ذكـرى تـمـرُ وألـفُ طـيفٍ, يعبرُ ** ومُـدى الـخـنا في الظهرِ دوما تُكسَرُ
ومـمـالـكٌ تـعـلو، وأخرى للردي ** تـهـوي، كـما هوت الرياحُ وتصفرُ
والـعـرب خـانـعـةٌ تـنوء برزئها ** شـم الـجـبـال الـراسيات وتصغرُ
وجـحـافـل تـتـرى أمـرٌّ بذكرها ** صـرعـى تـخر وفي الحروب تقهقر
مـزق الـجـيوش تجمعت في أرضنا ** تـجـتـرُ مـن شوك الخيانة تعصرُ
وتـحـيـلُ كـلَّ كـريـمـةٍ, معطاءةٍ, ** بـيـداءَ مـقـفـرةً ولـيـست تثمرُ
ضربت لها سوقا، وقالت: حي..هلا ** وغـدت تـبـيـع الـشعب ثم تهجرُ
واسـتـسـلمت قبل الوقيعة، وانحنت ** بـلـبـاس خـزي لُـفِـعت، تتدثرُ
يـا أمـة الـمـلـيـار كيف َتركتِها ** هـبـةَ الـسـمـاءِ وقـد أتتكِ تبشِّرُ
ضـيـعـتِـهـا وسلوتِها، وهي التي ** لـو عـدت الأقـمـار فـهي الأنضر
وتـصـاغـرت أحـلامـنا عن راية ** بـاسـم الإلـه تـعـزٌّ وهـي الأكبر
وتـشـعـبـت أحـزابنا، في غيهب ** فـي الـغـرب ذابت أو بشرق تصهرُ
ثـم انـتـكـسـنـا بعدُ تلك مصيبةٌ ** لـم نـعـتـبـر مما مضى يا معشرُ
قـالـوا: انـتـكـسنا لا لضعف إنما ** لـعـدونـا الـحـدقـات وهو الأمهر
ومـعـالـم الإسـراء تدحض زعمنا ** إذ كـيـف يـنـصـرُ ربنا من يكفرُ
لـكـن تـسـاووا بـالـرزايـا كلهم ** وامـتـاز مـن بـالـعـلمِ كان يفكرُ
وتـعـلـقـت أحـلامـنـا بكروشنا ** فـاسـتـسـمـنت ورما وكادت تفجرُ
اسـعـيـدُ مـاذا قـد دهـاك خدعتنا ** جـوعـت اسـمـاك الـبحارِ فخدروا
سـارت بـنـا غـنـج القيان تقودنا ** وبـكـل خـصـرٍ, ذابـلٍ, تـتـعهرُ
فـإذا الـهـزيـمـة بعد عرس فاضحٍ, ** تـجـتـاحـنـا من كل صوب تعبرُ
ثـم امـتـطـى ديـان صـهوة خيلنا ** مـتـبـجـحـا فـوق القبابِ يزمجرُ
سـألـوه كـيـف الـحربُ آل مالها ** فـأجـاب: مـوعـدنـا غدا أو خيبر
ارض هـي الـمـيـعـاد تلك حدودنا ** ومـن الـكـنـانـة فوق طورٍ, نزمر
واسـتـكـبـروا مستسخفين مصيرنا ** واسـتـعـبـدوا منا الرجال وهجروا
قـم سـائـل الـتـاريخ واسبر غوره ** يـنـبـيـك أن الـعربَ كادت تكفرُ
مـن بـعـد نـكـبتهم، رأيت فعالهم ** سـفـهـا وطيشا في الضلال تجبروا
وامـتـد تـاريـخ الهزائمِ، كي نرى ** فـي كـل عِـقـدٍ, أمـةٌ تـتـعـثرُ
قـومـيـة بـعـثـيـة نـسجت لنا ** بـيـت الـعـنـاكـب فهو واه أحقرُ
مـا قـادهـم ورعٌ لـنـصـرة دعوةٍ, ** شـمـاءَ تـعـلـو فوق شمس تزهرُ
تـركـوا الـعـقيدَة وانزَوَوا بضلالهم ** قـتـلـوا الإمام، وفي الأنام تجبروا
ثـم اسـتـشـاط الـسفهُ في طغيانهم ** وبـمـنـطـق الـتـلمودِ ثمَّ تأزروا
وعـلـت هـتـافـات تـنـز وقاحة ** أن الـعـقـيـدة فـي الحروب تأخرُ
وبـمـنـجـلٍ, حـلـقـت معالم قبلة ** ولـقـتـلـه الأشـراف عز الناصرُ
أنـا قـد ألـوم حـكـومة لو قصرت ** لـكـن لـومـي لـلـشعوب الأكثر
سـتـون عـامـا في الضياع وغربة ** حـكـمَ الـمـصـيُر بهنَ وغدُ فاجرُ
كـنـا ضـيـوفـا في بلاد ما رعت ** فـيـنـا الـجـوار غدت تجز وتنحر
وحـمـت حـدود عـدونـا بـدمائنا ** وبـكـت عـلـيـهم حين عدنا نثأر
وتـعـاهـدوا بـاسـم السماحة ضدنا ** قـلـبـوا الـمـجن وكلَّ حقدٍ, أظهروا
وتـخـنـدقـوا خـلف اليهود يقودهم ** دجـال أمـريـكـا الـدعـي الأعور
بـئـس الـحـضارة يا قساوسة الخنا ** إن كـان هـذا الـشـئـم منكم يصدر
إذ كـيـف يـعـطـي فـاقـد لمزية ** خـيـر الـمـزايا وهو عنها الأقصر
إنـا خـبـرنـا ذل أمـريـكـا وقد ** حـان انـتـقـام قـادم فـتـذكـروا
أمـا الـرويـبـضـة اللئام فقل لهم : ** صـبـرا فقد حان القصاصُ، فابشروا
إنـا سـئـمـنـا ذلـكـم نحن الألى ** كـلَّ الـمـمـالـك عـزة نـتصدر
فـدعـوا الـمـكـارم لـلكرام فأنها ** حـنـت إلـى تـلـك الـكرام مأثر
سـنـدك امـريـكـا ونـحطم رأسها ** ونـزيـل إسـرائـيـل، نحن الأقدر
ونـعـيـد لـلـقدس الجريحة فجرها ** والـديـن فـي رومـا قـريبا يظهر
قـالـوا الـسـلام طـريـقـنا إنا له ** وبـه عـلـى كـل الـخـلائق نفخر
مـدوا يـد الإذعـان نـحـو عدوهم ** فـأذلـهـم مـسـتـعـبدا يستصغرُ
وأحـالَ عـالـمـهـم مـواخر خسة ** سـقـطـوا بـحـبل شراكه وتخدروا
وتـطـبـعـوا بـطـباعه فتمرغت ** أخـلاقـهـم بـالـعـار جـبنا تقطر
لـم يـبـقِ من أمصارهم حتى النوى ** فـغـدت ديـارهـم لـه واسـتأجروا
بـاعـوا لـه سُقفَ المنازلِ واشتروا ** ذمـمـا تـخـون الـعـهد لا تتعذر
هـذا هـو الـتـاريـخُ بعضُ فصولهِ ** فـتـمـعـنـوا بـفـصوله و تدبروا
هـذا هـو الـتـاريـخ كيف يخونهُ ** قــلـم آبـي أن مـحـوا أو زوروا
هـذا هـو الـتـاريـخُ يـندب حظَّهُ ** حـيـن ازدراه الـغـافلون وقصروا
هـذا هـو الـتـاريـخُ كـيف ندعهُ ** فـيـه الـجـبـابـرُ قـد تذل وتقهرُ
فـيـه الـمـواعـظُ لو أردت لزامها ** لـزمـتـك حـتـى العجز منك يغيَّرُ
أعـطـتـك فـي فـن الـحياةِ مهارةً ** تـنـجـي إذا انـكسر الزمانُ وتجبرُ
وهـنـاك أعـلـمـتَ الـحقيقةَ كلَّها ** أن الـشـعـوبَ إذا اسـتكانت تخسرُ
أن الـشـعـوب إذا تـفـرعن رأسها ** قـامـت لـه بـالـسـف، لا تتأخرُ
لا أن تـذل لـه الـرقـاب وتـرتجي ** مـنـه الـشـفـاعة وهو وغدٌ يفجرُ
قـم سـائـل الـتـاريـخَ واقرع بابهُ ** وانـهـل مـن الـتـاريخ علماً يزخرُ
يـا امـة الـمـلـيـار هل من وقفة ** نـجـلـو بـهـا ران القلوب ونعمرُ
ونـعـيـد سـيـرتـنا لسالف عهدها ** وضــاءة الأردان عــزا تـزخـرُ
ونـرص صـفا اثر صف في الوغى ** ونـروم نـصـرا بـالـجـهاد يؤزر
هـلا اسـتـجـبـنـا للذي عقدت لهُ ** كـل الـمـفـاخـر، حين عز الامرُ
قـد قـالـهـا يـومـا: بان وصيتي ** هـدي الـسـمـاء ومـا سـواه يدمرُ
إنـا لـهـا سـنـصـونـها بكلومنا ** ونـخـط بـالـسـيف السليط ونحفرُ
وجـمـاجـم عـرفـت طرائق ربها ** رصـفـت بـعزتها الطريق وسطروا
قـد صـاغـهـا الـقـسام أول عهده ** ومـضـت بـها جند الحماس وطورا
يـا أمـة الـمـلـيـار هل من وقفةٍ, ** تـرنـو إلـى الأفـق الـبعيد وتنظرُ
مـا ذاق \"صـهـيـون\" اللعين مرارة ** حـتـى أتـتـه حـمـاسُ أسدا تزأرُ
فـثـوى صـريـعـا ثم ولول هارباً ** بـجـدار خـوف لائـذا يـتـسـورُ
فـرمـتـه بـالـقسام يبرق في السما ** فـانـدس تـحت الأرض خزيا يغمرُ
فـأتـتـه أنـفـاقٌ تـقـض مـنامه ** فـمـضـت ذيـول العار منه تجرجر
مـا كـان مـنـهـجـا حديثا يفترى ** كـلاولـكـن نـاسـفـا يـتـفـجر
شـيـخ تـخـر لـه الجبابر ما ونى ** مـا انـفـك يـبني في الرجال ويعمرُ
حـتـى اسـتـووا زرعا خصيبا يانعاً ** غـاظ الـكـوافـر فهو غض اخضرُ
فـرمـى بـهـم يـوم الحصاد جبلةً ** فـاهـتـز عـرش الـكـفر ثمَّ يتبرُ
ربـى شـيـوخ الـمـجد تحمل بعده ** عـلـم الـعـقـيدة في الوغى لا تفترُ
واخـتـار مـن بـين الأشاوس فارسا ** لـكـتـائـب الـقـسام، نعمَ العسكرُ
فـتـرجـلـوا عـلـمـا ً يسلم رايةً ** لـخـلـيـفـة يـمـضي و لا يتعثر
ويـطـأطـأ الـرأسُ الـلعينُ مرغمَّاً ** ويـمـوت مـن كمدٍ,\" ربين \" ويسجرُ\"
وتُـدكُ فـي يـافـا وفـي تل الربي ** ع مــواكـر الإجـرام ثـم تـدمـرُ
ويـزلـزل الأمـن الـمـشوبُ بخسةٍ, ** ويـعـز ديـن الـحـقِ فهو الأظهرُ
يـا أيـهـا الـعـملاق طبت مجاهدا ** أتـعـبـت بـعـدك كل قومٍ, قصروا
هـذا هـو الإسـلام هـذا فـعـلـهُ ** إن عـدت الأفـعـال، لا يـتـغـيرُ
هـذا هـو الإسـلام، تـلـك رجاله ** فـي كـل عـصـر بـايعوه تحرروا
فـاربـأ بـنـفـسك لو أردت هدايةً ** أن تـجـعـل الـشـيطانَ فيك يؤثر
أو تـتـبـعـنَّ سـبـيـلـه ُ بغوايةٍ, ** أو داعـيـا لـلـحـق يـوما تزجرُ
فالله بــشــرنــا بـوعـد قـادمٍ, ** وهـو الـذي يـرعـى الأنام وينصرُ