فجرٌ بَدَا.. وهِلالُ عامٍ, غَابَا * * * وكأنَّ قلبي لابثٌ أحقابَا
تتوَاردُ النُذُر الفِصَاحُ بأعيني * * * واللهُ يُحصي مَا عليَّ كتابا
وأتيهُ في دُنيا السَّرابِ وكلمَا * * * أغلقتُ بابا أشرعت أبوابا
أنّى تنالُ النفسُ منها رغبة ً * * * إلاَّ وتنشدُ رغبة ً ورِغابا
لا يرتوي العَطشانُ من رشافاتِها * * * ومعَ لذاذتِها سَرَت أوصَابا
دعني أبوحُ بمَا يمزّقُني، فقد * * * تـُسلي الشكاة ُ فؤادي الوَثـّابا
أستغفرُ الله العظيمَ بحكمه * * * أجرى الأمورَ.. وسبّبَ الأسبابا
لولا عُرى الإيمانُ تعقدُ مُهجتي * * * لوأدتُ قلبي.. أو قصدتُ يَبَابا
لولا عُرى الإيمانِ تبعثُ عزمتي * * * لتصوغ َ منها مجدَنا الخلاّبا
لولا عُرى الإيمان لم ترَ بسمة ً * * * أو تسق ِ غرسا.. أو تذق أعنابا..
هذي السنونُ تصرّمت أيامُها * * * فمضت.. ولم نملك لهنَّ إيابا
كم من حبيبٍ, غيّبته.. وكم منىً * * * تُقنا لها دهرا.. فكـُنَّ سرابا
ولكم تجندلَ ماجدٌ عن عرشِهِ * * * فحثت عليهِ جنادلا وترابا
وهنا المُعافى.. آمنٌ في سربِهِ * * * أضحى يكابدُ غربة ً وعذابا
وهنا عروسٌ سُجّيت في عُرسِها * * * في حينِ كان السَّعدُ منها قابا
وهناك زلزالٌ أناخَ فلم يدع * * * لحما ولا عظما ولا أعصابا
وهناكَ موجٌ هادرٌ غمرَ الرٌّبا.. * * * واللاعبين.. وغيّبَ الألعابا
فإذا المدائنُ صرن قاعا صفصفا * * * والصمتُ ينعى حُسنها الخلاّبا
وهنا الصحارى المقفراتُ شواهقٌ * * * طُلنَ السحاب.. وكنَّ قبلُ يبابا
والحرٌّ أضحى العبدَ في أوطانِهِ * * * وبيوتُ إخواني غدونّ خرابا
والطفلُ زادُ الطيرِ من أشلائهِ * * * والأمٌّ يُبقرُ بطُنها إرهابا
وإذا الحليمُ من البليّةِ حائرٌ * * * يدعو.. ويمسحُ دمعه المنسابا:
يا ليت أمي لم تلدنِ.. وليتني * * * يا ربُ قبل اليوم- كنتُ ترابا
وهنا العميلُ المستكنٌّ بحقدِهِ * * * لبسَ العمامةَ واعتلى المحرابا
أذكارُهُ لعــنٌ.. وطعــنٌ وعظُهُ * * * وإذا تنفـّــلَ يمّمَّ الســــردابا..
خانَ المكارم.. واستباحَ جوارَهُ * * * وقلى الصِحابَ.. وقبّلَّ الأغرابا
والقدسُ ثكلى.. والعراقُ أسيرةٌ * * * والخطبُ في الصومالِ عزَّ مصابا
وانظر فلولَ الغرب أضحت أمّة ً * * * والحزبُ أضحى عندنا أحزابا
وهناك سمسارُ الرذيلة ما خلا * * * يئدُ الحياءَ.. ويطعنُ الآدابا
في كفّه قمرٌ كسيفٌ أسحمٌ * * * أغوى شيوخا.. واستجالَ شبابا
والمسلمُ الغربيٌّ في عزماتِهِ * * * نصرَ النبيّ ومجّدَ الأصحابا
وابنُ العروبةِ سادرٌ في غيّهِ * * * والكهلُ في لجج الهوى يتصابى!!
واسترجلت بنتُ الخدورِ فمزّقّت * * * حُللَ الحياء ِ.. تعففا وحجابا!!
واستأنثَ الشبّانُ فارمُقهم بدوا * * * -أو قل بدينَ كواعبا أترابا!!
وهنا صريعُ الاكتتابِ وقد هوى * * * والسهمُ أنفذ َ.. قشرة ً.. ولُبابا
كانت لهم خضراءَ باردة الصَبَا * * * فإذا بها نارا لهـــم وعــــذابا
فافهم دروسَ الدهرِ في دورانِهِ * * * فالدهرُ أبلغُ حجّة ً وخطابا
واعمل لمثواك القريب فربما * * * وقفَ المفوّهُ لا يحيرُ جوابا
يا أمتي: هذا مقامُك فانهضي * * * فالحكمُ حكمكِ سنّة ً وكتابا
ترنو لكِ الدنيا فقودي خطوها * * * واشفي السقيمَ وبصّري المرتابا
آن الأوانُ لأمة الإسلامِ أن * * * تبني الحياة هداية ً ومتابا
يا فجرَ أمتِنا تجلّ على المدى * * * واكسُ الزمانَ تفاؤلا وشبابا
شقّ الســوادَ فللمخاضِ تألـٌّم ٌ * * * والصبحُ من كنف الظلامِ انسابا
آمنتُ أنّ اللهَ منجـــزُ وعــدِهُ * * * والمرجفون رجاؤهم قد خابا....