شروط الدعوة إلى الله


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قال - تعالى -: \"ادعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلهُم بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدِينَ {125} وَإِن عَاقَبتُم فَعَاقِبُوا بِمِثلِ مَا عُوقِبتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِّلصَّابِرينَ {126} وَاصبِر وَمَا صَبرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحزَن عَلَيهِم وَلاَ تَكُ فِي ضَيقٍ, مِّمَّا يَمكُرُونَ {127} إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مٌّحسِنُونَ {128}\"من سورة النحل.

 

معاني الكلمات:

سبيل ربك: شرائع الإسلام ومبادئه التي هي الصراط المستقيم.

الحكمة: وضع الشيء في موضعه من حيث الملائمة وعدم التنفير.

الموعظة: الكلام البليغ المؤثر في السامعين.

وجادلهم: من المجادلة وهي المحاورة وقد يكون فيها شيء من الشدة.

ضَيقٍ,: من ضاق الشيء وهو ضد الوسع وهنا بمعنى الحرج وضيق الصدر.

 

المعنى العام والشرح:

يأمر الله - عز وجل - نبيه الكريم محمدا ومن ورائه أمته أن يدعو إلى دين الله، دين الإسلام، الذي أنزله الله على نبيه.

وبين الله لنا طريق الدعوة الذي نسلكه حتى تؤتي الدعوة ثمارها، وهو طريق الحكمة والموعظة الحسنة، الطريق أو الأسلوب الذي يناسب المدعوين، فيجذبهم ولا ينفرهم، حتى إذا أصغوا السمع ووعت القلوب، انقلبوا عندئذ بنعمة من الله وفضل.

وربما يحتاج الأمر إلى جدال ومحاورة، والجدال والمحاورة لا بد منهما للإقناع: فكلما كان الجدال والمحاورة بهدوء وتعقل وروية واحترام للآخر، كانت الفائدة أعم والنتائج أكمل وأفضل ((وجادلهم بالتي هي أحسن)) للنصراني واليهودي والوثني ولكل ملة من الملل، إذا كان الخطاب يحمل في روحه نسمات الرقة والرحمة وإرادة الخير والهداية لذلك المخاطب من غير قصد استعلاء عليه أو استهتار أو استهانة بأحاسيسه ومشاعره، فإن الله - عز وجل - يضع القبول والهداية لذلك المخاطب ((إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)). فالله - عز وجل - هو عليم خبير بعباده يعلم من يضل ويعاند ويعلم من يسلك سبيل الحق والهدى.

وربما يحصل للداعية في سبيل الله بعض الأذى ممن لا ينصاعون للحق وقد نذروا أنفسهم للوقوف في صف أعوان الشيطان، وعندئذ يحق للداعية المعتدى عليه أن ينتصر لنفسه بمثل ما اعتُدي عليه، ولكن الله جعل فضيلة الصبر وأجر الصابرين خيرا من العقوبة والانتصار. بل أمر رسوله الأسوة الحسنة والأمة من ورائه بالصبر ((واصبر وما صبرك إلا بالله)) لأن الصبر هو العدة الدائمة التي يلح عليها القرآن لإيصال المسلم إلى مبتغاه وهو تحقيق العدالة والتكريم لبني البشر في انتهاج شرع الله المبين الذي أنزله على رسوله الأمين.

والصبر على مثل هذا العمل لا يعني إلا الاستمرار في بذل الجهود لإجراء التغيير اللازم، مع تحمل للمصاعب الناتجة بنفس راضية دؤوب دون حزن أو ضيق، خصوصا مما يوقعه الأعداء في صفوف المسلمين ويخططونه من مؤامرات ماكرة.

إن مقاومة ذلك لا تكون بالحزن أو الغضب أو توتر الأعصاب، وإنما تكون بالنظر والتعقل وبإعطاء الحل المناسب الصادر عن الدراسة وعمق التحليل والتخطيط.

وعندما تكتمل شروط الأهلية ليستأهل الدعاة لمعية الله - عز وجل - من الصبر ومتمماته من مكارم الأخلاق مجللة كلها بالتقوى، حينئذ يأتي مدد الله ومعيته لعباده المحسنين ويوفيهم أجر الدنيا وحسن ثواب الآخرة.

وصلى وسلم وبارك على سيدنا ونبينا رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه...

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply