بسم الله الرحمن الرحيم
\" وَمَن أَحسَنُ قَولاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسلِمِينَ {33}ولاَ تَستَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادفَع بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيُّ حَمِيمٌ {34} وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ, عَظِيمٍ, {35} وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطَانِ نَزغٌ فَاستَعِذ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ{36} من سورة فصلت
معاني الكلمات:
ولي حميم: صديق قريب يهتم بأمرك. وقيل صديق شديد الولاء.
وما يلقاها: ما يؤتى هذه الخصلة الشريفة.
ذو حظ: الحظ النصيب، وهناك فرق بين أن يكون مثبتا وبين أن يكون منفيا، بمعنى أننا لو أثبتنا حظا لإنسان ما في شيء ما فقد يكون على درجات وفيه كامل وناقص، مثل قوله - تعالى -\" إنه لذو حظ عظيم \"، أما عند النفي فلا.
ينزغنك: يصيبنّك أو يصرفنك.
نزغ: نزغ الشيطان وسوسته وصوارفه.
شرح الآيات:
الدعوة إلى الله أمرها عظيم وشأنها خطير، فلولا الدعاة الصالحين المصلحين ما انتشر الإسلام وطبق الآفاق في برهة وجيزة من الزمن.
والدعوة إلى الله - عز وجل - وإلى دين الله هي القطب الأعظم الذي تدور عليه رحى شريعة الإسلام، وبسببها ابتعث الله الرسل إلى العباد ليقوموا ومن بعدهم بالتذكير والدعوة على كر الأيام والأزمان.
وفي الآيات السالفة الذكر يبين الله - عز وجل - أن أحب عباد الله إلى الله قولا الذين يدعون إلى الله على بصيرة وبينة من أمرهم، ولا يكون الداعية على بينة من أمره ما لم يتبع النهج السليم في الدعوة، وهو النهج الذي اختطه السلف الصالح من تزود بالعلم والحلم والصبر، وامتثال وقدوة وتحمل واحتساب في سبيل تبليغ دعوة الله إلى عباد الله في كل مكان.
وشرط في المبلغ شرطا أساسيا لا حيدة عنه ولا يصلح عمل الدعوة بدونه، ألا وهو العمل الصالح، القدوة الحسنة و التأسي بالصالحين ابتغاء رضوان رب العالمين، لا ابتغاء عرض من حطام الدنيا، بل إحسانا منه ليبلغ درجة الإحسان عند رب العالمين.
ويذكر المولى - عز وجل - الدعاة بقاعدة حقيقية وهي أساس في طريق الدعوة: ليست الحسنة والسيئة عند الله وعند الناس سواء، فإذا كانت هذه الحقيقة مستقرة في أذهاننا، فلماذا نترك الحسنة ونقبل على السيئة؟ فهذا ليس شأن العقلاء. بل على الدعاة المخلصين أن يجيدوا فن استعمال هذه القاعدة العظيمة ((ادفع بالتي هي أحسن)). قال بعض المفسرين: ادفع من أساء إليك بالإحسان إليه حتى ينقلب عداؤه صداقة ومحبة.
والأمثلة في ذلك من حياة المصطفى كثيرة جدا، وأكثر من واحد جاء ليقتله فخرج من عنده مسلما مؤمنا وهو من أحب الناس إليه، وما ذلك إلا من حسن قوله له ولين كلامه ومخاطبته ، فانقلب هؤلاء من عنده أولياء لله ورسوله أصدقاء أحباء لأهل الإسلام.
ولا يستطيع إنسان ما أن يمنح الناس هذا الخير العظيم، وهم يوقعون فيه الشر والأذى، من غير أن يتحمل ويصبر ويحتسب، فالصابر الذي رسم لنفسه طريق الوصول إلى غايته في مضمار الدعوة إلى الله، هو من وضحت لديه فكرة الجزاء الأخروي وتصور ما ينتظره من نعيم مقيم أعده الله للصابرين المحتسبين أصحاب الحظ العظيم.
وفي الطريق الموصل إلى الهدف يعترض الداعية عوارض كي تصرفه عن تحقيق ذلك الهدف السامي، ومن أهمها ذلك العدو اللدود إبليس عليه لعائن الله ((إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا)). وفي طريق الدعوة يذكرنا الله بهذا العدو اللدود: ((وإما ينزغنك من الشيطان نزغ)) فالوسوسة والنزغ وثني المسلم عن متابعة سيره في سبيل الحق والخير وكل ما يحول بين المسلم وعمل الخير، كل ذلك من نزغات الشياطين، فما ذا نعمل؟
أرشدنا الباري - جل وعلا - ((فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم)) إن نحن استعذنا بالله واحتمينا به وطلبنا منه العون على هذا العدو الظالم المبين، فإنه بفضله ومنه ورحمته يحمينا ويجيرنا من شره ويصرف كيده عنا. فلا بد أن يكون قلب الداعية دائما وأبدا معلقا بالله - عز وجل - فإنه نعم المولى ونعم النصير.
وصلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد