الفطام

6.9k
3 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

أمّـي ذكـرتـك والـحشى تتقطعُ *** شـوقـا لذكراك ِ الجَوارُحُ تضرعُ

أنـت العيونُ ومن ظلالك ِ يَرتوي ***كـونـي بـألـوان ِ الجَمال ِ ويَرتعُ

جـسـمي تكوّن َ من ترابك ِ والدما ***بـالعرق تجري من مَذاقك ِ تصنعُ

أنـت الـجَـمالُ وآية ٌ من مُبدع ***خـلـق السَلام َعلى عُيونك ِ يَربعُ

قـد حِـرتُ يـا أمّي وكانت حيرتي ***عَـجَـبـا ً لما تعطي فخيرُك يُسمعُ

لا يـسـبـقُ الـثقلانُ أمّي رحمة ً ***قـطـعـا ولـن يعلو بجود ٍ, يَنفعُ

فـهـي الـكمَالُ اذا الكمَالُ عطية ***تـعـطـي سَخاءا ً دونَ أجر ٍ, يُودَعُ

هذه الأصَابعُ حولَ صدرك ِ مِقبض ***والـعـينُ في عينيك ِ ثغري يَرضعُ

وبـحضنك الأنفاسُ تذهبُ وحشتي ***وتـلـفُ جـسـمي بالحَبائل ِ اذرعُ

قل لي وحقك َ هل عَواطفُ جاوزت ***هـذا الـحـنانُ وأي ٌّ وصف ٍ, يقنعُ

الأم عـاطـفـة ٌ ورحـم ٌمُحسن ***وعـظـيـمُ نـعـمَاء ٍ, لرب ٍ, يَرفعُ

حـمـل ٌ وأرضـاع ٌ وجفن ٌ مفتح ***حـبٌ وأخـلاصٌ وقـلـبٌ يخضعُ

ألأمُ درب ٌ لـلـجـنـان ِ مُـيَـسَر ***فـالـحـرصُ في مرضاتها سيُنجّعُ

الأم تـعـطـي من حليب ٍ, خيرها ***لا خـيـرَ فـي أم ٌّ لـصدر ٍ, تمنعُ

وخـلـقـتُ في أمٌّي لجسمها واهنا ***وهـنـا وضعفا ً كان حملي يُسرعُ

جـسـم بـقـلبين ِ الدماءُ تضمٌّنا ***قـلـبـي لـقلبك ِ كان شوقا ً يتبعُ

حُـبـي لشخصك ِ كالمجرة ِ وسعه***لـكـن َّ كـونـا ً في حنانك ِ يُجمعُ

مـن صـدرك ِ المِعطاءُ كنا نرتوي***بـحـلـيـب ود ٍّ, مثلُ عين ٍ, تنبعُ

لفطام صدرك ِ كان صبري مُوجعا ً ***فـالـعـيـنُ تبلى للفراق ِ وتجزعُ

قـد فاق َ صبري كل َّ صبر ٍ, قسوة ***قـطـعـا ً فبُعدي عن حَنانك مُفزعُ

ودَّعـتُ فـي الدنيا مَناحِل َ مشربي ***فـهـي الـحياةُ ومن حنان ٍ, تشرعُ

صَارعتُ أيدي الأهل ِ حين تجرٌّني ***عـن بـحر ِ جود ٍ, من دِمائك ِ يَفرعُ

ومـسكتُ صدرك َ كالغريق ِ بموته ***فـكـأن َّ صـدرك َ لـلمنايا مِبضعُ

جـاءو بـأ لوان ِ المشارب ِ والمنى ***بـدلا َ لـشـرب ٍ, من حنانك ِ يَطلعُ

عُـذرا فـقد مزّقتُ ثوبك َ مُجبرا ***وأظـافري في الصدر ِ جرح ٌ يُوجعُ

يوما ً سحبت ِ الصدر َ عن ثغري فلا *** صـبـر ٌ لـدي َّ ولا فِـطامِك أدفعُ

الـصـخـرُ يبكي حينَ يَشهدُ حالتي ***مـن صـدرك ِ المَلآنُ ثغري ينزعُ

لـم تـحـلُ للروح ِ المشارب كلها*** مـن بعد ِ صدرك ِ فالمشاربُ تلسعُ

ورأيـتُ بَـعـدي من يُعانقُ لاهفا ً ***صـدرا ً ويـشـربُ ما أحُبُ وأولعُ*

أخـذوا مـكـانـي أخـوة ٌ بتولع ***لـنـعـيـم مـا أصبو وما أتطلعُ

عُـمـري بـأيـام ِ الرضاعة ِ كله***فـهَـوَ الـكـمالُ بما شربتُوأضجعُ

تـبـا لـعـمر ٍ, جاوزَ العمرَ الذي***جـسـمـي بـحُضنك ِ راقد ٌ يتدلعُ

جـسـمي برحمك ِ قد تكونَ مُعجزا عـلـمُ الأجـنـة ِ أو عقولا ً تبدعُ

خـلقت برحمك ِ مُضغة ًمن بيضة ***مـن بـعـدهـا لحما ً لعظم ٍ,ِ يُودعُ

اللهُ قـد خـلـق َ الأجـنـة َ قادرا ***مـن نـطفة ٍ, مُشجت برحم ٍ, تزرعُ

جـسـمـي بـرحم ٍ, والأجنة خلقوا*** خـلـقـا ً بـأطوار ٍ, تصاغ وتطبعُ

الأم ٌّ صـانِـعـةُ الـحـياة ِ وخلقها***حَـسُـنـت بـأم ٍّ, لـلرذيلة ِ تدفعُ

وتـدوم دُنـيـانـا بـخير فضائل ***إن كـانَ جـل ٌّ نـسـائـه ِ تتورعُ

الأم صـانـعـةُ الرجال ِ وفكرهم***خـيـرُ الـرجال ِ لخير ِ ام ٌّ ترجعُ

ألأم تـعـطي في الحليب عواطفا ً***وعظيمُ حب ٍّ, في المراضع ِ مُوضعُ

سـنـتان ِ تحتَ منابع ٍ, من صدرها***أروي حـيـاتـي مـن نعيم ٍ,ِ أكرعُ

وأذا كـبـرّتُ لا يـقـل ٌّ حـنانها***لـلـمـوت ِ يـبقى لا يمل ٌّ ويَهجعُ

وفـطـمـتُ مـنك والفطامُ نوائب *** ٌلـلـطـفـل أيـام ٌ تـزولُ وتقشع

لـكـن ّ حُـبـك للجنين ِ وراضع ***حـتـى الـكهولة ِ لا يقل ٌّ ويَضلعُ

الأم لا تـعـلـى وأن ّ حـنـانها***هـبـةُ الـجـواد ِ فلا لغير ٍ, تودعُ

عَـددَ الـشهور ِ فتسعة ٌ في رحمها***أحـيـا كـأنـي آمـر ٌ يـتـتبعُ

سَـيـضـل ٌّ قـلبُك للوليد ِ مُناجيا ***حـتـى أذا لـلـقلب ِ بات َ يُقطعُ

وأذا حـلـيبُ الطفل ِ كان مُصنعا ***لا خـيـرَ عـنـدَ شـبـابه يُتوقعُ*

وصَرخت قبلي حين عِشتُ بواجع ٍ,**** ولـطـمت ِ خدّك بعد صبر ٍ, يُقنعُ

وإمـلت حملَ مَواجعي عن كاهلي***فـكـأن آلامـي لـقـلـبك مُشفعُ

وسـهرت ليلك ِ حول مهدي تنشدي***أهـزوجـة فـكأن صوتك ِ مَسفعُ

صَـوتـي لـقلبك ِ كالنسيم ِعذوبة *** ًوجـهـي لـوجـهك ِ كالمريا يُطلعُ

مـا كـنتُ أحسبُ أن خيرك زائل ***مـن قـبـل ِ بُـعدك فالنعيمُ مُوسّعُ

لـكـن بُـعدك ِ للعواطف ِ نائب ***وعـظـيـمُ كرب ٍ, للمراحم ِ يَقطعُ

مـهـمـا عَـملتُ لأجلي أمٌّي أنما***عـمـلـي كقطر ٍ, في بحور ٍ, يَقبعُ

أنـت الشموسُ لكل ّ عين ِ أبصرت***يـومـا ضياءا ً من حنانك ِ يَسطعُ

أمٌّـي أنـادي حـين يُؤلمُني القذى***أو حـيـن يَظهرُ في حياتي مُروعُ

الـعـشـقُ أخلاص ٌ وحب ٌ خالد ***والـعـشـقُ داء ٌ لا يطيبُ ويَخنعُ

الـعـشـقُ حرف ٌ في كتاب ٍ, أسمه***عـطفُ الأمومة ِ حيث سفر ٌ يُنصعُ

أن كـنـت محظوظا ً أفوزُ بدعوة ***لـلـه ِ مـن أمـي بـقـلب ٍ, يركعُ

تـبـقـين َ في ذكري وذكركُ خالد ***والـذكـرُ لـلأحـباب ِ زاد ٌ يشبعُ

حُـزنـي لبُعدُك كالممات ِ لطامع ***حُـزنـي عظيم ٌ أي َّ حزن ٍ, أجرعُ

الـحـزنُ عطف ٌ والدموعُ شوافي ***والـحـزنُ لـبـس ٌ والبكاءُ يُنزّع

يـا عـيـنُ أبكي يا مدامعُ أهدري***حُـزنـا ً لـفـقدك ِ لا لعين ٍ, تهجعُ


أضف تعليق