رياح الذنب (قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم)

4.6k
3 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

أحبّ قصيّ الأهل من أجل حبّكم *** وأهـجـر فيكم زوجتي وبناتي

وأكـتـم حـبّـيكم مخافة كاشح *** عـنيفٍ, بأهل الحقّ غير مواتي

فـيا ربّ زدني في يقيني بصيرةً *** وزد حـبّهم يا ربّ في حسناتي

لـقد خفت في الدنيا وأيّام سعيها *** وإنـي لأرجـو الأمن بعد وفاتي

ويا نفس طيبي ثم يا نفس أبشري *** فـغـيـرُ بـعيدٍ, كلّ ما هو آت

دعبل بن علي الخزاعي

------------------------------

أرى الـعمر أضحى مقفر العرصاتِ *** فـهـل عـنـدكم للقلب من نفحاتِ؟

ومـا لـي إذا وجّـهـت قلبيَ للتّقى *** يـوسـوسُ لـي الشّيطان بالشّهواتِ؟

ويـسعى لكي يهوي بصرحي شامخاً *** لـدى غـفـلـة الأعـضَاء للدّركاتِ

وأصـبَـحتُ من بَعد انطفاء سراجكم *** أقَـطِّـعُ لـيـل الـشّوق بالحسراتِ

ألـوذُ بـصـبـري ثمّ يغلبني الشجا *** فـأُغـرِق قـلـب الـلّيل بالعَبراتِ

أأذنَـبـتُ أن أعـلـنتُ شوقي إليكمُ *** فـصـار مـداد الـقلب نور دواتي؟

وصـرتُ إذا مـا هزّني الشّوقُ ليلةً *** تـكـادُ تـحـيـطُ النّفسُ بالنّزواتِ

ولـكـن إذا اجـتـالَ الـغَرورُ أردّه *** وأقـمـعُ مـا في النّفس من خطراتِ

أيـحـتـنـكُ الـشّيطانُ ذارفَ دمعه *** لـدى بـابِ ربٍّ, واسـعِ الرّحَماتِ؟

أعـوذ بـنـور الله مـن ظـلـماته *** ومـا هـيّـأ الـشيطانُ من نزغاتِ

أمـا أنـتِ بـالشّعر الجميل رقيتِني *** فـمـن أيـن يـسـعى عنده بأذاتي؟

ومَـن لـيَ بـالـصّبر الجميلِ عليكمُ *** إذا قـام يـومُ الـحشر ذو الغمراتِ؟

ولـسـتُ أخـافُ الـموت إلا لفَقدكم *** فـوا حـسـرتـي إن آذنـت بفَواتِ

ألا إنّ نـارَ الـبُـعـد أرفـقُ بالفتى *** إذا فـتّـحَـت مـن أذرع الـقُرُباتِ

فـتـصـبـح لـلقُربى إلى الله سُلّماً *** وتـجـعـلُ مـن نجواكِ ماءَ حياتي

ومـا الـنّـارُ إلا الإثـمُ يلتهمُ الحشا *** ويـلـقـيـكَ فـي بحرٍ, من الظّلماتِ

وأحـذرُ سـيـفَ الإثم بالرّوح فاتكاً *** وأخـشـى ريـاح الـذّنب مفترساتِ

ومـا هـذه الـدّنيا سوى الظلّ زائلاً *** ومـائـدةِ الأحـزان والـنّـكَـبات

فـويـلـيَ ممّا تكسبُ النّفسُ في غدٍ, *** إذا اللهُ لـم يـسـتُـر عـليّ هناتي

هـبـيـنـيَ يا أختَ الضّياءِ ملامةًًَ *** إذا اقـتـربَـت نـفسي من العثراتِ

ولا تـسـكُـتي عنّي فإنّ أخا الهوى *** يـزلّ إذا لـم يـعـتـصم بصلاتِ

ومـا صـلـة الـمحزون إلا دموعُه *** وآهـاتُـهُ مـمـزوجـة بـصـلاة

دعـي بـيـننا يا أختَ روحي مسافةً *** عـسـى يجمعُ الرّحمنُ بعضَ شتاتي

فـإنّـيَ مِـن ذلّ الـذّنـوب مُشتتٌ *** أبـوءُ بـثـقـلـي موهَن الخطواتِ

فـلا أنـتِ جـالاتـا أحيطت بمرمرٍ, *** ولا أنـا بـجـمـاليون ذو اللّمساتِ

أأكـسِـرُ كـالمجنون ما نَحتت يدي *** وأحـرقُ مـا حـبّرتُ من صفحات؟

وإنـيَ مـن مـاءٍ, مـهـيـنٍ, وطينةٍ, *** وإنّـكِ نـورٌ مـعـجـزُ الـقسماتِ

ولـكـنّ نـفخَ الرّوح أورثني التّقى *** وأسـبـغ ثـوبَ الـتّوب فوق قناتي

شـقـيـقةََ روحي قد أضرّ بنا النّوى *** وأخـشـى انـفلات الروح بعد ثباتِ

فـيـا لـيـتـني شيّدتُ للقلب دارةً *** مـحـصّـنـةً فـي عُـزلـةٍ, وفلاةِ

ولـكـنّ أبـوابي من الذّنبِ أصبحت *** مـصـاريـعـهـا مُـهتزّةً صدئات

حـبيبي، فداك الرّوحُ، إن كنتُ مذنباً *** فـقـد خُـلـق الإنـسانُ بالسقطاتِ

أتـدخـلُ فـرداً فـي الـجنان منعّماً *** وتـتـركـنـي لـلـهـمّ والنّقماتِ؟

أتُـدخـلُـنـي نارينِ: بُعدَكَ واللّظى *** وأنـت قَـريـرُ الـعين وسط لدات؟

وإنّـي ضـعـيـفٌ، شوكةٌ تستفزّني *** فـكـيـف بـنـار البُعدِ والجمراتِ؟

وأدعـو إلـه الـعـرش جنباً وقاعداً *** وعـنـد قـيـامـي فعل ذي الثفنات

عـسـى أن يُرى القلبان تحت ظلاله *** ويـغـتـرفـا مـن سَجدة السّجدات

أجـرنـي إلـهـي، فـالهوى مُتمكّنُ *** وقـلـبـي ضـريرٌ موجع الجنباتِ

أجـرني من الظنّ المزمجر في دمي *** وخـائـنـةِ الأبـصـار والـلّفتاتِ

ويا أخت روحي إن يحِن حَينُ صاحبٍ, *** وقـد أُشـرِبت روحي ندى الصّبواتِ

فـلا تـحـرمـيه من دعائك مورقاً *** ومـن دمـعـة تـأتـيـه بالرحَماتِ

عـسـى يغفِرُ الرحمنُ صبوةَ عاشقٍ, *** فـيـجـمـعَـنـا في جنّة الحسناتِ


أضف تعليق