عسعسَ الليلُ في سكون سُبـــاته *** كتسابيــح ساجدٍ, في صـلاتِــه
واستوى الحلم يانعـــاً كغـزالٍ, *** مسَّــه السحر هائماً في فَـلاتــه
أودع الشوق في صبايَ حنينـــاً *** شفّه الوجد فانتشـى في ممــاتــه
بسط الحبٌّ خافقيـهِ لقلبــــي *** فارتدت مهجتي شذا صلواتــــه
يا إلهي! وأيّ حبٍّ, أعانـــــي *** مزَّقَ الرّوح لاعبــاً بقنـاتـــه!
أَربيــعٌ مهشّـمٌ في دمائــــي *** أم غـرامٌ مهدَّدٌ بشتـــاتـــه؟
أم رحيــلٌ مبكِّــرٌ من ضلوعـي *** وأوانٌ مكبَّـــــلٌ بفواتـــه؟
بثَّنـــي الحزنُ في أثير المنافـــي *** جاعلاً صرختي صـدى حلقاتـــه
هذه القانتــاتُ جئـنَ بذكـــرٍ, *** مستطابٍ, بعاطــر الحسـن ذاتــه
سكبَ الليــلُ في جراحـيَ ملحـاً *** أيقظ العمــرَ من عديـمِ رفـاتـه
غلَّقَ الصّحــو نبضـه في احتضـارٍ, *** ودعــانا إلى شجــونِ حياتــه
أزهــرَ الشـوق ساطعـاً في ظلامي *** وغـرامـي يطيب في خلواتــــه
كـم سؤالٍ, يسيــر نحو احتــراقٍ, *** وجـوابٍ, يلـمّ غيــمَ وفـاتــه
ولقــــاءٍ, يصيـرُ نهــرَ وداعٍ, *** وعــزاءٍ, يعبّ حــزنَ فراتـــه
ظمئت في دمــي رياحيــن حبٍّ, *** وذوت مقلتــــي على ذكرياتـه
حسراتي تغلغلت فــي مســـائي *** والأســى واقف علــى عتباتــه
يمِّـمي يا قلـوب نحـــو ربيــعٍ, *** فمقامــي ميمِّـــمُ شطـرَ ذاتـه
يقظـة الذكــرياتِ هـدَّت حيـاتي *** وفـؤادي مســافرٌ في سبـاتـِــه