كيف تبلورت إستراتيجيات الدعوة ؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لم يكن بالإمكان التخطيط لأي شيء دون معرفة الواقع الإفريقي في تفاصيله وتلاوينه المختلفة وذلك بالزيارات الميدانية والإطلاع المباشر على أوضاع وأحوال المجتمعات الإفريقية عامة والإسلامية منها خاصة سواء في العوالم الحضرية، أو العوالم القروية مهما كانت نائية وصعبة للوصول إليها.

وبعد سنوات من الإطلاع والاستكشاف، اتضحت إلى حد كبير الصورة العامة لأوضاع تلك المجتمعات، وكانت هذه المرحلة هي الخطوة الأولى الضرورية لبلورة استراتيجيات على أساس الاعتبارات الجوهرية التالية:

 

1 - النسبة العددية للسكان المسلمين:

• هناك بلدان كانت غالبية مسلمة (90% من إجمالي السكان فما فوق) ولها تاريخ إسلامي عريق في الدعوة والجهاد ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وهذه لها أوضاعها الخاصة التي أخذت في الاعتبارات وبالتالي كانت الأهداف التي تم التركيز عليها دعم وتقوية عناصر القوة في الحياة الدينية للمسلمين في هذه البلدان ببرامج مناسبة ومتنوعة.

• وهناك بلدان ذات أقليات مسلمة (تتراوح بشكل عام بين 40% مثلاً و 1% أو أقل)، وهذه الأقليات المسلمة لها أوضاعها الخاصة، وبالتالي فإن الأهداف الخاصة بها تشترك مع سابقتها وتزيد عليها بنوع من التركيز على برامج خاصة لا سيما الاهتمام بتوفير فرص التعليم الجامعي والعالي في بلدانها أو خارجها.

• ثم هناك المجتمعات الإفريقية التي لا تزال على دياناتها التقليدية (الأرواحية والوثنية) أو لمن انتشرت فيها المسيحية، واستراتيجية الدعوة في هذا الحالة تركز على الدعوة لاعتناق الإسلام ببرامج وأساليب أخرى، تدخل فيها المشاريع ودور الكتب والدعوة الميدانية والإغاثة...الخ.

 

2 - اكتشاف \" المناطق الهشة \":

والمقصود وجود مناطق وبلدان معينة تخضع لتنفيذ استراتيجيات خارجية بالأساس تهدف إلى تفتيت المناطق القوية للمسلمين وإضعافها لصالح المشروع التنصيري أو لصالح النفوذ الأجنبي لهذه القوة الاستعمارية السابقة أو تلك أو لصالحهما معاً.

وعادة ما تستغل التمايزات القبلية والدينية لإيجاد مسوغات لتنفيذ تلك الاستراتيجيات، ونستطيع أن نضرب مثلاً رئيسياً بما يعرف بـ \" خط النار \" وهو خط من الفتن الداخلية ذات الخلفيات الخارجية الممتدة من السنغال إلى السودان مروراً بمالي والنيجر وتشاد.

ومن \" المناطق الهشة \" كذلك، الأوضاع في منطقة القرن الإفريقي بكل تداعياته على البلدان الواقعة في المنطقة، ولكن بالأساس على حساب المسلمين في هذه المناطق…

هذه الأوضاع التي تعمل على إضعاف شوكة المسلمين فيها، وإن كانت القناعة الحاصلة الآن لدى \" العون المباشر \" أن التنمية الشاملة والتعاون الإقليمي هما المخرج الوحيد من مخاطر الصراعات الإقليمية وشراك الفتن التي يؤججها خصوم إفريقيا والإسلام، وفي تقديرنا فإن المنظمات الإسلامية غير الحكومية تستطيع أن تقوم بدور جيد في هذا المجال، إن هي اتجهت للتنسيق والتعاون فيما بينها وهذا أمر نعتقد أنه واجب شرعي.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply