(إلا محمداً) استثناء ليس على إطلاقه.. ! بل هو استثناء مقيد بالمفهوم من واقع الحال، والمستثنى منه هو: الخسائر المادية والبشرية التي تعرّض لها المسلمون على يد الدول الاستعمارية وصنيعتهم إسرائيل.
أتـعـجـبُ أنَّ الليثَ أرغى وأزبدا * * * وأبـرقَ زلـزالُ الـجـهادِ وأرعدا؟
وثـارت جموعُ الصابرين على الأذى * * * عـقـوداً.. وحـلـمُ المسلمينَ تَبدَّدا؟
غـدا الـحلمُ يُغري المعتدين، فأوغلوا * * * بـإيـذائـنـا مـن أجـل أن نتعودَا
ومـن ألـفَ الإطـراقَ لـلـذلِّ علَّهُ* * * يـزولُ بـعـفوٍ, من ظلومٍ, مع المدى
فـقـد عـاشَ فـي الدنيا ذليلاً مخلداً* * * ويـحـيـا مـع الأخرى ذليلاً مخلدا
فـمـزّق لـجـامَ الحلمِ في غيرِ أهلهِ* * * فـهـم يـفـهمونَ الحلمَ عجزاً مؤكّدا
يـقـولـون لـي: حرية فاقبلوا بها! * * * ألا بـئـسـمـا حـرية تشتم الهدى!
ومـا مـنـحَ الإنـسانُ حريةً سوى* * * إذا قـاربَ الـخـطوَ الرشيدَ وسدّدا
فـيـا أمـةَ الإسـلامِ قـولي لنائمٍ, * * * ألا امـسـح عن العينينِ نوماً وإثمدا
ألا انـهـض فـإنَّ العارَ كفَّنَ غافلاً * * * تـجـاهـل وغـداً قد تجبّر واعتدى
لـقـد أسرفوا ظلماً.. فما عذرُ قومنا * * * وقـد أسـرفوا بالصبر حتى تجمّدا؟
ألـم يـبدؤوا استعمارنا دونَ رحمةٍ,؟ * * * ألـم يـزعـمـوا فضلاً لهم متجددا؟
مـلأتـم خـيالَ الشعبِ ذكرى قبيحة * * * وصـيّـرتـم وجـهَ الحضارةِ أسودا
أسـرتـم، ضـربتم، أو قتلتم وطالما * * * تـطـاولَ عـلـجٌ في حمانا وعربدا
سـرقـتـم، نهبتم، بل جحدتم حقوقنا * * * إلـى أن غـدا الـفقرُ الخدينَ المُنَكَّدا
غـرزتم قذى صهيون في عينِ أمتي * * * فـأضـحـى منارُ العين أجهرَ أرمدا
حصدتم جمالَ الروضِ بغياً، فلا ترى* * * زهوراً وورداً بل عِضاها وغرقدا(1)
وجـئـتم بغاةَ العصر- بالإفك علّهُ * * * يـزِّيـنُ لـلأغـرار قـبحاً مجسّدا
وألـبـسـتـم الـعدوان ثوباً مزيفاً * * * وسـمـيـتـم الإجـرامَ نهجاً مسدّدا
وآخـرُ عـدوانٍ, شـتـمـتم محمدا * * * خـسـئـتم.. يهونُ الكلّ إلا محمدا!
هـنا ينهض الصمصام عصفاً مزلزلاً * * * وتـحـلـو لـصـنديدٍ, معانقةُ الردى
هـنـا يُحضر الأحفادُ ذكرى جدودهم * * * ويـصـيحُ شبلُ اليومِ كالليثِ أصيدا
فـلا ينحني.. هيهاتَ! ليثٌ وينحني؟! * * * ولا يـنـثـنـي! هيهاتَ أن يترددا!
لـديـكـم طـعـامٌ فاحفظوه.. فعندنا * * * إبـاءٌ يـغـذيـنـا، ويغني عن العِدا
فـإنا بني الصحراءِ- يُسكرنا الظما * * * ويُـتـخـمـنا الجوعُ المعطّرُ بالفِدى
ويـحلو لنا الصبرُ المريرُ.. ومن دعا * * * لـنـقـتـاتَ (حلواكم) فدعوتُهُ سُدى
فـلا تـرجـمـوا باللومِ إلا سفيهكم * * * ولا تـقـذفـوا بـالـجهلِ إلا مؤيدا
ومـن يـجحد الأفضال يحصد مرارة * * * ومـن يـشتم الأشرافَ يَخنُس مهددا
ألا سـائـلِ الـتاريخ يا جاحدَ الندى * * * إذا أنـت لم تنصت سيصفعكَ الصدى
طـلـعـنا على الدنيا شموسَ هجدايةٍ, * * * أضـاءت لـكـل الـناس درباً مُلبّدا
نـشـرنـا لـواء العدلِ فانتعشت به * * * شـعـوبٌ ظـمـاء لـلعدالةِ والهدى
فـكـم سَـعِـدوا لـمّا أحبوا محمدا * * * وحُـق لـنـاجٍ, أن يـعـزّ ويَـسعدا
وقـد نـهـلـوا ماءَ الحضارةِ صافياً * * * فـلا ظلمَ.. لا استعمارَ أضنى وأفسدا
عـرضـنـا بلا إكراهَ- دينَ محمدٍ, * * * فـلـبّـوا نـداءَ الحقِّ شيخاً وأمردا
وغـشّـى عـلـى الدنيا سلامٌ وعفّةٌ * * * سـلامٌ حـقـيـقـيٌ وليسَ (مقلّدا)!
خـسـئتم وربِّ البيتِ- هذا حبيبُنا * * * بـنـا وبـأهـلـيـنا يُصانُ ويُقتدى
* * ** * ** * *
لـئـن صـنعَ (الغربُ) الوسائلَ كلّها * * * ورامَ صُـعـوداً فـي الفضاءِ وأبعدا
فـمـا عـنـده إلا: غـروبٌ وظلمةٌ * * * ومـا يُرتجى الإنصافُ منهُ ولا الندى
وما (الغربُ) إلا الليلُ يبدو..ويختفي! * * * ويُـشـرقُ إسلامي إلى آخر المدى!
--------------------------------------
(1) العِضاه:شجر له شوك، والغرقد: شجر اليهود كما جاء في الحديث الشريف، وله شوك أيضاً.