بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فلقد كان نوح - صلى الله عليه وسلم - نذيراً مبيناً بحق، فقد استخدم جميع الوسائل لدعوة قومه إلى الله – تعالى- ، ومكث ألف سنة إلا خمسين عاماً، ومع ذلك كله لم يؤمن معه إلا القليل، وسخر منه قومه واتهموه بالعديد من النهم، ومع ذلك كله فلم يثنه القوم عن مهمته لإنقاذ البشر من العبودية لغير الله - تعالى -، فتعالَ معي أخي القارئ في جولة سريعة مع جوانب من دعوته - صلى الله عليه وسلم -.
أولاً: الإخلاص التام لله –عزوجل-: (يَا قَومِ لا أَسأَلُكُم عَلَيهِ مَالاً إِن أَجرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ) (هود: 29). وهكذا يجب أن يكون الدعاة إلى الله لا يرجون شيئاً من دنيا الناس قلّ أو كثُر، بل يجب أن ينصب همهم على هداية الناس، وأن يخلصوا لله - تعالى -النية.
ثانياً: ربط الناس بالله - تعالى -فقد تكرر لفظ الجلاله\" الله\"، ومثله: \"ربكم\" في مواضع كثيرة من القصة وفيها من التكرار البديع ما يجعل الإنسان مشدوداً إلى محبة الله -جل جلاله-، وتأمل معي ماورد في سورة نوح:
(مَّا لَكُم لَا تَرجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً)، (وللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرضِ نَبَاتاً)، (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ بِسَاطاً)، (فَقُلتُ استَغفِرُوا رَبَّكُم إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً).
إن الداعية إلى الله يجب عليه أن يقوي هذا الجانب في نفسه أولاً من خلال الصلة بالله، ثم عليه بعد ذلك أن يجعل التذكير أمراً حياً في دعوته.
ثالثاً: استخدم - صلى الله عليه وسلم - جميع الوسائل المتاحة له، ونوّع في تلك الوسائل:
- زماناً، ليلاً ونهاراً: (قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوتُ قَومِي لَيلاً وَنَهَاراً) (نوح: 5).
- كيفيةً: سراً وجهاراً: (ثُمَّ إِنِّي دَعَوتُهُم جِهَاراً) (نوح: 8).
- التغيب: (فَقُلتُ استَغفِرُوا رَبَّكُم إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرسِلِ السَّمَاء عَلَيكُم مِّدرَاراً وَيُمدِدكُم بِأَموَالٍ, وَبَنِينَ وَيَجعَل لَّكُم جَنَّاتٍ, وَيَجعَل لَّكُم أَنهَاراً) (نوح: 12).
رابعاً: التذكير بالنعم، فقد ذكر نوح - صلى الله عليه وسلم - لقومه العديد من النعم التي أنعم بها الله عليهم:
- (وَقَد خَلَقَكُم أَطوَاراً) (نوح: 14).
- (أَلَم تَرَوا كَيفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبعَ سَمَاوَاتٍ, طِبَاقاً) (نوح: 15).
- (وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً).
- (وَجَعَلَ الشَّمسَ سِرَاجاً) (نوح: 16).
- (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ بِسَاطاً) (نوح: 19).
- (وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرضِ نَبَاتاً) (نوح: 17).
إن التذكير بالنعم منهج قرآني نبوي يقود المدعو إلى مزيد من التأمل، بل يدعو حقيقة إلى الإيمان وراجع أخي القارئ ما جاء في سورة النحل والتي سماها أهل العلم سورة النعم تجد فيها من النعم ما يدعوك إلى محبة الله - تعالى -الذي أنعم بها وبالتالي طاعته - سبحانه وتعالى -.
خامساً: التجرد من دعاوي الكذب والكشف عن شخصية مجردة من كل زخرف:
- (ولاَّ أَقُولُ لَكُم عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ).
- (وَلا أَعلَمُ الغَيبَ).
- (وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ).
- (لاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزدَرِي أَعيُنُكُم لَن يُؤتِيَهُمُ اللّهُ خَيراً اللّهُ أَعلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِم إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ) (هود: 31).
سادساً: عدم اليأس والبعد عن الهزيمة النفسية، فقد مكث نوح - عليه السلام - ألف سنة إلا خمسين عاماً،: (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ, أَنَّهُ لَن يُؤمِنَ مِن قَومِكَ إِلاَّ مَن قَد آمَنَ فَلاَ تَبتَئِس بِمَا كَانُوا يَفعَلُونَ)(هود: 36)، فالداعية ليس عليه إلا البلاغ، فإذا بلغ فقد حصل له الأجر، سواء استجاب الناس أم لم يستجيبوا، واليأس لا يصنع شيئاً، بل يجعل الداعية يترك العمل.نسأل الله أن ينصر دينه، والحمد لله رب العالمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد