أنا بينكم شعبٌ دمي مطولُ *** أُصغي وألسنةُ الرَّصاص تقولُ
أنا بينكم، أصلى بنار قذائفٍ, *** وتُصاغ قصّةُ حسرتي، وتطولُ
أنا بينكم، شعبٌ يُقسَّمُ جهرةً *** والشمس في كبد السماءِ تجولُ
شعبٌ يُغذَّى بالأسى أطفالُه *** ويُشرَّدون وللنساءِ عَويلُ
أنا بينكم يا مسلمون سعادتي *** نُقِضَت، وحَبلُ تعاستي مفتولُ
هذي الجراح، أما تحرَّك ساكناً *** فيكم، أما للغافلين عقولُ؟
ما زلتُ أحزم للجهاد حقائبي *** لكنني عن ساحتي معزولُ
أوَ ما ترون القومَ يدفع بعضُهم *** بعضاً إلَّي، فقاتلٌ وقتيلُ؟
خانوا صلاح الدين في أحفاده *** فأعزٌّهم للغاصبين عميلُ
أوَّاه لو أبصرتم الطفل الذي *** أمسى، وهيكلُ عظمه مشلولُ
أوَّاه لو أبصرتم الأمَّ التي *** ماتت، ولا كفنٌ ولا تغسيلُ
هذا فتىً بالأمس هاجر خائفا *** مترقّباً، والاسمُ إِسماعيلُ
من أسرةٍ, معروفة بصلاحها *** ما شابها زيف ولا تضليلُ
خرجوا من البيت القديم، أمامهم *** دربٌ من القصف العنيف طويلُ
رحلوا من البيتِ المهدَّم خمسةً *** والجوع قاسٍ,، والطعام قليلُ
وصلوا إلى (زاخو) بغير أبٍ, ولا *** أمٍّ, فلم يَشف القلوبَ وصولُ
وصلوا وقد نقصوا وشُتِّت شملُهم *** وأصابهم بعد الصعود نزولُ
وصلوا إلى (زاو) فما وجدوا سوى *** كفَّ الصليب، غذاؤُها مبذولُ
وصلوا وأعينهم سؤال دامغٌ *** لو كان يدرك ما جرى المسؤولُ
أين الأحبة، يا صخورُ تحدثي *** هل من أخٍ, يمحو الأسى ويُزيل؟ !
أين الأحبَّة، واستجاب منصَّرٌ *** لندائنا، في كفِّه الانجيلُ!
(هابيلُ) يرسم لوحةً من جرحه *** فمتى ينال جزاءه (قابيلُ)؟ !
يا قومنا، إنَّا نرى جزَّارَنا *** وعليه من إِغضائكم إكليل
أو سنَّ هذا في الحياةِ (محمَّدٌ) *** أتلاه في قرآننا جبريلُ؟ !
يا إخوةً الإسلام، ساومنا على *** إيماننا مَن قلبُه مغلولُ
عُرضت قضيّتُنا وليس لمتنها *** شرحٌ يفيد، ولا له تذييلُ
يا إِخوةَ الإسلام، هذا ثوبُنا *** بدموعنا ودمائنا مبلولُ
عجباً، أتنتظرون أن تُمحى بكم *** أرضٌ، ويدعو الناسَ إسرافيلُ؟ !
عجباً، أتنتظرون أن يُلغى بكم *** في البحر، تعبثُ بالرؤوس ذيولُ؟ !
عجباً، وينطفئُ السؤال، وينمحي *** أثرُ الجواب، ويخطئُ التعليلُ
لا البدرُ أنشدنا الضياءً، ولا شدت *** فينا النجومُ، ولا استضاء دليلُ
كلاّ ولا روت الشموعُ حكايةً *** من نورها، أو أفصح القنديل
عذراً - أخا الإسلام - صوتك ظاهرُ *** لكنَّ سمع الغافلين ثقيلُ
شغلتهم الأهواء عن أمجادهم *** فالَّشهمُ فيهم خائفٌ مخذولُ
عذراً - أخا الإسلام - إنَّا أمةٌ *** ما زال يقلب رأسها التطبيلُ
أجفانُ أمتنا تُكحَّل بالقذى *** أيراكَ جَفنٌ بالقذى مكحولُ؟ !
أو ما رأيتَ رجالها قد هرولوا *** ووراءهم بالسَّوط (إسرائيل)؟ !
كم أوَّلوا معنى السلام فأشرقت *** شمسُ الضحى فتهافت التأويلُ
يا مَن صلاحُ الدين منكم، لم أزل *** أرنو إليه، وسيفُه مسلُولُ
كسر الصليبَ وحرَّر الأقصى، فما *** عاش الصليبُ ولا استقرَّ دخيلُ
ما زلتُ أبصره يناجي ربَّه *** والنجمُ غافٍ,، والهلالُ كليلُ
يدعو وقائمُ سيفه مُعشَعوشبٌ *** بالمكرماتِ، وحدٌّه مصقولُ
يدعو فتنتعشُ الدروب وينتشي *** (قدسٌ) ويفرح باللقاءِ (خليلُ)
يدعو فيُفتَح كلٌّ بابٍ, مقفلٍ, *** ويصُكٌّ سمعَ الغافلين صهيلُ
ما زلتُ أبصره، وأبصر أمتي *** في عصرنا، وإزارُها محلولُ
فأكاد أخرج من ثياب عزيمتي *** وينالني بعد الثبات نُكولُ
عذراً - أخا الإسلام - إنَّ مشاعري *** نَهرٌ، خريرُ مياهه تبجيلُ
كم من أخٍ, قتلوه ظلماً بينكم *** فكأّنما أنا، لا هو المقتولُ
هذا دليل أخوَّةٍ, في الله لا *** يخفى ولا يتغيرُ المدلولُ
صبراً - أخا الإسلام - إنَّ نهارنا *** آتٍ, يصول بنوره ويجولُ
طرقُ السياسة يا أخي معوَجةٌ *** كم ضاع فيها سائسٌ ودليلُ
الله مولانا ومولاكم وفي *** كَنَفِ المهيمن نصرُنا المأمولُ