في ظل الحضارة الزائفة

5.6k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

هـذي الـحضارةُ في أدنى معانيها *** تـعطي الجسومَ وتنسى جوهراً فيها

تـقـيـمُ لـلـجسمِ سلطاناً وهيمنةً *** وتـنـبـري لـعذابِ الروحِ تشقيها

وآزَرَتـهـا نـفـوسٌ ضلَّ هاجِسُها *** فَـزَيّـنَـت فـي دَهاءٍ, سوءَ حاديها

وشـقـوةُ الـناسِ مذ كانوا نفوسهمُ *** تَـؤزٌّ أجـسـادَهُـم شـرّاً فتُرديها

بـئـسَ الـحياة ُ إذا كانت توجّهُها *** تـلـك الـنفوسُ وقد نامَت نواهيها

فـتـسـتـحيلُ حياةُ الناسِ مجزرةً *** ويـمـخـرُ الشرٌّ في شتّى نواحيها

يـا حسرتاهُ على الإنسانِ قد عَميَت *** مـنـه الـبصيرةُ وامتدّت غَواشيها

يـعمى عن الرّشدِ في القرآنِ واأسفا *** ويـبـصـرُ الـغيَّ في دنياهُ تنزيها

سـمّـى الـفواحشَ فنّاً من سفاهته *** وراح يـسـفـكُ طهرَ الغيدِ حاميها

ومـسـلمو اليومِ قد ضلّوا صِراطَهُمُ *** فـبـدّلـوا بـجـمالِ الوَجهِ تشويها

لـم تبقَ مَفسَدَةٌ في الغربِ قد وُلِدَت *** إلا فـشـا بـربـوعِ الشرقِ فاشيها

أيـن الـتَفَتَّ وجَدتَ الفُحشَ منتشِراً *** كـأنّـمـا لـعـنـةٌ هبّت سوافيها

فـفـي الـشّوارعِ فِسقٌ عمَّ مظهرُهُ *** وفـي الـمـكـاتبِ أعراضٌ نُدَمّيها

وفـي الـمـحـافـلِ أخلاقٌ ممزَّقَةٌ *** وفـي الـمـعاهدِ نارُ الجنسِ نُذكيها

وفـي الـبـيوتِ شريطُ العُهرِ تأكلُهُ *** مـنـا الـعـيـونُ فما تَندى مآقيها

وفـي الـمـسابحِ قطعانٌ قد انبَعَثَت *** مـنـهـا النتانةُ حتى فاضَ طاميهَا

فـي سـوقِ شَـهوَتِنا بِعنا طَهارَتَنا *** ونَـدّعـي أنـنـا نَـحمي غَواليها

بَـنـاتُـنـا في دكاكينِ الهَوى لُعَبٌ *** كـيـف الـحرائرَ للذؤبانِ نلقيها؟

تَـبَـخَّـرَت غَيرَةٌ منا قد اشتَهَرَت *** فـيما مضى أين منا اليومَ زاكيها؟

وأيـنَ أجـنـحـةٌ طِـرنا بها شُهُباً *** فـدانـت الأرضُ قاصيها ودانيها؟

أيـنَ الأُلـى حملوا القرآنَ في رَشَدٍ, *** فـعـمَّ نـورُهُـمُ الدٌّنيا وما فيها؟

هـمُ الأبـاةُ وربٌّ الـكونِ أرسَلَهم *** لـيغسلوا الأرضَ من أدرانِ طاغيها

شـقّـوا الطريقَ ونور اللهِ مُرشِدُهُم *** وسُـنّـة الـمصطفى تجلو خوافيها

هـذا قـتـيبةُ شرقُ الأرضُ حرّرَهُ *** وطـارق الفتحِ أرضُ الغربِ يَهديها

حـتـى اسـتـقامَ لهم ما شاءَ ربٌّهُمُ *** مـن الأمـورِ - تعالى -اللهُ مجريها

فأينَ نحن من الماضي المجيدِ؟ وهل *** صُنّا الأمانةَ؟ أم ضاعت غواليها؟

خُـنّـا الأمـانـةَ والأخلاقَ واأسفا *** فـاجـتـاحَ دولَتَنا الإعصارُ منهيها

وأصـبـحَ الـنـاسُ أنعاماً تسَيِّرُها *** فـي كـلّ نـاحـيةٍ, أهواءُ راعيها

فاستَفحَلَ الخَطبُ حتى لا ترى فَرَجاً *** كـيف الخلاصُ وللأقدارِ مُجريها؟

ومـا الـرٌّعـاةُ بِدُنيا الغافلينَ سِوى *** جـنـدٍ, لإبـليسَ صالي النارِ داعيها

لو غَيَّر القوم ما في النفسِ لانكشَفَت *** هـذي الـمفاسدُ وانجابت طَواغيها

وبُـدِّلـوا بـهـبوط العيشِ أجنحةً *** تـسـمـو بـأمَّـتنا والله ُ راعيها

فـبـالـصلاحِ يظلٌّ القومُ في شَمَمٍ, *** وبـالـذنـوبِ يُـذِلٌّ اللهُ جـانـيها


أضف تعليق