سَمِعتُ طِفلا تَلاَ آيًا مِـنَ الذِّكـرِ *** وَصَوتُـهُ نَغمَـةٌ وَضَّـاءَةُ الفِكرِ
يُرَتِّلُ الآيَ بِالتَّجوِيـدِ مُلتَـزِمًـا *** كَأَنَّ أَلفَاظَـهُ صِيغَت مِنَ السِّحرِ
سَـأَلتُـهُ شَـرحَ آيَـاتٍ, فَبَيَّنَهَـا *** وَقَامَ يَشرَحُ لِي مِن سُورَةِ الفَجرِ
فَبَانَ مِن شَرحِـهِ مَا كَان مُنبَهِمًـا *** وَزَادَ تَوضِيحُـهُ فِي لَيلَةِ القَـدرِ
رَعيًا لِطِفلٍ, كَزَهـرِ الرَّوضِ مُبتَسِمًا *** وَوَجـهُهُ مُشرِقٌ إِشرَاقَـةَ الزَّهرِ
خَرَجتُ مِن مجلِسِي وَالقَلبُ مُنشَرِحٌ *** بِرُؤيَةِ الطِّفلِ مَسرُورٌ بِمَـا يَجرِي
رَمَقتُ آخَرَ يَمشِـي بَيـنَ رُفقَتِـهِ *** كَأَنَّهُ ثَعلَبٌ فِـي الغِشِّ وَالمَكرِ
عُيُونُهُ مِـن ظَـلاَمِ اللَّهـوِ زَائِغَـةٌ *** وَفِكـرُهُ مُنتَـدًى لِلظٌّلمِ وَالوِزرِ
طِفلاَنِ بَينَهُمَـا فَرقٌ وَمُفـتَـرَقٌ *** فَذَاكَ شَمسٌ وَهَـذَا قِمَّـةُ الغَدرِ
فَتُهتُ مِمَّـا رَأَت عَينِـي وَأَرَّقَنِي *** تَبَايُـنٌ وَهُمَـا سِيَّـانِ فِي العُمرِ
أَبٌ تَوَلَّى شُئُونَ الطِّفـلِ مُجتَهِـدًا *** وَمَـا وَنَى عَزمُـهُ مِن قُوَّةِ الصَّبرِ
حَتَى ارتَوَى طِفلُهُ بِالعِلمِ فِي صِغَرٍ, *** وَنَـالَ مَرتَبَـةً تَعلُو عَـلَى البَدرِ
وَمَن تَوَانَى عَـنِ الأَطفَالِ مُنتَخِبًـا *** دَربَ التَّسَاهُلِ لايَنجُومِـنَ الخُسرِ
صِغَارُهُ سَوءَةٌ فِي الأَرضِ هَائِمَـةٌ *** يَنَالُـهُ شَرٌّهُـم فِي سَـالِفِ الدَّهرِ
فَجَنِّبِ الطِّفلَ دَاءَ الجَهلِ مُنتَهِجًا *** طَرِيقَ أَهلِ الهُدَى فِي السِّرِّ وَالجَهرِ
وَأَدِّبِ الطِّفلَ عَلِّمهُ طَرِيـقَ هُدًى *** تَنَالُ أَجرًا وَ نِعـمَ الفَـوزُ بِالأَجرِ