إليها ... رغم القيود

5.7k
4 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

مَن لها أزجى على الدربِ ارتقاء *** وإلـيـهـا حـنَّ شوقًا و وفاء

وصـحـا والـلـيلُ في هدأتِه *** يـرقـبُ الفجرَ بأهدابِ الرجاء

وسـقـى القلبَ من الكأسِ التي *** لـيـس لـلشجوِ بها أدنى هناء

يـا أمـانـي... لم تزل نشوتُه *** تـغـسلُ الروحَ بشطآنِ الضياء

وعـلـى نـورِ المصابيح التي *** بـعـدُ ما أطفأها عصفُ العفاء

سـارَ والـخـطوةُ نبض مثقلٌ *** يـغزلُ السعيَ على نولِ الشقاء

أَلـه مـن قـدمٍ, فـي أفـقِـها *** بـعـدَ جـهدٍ, ماتوانى واتكاء!!

يـافـؤاداً عـاش يـهفو للسنا *** عـلَّـه يـدركُ بـالنورِ اهتداء

بـعـدمـا تاهت بديجورِ الأسى *** وتـهاوت بين أيدي السفهاء!!

أتـسـقـيـتِ مـع الذلِّ الطلا *** فـتـقـدمـتِ عليه للوراء؟!

أم تـواريـتِ، وفيك افتخرت *** طـلعةُ الخيرِ عطاءً و رخاء!!

وتـلـقـيـتِ من العصرِ الذي *** سـامه البغيُ... دموعا و دماء

آهِ كـم أبـكـيـتِ يـا أُمـتَنا *** من رجالٍ, ما دروا ذلَّ البكاء!!

أيٌّ قـلـبٍ, باتَ من غيرِ أسى *** وتـولَّـى لـيلُه دونَ شجاء!!

حـامـلاً مُـرَّ الرزايا أوجعت *** صـدرَه المثخنَ من طولِ ابتلاء

وعـلـى ثكلِ الأماني عشعشت *** نـكـبـاتٌ وقـدُها هذا العناء

ويـلـجٌّ الـخـطبُ في آفاقِها *** يُـلـبِسُ العانين من رثِّ الرداء

ويـدا أعـدائـهـا فـي عينِها *** غـبـشٌ طـرَّزَ أوهـامَ العَماء

ألـهـا يـومٌ... وقـد عزَّ اللقا *** آهِ مـا أبـعـدَ أيـام الـلقاء!!

فـيـه يحظى القلبُ من سابغِه *** عـزَّةً تنجيه من ذلِّ ازدراء!!

هـو قـلـبٌ عـربـيُّ مـسلمٌ *** نـدبـت أُمـتُـه فـيـه الإباء

وأنـا فـي مـنـحنى أضلعِها *** أدمـعـي جـمرٌ وآهاتي حُداء

ونـشـيـدي من صدى آلامِها *** أطـبـقَ الشَّجوُ به جفنَ المساء

أيـنَ أحـلامـي الـتي أرقبُها *** أتـولِّي ؟! حيثُ لم أملك عزاء

ولـقـد أوقدتُ في طورِ الهدى *** جـذوةً كـانـت أهـازيج وفاء

وتـخـيَّـرتُ لـها من مهجتي *** طـاهـرَ الشوقِ وموفورَ الولاء

مـذ نـشأنا بين أحضانِ الصِّبا *** وهـواهـا يـمـلأُ الحيَّ غناء

ويـحـهـا طابت أماسيها التي *** تـجمعُ السٌّمَّارَ في مغنى الفداء

كـم تـراكـضـنا إلى جنَّاتِها *** مـرتعًا خصبا، وَرَبعًا لا يُساء

وحـمـلـنا سِفرَها في صدرِها *** نـخـوةً تُـندبُ ما اهتزَّ اللواء

واشـرأبـت فوقَ أجفانِ الردى *** فـتـمـلـتـها عيونُ الجبناء

ونـشـرنـاهـا ربـيعا باسمًا *** واجـتـنينا من علاها ما نشاء

ربٌّـهـا اللهُ الـذي أكـرمَـها *** فـي الـورى واختارها للأنبياء

واصـطـفـاها تزرعُ البِرَّ فما *** جـلـبت للعالَمِ المعمورِ داء!!

فـالـمـثـانـي سـحبٌ دفَّاقةٌ *** ليس تزجيها سوى الريحِ الرٌّخاء

وبـهـا الأرضُ تـثنَّت و ربت *** وإذِ الأرضُ نـعـيـمٌ و رَخاء

وصـحونا... آهِ ما أشقى الذي *** عاشَ يشكو القيدَ في سجنِ ثواء

ورأى الـطـوفـانَ يغزو قِممًا *** لـم يـزل يحمي علاها الأوفياء

و رأى الأمـنَ لـشعبي جرفت *** حـقـلَه المعطاءَ شهقاتُ البلاء

و رأى المصحفَ في وادٍ,، وفي *** ألـفِ وادٍ, زاحموا زيفَ افتراء

و رأى الـمـجـرمَ يعلو شأنُه *** فـوقَ مـا للحقِّ من أُفقِ العلاء

و رأى يـالـيـتـه لـمَّا رأى *** عـمـيت عيناه في التيه العراء

أ يـرى ذلَّـتَـه فـي نـفـسه *** والـتَّـباهي بثيابِ الأغبياء!!

ويـرى الأبرار أشلاء عـلى *** خـنـجـرِ البغيِ بأيدي السٌّفهاء

وإلـيـهـا رغـم هـذا ساقني *** مـالَها في القلبِ من حُلوِ الرجاء

* * *

كـيـفَ يـسَّـاقطُ حلمي عبثا *** و تـولِّـي كـلٌّ آمالي هباء!!

أيـن يـا إخـوةَ دربـي حقلَنا *** والخميلاتُ التي فاحت هناء!!

و الـجُـنـيناتُ التي ما عبقت *** بـالمنى إلا وفي النفحِ شفاء!!

أيـن مـنَّـا مـا أضعناه سدى *** فـالـكـآباتُ تُساقينا العياء!!

أيـن نـحـن الـيومَ في عالمِنا *** وأعـاديـنـا غزاةٌ في دهاء!!

يـا أخـي مـا انهارَ قلبي مرَّةً *** رغـمَ ما في الظٌّلمِ عسفٍ, و داء

لـم أزل حـولـك حُـرًّا مؤمنا *** صـامـدا لا كـصمودِ الجبناء

لـم أزل أعـبـدُ مَـن واعدَنا *** بـانـبلاجِ الفتحِ من غيرِ التواء

لـيـس فـي ذرات نفسي ذرَّةٌ *** أطـفـأ الـيأسُ سناها أو أساء

رغـم بغيِ الدولِ العظمى على *** حـقـنا المسلوبِ في كل اعتداء

هـاهـو الـحـقـلُ رمادٌ باردٌ *** هـاهو البيدرُ يُسفى في الفضاء

رغـم طـعمِ الوهنِ في أنفسهم *** لـونُـه الزخرف:مالٌ و نساء

رغـم زيف الومضِ في أجفانهم *** والإضـاءاتُ افـتـتانٌ و رياء

رغـم مـا يـصرخُ في آذاننا *** كـلَّ حـيـنٍ, من تحدٍّ, و اكتواء

سـيـولـي عـن ربـانا ليلُهم *** حـيـثـمـا جنَّ فللنورِ البقاء

ويـعـودُ الـفجرُ من أسحارِنا *** يـمـلأُ الـكونَ ابتهالا و دعاء

يـنـفـضُ العارَ وما باتَ على *** مـنـكـبَـي أُمـتِـنا بعدَ تناء

نـفـحةٌ تسكبُ من طيبِ الهدى *** فـإذا الأنـفـسُ يحييها الرجاء

واشـرأبَّـت لـلـعـلى توَّاقةً *** فـإذا الـنٌّـورُ على غارِ حِراء

تـرفـعُ الإسـلامَ فـيـها رايةً *** يـتـنـادى حـولها أهلُ الولاء

فـإذِ الـجـدبُ ربـيـعٌ مغدقٌ *** وإذِ الـصـحراءُ أحياها النَّماء

وإذِ الـعـيـدُ الـذي يبكي به *** حـسـرةً أطـفـالُنا يأتي هناء

والـلـقـاءاتُ الـتـي حرَّمها *** قيصرُ الرومِ علينا... لانقضاء

وعـواء الصِّربِ في ذاك المدى *** سـوفَ يطويه وإن أرغى العفاء

كـن مـع اللهِ ولا تـخشَ العِدا *** وتـبـوَّأ لـك في الدنيا ارتقاء

آيـةٌ لـلـهِ تـأتـي بـغـتـةً *** فـإذا الـظـالـم أمـسى للفناء

فـأفـق من هجعةِ الريبِ الذي *** فيه طعمُ الموتِ والشكوى سواء

فـبـنـا تـحيا المروءاتُ التي *** شـاءَهـا اللهُ لـركـبِ الأتقياء

قـد تـمـرَّدنـا عـلى واقعِنا *** فـالـرضا بالعارِ ياقومي شقاء

رغـم أصـفادِ الأعادي اهترأت *** نـلـمـحُ النصرَ بإذنِ اللهِ جاء

فـي دمِ الـمُستشهدِ الغالي الذي *** ملَّ بئس الجُبنُ ميراثَ الثواء!!

فـمـضى كالأجدل المنقضِّ ما *** ردَّه الـطـاغوتُ عمَّا قد يشاء

إذ رأى الـجـنَّـةَ في محجرِه *** فـتـنـاسى نفسَه عندَ المضاء

و رأى مـا لم يرَ الأعمى الذي *** مـا رأى كـالمبصرين الأولياء

غـرَّه الـفـرعونُ في أُرجوحةٍ, *** مـسـتـفـزا بنحوسٍ, و زُقاء

... وغـدا نـصغي إلى مئذنةٍ, *** صـوتُـها العذبُ ادِّكارٌ و جلاء

كـبَّـرت فانهض إلى مسجدِها *** واهـجـرِ الزيفَ ونومَ السفهاء

هـذه أُمـتُـنـا لـم تُـحـتَرَم *** طـالـما ضلَّت طريقَ الأنبياء


التاليلست إلاي
أضف تعليق