إذا كانت جراحُ الناس تغفو *** فإنَّ جراحَنا أبداً تفور
وإن كانت همومهمُ رَماداً *** فإن همومَنا الصغرى سَعير
أيحكم في قضيتنا عدوُّ *** ويُرشدنا لغايتنا ضرير! ؟
ونبقى في الحياة بلا لسانٍ, *** وقد نطقت بحاجتها الحمير! !
ندور كما يقول القوم دوروا *** وإن رغبوا الثباتَ فلا ندور
ومِنّا من يرى في الخيش خزاً *** ومنّا مَن يضايقهُ الحرير! !
ويبحث بعضُنا عن كأس ماءٍ, *** وتُغرق بعضَ سادتنا الخمورُ؟
كأن النائبات لنا فراشٌ *** وأنَّ العادياتِ لنا دُثور
وما زالت تُؤرّقنا سفوحٌ *** لها في كل جارحةٍ, حُضور
أننسى فى دروب القدس ليلى *** وليلى تستغيثُ وتستجير؟
أننسى أعين الليمون ترنو *** وأعشاشاً تحن لها الطيور
أننسى مسجداً ونداءَ فجرٍ, *** ومحراباً وهل تُنسى الجذورُ؟
لئن مِتنا فإنَّ لنا قبوراً *** ستحكي كلَّ قصتنا القبور
رجالاً أصبح الأطفال فينا *** وفي أرض الصدام لهم زئير
كأنهم من الصّوان قدّوا *** ومن بُركانه هذا الزفيرُ
فلا تعجب وليس لهم رصاص *** إذا وقعت على الموتِ الصدور
نعم ثاروا وعدتهم حجارٌ *** ونحن القاعدون متى نثورž! ؟
نعم ثاروا وكلهمُ جياعٌ *** ونحن المتخمين متى نثور! ؟
دماؤهم على الطرقات مسكٌ *** ويمضي للعبير بك العبيرُ
قبلنا بالحلول وأنكروها *** وقالوا: إنه العار الكبير
وقبلّنا الأكفَّ لقاء سلمٍ, *** حقيرٌ ساقه الزمنُ الحقير
وضيّعنا الأمانة والأماني *** فلا زحفٌ هناك ولا عبور
وماذا يحكم الشهداء فينا *** غداة غدٍ, إذا انتفضت قبورُ؟ !
دماءٌ قد نسيناها ليبقى *** لنا شاةٌ همام أو وزير
ولكنَّ الرجال هناك قالوا *** ألا كُفّوا فقد فُطم الصغير
فَنبتُ القدس ليس له نظيرٌ *** وحاشا أن يكون له نظير
بماء الذكر يُسقى كل يوم *** وفي أحضانه تنمو البذور