وَدّع ظُـنـُونـَك َ إنّـنــا غُـرَمَــاء ُ*** وسَــيقضي يَوماً بَينَنا الحُكماءُ
وَدّع ظُنونَـكَ فالحَياة ُ قَصـــيرَة *** ٌ يا قلبُ مَهـلا ً فالأمَـانُ غَبــــاءُ
إلعَق جراحَكَ حَربُنا عَشـــــواءُ *** فهيَ الليالي سَــــوادُهنَّ سَــواءُ
وَدّع ظُـنونَـكَ فالـزَفـيرُ أزيـزُها *** ولـهــا تُـقـدَمُ أنفـُــسٌ ودمــاءُ
قد عِشتُ دَهراً يا فؤادُ مُحَطمــاً *** بثـرى بلادِكَ يَحكُمُ الغُـرَبــاءُ
هذا زَمانٌ سادتِ الفَحشــــــــاءُ *** تَعِظُ القِيـانُ ويُـطعِمُ اللـؤمـَـاءُ
كم مِن بلادٍ, مثلَ حال ِعراقِــنــا؟ *** فالـقدسُ كَـربٌ والعـراقُ بـلاءُ
لكن ومِهـما قـد يَطولُ ظَلامُهُـم *** لابُـدَّ يومــاً وتَنجَـلـي الغَبـراءُ
ودّع حَبـيـبــاً فالفـِراقُ مظَـنَّتـي *** وأنا المُسَــهَّدُ شِــيمَـتي اللأواءُ
ودعتُ قلبي فاســتُثيرَت دَمعَتي *** فهيَ المَدامِعُ وصــفُها حَمقــاءُ
سَــحّيتُ دَمعي فالحَبيـبُ مُكبـّلٌ *** يَشـكو المَهانَةَ، خانَهُ العُمَلاءُ
وسَعَيتُ أنشدُ راحة ًفي رَوضـَـــة ٍ, *** فـإذا الغُيـُومُ تَلبّدت سـَـــوداءُ
ورأيتُ في دُنيا العَجـائـب ِأمرَنا *** فالأرضُ جَدب ٌوتُســتَدرُ سَماءُ
ودّعتُ قلبـــي كي أنالَ مَفـَـازة ً *** نَحـوَ المَعالـي مَطيتــي العَنقـاءُ
فإذا وإنّي في الضَبابِ سِـــراحَتي *** فَهيَ الهُمومُ سـَــفينةٌ خَـرقــاءُ
وإذا وقلبــــي بـَلاقِـعٌ بَـيــــداءُ *** حارَ الأطبَة ُ، ملَّت ِ الأدواء ُ
وإذا بنَفســــي تَســتَغيثُ مََنيَتـي *** فَـأَنــا الـميـاهُ حُـرِِمتُها وهَـواءُ
ودّع لـي هَمّـاً يا فُـؤادي رَيـثَـما *** يَغشَــاني فألٌ ويَحتَوينـي رِفـاءُ
وإذا الغَـوالــي للحَـقيـقة ِوهـمُها *** قَـد كـانَ ظَـنّي إنّـها حَســـناءُ
إنَّ الظُـنونَ خَديعَـة ٌ وصَـــنيعـَة *** ٌ كَسـرُ القُلوب ِفأرضُها رَمضَـاءُ
وبَكـيتُ سـَــيلا ًفالعُروبة ِجُثـّــة ٌ *** أتعودُ يوما ًعَروسَـــــة ٌ لمَياءُ؟
فَشـَـكوتُ للهِ العَظــيمِ مُصـَـابتــي *** ما زلتُ أشـــكُو والكَلامُ عَناءُ
ورَحَـلتُ عَن دارِ الكَريــم ِبـذِلَّـة ٍ, *** يَزداد ُ هـَمّي فناقَـتي عَرجــاءُ
ولّيـتُ وجهـي للأُخـوةِ رِحلَتــي *** كُلٌّ الأَمانــي تَضُمُنـي النَجـلاء ُ
ورَجَوتُ في دارِ الأخُـــوةِ بُغيَتـي *** يَغشـــانـــي ودٌ، عِنايـة ٌوَرِداءُ
فإذا الأُخوةُ خِنجَـرٌ في جانِـبــي *** وإذا اللـقــاءُ تَهَكٌّـمٌ وجَفــــاءُ
وإذا المَراحُ تنكّـَرَت وتـَعبَّـســَـت *** فهيَ الوجُوهُ قَبيحَـــةٌ صَــفراءُ
وإذا الرَغيفُ يَفـرٌّ منـــي هاربــاً *** خَلط ُ السـَــــجايا وخامَةٌ بَلقاء ُ
كُنـّـا نـَظُـنٌّ بالأُخُـــوةِ دِيـمَــــة ٌ *** قَحط ٌ تَجَلى فأرضُهُم سَــــوداءُ
وأخَذتُ مِن وَحي الأخُوةِ غَدرُهــــا *** لكنَّ طَبعي تَجَشـٌّــــمٌ ووَفَـــــاءُ
مَن قــالَ يومــاً للأخُـــوة ِحَقٌّهــا؟ *** مَن قالَ يَوماً أخُوة ٌســَــمحَـاءُ؟
ما زالَ نَزفـي مِن جِراحِ أُخوَّتــــي *** مازالَ ظُلمٌ يَلُفـٌّنـــي وشَـــــقاءُ
وتَجأجَأوا يـَـومَ الوَطـيسِ بذلـَّــــةٍ, *** أينَ المزاعِمُ؟ أينَها الكَحـــلاءُ؟
أبنـــاءُ عَــلاتٍ, حَقيقـــة ُأمرهِــم *** ليسـُــوا شُموســـــــاً إنَّهم بُلَهاءُ
يا أيٌّها العِرقُ الشَــريفُ عراقُنــا *** رأسٌ تعالى وقامةٌ هَيفـــــــــــاءُ
ورَفَعتَ رايــاتِ المحبــةِ عُنـــوةً *** أصـــلُ النوايا نَبيلة ٌبَيضـــَــــاءُ
أعدَدنا للحَربِ الضَروسِ كُماتَهــا *** فَخراً تأبطَ تاجُها العُظَمَـــــــاءُ
وبَذَلنا للأوطــانِ كـُـلَّ عَزيـــــزة ٍ, *** هانَت وفاتَت مَواسِـــمٌ خَضــراء ُ
هذي جُـذوري وهؤلاءِ عُمومَـتــي *** هذي الخِصالُ تَزاحَمت وَســناء ُ
شُم ٌّالأنُوفِ شَريفة ٌ أنســــابُهُم *** ظلُّ مديــدٌ و عِترَة ٌ وَرقــــــاء ُ
يا فَخــرَ تاريـخ ِ البَريـّــةِ مِلَّتــِـي *** أصـواتُ عزٍّ, تَرُوقُني وحُــــداء ُ
وقَدِمنـا للفعـلِ العظيـم ِبرايــــَـة *** ٍ, رَفَّـت وغـَنَّت رايـة ٌعَليـــــــاءُ
هذي فِعالٌ، رِفعةٌ وســـَــــــناءُ *** إخلاصُ قَـول ٍ, وعِـفَّــــةٌ وَ وَلاءُ
من أينَ ابتدأُ الكَلامَ أحبَّتــــــــي؟ *** لا عُذرَ عِندي تَرومُني الشَهباءُ
ولأهـلِنـا في النازِلاتِ فِعــالُــهُــم *** شَـَرفُ العُروبةِ، رَوضَة ٌ غَنـّاءُ
أبناءُ إســـلام ٍ,تَقاطَــرَ شــَـهدُهُـم *** حُلـوُ المَذاق ِ، رجالُهُم رُحَمـاءُ
ولأهـلِ دجـلَةَ كُلٌّ حيـــن ٍ, مَوقفٌ *** فَهُمُ الرجــالُ حَـوارثٌ ونَقــاء ُ
أهلُ الفُرات ِ تزاحَمـــوا في نَخوة ٍ,*** كَيمـــا تُــزاحُ مَـعِـرَّةٌ كَئـداءُ
حَيّوا النَشامى حينَ يُتلى ذِكرُهُم *** ذِكرُ الكرامِ مَفاخِـرٌ وسَـــــخاء ُ
يا ليتَ شـِـعري أن أكونَ بقُربِهِم *** فأشـُـمٌّ عِطراً تَفُـوحُهُ الهَيجـــاء ُ
آســادُ دين ٍ, في المَصائب ِ زَمجَرت *** قام َ رِجـالٌ أعِـزَّة ٌ نُجَبــــــــاء ُ
أنتُم وقَـفتم للعَــدوِّ بمـَرصـــَــــدٍ, *** والبَعضُ خانوا، وجُوهَهَم زَرقاء ُ
وتَخَبـَّطَ العَـادونَ حتــى ما دَرَوا *** كَيفَ الهُروبُ، وإنَّهم فُرَقـَــــاء ُ
دارَت رَحـاها كُلٌّهــــــــــــا آلاء ُ *** حِكراً تَداولَ مَجدَها الخُطَبـــــاء ُ
ووقَفنا صَفـاً في الجِهــادِ مُوحَــدا *** ً كُنّا شـِـــداداً، لأهلِنا نُقَبـــــــاء ُ
وأســــوَدّت ِ الدُنيا عَليهم حينَها *** فبَكى الشَــبابُ وشَـيبَة ٌشَـــمطاء ُ
وضَرَبنا من فَوقِ السُروج ِرِجَالَهُم *** نَحنُ انتَصَــرنا والعُلوجُ هَبَـــاء ُ
هذا جَـزاءٌ من قَليل ِرِجَـامِنـــــا *** فــإذا نِداهُم تَخُــورٌ ورُغــــــاء ُ
زُبَرٌ تَناثَرَ دِرعُهُم أشـــــــــــلاءٌ *** نَصَــــبوا لَهُ في العالَميــنَ عـَـزاء ُ
حتى إذا نَفِدَت ذَخيرَةُ حَربِنـــا *** فهيَ البَديلُ سـِــلاحُنا الحَصباء ُ
وفَضَحنا في كلِّ النوادي زَيفَهُـــم *** فَهُمُ الصِـــــغارُ وإنّنا الزُعَمــاء ُ
ووَهَصـــنا مِنهُم كلَّ رأس ٍ,أشـعَث *** وُقِذَت بِنار ٍ,مُعدَّة ٌ عَجمَــــــــاء ُُ
أبكينا من بينِ السـَـــرايا رَمزَهُـم *** حتى تَباكى رجَالُهُ الجُبَنــــــاء ُ
فهيَ الجُهَينـةُ عنــدَها أخبــارُهُم *** فَهُــم الكُلــوحُ أذلـَّـةٌ وجِــــراء ُ
فإذا جُيوشُ الغَربِ تَلعَقُ ذِلَّهــــــا *** تَعِسَـــت جُيوشٌ هَزيلةٌ وَخَواء ُ
ويَقومُ غِرٌّ للعَـدو ِّ مُناهِضـــــــــــاً *** قامَـت تُنافــحُ بنتُنــــــا العَذراء ُ
وانحازَ للشأنِ العظيمِ رجَالُنـــــــا *** عَلَـمُ الجِهـادِ وعِفَّـةٌ عَصـمـَــــاء ُ
وَتَعَطَّرت بالنائِباتِ ثيابُنــــــــــا *** نَحنُ الحَنُوط ُ وعِطرُنا الحِنـّــاء ُ
ودّع وَودّع فالبَقـــــاءُ لأُمـّـــــــــة *** ٍ, عَزَّت فقامَت، رجالُـها الأُمَـراء
وَدّع ظُنونَــــكَ إنَّنـــــــا بُرَئــــاء ُ *** حِقدٌ دَفينٌ وجُوهُهـُم وَقَفـَـــــاءُ
ضَرَبُوا العراقَ فكانت ِالدَهمَــــــاءُ *** قَـتـلُ العـراقِ جَـريمــةٌ نَكـراء ُ
ماذا عَســـــاني أن أقولَ بحقِّــــهِ *** مِلحُ الزمـان ِوليلــــــةٌ عَـفـرَاء ُ
وأشتدَ غَربٌ والتَعَسُـــفُ طَبعُهُم *** باللهِ يُكفَــرُ والنَّبيٌّ يُسُــــــــاء ُ
فـَهُمُ الذيــــنَ تَجَــرؤا وتَهَــيــؤا *** وهمُ الذينَ تَقدمُـوا وأسَــــاءوا
وهُمُ الذيـــنَ تَطـاولـوا وتَجـاوزوا *** كُلَّ الحُـدود ِ، عُقُولُهُم صَـــمّاء ُ
جاءُوا إلينا والشـُــــرورُ تُعينُهم *** حِقداً عَلينا حَياتُنا نَعمَــــــــاء ُ
ولكم وقفتُ على الحَوادث قارِضاً *** أبكَتني دَمعَاً قَصائِدي العَصماء ُ
ولَكم لَكم هَاجت بنَفســـي لَواعِجٌ *** كانت لرُوحي تَقـَرٌّحٌ وعَنـــــاء ُ
لكنَّ شــِــــعري للعــراقِ مُنمـَّق ٌ *** شـِعري يَقولُ ما العِراق ُ يَشـاء ُ
نَحنُ الذينَ يَقولُ فينا رَبُنــــــــا *** صُــدقُ العُهود ِ أئِمَةٌ عُظمــاءُ
وهمُ الذينَ يقولُ فيهِم رَبُنــــــا *** حَطَـبٌ لِنارٍ, أذلَّةٌ وغُثَـــــــــاء ُ
جَنَّاتُ خُلدٍ, في النهايةِ فوزُنـــــا *** زُمَرٌ نُســاق ُ والجِنانُ حَفــــاء ُ
نيرانُ خُلدٍ, في النهايــــةِ أمرُهُم *** تَعِسـَـت قُلوبٌ قَبيحَةٌ عَميـــاء ُ
الأُمنياتُ تَراقَصت من ضَربِنـــا *** حَربٌ ضَروسٌ يَؤمُها العُلَمـــاء ُ
صارَت مَضاربُنــا مَفاخِرَ عِزِّنـا *** نَحنُ الكُماة ُ لدينِنـــــا سـُـفَراء ُ
إنّا أُناسٌ ليسَ يُؤمنُ مكرُنــــــا *** صِــيدٌ وإنّا للسـَّـلام ِنَمــــــــاء ُ
أنا الذي أبكاني دَهراً حالُنـــــا *** عُذراً بلادي قَريحَتي لَكنـــــاء ُ
ألَمٌ تُقَطَّعُ أرضُنا أشــــــــــــلاء ُ *** غارَت مياهٌ فَتَمرُنــا شَيصـــاء ُ
قالوا سَنَبني في العراقِ جُنـينـةً *** حَكَوا الكَثيرَ وَغَابتِ الفَحــواء ُ
وَطَـنٌ مُباحٌ ومِحـنَةٌ بُرَحـَـــــاءُ *** شَعبٌ يُعاني هَدَّهُ الإعيـــــــاء ُ
هذا أنا قد بُحتُ كُلَّ حَشــــيتي *** فهوَ العِراقُ طَبيبُنــــــا ودَواء ُ
وهوَ العراقُ سَـــبيلُ كُلِّ ضَعِينَة ٍ, *** إنَّ العـراقَ تَبَسـٌّــــــــمٌ وعَلاء ُ
كلأٌ بِلادي والكَـرامــةُ مـــــاؤه ُ *** مَرعـىً تَنافسَ أرضَهُ اللُقَطــاء ُ
هذي الحَياةُ تَكدٌّرٌ وَهَنَـــــــــاءُ *** رَمــزُ التقلٌّبِ إنَّــها الأنــــواء ُ
ذَهَبٌ حُروفي والمـِدادٌ صَفَــــــاءُ *** عَجَباً تَناولَ سـَـــكَّها الشٌّعراء ُ
ذَهبيتـــي فَيضٌ لكُلِّ حَقــيقَــةٍ, *** ألـقٌ ويُطـعَمُ حَرفـَها الفُقـَراء ُ
عَبثاً يُحاولُ طَمسَها الخُبَثـــاءُ *** وغداً تُقوَّم ُ ملَّة ٌ عَوجـــــــــاءُ
هذا مَقـالي للعراقِ قَصيدتـــي *** ما قُـلتُ دُراً وما يُقـالُ هُــراءُ
فهو العِراقُ حَديقةٌ وخِبـــــاء ُ *** إن مَـرَّ صَـيفٌ أو أطَلَّ شِتـــاءُ
يا رَبٌّ صَلِّ على النَبيِّ مُحمـد ٍ, *** ما أنَّ طِفلٌ وهَدهَدتهُ نِسَـــــاءُ