بسم الله الرحمن الرحيم
5- مخالفة العمل للقول:
قال تعالى: (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفعَلُونَ،كَبُرَ مَقتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفعَلُونَ).
عن جندب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه) رواه الطبراني في الكبير.
وغير تقي يأمر الناس بالتقى طبيب يداوي والطبيب مريض
ما أقبح التزهيد من واعـظ يـزهـد الناس ولا يـزهـــــــــــــد
لو كان في تزهيده صـادقا أضحى وأمسى بيته المسجـد
عن عائشة -رضي الله عنها- أن أبا بكر -رضي الله عنه- قال: (لست تاركاً شيئاً كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعمل به إلا عملت به، وإني لأخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ)
قال ابن مسعود: (عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة).
(لن يضيع أمرؤ صواب القول حتى يضيع صواب العمل)
قال عبد القادر الكيلاني: (أريد منكم أعمالاً بلا كلام، العارف العامل لوجه الله سندان يدق عليه وهو لا ينطق، أرض يمشي عليها وتغير وتبدل وهو أخرس).
عن أبي حيان عن أبيه قال: (أصاب الربيع الفالج فكان يحمل إلى الصلاة، فقيل له: إنه قد رخص لك قال: قد علمت، ولكني أسمع النداء بالفلاح).
عن هشام بن عروة عن رجل قال: سُئلت عائشة -رضي الله عنها-: ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصنع في بيته ؟
قالت: (كان يرقع الثوب، ويخصف النعل، ونحو هذا).
حدثنا جعفر قال: سمعت مالك بن دينار يقول: (نية المؤمن أبلغ من عمله).
العلم للعمل:
قال: وسمعت مالكاً يقول: (إنك إذا تعلمت العلم لتعمل به سرك العلم، وإذا طلبته لغير العمل لم يزدك إلا فجوراً)
عن مالك بن دينار قال: (من طلب العلم لنفسه فالقليل منه يكفي، ومن طلب العلم للناس فحوائج الناس كثيرة).
الإسرار بالعمل الصالح:
عن سفيان قال: أخبرتني سرية الربيع بن خيثم قالت: (كان عمل الربيع كله سراً، إن كان ليجيء الرجل وقد نشر المصحف فيغطيه بثوبه).
6-القيام بالأعمال الخيرة عشقاً وهوايةً ومهنةً لا تعبداً وتقرباً:
(إِنَّ المُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُم وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء:142).
عَن أَبِي مُوسَى -رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ- قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ (الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلمَغنَمِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكرِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ فَمَن فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ مَن قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُليَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) رواه البخاري.
آفات الجنان
1 - قلة الاهتمام بأعمال القلوب:
قال تعالى: (أَلَم يَأنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخشَعَ قُلُوبُهُم لِذِكرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلُ فَطَالَ عَلَيهِمُ الأَمَدُ فَقَسَت قُلُوبُهُم وَكَثِيرٌ مِنهُم فَاسِقُونَ) (الحديد:16).
عَنِ النٌّعمَانِ بنِ بَشِيرٍ, قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: \"...أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضغَةً إِذَا صَلَحَت صَلَحَ الجَسَدُ كُلٌّهُ وَإِذَا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلٌّهُ أَلَا وَهِيَ القَلبُ\" متفق عليه.
2- قسوة القلب، وقلة تذكر الموت:
قال تعالى: (أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدرَهُ لِلإِسلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ, مِن رَبِّهِ فَوَيلٌ لِلقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِن ذِكرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ, مُبِينٍ,) (الزمر:22).
عَن ابنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: (لَا تُكثِرُوا الكَلَامَ بِغَيرِ ذِكرِ اللَّهِ فَإِنَّ كَثرَةَ الكَلَامِ بِغَيرِ ذِكرِ اللَّهِ قَسوَةٌ لِلقَلبِ وَإِنَّ أَبعَدَ النَّاسِ مِن اللَّهِ القَلبُ القَاسِي) رواه الترمذي.
عن أَبِي هُرَيرَة \" أَنَّ رَجُلًا شَكَى إِلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَسوَة قَلبه فَقَالَ: أَطعِم المِسكِين وَامسَح رَأس اليَتِيم \" رواه أحمد.
قسوة القلب أعظم العقوبات:
عن جعفر: سمعت مالكاً يقول: (ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب).
الاهتمام بصلاح القلب وطلب علاجه:
وقال مالك: (لو أعلم أن قلبي يصلح على كناسة لذهبت حتى أجلس عليها).
وقال مالك: (إن لله -تبارك وتعالى- عقوبات في القلوب والأبدان، وضنكاً في المعيشية، وسخطاً في الرزق، ووهناً في العبادة).
3- ادعاء الإخلاص:
قال الخطابي في شرح حديث \" من سمّع سمّع الله به ومن يرائي يرائي الله به \" معناه: من عمل عملاً على غير إخلاص، وإنما يريد أن يراه الناس ويشهروه جوزي على ذلك بأن يشهره الله ويفضحه ويظهر ما كان يبطنه \" فتح الباري 11\\244.
لو نفع العلم بلا عمل لما ذم الله سبحانه أحبار أهل الكتاب، ولو نفع العمل بلا إخلاص لما ذم المنافقين.
عن الحسن بن عبد العزيز المصري قال: سمعت الشافعي يقول : (ما ناظرت أحداً قط فأحببت أن يخطأ وما في ظني علم إلا وددت أنه عند كل أحد ولا ينسب إلي)، وبلغني عن حرملة بن يحيى قال: سمعت الشافعي يقول: (وددت أن كل علم أعلمه يعلمه الناس أؤجر عليه ولا يحمدونني).
قال ابن الجوزي: (والصدق في الطلب منار أين وجد، يدل على الجادة، وإنما يتعثر من لم يخلص)، (ومن الصفوة أقوام مذ تيقظوا ما ناموا، ومذ سلكوا ما وقفوا، فهمهم صعود وترق، كلما عبروا مقاماً رأوا نقص ما كانوا فيه فاستغفروا) .
وقال الجيلاني: (يا غلام: فقه اللسان بلا عمل القلب لا يخطيك إلى الحق خطوة، السير سير القلب) .
قال الربيع بن خيثم: (كل ما لا يراد به وجه الله: يضمحل).
وبه قال: حدثني أبو صالح حدثنا محمد بن يونس الكديمي حدثنا إبراهيم بن نصر الصائغ قال: سمعت الفضيل بن عياض قال: (إنما الفقيه الذي أنطقته الخشية، وأسكنته الخشية، إن قال قال بالكتاب والسنة، وإن سكت سكت بالكتاب والسنة، وإن اشتبه عليه شيء وقف عنده، ورده إلى عالمه).
-سوء الظن بإخوانه وكراهة ثناء الناس على شخص آخر:
قال تعالى: (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعضَ الظَّنِّ إِثمٌ).
عن أَبي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيٌّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: (إِيَّاكُم وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكذَبُ الحَدِيثِ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا إِخوَانًا وَلَا يَخطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنكِحَ أَو يَترُكَ).
وتنافر القلوب لا تتعدى الأسباب التالية: فلتة لسان، أو هفوة لم تغتفر، أو ظن متوهم.
قال الفضيل بن عياض: (من أراد أن يسلم من الغيبة فليسد عن نفسه باب الظنون، فمن سلم من الظن: سلم من التجسس ومن سلم من التجسس: سلم من الغيبة).
هذا منهج العدل:
قال ابن القيم تعليقاً على قول الهروي: (الرجاء أضعف منازل المريدين): (شيخ الإسلام حبيب إلينا والحق أحب إلينا منه، وكل من عدا المعصوم -صلى الله عليه وسلم- فمأخوذ من قوله ومتروك، ونحن نحمل كلامه على أحسن محامله ثم نبين ما فيه).
ثم حمل كلامه على أحسن وجه ممكن، ثم قال: (وهذا وجه كلامه وحمله على أحسن المحامل.
فيقال: هذا ونحوه من الشطحات التي ترجى مغفرتها بكثرة الحسنات، ويستغرقها كمال الصدق وصحة المعاملة، وقوة الإخلاص، وتجريد التوحيد، ولم تضمن العصمة لبشر بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .
وهذه الشطحات أوجبت فتنة على طائفتين من الناس: إحداهما: حجبت بها عن محاسن هذه الطائفة، ولطف نفوسهم، وصدق معاملتهم، فأهدروها لأجل هذه الشطحات، وأنكروها غاية الإنكار، وأساؤا الظن بهم مطلقاً وهذا عدوان وإسراف.
فلو كان كل من أخطأ أو غلط ترك جملة، وأهدرت محاسنه، لفسدت العلوم والصناعات، والحكم، وتعطلت معالمها.
والغيرة لها حد إذا جاوزته صارت تهمة وظناً سيئاً بالبريء، وإن قصرت عنه كانت تغافلاً و مباديء دياثة .
لا يحسن الظن بمن يترك الحق:
قال: سمعت الوزير ابن هبيرة يقول لبعض الناس: (لا يحل والله أن تحسن الظن بمن يرفض، ولا بمن يخالف الشرع في حال).
قال عمر بن الخطاب: لا يحل لامرئ مسلم سمع من أخيه كلمة أن يظن بها سوءاً، وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجاً.
قال الحسن البصري: إن المؤمن إذا أحسن الظن أحسن العمل.
5-الجبن والخور، والتشاؤم والحسد والشحناء والانتقام للنفس.
الجبن :
عَن أَبِي هُرَيرَةَ عَن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (شَرٌّ مَا فِي رَجُلٍ, شُحُّ هَالِعٌ وَجُبنٌ خَالِعٌ) رواه أحمد.
اعتزال الناس طريق الجبناء:
(وعلى الحقيقة الزهاد في مقام الخفافيش، قد دفنوا أنفسهم بالعزلة عن الناس، وهي حالة حسنة إذا لم تمنع من خير، من جماعة واتباع جنازة وعيادة مريض، إلا أنها حالة الجبناء.
فأما الشجعان فهم يتعلمون ويعلمون، وهذه مقامات الأنبياء - عليهم السلام -).
حسبوا بأن الدين عزلة راهب واستمرءوا الأوراد والأذكارا
عجباً أراهــــم يؤمنون ببعضه وأرى القلوب ببعضه كفارا
والدين كان ولا يزال فرائــــضاً ونــوافــلاً لله واستغفــــــارا
والدين ميدان وصمصام وفــر سان تبيد الشـر والأشـرارا
والدين حكم باسم ربك قائم بالعـدل لا جوراً ولا استهتارا
ليست السلامة بالعزلة في البيوت:
وقد حفظ لنا الرواة عن الصحابي الجليل المبشر بالجنة طلحة بن عبيد الله القرشي أنه قال: (إن أقل العيب على الرجل جلوسه في داره).
مات في أحضان زوجته:
عن جعفر قال: وسمعت مالكاً يقول: (ينطلق أحدهم فيتزوج ديباجة الحرم، قال: وكان يقال في زمان مالك ديباجة الحرم أجمل الناس وخاتون امرأة ملك الروم، أو ينطلق إلى جارية فقد سمتها أبواها وترفوها حتى كأنها زبدة فيتزوجها، فتأخذ بقلبه فيقول لها: أي شيء تريدين؟ فتقول: خمار حسني، وأي شيء تريدين؟ فتقول: كذا وكذا، قال مالك: فتمرط والله دين ذلك القارئ ويدع أن يتزوج يتيمة ضعيفة فيكسوها فيؤجر).
لا يعتبر الخوف عائقاً ولا مبرراً في ترك الدعوة:
(إن من غفلتك عن نفسك، وإعراضك عن الله، أن ترى ما يسخط الله فتتجاوزه، ولا تأمر فيه ولا تنهى عنه، خوفاً ممن لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً).
قالو السعادة في السكــون وفي الخمـول وفي الجمود
في العيش بين الأهــل لا عيش المهاجر والطريــــد
في المشي خلف الركب في دعـة وفي خطو وئيـــــــد
في أن تقـول كما يقــــــــــال فــــــلا اعتـراض ولا ردود
في أن تسير مع القطيــــع وأن تقـاد ولا تقـــــــــــود
في أن تصيــــــح لكل وال: عاش عهدكم المجيد
قلت: الحياة هي التحــــرك لا السكون ولا الهمود
وهي الجهاد ، وهل يجـا هد من تعلق بالقعود؟
وهـي التلذذ بالمتـاعب لا التلـذذ بـالـرقـود
هي أن تذود عن الحياض وأي حـر لا يـذود ؟
هي أن تحسن بأن كأس الذل من ماء صـديد
هي أن تعـيش خلـيفة في الأرض شأنك أن تسود
وتقول: لا، ونعم إذا ما شئت في بصر حديد
وللشجاعة حد متى جاوزته صارت تهوراً ومتى نقصت عنه صارت جبناً وخوراً، وحدها الإقدام في مواضع الإقدام، والإحجام في مواضع الإحجام، كما قال معاوية لعمرو بن العاص: أعياني أن أعرف أشجاعاً أنت أم جباناً: تقدم حتى أقول من أشجع الناس وتجبن حتى أقول من أجبن الناس، فقال :
شجاع إذا ما أمكنتني فرصة فإن لم تكن لي فرصة فجبان
وقال آخر:
جهلاً علينا وجبناً عن عدوهم لبئست الخلتان الجهل والجبن
قال محمد بن نصير الكاتب:
تطلب سبيل الهدى جاهداً ودع عنك مشتبهات السّبل
وأصبح من الناس مستوفزاً فأكثرهم راصـدٌ للـزّلـل
وأجبن من قد ترى منهم لعمرك يُردى الشجاع البطل
وتُصمى المقاتل أقـوالهم بألسنـة وقعهـا كالأسـل
ومن حكم الناس في عرضه فمن جار أكثر ممن عـدل
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد