أيّ ذكـرى تـرف نـورا وطيبا * * * وتـبـثّ الـوجـود سرّا مهيبا
تـصـل الأرض بالسّماء فيغدو * * * فـي اخضرار ما كان قفرا جديبا
أيّ نـعـمى عمّت فكانت سلاما * * * ونـعـيـمـا وجـنـة وطيوبا
أيّ نـور من عالم الغيب يسري * * * فـهـو يهدي الحيران والمحروبا
أيّ نـبـض مـن السّماء تجلّى * * * كـالـيـنـابـيع يسعد المكروبا
أظـمـأتـنا الدّهور حتى تداعي * * * نـا فـكـان الورد المعين القريبا
وإذا مـا ادلـهـمّ خطب اللّيالي * * * كـان نـصـرا وكان فتحا قريبا
هيه طه! يا أكرم الخلق، يا خير * * * الـبـرايـا، يـا ذخرنا المحبوبا
أنـت نـور القلوب يا خير هاد * * * كيف أضحى الظلام يغزو القلوبا؟
نـظـر الـقـلب حوله فإذا النا * * * س حـيـارى يسترشدون المريبا
أيّ جـرح أشـكـو وأيّ دعـاء * * * يـسـكب الشّعر؟ أينا ما أصيبا؟
كـل شبر، يا سيدي، من بلادي * * * نـازف شـاكٍ, جـرحه لو أجيبا
أمـتي ! أمتي! وتنتفض الروح * * * وتـغـدو الـجـراح عينا سكوبا
شـرّدتـنـا الـدّنيا فطبت أنيسا * * * أوسـعـتـنا جرحا فكنت الطبيبا
وسـقـتنا الأيّام من صابها المر * * * فـكـنـت الـمـنّ المملأ طيبا
أمـن الـحـكمة الرّشيدة أن نر * * * كـب هـذا الـتغليس والتغريبا
أمـن الـعـقل أن يصير خليلا * * * لا يـضـاهـى من كان قبل ذيبا
والـشـقيّ الشقيّ من نصب الأو * * * هـام ربًّـا والـكـافـرين رقيبا
يـا مـلـيـكي حقا ومالك أمري * * * يـا مـجير المستضعفين المجيبا
يـا إلـهـي، وللحروب استعار * * * ألهب الكفر فوق أرضي الحروبا
مـا الـذي ينقش اليراع وهاتي * * * ك دمـانـا غدت يراعا صبيبا ؟
يـصـبـح النّاس آمنين ونغدو * * * بـيـنـهـم خـشعا، شبابا وشيبا
هـتـكـوا عـفّة الصّبايا جهارا * * * واسـتحال المحراب مبغى رهيبا
فـهـو يـشـكو إلى الإله خطايا * * * هـم ويـشـكو خذلاننا المنكوبا
أنّـة تـنـطـق الـجماد وتغدو * * * فـي رعود الأحجار رعدا غريبا
يـا لـقومي وقد تداعوا سكارى * * * لـست تلقى للعرض فيهم غضوبا
كـم دعـيّ يـردي الفضيلة فينا * * * ويـغـنـي الإسلام غضّا رطيبا
ويـرى الـعـهـر زينة وبهاء * * * لـلـحـيـاة الدّنيا..وفنا عجيبا
ويرى الفحش في النوادي انطلاقا * * * والـخـطـايـا تسامحا مطلوبا
ويـرى الـركّـع السجود فيشكو * * * فـي الـبـلاد التطرّف المرهوبا
كـلّـمـا أوغـل الـبغاة بتقتيل * * * الـبـرايـا زدنـاهـم تـرحيبا
أيّ ذنب أخزى من الصمت؟ حين * * * الـصمت يغدو للمعتدين ركوبا ؟
هـيه يا سيد الوجود! لك العت* * * بـى وشوق القلوب يذكي اللهيبا
قـد أتـيـنـا إلى حماك عطاشا * * * فـاسكب النّور واملأ الكون طيبا
وإذا مـا الـطّـغـاة عاثوا فسادا * * * وأذاقـوا الـعـباد سوطا حروبا
لـم يـزل في الرّماد نبض بهي * * * سـوف يـكوي جباههم والجنوبا
وسـيـعـلي البنيان فتيان صدق * * * جـعـلـوا الـنّور غاية ونصيبا