غـنّـت لنا وُرقُ الحجازِ و صبحُ مكّة قد صفا
و نـسـيـمُ هـديِ الله فـي جـنباتها قد هفهفا
و خـواطـرُ العشّاقِ تسعى بين مروةَ و الصّفا
و الـبـدرُ لاح فحين أبصرَ نورَ طلعته اختفى
لا تـسـألوا ماذا جرى؟ جاء النبيّ المصطفى
* * *
فـكـأنـمـا الأمـواهُ في لجّاتها رقراقُ عسجد
و كـأنـما الأوراقُ في أغصانها فيضٌ زبرجد
حـيـن الـهـواتـفُ ردّدت قـد جـاء أحمد
قـرّي بـهـذا الضيفِ عيناً و انعمي يا أمَّ معبد
لـلـكـون ما يرجوهُ من نعمى و نحن لنا محمّد
* * *
هـذي خـيولُ الصبحِ قادمةٌ كأنّ الصّبحَ طارق
و مـحـمـدٌ يـجري هواهُ على سلاليمِ الزّنابق
و فـصـولُ عشّاقٍ, على دُهمٍ, من التّقوى سوابق
حـرمٌ شـريـعـتُـنا و حبٌّ محمدٍ, فيه سرادقُ
مـن لـم يـخـالـط حبٌّ طه قلبَهُ و الله فاسق
* * *
هـذي خـواتـيمُ الشّذا ترتاحُ في بُسطِ الحقول
و قـوافـلُ الأزهارِ تستفتي النّدى ماذا تقول ؟
قـال الـنـدى و لـه من المولى إشاراتُ قَبول
قـولـي سـلامٌ مـن سـلامٍ, إنّـه طه الرّسول
مَـن كـان أسـوتُـه النبيَّ محمداً فله الوصول
* * *
يـا سـائـلاً عـنّـا تـعـالَ إليّ أنبئكَ الخبَر
إن أقـفـرت أرضُ القلوب فنحن حبّاتُ المطر
أو أظـلـمت سُبلُ الحياةِ فنحنُ في الدّنيا القمر
مـنّـا أبـو بـكـرٍ, و صاحبُه أبو حفصٍ, عمر
و إذا أرادَ اللهُ نـحـن قـضـاءُ ربّـي و القدر
* * *
تـبّـت يـدا من لم يكن منّا و تبّ و ألفُ تبّ
لا مـالُـه يـغـنيهِ عن هديِ الإله و لا الذّهب
كـن مـسـلـماً و كفاك عند الله هذا من نسب
و اطـلب رضا مولاكَ مجتهداً و أجمِل بالطّلب
إن لـم تـكـن عمراً فلا تكُ في الحياةِ أبا لهب
* * *
يـا سـائـلاً عـنّـي تـعالَ إليّ أنبئكَ الخبر
نـبـأُ الـغـرامِ أنـا و لي في كلّ قلبٍ, مستقرّ
بغدادُ عاصمتي و أرض الشامِ حاضرتي و مِصر
فـي قـلـبـيَ القرآنُ محمولٌ و في كفّي حجَر
و أرتّـلُ الآياتِ فالصّحراءُ أغصانٌ يدلّيها الثّمر
* * *
أنـا حـبّـةُ الله الـتـي تعطي ملايينَ السّنابل
إن شئتَ سل عنّي تجبكَ سنابكُ الخيلِ الأصائل
زيـتـونُـنا يبقى و غرقدُهم و ما زرعوهُ زائل
لـن تـهزمُ النّيرانُ إيمانَ القلوبِ و لا السّلاسل
فـهـنـاكَ جـنـدُ الله في الفلّوجةِ الفيحا تقاتل
* * *
لا تـبتئس يا خالداً...في أرض غزّةَ ألفُ خالد
لـن يـهدمَ الباغونَ ما تبني و ما بنتِ المساجد
و الله لـن يـصـلـوا و فـينا قانتٌ لله ساجد
فـي كـلّ شبرٍ, من ثرانا الحرِّ ينبضُ قلبُ عابد
إن يـقـضِ مـنّا واحدٌ... يتبعهُ منّا ألفُ واحد
* * *
مـن لـم يـكن منّا فليسَ لـه من الرحمن واق
نـحنُ العراقُ فلا تسل يا صاحبي أين العراق ؟
بـغـدادُ ما زالت تجوبُ بأرضها الخيلُ العتاق
خَـطـوُ الـمثنّى فوقَ حبّاتِ التّرابِ الحرّ باق
و نـعـانقُ الموتَ الكريمَ و طابَ في الله العناق
* * *
كـن مـسـلـماً تدرك بعونِ الله غاياتِ الكمال
كـن فـي ضمير الكونِ قرآناً و صوتاً من بلال
أوصـل حـبـالَـكَ بـالإله تعزّ هاتيكَ الحبال
لا تـنـسفُ الرّيحُ الجبالَ فكن بعزمكَ كالجبال
و اكـتـب بحبرِ الحبّ و الإيمانِ ديوانَ الرّجال
* * *
و الله مـا الـمـالُ الذي يعلو بصاحبِه و يرفع
الـعـمـرُ لـيسّ دراهماً معدودةً تُجبى و تُدفع
الـعـمـرُ أن تهبَ الإله الرّوحَ خالصةً و تقنع
و إذا الذّنوبُ تكاثرت فالجأ إلى الرحمن و افزع
لا تـيـأسـنّ مـن الـكريمِ فإنّ عفوَ اللهِ أوسع