عِبرة وعَبرة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

عُصفورُ جنِّح برُوحي وانثُرِ الآهـــا *** وارسم على صفحةِ الأيّامِ نجـــواها

 

واصدح بما شئتَ فالآلامُ كــم رقَصت *** على جَـوى الرٌّوحِ حتـى ابتلَّ خَدَّاها؟!

 

كم عذّبَتها سنــــــونٌ حارَ طَالِبُها *** وروَّعتها صُروفٌ طــــالَ مَمساها!

 

وقيَّدتها ليالي الــــــدهرِ ارتسمت *** على الشِّفاهِ رسومٌ كلَّما فــــــاها

 

عصفورُ! ما قصةُ الأحلامِ إذ وُئِـــدت *** في مهدِها وتوارت في زوايـــاها؟

 

كانت لنا أملاً بالأمســـــــِ نرقُبُهُ *** واليومَ أضــحت سرابًا في الدٌّنَا تاها

 

ما قِصةُ القلبِ والذكـــــرى تحرِّقُهُ *** يَسري بهِ الوجدُ طولَ اللَّيلِ أوَّاهـا؟!

 

ما قصةُ العينِ والأنهارُ تغمـــــرُها *** يُرى على ظاهـرِ الخَدَّينِ مجرَاها؟

 

ما حادثاتُ الليالي السٌّودِ تحســــبُها *** ضربًا منَ السّحرِ أضحى القلبُ مغناها؟

 

كم روَّعتنا صروفُ الدهرِ! كم عزفت *** أوتارُها الحُزنَ مصحــوبًا بلأوَاها!

 

أُسائلُ الـــدهرَ...والآهاتُ شاهدةٌ *** عن جاثماتٍ, بِظَهرِ الأرضِ نلقاهــا

 

عنِ الطلولِ البوالي... عن تقادُمِهــا *** مَن ذا الذي بترابِ الأرضِ سوَّاها؟

 

أينَ الأولى درجُــوا واستوطنُوا زمنًا *** فيها وباهوا الورى يومًا بمبنــاها؟

 

تصرَّمت وانقضت أعـمارُهم وغـدت *** قصورُهم طللا يُبكـى لمـــرآها

 

واستوطنتها وحوشُ الأرضِ واحتشدت *** على جَلامدِها الغِربانُ تنعــــاها

 

والريحُ صرَّت نهارًا في مجاهِلِـــها *** والبومُ عافت معَ الأيامِ سُكـــناها

 

محَا الخريفُ بقايا من معالِـــمِها *** لم يُبقِ منها سوى النَّجوى وذكـراها

 

وغصةً لم تزل في الحلقِ مُذ شهِدت *** عينايَ آثارَهم... والدَّمــعُ روَّاها

 

وحسرةً جرَّحت قلبي وكــم نزفت *** دماهُ بينَ الوَرَى تُفضِي بشكــواها

 

في كَرَّةِ الدَّهرِ للأرواحِ عِبـــرتُها *** وفي الثَّرى تحتَ صُمِّ الصخرِ عُقباها

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply