رَأَى البَدرَ فِي تَمِّهِ فَـانبَهَـر *** وَهَامَ زُهَيرٌ بِحُسـنِ القَمَر
رَأَى غَادَةً مِثـلَ رِيـمِ الفَلاَ *** تَمِيسُ وَتَختَالُ بَينَ الشَّجَر
وَتَهتَزٌّ كَالغُصـنِ فِي دَوحَـةٍ, *** وَتَزهُو كَزَهرٍ, سَقَـاهُ المَطَر
وَبَـاتَ مُعَنًّى غَرِيقًـا بِهَـا *** حَلِيفَ البُكَاءِ صَدِيقَ السَّهَر
فَأَمهَـرَهَا جَنَّـةً عَرضُـهَـا *** مَهِيبٌ وَطُـولٌ كَمَدِّ البَصَر
وَأَصبَحَ بَعلاً لِشَمـسِ الضٌّحَى *** وَأَطفَأَ نَـارَ الجَوَى وَاستَقَر
وَمَرَّت لَيَالٍ, كَحُلـمٍ, جَمِيـلٍ, *** وَأَعقَبَـهُ طَيـفُ سُوءٍ, وَشَر
وَذَاقَ زُهَيـرٌ أَشَـدَّ العَنَـاءِ *** وَعُنـفَ البَـلاَءِ وَأَينَ المَفَر
تَـزَوَّجَ مِـن أُسـرَةٍ, هَشَّـةٍ, *** تَهَـاوَت بِأَفعَالِهَـا فِي الحُفَر
فَبَـاتَ كَئِيبًـا شَدِيـدَ الوَنَى *** سَقِيمًا غَـزَاهُ الأَسَى وَالضَّرَر
فَهَلاَّ تَـزَوَّجَ بِنـتَ الصَّلاَحِ *** وَبِنتَ الوَفَـاءِ وَغَـضِّ النَّظَر
تَرَبَّت عَـلَى خُلُـقٍ, نَـيِّـرٍ, *** وَدِينٍ, كَمَـا جَاءَنَـا فِي الأَثَر
وَفَرَّ مِـنَ الحُسـنِ فِي مَنبَةٍ, *** رَدِيئٍ, تَغَـذَّى بِـلَوثِ البَقَر
زُهَيرٌ أَسَاءَ اختِيَـارَ الشَّرِيكِ *** فَزَجَّ بِبَحـرٍ, عَظِيـمِ الخَطَر
فَلاَ تَقتَفُـوا إِثـرَهُ وَاظفَـرُوا *** بِصَاحِبَةِ الدِّينِ عِطـرِ الزَّهَر
فَتَبقَى الحَيَـاةُ ضِيَـاءً بِـهَا *** وَحَلَّ الصَّفَـاءُ مَحَلَّ الكَدَر