صرخة من أحفاد صلاح الدين

4.8k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

أنا بينكم شعبٌ دمي مطولُ *** أُصغي وألسنةُ الرَّصاص تقولُ

أنا بينكم، أصلى بنار قذائفٍ, *** وتُصاغ قصّةُ حسرتي، وتطولُ

أنا بينكم، شعبٌ يُقسَّمُ جهرةً *** والشمس في كبد السماءِ تجولُ

شعبٌ يُغذَّى بالأسى أطفالُه *** ويُشرَّدون وللنساءِ عَويلُ

أنا بينكم يا مسلمون سعادتي *** نُقِضَت، وحَبلُ تعاستي مفتولُ

هذي الجراح، أما تحرَّك ساكناً *** فيكم، أما للغافلين عقولُ؟

ما زلتُ أحزم للجهاد حقائبي *** لكنني عن ساحتي معزولُ

أوَ ما ترون القومَ يدفع بعضُهم *** بعضاً إلَّي، فقاتلٌ وقتيلُ؟

خانوا صلاح الدين في أحفاده *** فأعزٌّهم للغاصبين عميلُ

أوَّاه لو أبصرتم الطفل الذي *** أمسى، وهيكلُ عظمه مشلولُ

أوَّاه لو أبصرتم الأمَّ التي *** ماتت، ولا كفنٌ ولا تغسيلُ

هذا فتىً بالأمس هاجر خائفا *** مترقّباً، والاسمُ إِسماعيلُ

من أسرةٍ, معروفة بصلاحها *** ما شابها زيف ولا تضليلُ

خرجوا من البيت القديم، أمامهم *** دربٌ من القصف العنيف طويلُ

رحلوا من البيتِ المهدَّم خمسةً *** والجوع قاسٍ,، والطعام قليلُ

وصلوا إلى (زاخو) بغير أبٍ, ولا *** أمٍّ, فلم يَشف القلوبَ وصولُ

وصلوا وقد نقصوا وشُتِّت شملُهم *** وأصابهم بعد الصعود نزولُ

وصلوا إلى (زاو) فما وجدوا سوى *** كفَّ الصليب، غذاؤُها مبذولُ

وصلوا وأعينهم سؤال دامغٌ *** لو كان يدرك ما جرى المسؤولُ

أين الأحبة، يا صخورُ تحدثي *** هل من أخٍ, يمحو الأسى ويُزيل؟ !

أين الأحبَّة، واستجاب منصَّرٌ *** لندائنا، في كفِّه الانجيلُ!

(هابيلُ) يرسم لوحةً من جرحه *** فمتى ينال جزاءه (قابيلُ)؟ !

يا قومنا، إنَّا نرى جزَّارَنا *** وعليه من إِغضائكم إكليل

أو سنَّ هذا في الحياةِ (محمَّدٌ) *** أتلاه في قرآننا جبريلُ؟ !

يا إخوةً الإسلام، ساومنا على *** إيماننا مَن قلبُه مغلولُ

عُرضت قضيّتُنا وليس لمتنها *** شرحٌ يفيد، ولا له تذييلُ

يا إِخوةَ الإسلام، هذا ثوبُنا *** بدموعنا ودمائنا مبلولُ

عجباً، أتنتظرون أن تُمحى بكم *** أرضٌ، ويدعو الناسَ إسرافيلُ؟ !

عجباً، أتنتظرون أن يُلغى بكم *** في البحر، تعبثُ بالرؤوس ذيولُ؟ !

عجباً، وينطفئُ السؤال، وينمحي *** أثرُ الجواب، ويخطئُ التعليلُ

لا البدرُ أنشدنا الضياءً، ولا شدت *** فينا النجومُ، ولا استضاء دليلُ

كلاّ ولا روت الشموعُ حكايةً *** من نورها، أو أفصح القنديل

عذراً - أخا الإسلام - صوتك ظاهرُ *** لكنَّ سمع الغافلين ثقيلُ

شغلتهم الأهواء عن أمجادهم *** فالَّشهمُ فيهم خائفٌ مخذولُ

عذراً - أخا الإسلام - إنَّا أمةٌ *** ما زال يقلب رأسها التطبيلُ

أجفانُ أمتنا تُكحَّل بالقذى *** أيراكَ جَفنٌ بالقذى مكحولُ؟ !

أو ما رأيتَ رجالها قد هرولوا *** ووراءهم بالسَّوط (إسرائيل)؟ !

كم أوَّلوا معنى السلام فأشرقت *** شمسُ الضحى فتهافت التأويلُ

يا مَن صلاحُ الدين منكم، لم أزل *** أرنو إليه، وسيفُه مسلُولُ

كسر الصليبَ وحرَّر الأقصى، فما *** عاش الصليبُ ولا استقرَّ دخيلُ

ما زلتُ أبصره يناجي ربَّه *** والنجمُ غافٍ,، والهلالُ كليلُ

يدعو وقائمُ سيفه مُعشَعوشبٌ *** بالمكرماتِ، وحدٌّه مصقولُ

يدعو فتنتعشُ الدروب وينتشي *** (قدسٌ) ويفرح باللقاءِ (خليلُ)

يدعو فيُفتَح كلٌّ بابٍ, مقفلٍ, *** ويصُكٌّ سمعَ الغافلين صهيلُ

ما زلتُ أبصره، وأبصر أمتي *** في عصرنا، وإزارُها محلولُ

فأكاد أخرج من ثياب عزيمتي *** وينالني بعد الثبات نُكولُ

عذراً - أخا الإسلام - إنَّ مشاعري *** نَهرٌ، خريرُ مياهه تبجيلُ

كم من أخٍ, قتلوه ظلماً بينكم *** فكأّنما أنا، لا هو المقتولُ

هذا دليل أخوَّةٍ, في الله لا *** يخفى ولا يتغيرُ المدلولُ

صبراً - أخا الإسلام - إنَّ نهارنا *** آتٍ, يصول بنوره ويجولُ

طرقُ السياسة يا أخي معوَجةٌ *** كم ضاع فيها سائسٌ ودليلُ

الله مولانا ومولاكم وفي *** كَنَفِ المهيمن نصرُنا المأمولُ


أضف تعليق