بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإننا نعيش في هذا العصر في تطورٍ, متسارعٍ, في عالم تبادل المعلومات مما يحتم علينا معشر المسلمين السير ضمن هذا التيار حتى قيل (كان الأمي قديمًا من لا يحسن القراءة والكتابة وأما اليوم فهو من لا يحسن استخدام الكمبيوتر) ولا أريد مناقشة هذه المقولة وإن كان لها نصيب من الاعتبار، ولكننا لا يمكن أن نبقى في معزلٍ, عن مواكبة هذا التيار.
وإن الاستفادة من الوسائل الحديثة - وأعني بذلك استخدام شبكة الإنترنت - في الدعوة إلى الله يعدّ من وسائل الدعوة، فهي كالكتاب والإذاعة والشريط والمقالات عبر الصحف والمجلات، إذ لكلٍ, من هذه الوسائل روادها وطالبوها وثمراتها.
ومن فوائد الإنترنت الحصول على برامج عديدة في العلوم المختلفة في التفسير، والحديث، والفتاوى الفقهية، واللغة، إضافة إلى تحميل الكتب والمصنفات العديدة بلغاتٍ, مختلفةٍ, على أجهزة الحاسوب وهذه تفيد كثيراً الدول التي يصعب أو لا يكمن نقل الكتب إليها، إضافةً إلى تبصير المسلمين بأحوال العالم الإسلامي وما يعانون منه وطرح مشكلاتهم وسبل حلها.
وإن حديثي فيما يخص شبكة الإنترنت يتعلق في استخدام برنامج البالتوك (paltalk)، وإن هذا البرنامج عبارة عن محادثات صوتية قد يصاحبها كتابة، وربما تكون مرئية أيضًا، وإن هذا البرنامج - البالتوك - ذو شهرةٍ, قويةٍ, عالميةٍ, لقوة خدماته وإمكانياته.
و لا ريب أن الوسائل الإعلامية سلاح ذو حدين إذ يمكن أن يستخدم في الخير وفي الشر أيضا، وهذا البرنامج منها.
ولقد بدأت العناية والاهتمام من قبل المسلمين في الدعوة إلى الله - عز وجل - من خلال هذا البرنامج عبر السنوات القليلة الماضية حسب اطّلاعي - ومن أوائل من سبق مع الأسف في استخدام ذلك هم القاديانية، مع ما هم فيه من كفرٍ, وباطلٍ, وانحرافٍ, في دعواهم نبوة الكذاب ميرزا غلام أحمد وما يلبسون به على كثير من الناس وخاصة الذين يدخلون في دين الإسلام.
إيجابيات البرنامج:
يمكن القول بأن الإيجابيات لهذا البرنامج أبرزها ما يلي:
أولاً: استخدامه كوسيلة من الوسائل الإعلامية الحديثة في إلقاء الدروس والمحاضرات والندوات والفتاوى.
ثانيًا: إيصال العلم الشرعي المستمد من الكتاب والسنة وفهم السلف إلى ديار المسلمين المتباعدة، وإلى ديار الكفر التي يقل فيها العلماء وطلبة العلم، أو المناطق التي ربما يصعب أو لا يسمح بنقل الكتب والمصادر إليها، ففي هذا تغلب على تلك الصعوبات، وفيه تيسير التلقي العلمي عوضًا عن حلق العلم المباشرة على الشيوخ حيث لا يمكنهم ذلك، إضافة إلى فائدته للنساء حيث يصعب على كثير منهن متابعة حلقات العلو وحضورهن الدروس.
ثالثاً: تبصير المسلمين بدينهم الحق وترسيخ العقيدة الإسلامية الصحيحة المستمدة من الكتاب والسنة مع التحذير من الفرق المنحرفة بالرد على شبهاتهم التي يطرحونها خلال هذا البرنامج.
رابعًا: يعد هذا البرنامج وسيلة من الوسائل الحديثة الهامة في بيان محاسن الإسلام وعدالته ونشر ذلك بلغاتٍ, مختلفةٍ, وبلوغ ذلك أقاصي الدنيا وأطرافها.
خامسًا: الرد على مطاعن النصارى وشبهاتهم التي يعرضها المبشرون في كتبهم وفي خلال هذا البرنامج.
سادسًا: الرد على القاديانية (الأحمدية) وبيان باطلهم وانحرافهم عن دين الإسلام ووقوعهم في الكفر في ادعائهم صحة النبوة بعد دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
سابعاً: نقل الدروس العلمية والدورات العلمية التي تقام في العطل وغيرها لما فيها من فوائد عدة.
سابعًا: إمكانية طرح عدد من الدروس التي تؤخذ عادة بالتلقي عن الشيوخ كدروس التجويد للقرآن الكريم وتعميم الفائدة في ذلك.
ثامنًا: إمكانية إقامة غرف خاصة للأخوات من النساء يتدارسن فيها كتاب الله وأمور دينهن وأمور النساء من خلال غرف مغلقة لا يدخلها إلا من يردن من النساء من خلال رقم خاص للغرفة تضعه من تريد الدخول.
سلبيات هذا البرنامج:
لا ريب أن الوسائل الحديثة لا يخلو بعضها من أوجه سلبية، منه ما يمكن التغلب عليه ومنه ما لا يمكن، وسأحاول إن شاء الله عرض أبرز ما ظهر لي من سلبيات مع كيفية التغلب عليها إن وجدت.
أولاً: وجود غرف كثيرة ضمن البالتوك تتنافى مع الآداب والأخلاق والقيم الإسلامية، لذا ينبغي على المسلم ألا يدخل إلا في غرف مخصوصة معلومة الفائدة من خلال سؤاله من يثق بدينه، ولا يجلس يبحث وينقّب فيدخل في الصالح والطالح من هذه الغرف.
ثانيًا: إمكانية دخول بعض الناس ممن قد يسيء الأدب في هذه الغرف، ويمكن لمديري الغرف الجيدة أن يضبطوا ذلك إلى حدٍ, كبيرٍ, إذا وقع ذلك بمنع من يفعل ذلك من الكتابة أو إخراجه من الغرفة.
ثالثًا: ظهور دعايات غير أخلاقية ضمن البالتوك، ويمكن التغلب على ذلك فيما يتعلق بمديري الغرف وذلك بإيجادهم الغرف عن طريق الاستئجار للغرف من الموقع، وبذلك لا ترد في غرفهم الدعايات ولديهم الخيار في وضع ما يشاءون لأنفسهم، وأما في غير غرفهم فالأمر لا يزال قائمًا في ظهور الإعلانات، ويمكن التغلب على ذلك من خلال اشتراك الشخص في الموقع بعدم إظهار الدعايات الخاصة في البالتوك وهو اشتراك ذو قيمة قليلة باسم له، وبهذا لا تظهر له دعايات إذا دخل بهذا الاسم في جميع الغرف.
رابعًا: وجود التصوير ضمن البالتوك من خلال الكاميرات، وإن كان هذا غير منتشر كثير إلى الآن لكن الإمكانية موجودة وبدأ ظهوره وانتشاره علمًا بأن الأمر فيه اختياري للمستخدم إن شاء استقبل الصورة مع الحديث وإن شاء بدونها، ويمكن لمديري الغرف منع من يستخدم الكاميرا بإزالتها.
يضاف إلى ذلك بأنه يمكن لمستخدم الإنترنت عمومًا أن يلغي من يرغب كافة الصور فلا تأتيه أي صورة على الإطلاق حتى المناظر الطبيعية وذلك بفعل عملية يسيرة خلال الإعدادات من المستكشف في الإنترنت.
نصائح وتوجيهات:
أولا: ينبغي على المسلم أن يحرص على وقته وعلى الاستفادة منه وأن لا يضيع وقته عبر شبكة الإنترنت بما لا طائل تحته ولا ثمرة كبيرة منه.
ثانيًا: يحرص على الدخول في الغرف النافعة المشهود لها بسلامة منهجها وعدم انحرافها وبحصول الفائدة منها.
ثالثًا: اجتناب دخول الغرف المنحرفة لأصحاب الفرق الضالة، إذ حضور ذلك تكثير لسوادهم وإقرار للاستماع لباطلهم، إضافة مع كون البدع والشبهات قد تنقدح في نفوس بعض الناس لقلة علمهم أو ضعفه، فلذا لا ينبغي أن يدخل هذه الغرف ويناقش فيها إلا من كان على بصيرة في دينه وبعقائد الفرق الضالة وأساليبهم.
رابعًا: ينبغي على طلبة العلم والعلماء والأساتذة والمربين المشاركة في هذا البرنامج من خلال الدخول في غرف خاصة ينشئونها أو غرف معروفة بالاستقامة بدخولهم بأسماء حقيقية لتعم الفائدة ولتحصل الثقة والاطمئنان إليهم وإلى أحاديثهم وإلى إجاباتهم.
خامسًا: ينبغي المحاولة في اختيار الأوقات المناسبة قدر الاستطاعة ليعم النفع والاستفادة من هذه الدروس والأنشطة العلمية.
مقترحات وتطلعات:
تتطلع إلى إقامة موقع إسلامي يبثّ الدروس والمحاضرات والندوات بلغات مختلفة متعددة وبأوقات تتناسب مع تلك الدول.
وإن مثل هذا العمل مناط بأن تتولاه جهات إسلامية معنية بالدعوة إلى الله - عز وجل - كوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية ورابطة العلام الإسلامي وغير ذلك من المؤسسات المعنيةº لتكون بعيدة عن سلبيات البالتوك، ولتؤدي هدفًا وتحقيقًا للقيام بواجب الدعوة إلى الله على بصيرة ضمن هذه الوسيلة الإعلامية الحديثة (الإنترنت) ولتكون بديلاً عن البالتوك وسلبياته.
وإن هذا الموقع المقترح يمكن أن يقدم نقلاً حيًا مباشرًا لدروس الحرمين الشريفين لما فيها من عظيم الفائدة، ويقدم نقلا لإذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية إضافة إلى الاهتمام بشئون الإسلام والمسلمين ونقل كافة الدورات العلمية عبر الموقع المقترح.
ومما يزيد في فائدة هذا الطرح إيصال الإعلام الإسلامي الهادف إلى دول شتى في العالم مما يصعب أو لا يصلهم البثّ الإذاعي لإذاعة القرآن الكريم وبرامجها، بينما عبر هذه الوسيلة فالأمر فيها متاح وميسور، مع ملاحظة أن كثيرًا من الغرف الموجودة الآن في البالتوك في بعض اللغات مثل اللغة التركية والأردية والأوزبكية قلّما يوجد فيها مع الأسف اهتمام بالدعوة إلى الله في ذلك.
ويمكن لهذا الموقع الإسلامي المطروح أن يصاحبه أيضًا جانب من الترفيه المشروع، وطرح المسابقات العلمية الثقافية الهادئة وتشجيع الفائزين بذلك في أنحاء العالم.
وإني لأرجو أن تصل هذه الطروحات والمقترحات إلى من يعني بأمور المسلمين ومن له يد في إيصال ذلك لتأخذ الأمور مجراها في التنفيذ بعد الدراسة والتمحيص.
ختامًا: أسأل الله - عز وجل - بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يستعملنا في طاعته ومرضاته وفي كل ما يقربنا إليه، وأن يجنبنا معصيته وسبل الهلاك وأن يشرح صدورنا للدعوة إلى الله على بصيرة.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين الطاهرين ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد