الميلاد

4.3k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

طلبت الردى حتى تهيَّبك الردى*** وفي موتك المشهود عشتُ مخلَّدا

فأكرم بموتٍ, قبَّل المجدُ رأسَهُ*** وبين يديه الحقٌّ والبرٌّ والندى

وروحك أحيت في فدائك أمةً*** وبعضُ حياة الأمة الموت والفدى

حزمت عليك الناسفات فبُشِّرت *** بك الحور واخترتَ الشهادةَ موعدا

إهابك ضمّ البرق والرعدَ قاصفاً *** وثورةَ بركانٍ, أضاء وأرعدا

فأصبحتَ زلزالاً يدكّ حصونهم *** ونارَ شهابٍ, للشياطين أُرصدا

وكنتَ سعيراً لليهود تعجلت *** وبرداً على قلب الملبين أحمدا

فما زلتَ صوتَ الحقِّ في مسمع الدٌّنى *** يردده والآخرون هم الصدى

وقال لنا قوم قد انتحر الفتى *** وربّ ضلالٍ, يَلبَسُ العلمَ والهدى

وفي مذهب العميان ينتحر الضيا *** ويكره نورَ الشمس من كان أرمدا

وكم من نصيح قد يضرك نصحه *** وإن صديق الجهل أنكى من العدا

وكم بيننا من لا يرى غير أنفه *** يقول أرى ما لا ترون من المدى

وكم قائل قد كان يُحسنُ صمته *** وكم من إمامٍ, كان خيراً لو اقتدى

وكم بيننا من خائنٍ, ومُخذِّل *** يريشُ لنا فهم الخنوع مُسدداً

فإن هبَّ بعض المجرمين لذبحنا *** يجد في حمانا من يسنٌّ له المدى

*****

فلسطينُ يا أسطورة المجد والعُلا *** بنوكِ لهم تهوي المفاخرُ سُجَّدا

ترابك تسقيه الدماء طهورة *** ليثبت أمجاداً ويزهو سؤددا

فبوركت يا شعب البطولة قد رنت *** بأبصارها الدنيا إليك لتشهدا

وطأطأت الشمَّ الرواسي رؤوسَها *** أمامك إجلالاً وإن كُنَّ جلمدا

تصبٌّ عليك القاذفات سعيرها *** فيُطفئها بحر البطولة مُزبدا

فدى لك من باعوا البلاد بسلمهم *** وكل ذليل بالخضوع تبلَّدا

دماؤك من قلبي تسيل وفي الحشا *** لظى غضبٍ, بين الضلوعِ توقدا

أغالب دمع القهر أن يذبحوا أخي *** ولا أستطيع أن أمدَّ له يدا

فيا بطلاً أحني أمامك هامتي *** شهيداً زرعت المكرمات لتحصدا

وأبكيك دمعاً فيه ذوَّبت مهجتي *** وأفديك بالأنفاس لو كنت تفتدي

ولكن صوتاً منك يهتف بي أَفِق *** ولا تبكني فالحقٌّ فيَّ تجسدا

تحررتُ من أُسر المهانة ثأثراً *** وأنت بها مازلت دوني مقيدا

أعلمكم أن الحياة كرامة *** وما متٌّ كالأبطال إلا لأولدا

لئن قتلوني سوف يرعبهم دمي *** ويرسم فوق الأرض سيفاً مجردا

وإن يدفنوني يزرعوا الحقد في الثرى *** فما ضمّني إلا ليلفظهم غدا

وإن يهدموا جدران بيتي فإنني *** بنيتُ من الأمجاد صرحاً ممردا

فلن يستطيع البغيُ كسر إرادتي *** وإن صال حيناً فوق أرضي وعربدا

يظنون موتي غير أنِّي راجعٌ *** بسيفي ينضوه حفيدي مجدَّدا


أضف تعليق