بكاء بغداد

2.2k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

أبكي، وماذا تنفَع العَبَراتُ *** وجميعُ أهلي بالقذائف ماتوا؟

ماتوا وجيشُ المعتدين، قلوبُهم *** صخرٌ فلا نبضٌ ولا خَلَََجاتُ

تحت الرٌّكام، أَنينُهم وصُراخُهم *** كم مزَّقت وجدانيَ الصَّرخاتُ

أبكي، وأشلاءُ الأحبّةِ خيّبَت *** ظنَّ الرَّجاءِ، وزاغَت النظراتُ

ياليلة القَصف الرَّهيب، تحطَّمت *** فيكِ المبادئُ، واستبدَّ غُزَاةُ

وحشيةٌ، لو أَنَّ هولاكو رأى *** لتصعّدت من قلبه الزَّفراتُ

بتنا على لَهَب المواجع والأسى *** والمعتدونَ على الأسرَّةِ باتوا

أطفالُهم يستمتعون بأمنهم *** وصغارُنا فوقَ الرَّصيفِ عُراةُ

فَزَعُ الصِّغار يزيد من إحساسنا *** بالظلم، إنَّ الظالمينَ قُساَةُ

ماذا يفيد الدَّمعُ، والدَّمُ هَهُناَ *** يجري، ودِجلَةُ يشتكي وفُراتُ؟!

ماذا، وبغدادُ المفاخر أصبحت *** عطشَى، تُلمِّظ قلبها الحسراتُ؟

بغدادُ، يا بغدادُ ما التَفَتَ المدى *** إلا وعندكِ تُورق اللَّفتاتُ

بغدادُ ما ابتسمت رؤى تاريخنا *** إلاً وعندكِ تُشرق البَسَماتُ

صوت المآذِن فيكِ يرفعنا إلى *** قمم تشيِّدها لنا الصَّلواتُ

أوَّاه يا بغدادَ أَقفرتِ الرٌّبى *** ورمَى شموخَ الرَّافدين جُناةُ

لغةُ الحضارةِ أصبحت في عصرنا *** قَصفاً، تموت على صداه لُغات

لغةُ تصوغ القاذفاتُ حروفَها *** وبعنفها تتحدَّث العَرَباتُ

أو هكذا، تلقى العدالةُ حَتفَها *** في عصرنا، وتحكم الشَّهَواتُ!

ماذا يفيد الدَّمعُ يا بغدادَنا *** وخَطاكِ في درب الردى عثرات

ماذا يفيد الدَّمعُ يا محبوبةً *** تبكي على أشلائها الحُرُماتُ

ماذا، وألفُ قذَيفةٍ, وقذيفةٍ, *** في عَرضها تتنافسُ القنواتُ؟

ماذا، وأبناء العُروبةِ نظرةٌ *** وهَجَت، وعقلٌ تائهٌ وسُكاتُ؟

أبناءَ أمتنا الكرامَ، إلى متى *** يقضي على عَزمِ الأبي سُباَتِ؟

الأمرُ أَكبَرُ، والحقيقةُ مُرَّةٌ *** وبنو العروبةِ فُرقَةٌ وشَتات

وعلى ثغور البائسين تساؤُلٌ *** مُرٌّ المَذاقِ، تُميتُه البَغَتاتُ

أين الجيوشُ اليَعرُبيَّةُ، هل قَضَت *** نَحباً، فلا جندٌ ولا أَدَواتُ؟!

هذا التساؤل، لا جواب لمثله *** فبمثله تتلعثَمُ الكلماتُ

لو كان للعَرَبِ الكرام كرامةٌ *** ما سرّبَت سُفُنَ العدوِّ قَناَتُه

الأمر أكبرُ يا رجالُ، وإِنَّما *** ذهبت بوعي الأُمَّة الصَّدَماتُ

الأمرُ أمرُ الكفر أعلن حربَه *** فمتى تَهُزٌّ الغافلين عِظَاتُ؟!

كفرٌ وإسلامٌ، وليلُ حضارةٍ, *** غربيَّةٍ,، تَشقَى بها الظٌّلُماتُ

يا ماردَ الغرب الذي لعبت *** كأس الغُرور، وسيّرته طُغاةُ

نزواتُ قومٍ,، قادت الأعمى *** إلى لهبٍ,، كذلك تَقتُلُ النَّزَواتُ

أبناءَ أمتنا الكرَامَ، إلىَ مَتى *** تَمتَدٌّ فيكم هذه السَّكَراتُ؟!

ماذا أقول لكم؟، وليس أمامنا *** إلا دخانُ الغدر والهَجَماتُ؟!

هذا العراقُ مضرَّجٌ بدمائه *** قد سُوِّدَت بجراحه الصَّفحاتُ

وهناكَ في الأقصَى يَدٌ مصبوغةٌ *** بدمٍ,، وجيشٌ غاصبٌ وبُغاةُ

ماذا أقول لكم؟ ودُور إِبائكم *** لا ساحةٌ فيها ولا شُرُفاتُ؟

ماذا أقول لكم؟ وبَرقُ سيوفكم *** يخبو، فلا خَيلٌ ولاَ صَهَواتٌ؟

قصَّت ضفائرَها المروءَةُ حينما *** جمد الإباءُ وماتت النَّخَواتُ

بكت الفضيلةُ قبل أن نبكي لها *** أسفاً، وأدمت قلبَها الشَّهَواتُ

عُذراً، إذا أقسمتُ أنَّ الرِّيحَ *** قد هَبَّت بما لا تفهم النَّعَراتُ

لن يدفَعَ الطٌّغيانَ إلا دينُنا *** وعزيمةٌ تُرعى بها الحُرُمات

إني لأُبصر فجر نَصرٍ, حاسمٍ, *** ستزفٌّه الأنفالُ والحجرات


أضف تعليق