أحبّ قصيّ الأهل من أجل حبّكم *** وأهـجـر فيكم زوجتي وبناتي
وأكـتـم حـبّـيكم مخافة كاشح *** عـنيفٍ, بأهل الحقّ غير مواتي
فـيا ربّ زدني في يقيني بصيرةً *** وزد حـبّهم يا ربّ في حسناتي
لـقد خفت في الدنيا وأيّام سعيها *** وإنـي لأرجـو الأمن بعد وفاتي
ويا نفس طيبي ثم يا نفس أبشري *** فـغـيـرُ بـعيدٍ, كلّ ما هو آت
دعبل بن علي الخزاعي
------------------------------
أرى الـعمر أضحى مقفر العرصاتِ *** فـهـل عـنـدكم للقلب من نفحاتِ؟
ومـا لـي إذا وجّـهـت قلبيَ للتّقى *** يـوسـوسُ لـي الشّيطان بالشّهواتِ؟
ويـسعى لكي يهوي بصرحي شامخاً *** لـدى غـفـلـة الأعـضَاء للدّركاتِ
وأصـبَـحتُ من بَعد انطفاء سراجكم *** أقَـطِّـعُ لـيـل الـشّوق بالحسراتِ
ألـوذُ بـصـبـري ثمّ يغلبني الشجا *** فـأُغـرِق قـلـب الـلّيل بالعَبراتِ
أأذنَـبـتُ أن أعـلـنتُ شوقي إليكمُ *** فـصـار مـداد الـقلب نور دواتي؟
وصـرتُ إذا مـا هزّني الشّوقُ ليلةً *** تـكـادُ تـحـيـطُ النّفسُ بالنّزواتِ
ولـكـن إذا اجـتـالَ الـغَرورُ أردّه *** وأقـمـعُ مـا في النّفس من خطراتِ
أيـحـتـنـكُ الـشّيطانُ ذارفَ دمعه *** لـدى بـابِ ربٍّ, واسـعِ الرّحَماتِ؟
أعـوذ بـنـور الله مـن ظـلـماته *** ومـا هـيّـأ الـشيطانُ من نزغاتِ
أمـا أنـتِ بـالشّعر الجميل رقيتِني *** فـمـن أيـن يـسـعى عنده بأذاتي؟
ومَـن لـيَ بـالـصّبر الجميلِ عليكمُ *** إذا قـام يـومُ الـحشر ذو الغمراتِ؟
ولـسـتُ أخـافُ الـموت إلا لفَقدكم *** فـوا حـسـرتـي إن آذنـت بفَواتِ
ألا إنّ نـارَ الـبُـعـد أرفـقُ بالفتى *** إذا فـتّـحَـت مـن أذرع الـقُرُباتِ
فـتـصـبـح لـلقُربى إلى الله سُلّماً *** وتـجـعـلُ مـن نجواكِ ماءَ حياتي
ومـا الـنّـارُ إلا الإثـمُ يلتهمُ الحشا *** ويـلـقـيـكَ فـي بحرٍ, من الظّلماتِ
وأحـذرُ سـيـفَ الإثم بالرّوح فاتكاً *** وأخـشـى ريـاح الـذّنب مفترساتِ
ومـا هـذه الـدّنيا سوى الظلّ زائلاً *** ومـائـدةِ الأحـزان والـنّـكَـبات
فـويـلـيَ ممّا تكسبُ النّفسُ في غدٍ, *** إذا اللهُ لـم يـسـتُـر عـليّ هناتي
هـبـيـنـيَ يا أختَ الضّياءِ ملامةًًَ *** إذا اقـتـربَـت نـفسي من العثراتِ
ولا تـسـكُـتي عنّي فإنّ أخا الهوى *** يـزلّ إذا لـم يـعـتـصم بصلاتِ
ومـا صـلـة الـمحزون إلا دموعُه *** وآهـاتُـهُ مـمـزوجـة بـصـلاة
دعـي بـيـننا يا أختَ روحي مسافةً *** عـسـى يجمعُ الرّحمنُ بعضَ شتاتي
فـإنّـيَ مِـن ذلّ الـذّنـوب مُشتتٌ *** أبـوءُ بـثـقـلـي موهَن الخطواتِ
فـلا أنـتِ جـالاتـا أحيطت بمرمرٍ, *** ولا أنـا بـجـمـاليون ذو اللّمساتِ
أأكـسِـرُ كـالمجنون ما نَحتت يدي *** وأحـرقُ مـا حـبّرتُ من صفحات؟
وإنـيَ مـن مـاءٍ, مـهـيـنٍ, وطينةٍ, *** وإنّـكِ نـورٌ مـعـجـزُ الـقسماتِ
ولـكـنّ نـفخَ الرّوح أورثني التّقى *** وأسـبـغ ثـوبَ الـتّوب فوق قناتي
شـقـيـقةََ روحي قد أضرّ بنا النّوى *** وأخـشـى انـفلات الروح بعد ثباتِ
فـيـا لـيـتـني شيّدتُ للقلب دارةً *** مـحـصّـنـةً فـي عُـزلـةٍ, وفلاةِ
ولـكـنّ أبـوابي من الذّنبِ أصبحت *** مـصـاريـعـهـا مُـهتزّةً صدئات
حـبيبي، فداك الرّوحُ، إن كنتُ مذنباً *** فـقـد خُـلـق الإنـسانُ بالسقطاتِ
أتـدخـلُ فـرداً فـي الـجنان منعّماً *** وتـتـركـنـي لـلـهـمّ والنّقماتِ؟
أتُـدخـلُـنـي نارينِ: بُعدَكَ واللّظى *** وأنـت قَـريـرُ الـعين وسط لدات؟
وإنّـي ضـعـيـفٌ، شوكةٌ تستفزّني *** فـكـيـف بـنـار البُعدِ والجمراتِ؟
وأدعـو إلـه الـعـرش جنباً وقاعداً *** وعـنـد قـيـامـي فعل ذي الثفنات
عـسـى أن يُرى القلبان تحت ظلاله *** ويـغـتـرفـا مـن سَجدة السّجدات
أجـرنـي إلـهـي، فـالهوى مُتمكّنُ *** وقـلـبـي ضـريرٌ موجع الجنباتِ
أجـرني من الظنّ المزمجر في دمي *** وخـائـنـةِ الأبـصـار والـلّفتاتِ
ويا أخت روحي إن يحِن حَينُ صاحبٍ, *** وقـد أُشـرِبت روحي ندى الصّبواتِ
فـلا تـحـرمـيه من دعائك مورقاً *** ومـن دمـعـة تـأتـيـه بالرحَماتِ
عـسـى يغفِرُ الرحمنُ صبوةَ عاشقٍ, *** فـيـجـمـعَـنـا في جنّة الحسناتِ