لا والـذي اتّـخـذَ الـخليلَ خليلا *** وتـنـزّلَ الـتّـوراة والإنـجيلا
وأحَـبَّ أحـمَـدَ واصطفاه بمُحكَمِِ *** قـد فُـصِّـلـت آيـاته تفصيلا
لـو جـاءت الـدٌّنـيـا إلـيّ ذليلةً *** وأتـت مـحـاسُـنُـها إليّ قبيلا
لصرَفتُ وجهي عن زخارفِ وجهها: *** أنـا لـسـتُ أبغي عن هواكِ بديلا
إنّـي أضـنّ بوصف حُسنك للورى *** وأضـنّ بـاسـمِكِ أن يُرى مبذولا
مـا ضـرّ إن قـالوا: بخيلٌ مقتر *** إن كـان قـلـبـي بالنّفيس بخيلا
طـوّفـتُ فـي شَرق البلاد وغربها *** فـوجـدتُ أرضَ الـعاشقِينَ بَتولا
حـتّـى تـجلّى نورُ وجهَك ساطعاً *** وغـدا إلـى الـظّـلّ الكريمِ دليلا
لـمّـا رقـيـتِ القلبَ أشرقَ نوره *** فـمـضـى يُـسـبّحُ بكرةً وأصيلا
عـراّف نـجـدٍ, والـيـمامة أبلسا *** مـذ صـار نـجـمك لي أنا إكليلا
هل أنت أوّل فتنةٍ, في الأرضِ؟ بل *** أنـت الـطّـهـارة نُـزّلت تَنزيلا
يـا فـتـنتي الأولى، لَسَجدةُ عاشِقٍ, *** لـمـسَـتـه نـاُر الشّوقِ أقوَمُ قيلا
يـا فـتـنـتي الأولى، وحبٌّكِ سُنّةٌ *** لا تـعـرفُ الـتّـبديلَ والتّحويلا
هـل أنـتِ عـائشةٌ بنى الخَيّامُ من *** أشـواقِـهـا عَرشَ الهوى مأهولا؟
أم أنـتِ طـيـفُ خـديجةٍ, متَبتّلا *** لـيـلاً؟ ألا مَـا أروعَ الـتّـبتيلا
نَـام الـخـليّ وأنتِ عينٌ لم تزَل *** يـقـظَـى تُـنَـاجي رَبَّها المأمولا
قـد كـنـتِ فـي شرعِ المَحبّةِ برّةً *** ونـبـيـلـةً، لِـمَ لا أكونُ نبيلا؟
وأرى جـمـالـكِ لا يزولُ إذا غدا *** حُـسـنُ امـرِئٍ, بعد الرّواءِ محيلا
مـا كـان سـلـطانُ الجمالِ مُخلّداً *** إلا إذا كـانَ الـتّـقَـى إكـلـيلا
تَـفدي عذارى النّيلِ حُسنَكِ طاهِراً *** وأنـا فَـدَيـتُ عـلـى جداه النّيلا
مـا كـنـتُ أحسبني سأُسقَى عندَهُ *** قَـبـل الـرّحـيلِ شرابيَ المعسولا
وأتـى بـيـانُـكِ كالضّياءِ رسالةً *** تُـلِـيت على قلبي، وطابَ رسُولا
\"يـا شـاعري، إنّ الجَمالَ هو التّقَى *** فـاحرص، فديتُكَ، أن تكونَ جميلا\"
طـلـعت عليكَ الشّمسُ مونقة السّنا *** أنـداؤهـا نـشَـرَت عـليكَ ذيولا
لا تـطـلـبِ الـنّجم البعيدَ جهالةً ***\"طـلَـعَ الـصّـبَاحُ فأطفأ القنديلا\"
لـولاكِ سـيّـدتـي، ولـستُ بآثِمٍ,، *** لـم يـألُ ركـبـي ضـائعاً ضِلّيلا
سـارت سـفـيـنَتُنا ورُبّانُ الهوى *** يـسـتـعـذبُ الـتّكبير والتّهليلا
ويـقولُ: \"حَسبي بعد طولِ تشرّدي *** أنّـي اتـخَـذتُ مَع الرّسولِ سبيلا\"
قـالـت دوالي العمرِ: ويحَكَ قد دنا *** زمـنُ القطافِ، أما خشيتَ رحيلا؟
فـسكبتُ في سمعِ الحبيبِ وصيّتي: *** أنـا إن رحَـلـتُ فلن أغيبَ طَويلا
والـمـوعـد الـرّحمنُ، ينزلنا معاً *** مـن فـضـلـه ظلا يطيبُ ظليلا