على الجيف من يحيا

3.1k
3 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

أنى الطيب يهواه

الشر طرّز بالضلال سماه *** والفقر أطلق في الحياة وغاه

واللهجة الجوفاء أزجى بحرها *** لجج الجريمة في سلال لظاه

والحق بالخذلان كفّن نفسه *** فإذا دموع القهر رجع نواه

وعواصف الأطماع في مضمارها *** قد أفرخت للعصر رهج عماه

ورحى العجائب شمرت عن ساقها *** وروت لحاضرنا طريف قذاه

صوراً قوانين الذئاب سوادها *** والغدر منطقُ متنها ورباه

خلعت على الحرباء من ألوانها *** ما أضحك الأقوى ورب عصاه

فاستعبد الأدنى الضعيف مهانة *** تبتز باللأواء رعد إباه

وتروّض الأسد الهصور \" نعامة *** ربداء \" يُسلِم للسلام حماه

زمن الدهاقنة اللئام بَدا به *** طفل النكاية حاضناً لأساه

قد أرهق العدم الكؤود وجوده *** فتقاسم الجوع المرير قواه

وتوشح العُري الموشى بالصقيـ *** ـع أديمه ومضى يشب ضناه

وتبخرت في وهنه أدواؤه *** بغياً وألقت للعذاب حصاه

حتى الأحبة خلّفوه وغادروا *** بحثاً عن القوت الشريد فتاهوا

تركوه للآلام يلعق كربه *** ويخطّ في صلف الوجوم بكاه

ويصب للتاريخ جام أنينه *** وإدانة الأفعى البغي رجاه

حتى إذا ما ملّه الكوخ الذي *** برتابة الوجع العُتي كواه

أمّ الفضاء الرحب يغسل طرفه *** في أرخبيل الليل خلف قُراه

ومضى يلاعب غُصة الحُرَق التي *** فيها شموخ البؤس سنّ مداه

وكما رأى حال المصيبة أُمّه *** تأتي سجود الخاشعين أتاه

يا رب: ساد الذل رقعة عالمي *** هذا المصنف ثالثاً لغباه

وشرى الذي يخزي بمدحة فاجر *** أثنى ليحصد ما تطول يداه

ومضى يهرول خلفها ولعاً بما *** قالت \" حَذامِ \" فقولها أجواه

فإذا بنا في ظل عولمة الدجى *** في الظلم نغرق حاميين لواه

نفنى لكي يحيا الغني ونمتطي *** حسك الضنا كيما يدوم رخاه

ونعيش في ذيل الحياة خريطة *** يجتاحنا استغلاله وأذاه

في \" دارفور \" وآسيا وإفريقيا *** في كل ما زان الأذانُ سماه

باسم الحضارة والتقدم والتقى *** والزيف ما نافى النداء صداه

وأنا ولوني شاهد حيُّ على *** هذا الذي بالزيف حاط وباه

وهنا!! أتى نسر تنزل وارتدى *** سُكنى جناحيه وحط وراه

وكقانص صلب القوام مجرب *** خبر الوقوف على بساط دهاه

عينيه سدّد كالرصاص وفي سجـ *** ـود الطفل راح يرج قعب مناه

من بعد ما أخفى تطاول عنقه *** في منكبيه تهيؤاً لغذاه

من أنت؟ ما تبغي؟ لا تبدو هنا؟ *** والطفل ليس بجيفة أتراه؟

أم خانك الأنف الشموم فلم تعد *** تدري سبيلاً للذي تهواه

ألقى خيول الردَّ في سمت وفي *** ثوب قشيب قال ما فحواه:

إني أنا شيخ النسور وسيد الـ *** أطيار والرمز الوريف عطاه

أضحيت بالبأس المفدى كعبة *** للمستجير وراعياً لخطاه

وغدوت للإرهاب برقاً ماحقاً *** يكفي تخوم الأرض نار بلاه

وأتيت أحمل للسلام غصونه *** وأسوق للطفل النكيب هناه

وأمد للتحرير إنسانيتي *** كفاً يحقق للضعيف رجاه

وبذا فقد كُلفتُ من أمم غدت *** في مجلس التحكيم نبع حداه

ولما وقوفك هكذا متربصاً؟ *** رسل السلام وقوفها يرعاه

لا..لم أشأ ما خلته من وقفتي *** فأنا الغني عن الذين تناهوا

ما كنت إلا مصغياً لدعائه *** ذاك الذي إرهابه أملاه

من ثم عدت مفكراً في علة الـ *** ـداء العضال وفي دلاء دواه

فوجدت ربقة جهله قد مثّلت *** في عنقه السبب الذي أغواه

فركبت معراج التأمل طالباً *** وجهاً لبتر رباطها وعناه

أضحكتني، شيخ النسور بما حوى *** تبريرك المعسول ما أحلاه

يبدو بطهر العشب في ألق الضحى *** والجوف يرعد من خلوف رحاه

أوليس مجلس دجلكم من كال في *** جور بمكيالين دون سواه؟

من شره أتت المعرى من عرى *** الأخلاق حين الفسق شاد علاه

في فعلك الترويع والإرهاب ما *** أفضى إليه بباطل فنماه

أنى يحب الطيب من يفنى به؟ *** ومتى يعاف الجيف من يهواه؟

فإذا غدوت لغير دأب آكلاً *** حياً وإنساناً فإنّ لحاه

من نزعة العصر الأثيم تفتقت *** بشريعة الغاب اللعين غواه

لكنما سنصد عنك الطفل ما *** كان استطاع فداءنا وفداه

وإذا غلبت فإن وافر أكلك الـ *** ـمنهوم حتماً سوف يحكم فاه

ويحيل بطشك فترةً موَّارة *** تُجري غداً للجيل فيك قضاه

فتبيت رهن العدل، لا جبروت، لا *** سلطان لا \" فيتو \" تُحيل دجاه

مهما علا في الدهر دخان القوى *** لا بد يدفن في لهاث ذراه


أضف تعليق