في زيارة المدينة

2.1k
3 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

ومن بعد مـا طفنـا طواف وداعنــا *** رحلنـا لمغنى المصطفى ومصـلاه

ووالله لو أن الأســنة أشـرعــت *** وقـامت حروب دونه ما تركنــاه

ولو أننـا نسعـى على الروس دونـه *** ومن دونه جفـن العيون فرشنـاه

وتمـلك منـا بالوصـول رقـابنــا *** ويسـلب منـا كل شيء ملكنــاه

لكــان يسـيرا في مـحبة أحمــد *** وبالروح لو يشرى الوصال شريناه

ورب الورى لولا محمــد لـم نكـن *** لطيبة نسـعى والركـاب شددنـاه

ولولاه مــا اشتقنـا العقيق ولا قبـا *** ولولاه لـم نهـو المدينــة لولاه

هو القصـد إن غنت بنجـد حـداتنـا*** وإلا فمــا نجـد وسـلع أردنـاه

ومــا مكة والخيف قل لي ولا منـى *** ومــا عرفـات قبل شرع أرانـاه

بـه شـرفت تلك الأمـاكـن كلهــا *** وربك قـد خـص الحبيب وأعطـاه

لمسجـده سـرنا وشـدت رحـالنـا*** وبين يديه شـوقنـا قـد كشفنـاه

قـطـعنـا إليـه كـل بر ومـهمـه *** ولا شــاغل إلا وعنـا قطعنــاه

كـذا عزمـات السـائرين لطـيبــة *** رعى الله عزمــا للحبيب عزمنـاه

وكم جبـل جـزنا ورمـل وحـاجـر *** ولله كم واد وشـعب عـبرنـــاه

ترنحـنـا الأشـواق نحـو محمــد *** فنسري ولا ندري بما قد سـرينـاه

ولمـا بدا جــزع العـقيق رأيتنــا *** نشاوى سكارى فـارحين برؤيــاه

شـممنـا نسـيما جاء عن نحو طيبة *** فأهلا وسهلا يا نسيمـا شـممنـاه

فقـد ملئت مـنــا القلـوب مسـرة *** وأي سرور مثل مـا قد سررنــاه

فـواعجبـاه كـيف قـرت عيـوننـا *** وقـد أيقنت أن الحـبيب أتينـــاه

ولقيـاه مـنــا بعـد بعـد تقـاربت *** فوالله لا لقيــا تعــادل لقيـــاه

وصـلنــا إليـه واتصـلنـا بقربـه *** فلله مــا أحلى وصـولا وصلنـاه

وقفنــا وسـلمنــا عليـه وإنــه *** ليسمعنـا مـن غير شك فدينـــاه

ورد علينــا بالســـلام سـلامنـا *** وقـد زادنـا فوق الذي قـد بدأنـاه

كـذا كـان خلـق المصطفى وصفاته *** بذلك في الكتب الصحـاح عرفنــاه

وثـم دعـونــا للأحبــة كلهــم *** فكم من حبيب بالدعـا قد خصصنـاه

وملنـا لتســليم الإمـامين عنــده *** فإنهمـا حقــا هنــاك ضجيعـاه

وكم قد مشينـا في مكـان به مشـى *** وكم مـدخـل للهـاشمي دخلنــاه

وآثــاره فيهــا العيـون تمتعـت *** وقمنـا وصـلينـا بحيث مصــلاه

وكم قـد نشرنـا شوقنـا لحبيبنــا *** وكـم مـن غليل في القلوب شفينـاه

ومسجــده فيـه سجدنـا لربنــا*** فلله ما أعـلى سـجودا سـجدنــاه

بروضتـه قمنـا فهــاتيك جنــة *** يـا فوز مـن فيهـا يصلي وبشـراه

ومـنبره الميمــون منـه بقيــة *** وقفنـا عليهـا والفـؤاد كـررنــاه

كـذلك مـثل الجـذع حـنت قلوبنـا *** إليـه كمــا ود الحـبيب وددنــاه

وزرنـا قبـا حبـا لأحمـد إذ مشـى *** عسى قدما يخطو مقامــا تخطــاه

لنبعـث يوم البعـث تحـت لوائــه *** إذ الله مـن تلك الأمـاكـن نــاداه

وزرنـا مـزارات البقيـع فـليتنــا*** هنـاك دفنـا والممــات رزقنــاه

وحمـزة زرناه ومـن كـان حولـه *** شهيـدا وأحـدا بالعيـون شهدنـاه

ولمـا بلغنـا مـن زيــارة أحمـد *** منانا حمدنــا ربنــا وشكرنــاه

ومن بعد هذا صـاح بالبين صـائـح *** وقـال ارحلوا يا ليتنـا ما أطعنــاه

سـمعنـا له صـوتـا بتشتيت شملنا *** فيـا مـا أمر الصوت حين سمعنـاه

وقمنـا نؤم المصطفــى لوداعــه *** ولا دمـع إلا للـوداع صـببنـــاه

ولا صـبر كيف الصـبر عند فراقـه *** وهيهـات إن الصـبر عنه صرفنـاه

أيصـبر ذو عقــل لفرقـة أحمــد *** فلا والذي من قـاب قوسين أدنــاه

فـوا حسـرتـاه مـن وداع محمـد *** وأواه مــن يــوم التفــرق أواه

سـأبكي عليـه قـدر جهدي بناظـر *** من الشوق ما ترقى من الدمع غربـاه

فيـا وقت توديعـي له مـا أمـره *** ووقت اللقـا والله مــا كـان أحـلاه

عسـى الله يدنيني لأحمـد ثانيــا *** فيـا حبذا قـرب الحـبيب ومدنــاه

فيـا رب فـارزقني لمغنـاه عـودة *** تضـاعف لنـا فيه الثواب وترضــاه

رحلنـا وخلفنـا لديـه قلوبنـــا*** فكم جســد مـن غير قلب قلبنــاه

ولمـا تركنـا ربعـه من ورائنــا*** فـلا نـاظــر إلا إليـه رددنـــاه

لنغنـم منـه نظـرة بعد نظـــرة *** فلمــا أغبنــاه الشـرور أغبنــاه

فلا عيش يهنى مع فراق محمـــد *** أأفقـد محـبوبي وعيشـي أهنـــاه

دعوني أمت شوقا إليه وحرقـــة *** وخطـوا عـلى قـبري بأني أهــواه

فيا صـاحبي هذي التي بي قد جرت *** وهذا الذي في حجنــا قـد عملنــاه


أضف تعليق