لغة العلم

5.1k
2 دقائق
التصنيف:
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

تتفاوت العلوم بمقاماتها، و تتباين بمراتبها، و تختلف في مسالكَ يسلكها أهلها.

و مما كان فيه التفارق بين العلوم ( اللغة) و أعني بها: لغة العلم، و اصطلاح الفن.

فإن لكل علمٍ, من العلوم لغة يُتعامل معه من خلالها، اصطلح و تعارف أهله بها.

و لغات العلوم نوعان:

الأول: لغة السياق.

و أعني بها أمرين:

أولهما: عبارات أهل الفن و اصطلاحاتهم.

ثانيهما: نظم الكلام و صياغته.

فلغة السياق أمرٌ مهم جداً في الفنº لأن به يكون الإفصاح عن حقائق المسائل، و يكون به الإيضاح للمراد عند المتكلم.

ورأس ذلك: أن يكون الفن مُتَصَوَّرَة مباحثه على الوجه المسلوك عند أهله.

و عند إهمال كثيرين من المشتغلين بالعلم هذا الأمر صار في العلوم خللٌ كبير، و داهمتها فجوة خطيرة، أردت العلوم بضاعة يتلاعب بها من علا و من سفُلَ.

فنرى بعضاً ممن يتكلم في الفقه يُدخل فيه علوماً أُخر .

لست أريد عدم إدخال مباحث من فنٍّ, في فنٍّ, جاءَ ذكرها عرضاً، و إنما أريد أن لا تكون مباحث الفن الأجنبي غالبة على مباحث الفن الأصلي، و أن لا تكون مما ليس له أي صلة، أو أن تكون من الحشو الذي لا طائل منه.

النوع الثاني: لغة الحكم و التقرير.

تعارف العلماء في كل فنٍّ, على أصولٍ, في تقرير مسائل الفن، و هذه الأصول مختلفة في رتبها، فمنهـا:

1- أصول يُتوصَّلُ بها إلى أحكام مسائل الفن.

2- أصولٌ في ترجيح أقوال أئمة الفن.

فهذه لأئمة كل فنٍّ, طرقاً في التعامل معها من خلال دراسة الفن.

و عجباً رؤيتك بعضاً من الناس يتعامل مع مباحث العلوم مناطحاً كبار علمائه.

و الأعجب منه: أن يعمد قوم لتقرير مسائل فنٍّ, و الترجيح بينها وَفقَ أصولٍ, درسها في فنٍّ, أجنبي.

مثالٌ: يعمد بعض المحدِّثين إلى القراءة في كتب الفقه فيرى الاستدلال بالحديث المرسل، فيُبطِلُ القول بهº بناءً على أن المرسل عنده ضعيف.

فنقول له:صنيعك حسنٌ لو كان في الحديث، لكن بما أن تعاملك صار في كتب الفقه فلا يُقبل منك هذا الصنيع.

و السبب: أن الفقهاء أجمعوا على الاحتجاج بالحديث المرسل في الفقه، و المحدثون خالفوهم.

فهذه صورة من صورة التعامل مع فنٍّ, بغير لغته.

و مثله _ أيضاً _ في البلاغة القول بالمجاز، فقد جنح جمعٌ من العلماء إلى القول بتحريمه و إبطاله.

و إذا رجعنا إليهم _ كشفاً عن مكانهم عند أهل الفن _ نجدهم مشاركين في الفن.

و أقصد بالمشارك:الذي ليس لقوله اعتبار في الفن، و إنما عنده إطلاع على كلياتٍ, في الفن.

و أئمة الفن يقولون: بجوازه و وقوعه.

فأي الفريقين أحقٌّ بالأخذ بقوله و الرد إليه ؟.

إلى صورٍ, كثيرات من هذه الشاكلة و غيرها.

فبانَ من هذا أهمية العناية بلغة الفنون، و الحرص على التعامل مع كلِّ فنٍّ, بما تعارف عليه أهله به.

و الله أعلم


أضف تعليق