شكوى بين عامين

4k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

فجرٌ بَدَا.. وهِلالُ عامٍ, غَابَا * * * وكأنَّ قلبي لابثٌ أحقابَا

تتوَاردُ النُذُر الفِصَاحُ بأعيني * * * واللهُ يُحصي مَا عليَّ كتابا

وأتيهُ في دُنيا السَّرابِ وكلمَا * * * أغلقتُ بابا أشرعت أبوابا

أنّى تنالُ النفسُ منها رغبة ً * * * إلاَّ وتنشدُ رغبة ً ورِغابا

لا يرتوي العَطشانُ من رشافاتِها * * * ومعَ لذاذتِها سَرَت أوصَابا

دعني أبوحُ بمَا يمزّقُني، فقد * * * تـُسلي الشكاة ُ فؤادي الوَثـّابا

أستغفرُ الله العظيمَ بحكمه * * * أجرى الأمورَ.. وسبّبَ الأسبابا

لولا عُرى الإيمانُ تعقدُ مُهجتي * * * لوأدتُ قلبي.. أو قصدتُ يَبَابا

لولا عُرى الإيمانِ تبعثُ عزمتي * * * لتصوغ َ منها مجدَنا الخلاّبا

لولا عُرى الإيمان لم ترَ بسمة ً * * * أو تسق ِ غرسا.. أو تذق أعنابا..

هذي السنونُ تصرّمت أيامُها * * * فمضت.. ولم نملك لهنَّ إيابا

كم من حبيبٍ, غيّبته.. وكم منىً * * * تُقنا لها دهرا.. فكـُنَّ سرابا

ولكم تجندلَ ماجدٌ عن عرشِهِ * * * فحثت عليهِ جنادلا وترابا

وهنا المُعافى.. آمنٌ في سربِهِ * * * أضحى يكابدُ غربة ً وعذابا

وهنا عروسٌ سُجّيت في عُرسِها * * * في حينِ كان السَّعدُ منها قابا

وهناك زلزالٌ أناخَ فلم يدع * * * لحما ولا عظما ولا أعصابا

وهناكَ موجٌ هادرٌ غمرَ الرٌّبا.. * * * واللاعبين.. وغيّبَ الألعابا

فإذا المدائنُ صرن قاعا صفصفا * * * والصمتُ ينعى حُسنها الخلاّبا

وهنا الصحارى المقفراتُ شواهقٌ * * * طُلنَ السحاب.. وكنَّ قبلُ يبابا

والحرٌّ أضحى العبدَ في أوطانِهِ * * * وبيوتُ إخواني غدونّ خرابا

والطفلُ زادُ الطيرِ من أشلائهِ * * * والأمٌّ يُبقرُ بطُنها إرهابا

وإذا الحليمُ من البليّةِ حائرٌ * * * يدعو.. ويمسحُ دمعه المنسابا:

يا ليت أمي لم تلدنِ.. وليتني * * * يا ربُ قبل اليوم- كنتُ ترابا

وهنا العميلُ المستكنٌّ بحقدِهِ * * * لبسَ العمامةَ واعتلى المحرابا

أذكارُهُ لعــنٌ.. وطعــنٌ وعظُهُ * * * وإذا تنفـّــلَ يمّمَّ الســــردابا..

خانَ المكارم.. واستباحَ جوارَهُ * * * وقلى الصِحابَ.. وقبّلَّ الأغرابا

والقدسُ ثكلى.. والعراقُ أسيرةٌ * * * والخطبُ في الصومالِ عزَّ مصابا

وانظر فلولَ الغرب أضحت أمّة ً * * * والحزبُ أضحى عندنا أحزابا

وهناك سمسارُ الرذيلة ما خلا * * * يئدُ الحياءَ.. ويطعنُ الآدابا

في كفّه قمرٌ كسيفٌ أسحمٌ * * * أغوى شيوخا.. واستجالَ شبابا

والمسلمُ الغربيٌّ في عزماتِهِ * * * نصرَ النبيّ ومجّدَ الأصحابا

وابنُ العروبةِ سادرٌ في غيّهِ * * * والكهلُ في لجج الهوى يتصابى!!

واسترجلت بنتُ الخدورِ فمزّقّت * * * حُللَ الحياء ِ.. تعففا وحجابا!!

واستأنثَ الشبّانُ فارمُقهم بدوا * * * -أو قل بدينَ كواعبا أترابا!!

وهنا صريعُ الاكتتابِ وقد هوى * * * والسهمُ أنفذ َ.. قشرة ً.. ولُبابا

كانت لهم خضراءَ باردة الصَبَا * * * فإذا بها نارا لهـــم وعــــذابا

فافهم دروسَ الدهرِ في دورانِهِ * * * فالدهرُ أبلغُ حجّة ً وخطابا

واعمل لمثواك القريب فربما * * * وقفَ المفوّهُ لا يحيرُ جوابا

يا أمتي: هذا مقامُك فانهضي * * * فالحكمُ حكمكِ سنّة ً وكتابا

ترنو لكِ الدنيا فقودي خطوها * * * واشفي السقيمَ وبصّري المرتابا

آن الأوانُ لأمة الإسلامِ أن * * * تبني الحياة هداية ً ومتابا

يا فجرَ أمتِنا تجلّ على المدى * * * واكسُ الزمانَ تفاؤلا وشبابا

شقّ الســوادَ فللمخاضِ تألـٌّم ٌ * * * والصبحُ من كنف الظلامِ انسابا

آمنتُ أنّ اللهَ منجـــزُ وعــدِهُ * * * والمرجفون رجاؤهم قد خابا....


أضف تعليق