وحدة الصف ..


 

بسم الله الرحمن الرحيم

شهدت الساحة الإسلامية أنماطا من الناس، وأشكالاً من البشر..

إذ ا اختلفت معهم في الرأي تحولوا إلى وحوش كاسرة، يمتلئون بالحقد وحب الانتقام والأخذ بالثأرº فكم من إنسان دفعه خلافه إلى أن يشهّر بمن خالفه، كم من إنسان دفعه حقده إلى أن يتعاون حتى مع الأعداء لينتقم ويشفي غليله من غريمه.

إنها قضية أساسية يجب أن تكون محل الاهتمام الأكبر..

ومناط التفكير الأول على الساحة الإسلامية..

، فأكثر المشكلات والأزمات التي تعاني منها الساحة الإسلامية، ويعاني منها العمل الإسلامي تعود إلى سوء التنظيم، وقلة التخطيط وعشوائية العمل.

 وحين لا يخضع العمل لقواعد وأصول مدروسة، ولا يقوم وفق مخططات ومناهج واضحة، وحين لا يُعرف ما ينبغي عمله اليوم وما يجب تأجيله إلى الغد..

، وحين لا يُفرق بين ما هو مهم وبين ما هو أهم، ولا تُرتب الأعمال وفق  الأولويات..

عندئذٍ, يحدث الخلل وتضطر الدعوة الإسلامية إلى ملء الشواغر والفراغات بأعمال ضعيفة وبأسماء ليست ذات كفاءة.

 إن كل فرد في الحركة الإسلامية يجب أن يشعر أنه مسؤول وأنه عضو ينتج ويتفاعل أيّاً ما كانت مهنته أو مكانته، ويجب أن يشعر بالانصهار مع إخوانه..

وهذا الشعور لا ينشأ من فراغ، وإنما ينشأ من خلال الممارسة التي تؤكد وباستمرار حقيقة هذا التوجه، وهذا التلاحم والترابط.

يقول الأستاذ سيد قطب - رحمه الله تعالى -عند قول الله - تعالى -: (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص) [1]، يقول: هذه الصورة التي يحبها الله للمؤمنين ترسم لهم طبيعة دينهم، وتوضح لهم معالم الطريق، وتكشف لهم عن طبيعة التضامن الوثيق الذي يرسمه التعبير القرآني المبدع (صفاً كأنهم بنيان مرصوص)...

بنيان تتعاون لبناته وتتضامن وتتماسك وتؤدي كل لبنة دورها، وتسد ثغرتها، لأن البنيان كله ينهار إذا تخلت منه لبنة عن مكانها، تقدمت أو تأخرت...

ويستطرد الأستاذ سيد فيقول: » إن طبيعة هذا الدين حين يغلب ويهيمن يهيمن على جماعة، وينشيء مجتمعاً متماسكاً..

متناسقاً، وصورة الفرد المنعزل يعبد وحده، ويجاهد وحده، ويعيش وحده، صورة بعيدة عن طبيعة هذا الدين، وعن مقتضياته في حالة الجهاد، وفي حالة الهيمنة بعد ذلك على الحياة «. [2] وانطلاقا من هذا المبدأ..

وحرصاً على تجلية هذا الهدف الذي نعمل جميعا من أجل الوصول إليه.. وبلوغ غايته..

فإن على الدعاة إلى الله دعاة الفكرة الإسلامية أن يتضامنوا ويتكاتفوا، وأن تجتمع قواهم بدلاً من التشتت والتفرق فيكون السقوط أمام أي عقبة، والفشل أمام أي مشكلة... مما يجعلنا فريسة سهلة لأعدائنا..

أعداء الدين، الذين يتلوّنون تلون الحرباء ويتقلبون تقلب الرياح، وينتقلون من مكيدة إلى أخرى..

حتى ينفذوا إلينا ويمزقوننا، وأن يضعوا خلالنا الفتنة..،والأمة الإسلامية اليوم في أمس الحاجة إلى جمع الشمل ووحدة الصف الذي بعثرته الأيدي الصهيونية والاستعمار الغربي الحاقد..

فقد دخل الاستعمار على المسلمين من الفروع والجزئيات التي يدور الاختلاف فيها بين ما هو أولى، وما هو خلاف الأولى فاستطاع الاستعمار بذلك التأثير على المسلمين والتفرقة بين العلماء والدعاة.

 إن وحدة المسلمين فريضة، والوقوف صفاً واحداً من أجل الدعوة على هدى ونور وبصيرة أمرٌ واجب، أمرنا الله - عز وجل - به وحثنا على التمسك به (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم). [3] وفقنا الله لما يحبه ويرضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

ــــــــــــــــــــ

(1) الصف، أية (4).

(2) الظلال (6/2555).

(3) آل عمران، آية (105).

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply