هـذا حـصـاد العمر يا إخواني: *** بـغـي الـسنين وفرقة الخلان !
لـم يـبق هذا الدهر سهما ماضيا *** إلا أصـاب بـه الحشا وجناني !
ويح القلوب إذا استبد بها الضنى! *** ويـح الـمشاعر ما لها من حان !
ويـح العيون تفيض من عبراتها! *** بعد الأحبة لن ترى من دان !
* * *
يـعـقـوب جـن جنونه بحبيبه *** وابيض منه الطرف من أحزان !
فـهل الحبيب يعود عودة يوسف *** فـأرى الضياء بثوبه الريحان ؟
أم أن يـوسـف قد مضى بقضائه *** حـتـى استقر بمحبس العدوان؟
لا تـيـأسـن، فـإن يوسف عائد *** عـود الـربـيع بحلة الجذلان !
مـنـذا الـذي تبكيه بعد فراقه؟ *** مـنـذا الذي ابيضت له العينان ؟
مـنـذا الـذي ودعت بعد غيابه *** طـيب الحياة وعزة السلطان ؟
مـنـذا الذي قد غاب بعد رحيله *** صـدق الـوفاء ومنهل الظمآن؟
مـنـذا الـذي يـفديه كل مجاهد *** بـالروح كي يبقى على الأزمان؟
هو أنت يا وطني ومعقل عزتي! *** هـو أنت يا أقصى وقلب كياني !
كـم من شهيد قد قضى من أجله! *** كـم مـن جريح خر كالبنيان !
ومـهـجر حرم الحياة بأرضه ! *** ومـشـرد قـد تاه في البلدان !
كـم مـن أسـير راسف بقيوده! *** قـد خـانه الأوغاد في الميدان !
حـمـل الأمـانة في الجهاد وإنه *** يـبـغـي حياة للثرى الظمآن !
لـكـن أقـدار الإلـه هوت به *** كـالنسر هيض جناحه من جان !
* * *
هـو ذا يـئـن لـفـقـده حرية *** مـنـذورة لـلـكر والجولان !
هـو فـي عـذاب قيوده وحنينه! *** مـنـذا يـعيد لنا الأسير العاني؟
مـنـذا يـعـيد إلي إسلام الفدا ؟ *** مـنـذا يـخلصه من الطغيان ؟
مـنـذا يـرد إلـي روض شبابه *** كـي أسـتـظل كطائر الأفنان ؟
مـنـذا يـعـيد إلي بستان الشذا *** فـأعـانق النسمات من بستاني ؟
* * *
أتـرى تـعـود إلي إسلام النهى *** بـبشاشة الوجه الجميل الهاني؟!
أتـعـود يـا إسلام تروي سمعنا *** بـندى الحديث وطرفة الشبان ؟!
أتـعود تمسح بالحنان جراحنا ؟! *** أتـعـود تبصر بدرك العينان ؟!
أتـعـود كـل الـذكريات حقيقة *** وتـنير بالحب الجميل كياني ؟!
أنـا بـالـسـنين الغابرات موله *** إذ أنتم في الحضن نبض جناني!!
أنـا بـالـعـهود الخاليات متيم! *** والوُلد حولي، والحنين عناني !!
حتى قضى الديان أن نشقى بهم *** ! فـأصابهم سهم الزمان الجاني !
* * *
مـنذا سواك، إلهنا، يهب المنى ؟ *** مـنـذا يخلصنا من العدوان ؟!
لاهـم، قـد مـاتت شهامة ساسة *** مـن مـسلمين ويعرب الخذلان !
لـم يـبق إلاك الرحيم، فهب لنا *** نـصرا يعز به ذوو الإيمان ؟!