رجعيتي ... مرجعيتي

1.4k
4 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

قـالـت: فـديـتُكَ هل للشعرِ من نظرِ *** يـرى فـيـخفق نبضُ القلبِ بالغُررِ

أمـا لـنـفـسِـك مـن حبٍّ,، ومن متعٍ, *** بـهـا تـعـيشُ بلا شكوى ولا ضجرِ

ألـم يُـذوَّب بـنـارِ الـشـوقِ من أمدٍ, *** مـضـى عـلـيـك فؤادٌ ناءَ بالكدرِ

فـكـم قـرأنـا لأهـلِ الشعرِ من غُررٍ, *** لـلـحـبِّ والـشوقِ والمزمارِ في أُطُرِ

وشـنَّـفـت سـمـعَـنـا أُغرودةٌ لفتت *** طـولَ الـلـيـالـي خـليًّا غيرَ منتظرِ

وكـم تـدلَّـى (أجـيـنـارٌ) بـطلعتِه *** عـلـى يَدَي شاعرٍ, من غابرِ العُصُرِ 1

تـروي الـهـوى بمزاجِ العصرِ ريشتُه *** أُسـطـورةً دلـفـت فـي حسنِها النَّضرِ

كـالـغـصـنُ أورق يسقي جذلَ كبوتِه *** صـمـتٌ تـكـابـدُه الأجراسُ في حذرِ

ألـم تـصـلـكَ الدواوين التي انتشرت *** و ذاعَ صـيـتٌ لها في البدوِ والحضرِ

عـن الـخـدود الـتـي بـيعت لكاهنِهم *** عـن الـصـدورِ التي باتت بلا سُتُرِ

عـن الـحـضـارةِ والـحريةِ انطلقت *** بـثـوبِـهـا الـنـاعـمِ الغالي لمتَّجرِ

عـن الـصـلـيبِ الذي قد صارَ فلسفة *** مـن غـيـر تـفعيلةٍ, في الشعرِ أو خَفَرِ

فـمـا لـهـا اكتأبت فيك المنى؟ وبكت *** دنـيـا شـبـابـك، إذ هلَّت بلا ثمرِ

أمـا وجـدتَ عـلـى الـتغريبِ تسليةً *** (ساجانُ) تزجي لها من نسجِها القذرِ (2)

فـقـم وجـدِّد شـبـابَ الـشـعرِ متكئا *** عـلـى ابـتـكـارٍ, جديدٍ, غيرِ مندثرِ

بـالـحـبِّ والـكفرِ: فامزج منهما شفةً *** عـلـى هـزيزِ الهوى واشدد على الوترِ

إنَّ الـتَّـحـرٌّرَ يُـغـنـي كـلَّ فـاتنةٍ, *** ولـيـس يـتـركُ للرجعيِّ من وزرِ

هـفـت عـلـى غـيرِ ما للدينِ من قيمٍ, *** فـبـالـهـوى دولٌ طـارت إلى القمرِ

وأنـتَ تـسـجـدُ خـمـسًـا بعد نافلةٍ, *** فـي الظهرِ والعصرِ والإمساءِ والسَّحرِ

دع عـنـك رجـعـيـةً لم تُغنِ في زمنٍ, *** فـيـه الـتـقـدمُ يـاهـذا لـمفتخرِ

قـالـت: فقلتُ: اخرسي.يابئس عابثةٍ, *** جـاءت لـتـبـدلَ أمـنَ القلبِ بالخطرِ

أغـرَّكِ الـزيـفُ فـي أبـنـاءِ جلدتِنا *** فـكـنـتِ لـعبَتَهم بين اللهوِ والوطرِ

أم أسـكـرتـكِ مـلـذَّاتٌ بـحـانـتهم *** حـيـثُ الـمـهازلُ لاتعدو هوى أشرِ

بـاعـوا عـفـافَك يا بلهاءُ، بل ظفرت *** بـك الـتـجارةُ، بئسَ العُهرُ من ظفرِ

وأشـعـلـوهـا عـلـى الإسلامِ ضاريةً *** حـربًـا ضـروسـا بمكرٍ, ماجَ بالضَّررِ

يــقــاتـلـون بـأقـلامٍ, مـزيَّـفـةٍ, *** هـدى الإلـهِ، ومـا لـلـحقِّ من سورِ

أعـمـتـهُـمُ الـنَّزواتُ: اللهوُ يركلُها *** خـلـفَ الـتـهـافتِ في حفلٍ, و مؤتمرِ

يـقـودُهـم عَـبَـثًـا إبـليسُهم ويرى *** أغـلـى مـآربِـه فـي أتـفـهِ الـنَّفرِ

فـوضـى الـسـفاهةِ في تدميرِ فطرتهم *** نـارٌ تُـؤجَّـجُ فـي اسـتـهتارِ محتقَرِ

تـفـحٌّ بـالـشـهـوةِ العمياءِ ما طلعت *** لـمَّـا تـعـرَّت بـغـيرِ النَّابِ والظٌّفُرِ

بـهـرطـقـاتِ بـغـاةٍ, مـا رأوا أبـدًا *** نـورَ الـطـهـارةِ يـجـلو لوثةَ البصرِ

يـتـاجـرون، ألا بـارت تـجـارتُهم *** ومـا بـهـا مـن مـتـاع الإثمِ والكِسَرِ

فـانـظـر هُـويَّـتَـهم تعرف معادنَهم *** فـي خـسَّـةٍ, أنـكـرتـها رفعةُ البشرِ

* * *

أهـجـتِ نـفـسَكِ، ما هيَّجتِ لي حلمًا *** عـلـى الـحرامِ، ولا أغريتِ بالصٌّورِ

رجـعـيـتـي درعُ إيماني، و معتقدي *** حـصـني الحصين، ومَدِّي غيرُ منحسرِ

ولـيـس زيـفُـكِ تـغـريـني مفاتنُه *** وكـيـف يـقـرن هذا الزيفُ بالدررِ

فـلا تـقـودَنَّـكِ الأوهـامُ عـابـثـةً *** وتـسـتـخـفُ بـكِ الأهـواءُ للضَّررِ

ولا تـكـونـي لـهـم جسرًا إذا عبروا *** ولا الـتـفـاتـةَ غـيٍّ, خـلفَ ذي نُكُرِ

قـد أوغـلـوا بـالإثـاراتِ التي قلبت *** دنـيـا الـجـمـالِ إلـى مـستنقعٍ, قذرِ

ولـم يـثـب مـنـهُـمُ إلا أخـو شـيمٍ, *** عـلـى ارتـطـامِ عمى الألوانِ بالبصرِ

فـمـزِّقـي ثـوبَ إفـسـادٍ, و بـهرجةٍ, *** واسـتـعصمي بالهدى و الطهرِ في العُمُرِ

فـزيـنـةُ الـغـيـدِ جلبابٌ على خُمُرٍ, *** ولـلـحـجـابِ ولـلإسـلامِ فانتصري

وسـفِّـهـي أُخـتَـنـا أحلامَهم و ذري *** لـلـتـيـهِ مـن زمـرٍ, تأسى على زمرِ

طـابـورُهـم شـبَّ فـي مرمى دناءتهم *** عـلـى الـفـجورِ بليلِ الكأسِ و الوترِ

فـكـيـفَ تُـرجَـى يدُ المخمورِ أوهنَها *** لـكـي تُـقـيـمَ علانا رعشةُ السٌّكُرِ

أو كـيـف يـنـهـضُ مأروضٌ بأُمتِنا *** أو أن تـقـومَ على ضُرٍّ, بمنحَدَرِ؟! 3

مَـن عـاشَ لـلـعبثِ المبتضِّ صاحبُه *** فـقـد تـسربلَ بالبرسامِ والقِصَرِ 4

يـاضـيـعـةَ الـعـمرِ ولَّى خلفَ بائعه *** يـعـوي عـلـى إثرِه والموتُ في لأثرِ

تـفـنـى الـرموزُ (لميخائيل) هذرمة *** أو بالبدائع من (جبران) في الصورِ 5

ولـيـس (فـيـنيق) بالرمز الخفيِّ فقد *** عـرَّتـه بـنـتُ رمادِ الرمزِفي الفكَرِ

فـدونـك الـيـوم سـاقـتـها مذاهبُهم *** سـود الـطـلاسـمِ فـي أكفانِ محتضرِ

فـلـمـلـمي سترَكِ المفضوحَ في يدِهم *** و أوِّبـي لـلـهـدى بالتوبِ و اعتبري

لـم يـصـفـعِ الـمجدَ إلا كفٌّ خسَّتِهم *** ولـم تُـوارِ الـعـلـى إلا يـدُ الـهذرِ

عـلـى سـرابٍ, مـن الـلذَّاتِ قد ركعوا *** وفـي الـعـمـايةِ يستخفون من قدرِ

أو تحتَ وقدِ نارِ (رماد الأربعاء) مضوا *** بـفـلـسـفـات من الهندوسِ للحفرِ(6)

تـبًّـا لـمَـن بـذلـوا أيـامَـهـم عبثًا *** مـع الـعـفـاريتِ واختاروا لظى سقرِ

* * *

يـا أخـتـنَـا: والـمـعالي ثوبُ عفَّتنا *** نـادتـكِ فـاسـتـمعي للحقِّ لا الخُسُرِ

مـدِّي يـديـكِ إلـى الـزهراءِ طاهرةً *** تـلـقَـي بـبـردتـهـا من يانعِ الثمرِ

تـهـدي انـبـعـاثـكِ بالتقوى إلى قيمٍ, *** ولـيـس يُـبـقـي حُنُوٌّ الدينِ من عَسِرِ

ولـيـس مـن مـتـعـةٍ, أجدى لظامئةٍ, *** مـن دافـقِ الـنٌّـورِ يا أُختاه في السٌّوَرِ

يـصـونُـكِ اللهُ بـالـرفقِ الذي ظهرت *** بـه الـنٌّـبـوَّةُ و الـمـأثورُ في السِّيرِ

رامـوكِ صـيـدًا عـلى شطآنِ شهوتِهم *** وأنـتِ فـي يَـمِّـنـا أغـلى من الدٌّرَرِ

لـم نـسـتـمـع لـسفيهٍ, في محاضرةٍ, *** إلا دعــاكِ لـديـجـورٍ, ومـنـحـدرِ

عـلـى مـسـاحـبِ حريَّاتِ مَن كفروا *** فـي الـغربِ والشرقِ وفي آفاقها الأُخرِ

ألـفـيـتُـهـم فـي فـمِ الأهواءِ قهقهةً *** ثـمـلـى بهم، وتلاشت في دجى الخورِ

فـإنَّ لـلـغـيِّ مـهـمـا اشـتدَّ ساعدُه *** بـتـرًا، ومـا لـغُواةِ العصرِ من وزرِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

هوامش:

(1) أجينار: من ملوك الفينيقيين

(2) ساجان: قاصة فرنسية تُعنى بالجنس

(3) مأروض: مَن به خبل

(4) المبتض: المستأصَل

(5) إشارة إلى كتابات الحلول والكفر والفجور في كتابات أولئك

(6) رماد الأربعاء: إشارة لشاعر الجنس والعهر الإنكليزي إليوث


أضف تعليق