عمر المختار

2.3k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

رَكَـزُوا رُفـاتَكَ فـي الرّمـال لِـواءَ * * * يَســتنهضُ الـوادي صبـاحَ مَسـاءَ

يـا وَيحَـهم! نصبـوا مَنـارًا مـن دمٍ, * * * تُوحِــي إِلـى جـيل الغـدِ البَغضـاءَ

مـا ضـرَّ لـو جَـعلوا العَلاقَة في غدٍ,* * * بيــن الشــعوب مَــوَدَّةً وإِخـاءَ?

جُـرحٌ يَصيـحُ عـلى المدَى، وضَحِيَّةٌ* * * تتلمَّسُ الحريَّـــــةَ الحــــمراءَ

يأَيٌّهــا الســيفُ المجــرَّدُ بـالفَلا* * * يكسـو السـيوفَ عـلى الزمان مَضاءَ

تلــك الصحـارى غِمـدُ كـلِّ مُهَنِّـدٍ,* * * أَبــلَى فأَحســنَ فـي العـدوِّ بَـلاءَ

وقبــورُ مَـوتَى مـن شـبابِ أُمَيَّـةٍ, * * * وكهــولِهم لــم يبرَحُــوا أَحيـاءَ

لــو لاذَ بــالجوزاءِ منهـم معقِـل* * * دخــلوا عــلى أَبراجِهـا الجـوزاءَ

فتحــوا الشَّــمالَ: سُـهولَهُ وجبالَـهُ* * * وتوغَّلــوا، فاســتعمروا الخـضراءَ

وبَنَــوا حضـارتَهم، فطَـاوَلَ ركنُهـا* (دَارَ الســلامِ)، و(جِــلَّقَ) الشَّـمّاءَ

خُـيِّرتَ فـاختَرتَ المبيـتَ على الطَّوَى * لــم تَبــنِ جاهًــا، أَو تَلُـمَّ ثَـراءَ

إِنَّ البطولــةَ أَن تمـوتَ مـن الظَّمـا * ليس البطولـــةُ أَن تَعُــبَّ المــاءَ

إِفريقِيــا مَهــدُ الأُســودِ ولَحدُهـا * ضجَّــت عليــكَ أَراجـلاً ونسـاءَ

والمسـلمون عـلى اخـتلافِ ديـارِهم * لا يملِكـون مـعَ الـمُصَـابِ عَـزاءَ

والجاهليــةُ مــن وَراءِ قُبــورِهم* يبكــون زَيــدَ الخــيل والفَلحـاءَ

فــي ذِمَّــة اللـهِ الكـريمِ وحفظِـه * جَسَــدٌ (ببرقة) وُسِّــدَ الصحــراءَ

لـم تُبـقِ منـه رَحَـى الوقـائِع أَعظُمًا * تَبــلَى، ولــم تُبـقِ الرِّمـاحُ دِمـاءَ

كَرُفــاتِ نَســرٍ, أَو بَقِيَّــةِ ضَيغَـمٍ, * باتـــا وراءَ السَّـــافياتِ هَبــاءَ

بطـلُ البَـداوةِ لـم يكـن يَغـزو على * \"تَنكٍ,\"، ولــم يَـكُ يـركبُ الأَجـواءَ

لكــن أَخـو خَـيلٍ, حَـمَى صَهَواتِهـا* وأَدَارَ مـــن أَعرافهــا الهيجــاءَ

لَبَّــى قضـاءَ الأَرضِ أَمِس بمُهجَـةٍ,* لــم تخــشَ إِلاَّ للســماءِ قَضـاءَ

وافــاهُ مَرفــوعَ الجــبينِ كأَنــه* سُــقراطُ جَــرَّ إِلـى القُضـاةِ رِداءَ

شَــيخٌ تَمــالَكَ سِــنَّهُ لـم ينفجـر * كـالطفل مـن خـوفِ العِقـابِ بُكـاءَ

وأَخــو أُمـورٍ, عـاشَ فـي سَـرَّائها * فتغـــيَّرَت، فتـــوقَّع الضَّــراءَ

الأُسـدُ تـزأَرُ فـي الحـديدِ ولـن ترى* فـي السِّـجنِ ضِرغامًـا بكى استِخذاءَ

وأَتــى الأَسـيرُ يَجُـرٌّ ثِقـلَ حَـديدِهِ * أَسَـــدٌ يُجَــرِّرُ حَيَّــةً رَقطــاءَ

عَضَّــت بسـاقَيهِ القُيـودُ فلـم يَنُـؤ * ومَشَــت بهَيكلــه السّــنون فنـاءَ

تِسـعُونَ لـو رَكِـبَت مَنـاكِبَ شـاهقٍ,* لترجَّـــلَت هَضَباتُـــه إِعيـــاءَ

خَـفِيَت عـن القـاضي، وفات نَصِيبُها * مــن رِفــق جُــندٍ, قـادةً نُبَـلاءَ

والسِّـنٌّ تَعصِـفُ كُـلَّ قَلـبِ مُهَـذَّبٍ, * عَــرَفَ الجُــدودَ، وأَدرَكَ الآبــاءَ

دفعــوا إِلـى الجـلاَّدِ أَغلَـبَ مـاجدًا * يأسُــو الجِـراحَ، ويُطلِـق الأُسَـراءَ

ويُشــاطرُ الأَقــرانَ ذُخـرَ سِـلاحِهِ* ويَصُــفٌّ حَــولَ خِوانِـه الأَعـداءَ

وتخــيَّروا الحــبلَ المَهيــنَ مَنيّـةً * للَّيــثِ يلفِــظ حَولَــهُ الحَوبــاءَ

حَـرموا الممـاتَ عـلى الصَّوارِم والقَنا* مَـن كـان يُعطِـي الطَّعنَـةَ النَّجـلاءَ

إِنـي رأَيـتُ يَـدَ الحضـارةِ أُولِعَـت * بـــالحقِّ هَدمــا تــارةً وبِنــاءَ

شـرَعَت حُـقوقَ النـاسِ فـي أَوطانِهم * إِلاَّ أُبـــاةَ الضَّيـــمِ والضٌّعَفــاءَ

يــا أَيٌّهَـا الشـعبُ القـريبُ، أَسـامعٌ * فـأَصوغَ فـي عُمَـرَ الشَّـهِيدِ رِثاءَ?

أَم أَلجَـمَت فـاكَ الخُـطوبُ وحَـرَّمت * أُذنَيــكَ حـينَ تُخـاطِبُ الإِصغـاءَ?

ذهــب الـزعيمُ وأَنـتَ بـاقٍ, خـالدٌ * فــانقُد رِجـالَك، واخـتَرِ الزٌّعَمـاءَ

وأَرِح شـيوخَكَ مـن تكـاليفِ الـوَغَى * واحــمِل عــلى فِتيـانِكَ الأَعبـاءَ


أضف تعليق