بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي الأفاضل:
مقدمي ومذيعي القنوات الإسلامية وفقهم الله لكل خير.
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد.
فتعلمون وفقكم الله ما للإعلام من التأثير الكبير على الجماهير المتابعة، إما سلباً وهو الأغلب أو إيجاباً وهو الأقل والأندر.
وقد دخلت الوسائل الإعلامية بأنواعها جُلّ البيوت، وتباينت الدوافع والأسباب لدى الناس لإدخال تلك الوسائل ومتابعتها.
ولا ريب أنّ الأكثرين أدخلوها بدافع الترفيه ومسايرة المجتمع، ومعلوم أن من تولى زمام الإعلام في معظم ديار المسلمين، وبكافة أنواعه المرئي والمسموع والمقروء هم العلمانيون وإضرابهم.
مما لا يُشك في سوء نواياهم ودوافعهم، ولذا غاب في الجملة الإعلام الإسلامي الهادف، إلا من وسائل تُعدّ بدائية مقارنه بغيرها، كالشريط، والكتيب، والمطوية.
ونتج عن ذلك عزوف الكثير من الملتزمين عن اقتناء أو متابعة وسائل الإعلام عموما والمرئية والمسموعة منه على وجهِ الخصوص.
إلا أنَّ الثورة الإعلامية المعاصرة، وما نجم عنها من ظهور وسائل إعلامية أشد تأثيراً، وأسرع انتشاراً، وأكثر جمهوراً، كالقنوات الفضائية، والشبكة العنكبوتية، أتاح فرصةً ذهبيةً لكل أحد.
أنّى كان مذهبه أو فكره لبث ما يشاء على مستوى عالمي، متى امتلك القدرات المالية الكافية، والإمكانات الإدارية المناسبة، وتربعت القنوات الفضائية على عرش التأثير الإعلامي العالمي، لجمعها بين الصوت والصورة، والتنويع والإغراء، والتجديد والتشويق!
لذا ظفرت القنوات الفضائية بشريحة من الجماهير، وحظيت منهم بحصة الأسد، فقد وقع الأكثرون أسرى لما تبثه الفضائيات، وسقطوا صرعى لسحرها وجاذبيتها!!
ووجد أنصار الحق أنفسهم أمام تحد عظيم، حيث يحملون ديناً عظيماً ودعوة صحيحة، ومبادئ سامية، ومُثلاً عالية، لكنهم لا يمتلكون عشر ما لدى أعدائهم من القنوات المؤثرة!
وظلّ إيجاد قناة إسلامية فعالة ومؤثرة حلماً يراود الإعلاميين الإسلاميين، ويدغدغ عواطف كثير من الخيرين، حتى أطلت علينا بعض القنوات الفضائية الإسلامية، بعد دعاية عارمة، تبشر بولادة مشروع إعلامي هادف، يحقق هدفين رئيسين.
1- دعوة وتعليم شرعيين.
2- وترويح وترفيه بريئين.
وتهافت الخيرون على اقتناء تلك القنوات، وملأ فراغ بيوتهم، وإشباع فضولهم وحاجة أبنائهم إلى البديل الإسلامي، عوضاً عن عبث الفضائيات والقنوات!!
ولكن للأسف الشديد، فقد لُحظ مسارعة بعض المذيعين هداهم الله، وأوكد بعض المذيعين والضيوف إلى الظهور على القنوات، بأوضاعٍ, مبالغ فيها من التزين والتجمل والإسراف في الحركات المثيرة للفتنة، واللافتة للانتباه، والخارمة بل الخارقة، بل الحارقة للمروءة.
وإن الناظر إلى بعض حركات، وضحكات، ومراوغات البعض، ليصاب بالأسى لوصول الحال إلى هذا المستوى من المجاهرة بالإسفاف!
والكلٌّ يعلم ما في البيوت من النساء والذرية، والمراهقين، وكلٌّ منهم عرضة للافتتان والاستجابة الغريزية!
ومن الأمثلة: ذلك الاتصال من إحدى المشاهدات المراهقات، في برنامج أول أثنين، عند ما أجهشت بكاءً على مذيع انتهت دورته في التقديم ورحل!!
إن من المحزن والله، أن ينساق بعض مذيعي ومقدمي البرامج والفقرات الإعلامية، وراء أهواء أنفسهم، ويستغلون وجودهم على تلك المنابر في تحقيق أغراضٍ, مشبوهة، وبذل الجهود الحثيثة لكسب ودّ الفتيات، من خلال حركات متماوتة، وانفعالات مصطنعة، مع حرصٍ, شديد على التزين المبالغ فيه، وترقيق الأصوات، ورسم الابتسامات العريضة، بل والضحكات المريبة!!
وأسوأ ممّا سبق بكثير، أنّ كلّ هذا الإسفاف يُمررُ ويُقدم باسم الدين، والدعوة، والتوجيه، فإنّا لله وإنا إليه راجعون!!
فاتقوا الله أيها المذيعون، ولا تغرنكم الحياة الدنيا، ولا يغرنكم حلاوة الشهرة، ولذة الظهور الإعلامي، والتصدر(القنواتي)، فعمّا قليل أنتم راحلون، وبين يدي الله موقوفون، وعلى أعمالكم مجزيون.
واعتبروا بأسلافكم من المشاهير، من مذيعين وإعلاميين، وكيف كانوا؟ وأين صاروا؟!
وثقوا بأنّ الفتاة التي تمد نظرها إليكم، معجبة بشخصكم، أو صورتكم، أو صوتكم ستمدٌّ كلتى عينيها إلى غيركم، فاربعوا على أنفسكم!!
وأيقنوا كذلك أنّ الفتاة التي تُفتتن بسببكم، ستحملون وزرها ووزر من انحرف بسببها، فراجعوا أنفسكم!
واعلموا أنكم بتماديكم في تلك التصرفات المريبة، التي فاحت رائحتها، ولاكتها الألسن في المجالس، هي سنة سيئة ابتدعتموها، لم يسبقكم إليها أحد، فأنتم الرعيل الأول، الذي تولى دفة جيل الفضائيات (الإسلامية!!).
وبذا تحملون وزر أعمالكم، ووزر من عمل بأعمالكم إلى يوم القيامة، فاتقوا الله وراجعوا حساباتكم، فإن لم تتقوا الله، ولم توقروه، فاستحيوا من نظرة الناس إليكم، وازدرائهم لكم.
وأرجو ألا يقولن أحدٌ، قد قَسَت عبارتك، وشطح قلمك، وأسأت الظن، وأسرفت في توجيه أصابع التهمة، فكل ذلك ورع بارد، وسذاجة مرفوضة،
فالمسطور ما سُطِّر، والمرقوم ما رقم، إلا بعد أن طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، ولم يجد نصح بالسِرّ، ولا وعظ بالخفاء!.
وفي مواعظ الأسلاف، وحزم الأوائل، ما يبرر لنا مسعانا هذا.
والله المستعان.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد