكهم والنموذج الذي يقدمون قيم الإسلام ونموذجه، وذلك كنموذج أهل الفسطاط بالنسبة لأهل مصر. فالإسلام لم يدخل مصر بالقوة... أربعة آلاف جندي فقط كانوا مع عمرو بن العاص وأمره سيدنا عمر بن الخطاب ببناء الفسطاط وبنى لهم الفسطاط بجوار القاهرة وبدأ الإسلام ينتشر من ملاحظة الناس للمسلمين وطريقة تعايشهم والسلوك الذي يسلكونه.

 

ولا أدري ما الذي سيحدث إذا قدم المسلمون أنفسهم إلى المجتمع الأمريكي أو أي مجتمع آخر بالطريقة التي تبرزها الفتاوى المنتشرة في قضايا الزواج أو الطلاق بالطرق المعروفة في بوادي المسلمين أو المعاملات الأخرى التي لا تستصحب مفهوم أمة الدعوة وإنما تؤكد على وجود تاريخي للمسلمين امتزجت فيه الأعراف والتقاليد بالتدين مما لم يعد له أثر في الواقع. في هذا الإطار بنينا هذا الذي أسميناه فقه الأقليات وبدأنا نستعرض كثيراً من مشكلاتنا في ضوء أصوله وقواعده. وقد رأيت وسمعت فتاوى في كثير من القضايا لكبار مشايخنا المعاصرين جزاهم الله خيراً جلّها إن لم تكن كلها لم تراع الأبعاد التي تختص بها بيئات المسلمين في الغرب، ولذلك كان منطلق حل من تصدوا للفتوى في قضايانا أن المسلمين هنا في دار حرب ولهم ضرورات كذا والضرورات تسمح بكذا وكذا. نحن رفضنا هذا النوع من الفتاوى لأسباب كثيرة نفسية واجتماعية وتربوية وثقافية، بل أن بعضها قد يهدد الوجود الإسلامي كله في هذه البلاد ولو بعد حين، أما النفسية فعندما نجعل أبنائنا يشعرون باستمرار أنهم أقلية سيشعرون بالدونية وحين يشعرون بالدونية لن ينشأوا نشأة طبيعية سيكونون أقل استقراراً من الأمريكي، أقل من جيرانهم، سيشعر أنه ابن أقلية يعيش على هامش المجتمع، وستضطرب عندهم فكرة المسؤولية، وستضطرب عندهم فكرة الهوية. كل هذه الأمور سيشعرون بها وهي خطر نفسي كبير لا تقلل من خطورته عملية تخريج المسألة الفقهية على قواعد الأقدمين والإفتاء بناءً على أدلة الضرورة وسد الذرائع واختلاف الدار ونحوها، وقد يكون هذا الاستخدام صحيحاً من الناحية الفنية، ولكنا لا نحتاج إلى فتوى تأتينا بشرور وأضرار نفسية واجتماعية أكبر من الفوائد التي نحصل عليها منها. إننا إذا استرسلنا مع فقهنا الموروث نحاول حمله قسراً على الانطباق على نظام حياتنا في أمريكا فستكون فتاوانا كلها قائمة على قواعد التخفيف، والضرورات، وفي دار الحرب يسمح بما لا يسمح به في دار الإسلام، والربا بين المسلم وغير المسلم جائز إذا كانت الفائدة تعود إلى المسلم، وبذلك يصبح المسلم نموذجاً لإنسان انتهازي نفعي طفيلي في المجتمع يعيش على هامش مشاكل الناس، وأبناؤنا سينشأون على تلك التوجهات ولا يمتلكون رسالة ولا يحسون بمسؤولية عن دعوة أو أمة.

 

و على سبيل المثال: من المشكلات المطروحة، المشاركة السياسية للمسلمين في المجتمع الأمريكي، هل يجوز الانتساب للحزب الجمهوري أو الديموقراطي، هل يجوز لك أن ترشح في الانتخابات؟ هل يجوز لك أن تنتخب؟ وهذا يتبعها شؤال هل يجوز المشاركة في حملة انتخابية أو مساندة السناتور المرشح أو التبرع بفلوس... كل هذا أسئلة فرعية وجانبية. نحن نقول: يجب أن نجيب على هذه الأسئلة والإشكالات وفقاً لما ذكرنا من منطلقات بعض المتصدين للفتاوى الجزئية، بل نعتمد على فقهنا الأكبر وعلى أصولنا الغنية كتاب الله مصدراً منشأً وسنة نبيه مصدراً مبيناً على سبيل الإلزام، والمشاركة السياسية في هذا المجتمع إذا كان هدف المسلم أن يكون senator أو نائباً في البرلمان الأمريكي ليصبح شخصية مهمة ولتحقيق طموح شخصي فقط فأنا أقول قولاً واحداً – لا يجوز له – بل يجب أن يبتعد عن العمل للعلو في الأرض، وإذا كان عنده انتماء للأمة المسلمة ويحمل هويتها ويريد خدمتها ولديه برنامجاً فيه خير وفيه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ومطالبة بحقوق الأمة -باعتبارها في نظر الحكم القائم أقلية- ليأخذ المسلمون مواقعهم وحقوقهم في هذه المجتمعات، فإنه أمر من أهم القربات إلى الله - تعالى -، ولابد أن ينضبط بضوابطه الشرعية المراعية لمصلحة الأمة، فما هي ضوابطه؟ لهذا حديث آخر.

 

 عندنا قضية أخرى إذ لا تزال الفتوى متداولة وشائعة وكثيرون يتحدثون عنها أنه لا يجوز حمل الجنسية الأمريكية ولا الأوربية وأنه حرام.. ما الذي استند إليه هؤلاء المانعون من التجنس؟ استندوا إلى فتاوى إخواننا علماء المغرب والجزائر وتونس في فترة الاحتلال الفرنسي وكذلك علماء سورية في فترة احتلال فرنسا وعلماء العراق في فترة احتلال بريطانيا للعراق. لأن فرنسا بالذات اعتبرت بلدان المغرب العربي جزء من فرنسا وضمتها إليها بقرار وقالت هذا جنوب فرنسا. علماء تلك البلاد أرادوا أن يقاوموا هذا قالوا: لا..هذه ليست جزءً من فرنسا، والذي يحمل الجنسية الفرنسية في ذلك الوقت كافر من أجل أن يبقوا على الهوية الإسلامية في تلك البلدان ويبقوا عليها باعتبارها جزءً من دار الإسلام والمسلمين. وحينما لا يلاحظ المفتي الذي يفتينا الآن تغير الأحوال والظروف والأعراف ولا يتناول القضايا المختلفة التي تحيط بمسألته ليدرس المشكلة من جذورها وأطرافها المتعددة، يصل إلى مثل هذه الفتاوى.

 

 فنحن في إطار هذا المقرر- فقه الأقليات - نحاول أن نضع الأصول التي لابد للفقيه الذي يتعامل مع المجتمعات الإسلامية في الغرب أن يتقنها ويفهمها لكي يكون قادراً على التفريع والتخريج على الأصول. ونحاول أن نقدم القضايا المطروحة من خلال دراسات تستند إلى هذه الأصول. تقدم رؤية منطلقة من أننا نحن المسلمين موجودون هنا لنبقى ولينتشر الإسلام ويستوطن البلاد، وتعلو كلمته فيها، فلسنا أقلية بالمفهوم السياسي الغربي أو مفهوم الدولة القومية ولكن نحن نموذج لأمة ذات رسالة خالدة ولهوية تميزنا بما نمثله من قيم. نقدم من خلال وجودنا وأنفسنا تلك الرسالة وتلك الدعوة رحمةً للعالمين ونقدم أنفسنا نموذجاً ومثالاً لخير أمة أخرجت للناس.

 

  

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply