في ذكرى النكبة

4.4k
5 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكـرى تـمـرُ وألـفُ طـيفٍ, يعبرُ ** ومُـدى الـخـنا في الظهرِ دوما تُكسَرُ

ومـمـالـكٌ تـعـلو، وأخرى للردي ** تـهـوي، كـما هوت الرياحُ وتصفرُ

والـعـرب خـانـعـةٌ تـنوء برزئها ** شـم الـجـبـال الـراسيات وتصغرُ

وجـحـافـل تـتـرى أمـرٌّ بذكرها ** صـرعـى تـخر وفي الحروب تقهقر

مـزق الـجـيوش تجمعت في أرضنا ** تـجـتـرُ مـن شوك الخيانة تعصرُ

وتـحـيـلُ كـلَّ كـريـمـةٍ, معطاءةٍ, ** بـيـداءَ مـقـفـرةً ولـيـست تثمرُ

ضربت لها سوقا، وقالت: حي..هلا ** وغـدت تـبـيـع الـشعب ثم تهجرُ

واسـتـسـلمت قبل الوقيعة، وانحنت ** بـلـبـاس خـزي لُـفِـعت، تتدثرُ

يـا أمـة الـمـلـيـار كيف َتركتِها ** هـبـةَ الـسـمـاءِ وقـد أتتكِ تبشِّرُ

ضـيـعـتِـهـا وسلوتِها، وهي التي ** لـو عـدت الأقـمـار فـهي الأنضر

وتـصـاغـرت أحـلامـنا عن راية ** بـاسـم الإلـه تـعـزٌّ وهـي الأكبر

وتـشـعـبـت أحـزابنا، في غيهب ** فـي الـغـرب ذابت أو بشرق تصهرُ

ثـم انـتـكـسـنـا بعدُ تلك مصيبةٌ ** لـم نـعـتـبـر مما مضى يا معشرُ

قـالـوا: انـتـكـسنا لا لضعف إنما ** لـعـدونـا الـحـدقـات وهو الأمهر

ومـعـالـم الإسـراء تدحض زعمنا ** إذ كـيـف يـنـصـرُ ربنا من يكفرُ

لـكـن تـسـاووا بـالـرزايـا كلهم ** وامـتـاز مـن بـالـعـلمِ كان يفكرُ

وتـعـلـقـت أحـلامـنـا بكروشنا ** فـاسـتـسـمـنت ورما وكادت تفجرُ

اسـعـيـدُ مـاذا قـد دهـاك خدعتنا ** جـوعـت اسـمـاك الـبحارِ فخدروا

سـارت بـنـا غـنـج القيان تقودنا ** وبـكـل خـصـرٍ, ذابـلٍ, تـتـعهرُ

فـإذا الـهـزيـمـة بعد عرس فاضحٍ, ** تـجـتـاحـنـا من كل صوب تعبرُ

ثـم امـتـطـى ديـان صـهوة خيلنا ** مـتـبـجـحـا فـوق القبابِ يزمجرُ

سـألـوه كـيـف الـحربُ آل مالها ** فـأجـاب: مـوعـدنـا غدا أو خيبر

ارض هـي الـمـيـعـاد تلك حدودنا ** ومـن الـكـنـانـة فوق طورٍ, نزمر

واسـتـكـبـروا مستسخفين مصيرنا ** واسـتـعـبـدوا منا الرجال وهجروا

قـم سـائـل الـتـاريخ واسبر غوره ** يـنـبـيـك أن الـعربَ كادت تكفرُ

مـن بـعـد نـكـبتهم، رأيت فعالهم ** سـفـهـا وطيشا في الضلال تجبروا

وامـتـد تـاريـخ الهزائمِ، كي نرى ** فـي كـل عِـقـدٍ, أمـةٌ تـتـعـثرُ

قـومـيـة بـعـثـيـة نـسجت لنا ** بـيـت الـعـنـاكـب فهو واه أحقرُ

مـا قـادهـم ورعٌ لـنـصـرة دعوةٍ, ** شـمـاءَ تـعـلـو فوق شمس تزهرُ

تـركـوا الـعـقيدَة وانزَوَوا بضلالهم ** قـتـلـوا الإمام، وفي الأنام تجبروا

ثـم اسـتـشـاط الـسفهُ في طغيانهم ** وبـمـنـطـق الـتـلمودِ ثمَّ تأزروا

وعـلـت هـتـافـات تـنـز وقاحة ** أن الـعـقـيـدة فـي الحروب تأخرُ

وبـمـنـجـلٍ, حـلـقـت معالم قبلة ** ولـقـتـلـه الأشـراف عز الناصرُ

أنـا قـد ألـوم حـكـومة لو قصرت ** لـكـن لـومـي لـلـشعوب الأكثر

سـتـون عـامـا في الضياع وغربة ** حـكـمَ الـمـصـيُر بهنَ وغدُ فاجرُ

كـنـا ضـيـوفـا في بلاد ما رعت ** فـيـنـا الـجـوار غدت تجز وتنحر

وحـمـت حـدود عـدونـا بـدمائنا ** وبـكـت عـلـيـهم حين عدنا نثأر

وتـعـاهـدوا بـاسـم السماحة ضدنا ** قـلـبـوا الـمـجن وكلَّ حقدٍ, أظهروا

وتـخـنـدقـوا خـلف اليهود يقودهم ** دجـال أمـريـكـا الـدعـي الأعور

بـئـس الـحـضارة يا قساوسة الخنا ** إن كـان هـذا الـشـئـم منكم يصدر

إذ كـيـف يـعـطـي فـاقـد لمزية ** خـيـر الـمـزايا وهو عنها الأقصر

إنـا خـبـرنـا ذل أمـريـكـا وقد ** حـان انـتـقـام قـادم فـتـذكـروا

أمـا الـرويـبـضـة اللئام فقل لهم : ** صـبـرا فقد حان القصاصُ، فابشروا

إنـا سـئـمـنـا ذلـكـم نحن الألى ** كـلَّ الـمـمـالـك عـزة نـتصدر

فـدعـوا الـمـكـارم لـلكرام فأنها ** حـنـت إلـى تـلـك الـكرام مأثر

سـنـدك امـريـكـا ونـحطم رأسها ** ونـزيـل إسـرائـيـل، نحن الأقدر

ونـعـيـد لـلـقدس الجريحة فجرها ** والـديـن فـي رومـا قـريبا يظهر

قـالـوا الـسـلام طـريـقـنا إنا له ** وبـه عـلـى كـل الـخـلائق نفخر

مـدوا يـد الإذعـان نـحـو عدوهم ** فـأذلـهـم مـسـتـعـبدا يستصغرُ

وأحـالَ عـالـمـهـم مـواخر خسة ** سـقـطـوا بـحـبل شراكه وتخدروا

وتـطـبـعـوا بـطـباعه فتمرغت ** أخـلاقـهـم بـالـعـار جـبنا تقطر

لـم يـبـقِ من أمصارهم حتى النوى ** فـغـدت ديـارهـم لـه واسـتأجروا

بـاعـوا لـه سُقفَ المنازلِ واشتروا ** ذمـمـا تـخـون الـعـهد لا تتعذر

هـذا هـو الـتـاريـخُ بعضُ فصولهِ ** فـتـمـعـنـوا بـفـصوله و تدبروا

هـذا هـو الـتـاريـخ كيف يخونهُ ** قــلـم آبـي أن مـحـوا أو زوروا

هـذا هـو الـتـاريـخُ يـندب حظَّهُ ** حـيـن ازدراه الـغـافلون وقصروا

هـذا هـو الـتـاريـخُ كـيف ندعهُ ** فـيـه الـجـبـابـرُ قـد تذل وتقهرُ

فـيـه الـمـواعـظُ لو أردت لزامها ** لـزمـتـك حـتـى العجز منك يغيَّرُ

أعـطـتـك فـي فـن الـحياةِ مهارةً ** تـنـجـي إذا انـكسر الزمانُ وتجبرُ

وهـنـاك أعـلـمـتَ الـحقيقةَ كلَّها ** أن الـشـعـوبَ إذا اسـتكانت تخسرُ

أن الـشـعـوب إذا تـفـرعن رأسها ** قـامـت لـه بـالـسـف، لا تتأخرُ

لا أن تـذل لـه الـرقـاب وتـرتجي ** مـنـه الـشـفـاعة وهو وغدٌ يفجرُ

قـم سـائـل الـتـاريـخَ واقرع بابهُ ** وانـهـل مـن الـتـاريخ علماً يزخرُ

يـا امـة الـمـلـيـار هل من وقفة ** نـجـلـو بـهـا ران القلوب ونعمرُ

ونـعـيـد سـيـرتـنا لسالف عهدها ** وضــاءة الأردان عــزا تـزخـرُ

ونـرص صـفا اثر صف في الوغى ** ونـروم نـصـرا بـالـجـهاد يؤزر

هـلا اسـتـجـبـنـا للذي عقدت لهُ ** كـل الـمـفـاخـر، حين عز الامرُ

قـد قـالـهـا يـومـا: بان وصيتي ** هـدي الـسـمـاء ومـا سـواه يدمرُ

إنـا لـهـا سـنـصـونـها بكلومنا ** ونـخـط بـالـسـيف السليط ونحفرُ

وجـمـاجـم عـرفـت طرائق ربها ** رصـفـت بـعزتها الطريق وسطروا

قـد صـاغـهـا الـقـسام أول عهده ** ومـضـت بـها جند الحماس وطورا

يـا أمـة الـمـلـيـار هل من وقفةٍ, ** تـرنـو إلـى الأفـق الـبعيد وتنظرُ

مـا ذاق \"صـهـيـون\" اللعين مرارة ** حـتـى أتـتـه حـمـاسُ أسدا تزأرُ

فـثـوى صـريـعـا ثم ولول هارباً ** بـجـدار خـوف لائـذا يـتـسـورُ

فـرمـتـه بـالـقسام يبرق في السما ** فـانـدس تـحت الأرض خزيا يغمرُ

فـأتـتـه أنـفـاقٌ تـقـض مـنامه ** فـمـضـت ذيـول العار منه تجرجر

مـا كـان مـنـهـجـا حديثا يفترى ** كـلاولـكـن نـاسـفـا يـتـفـجر

شـيـخ تـخـر لـه الجبابر ما ونى ** مـا انـفـك يـبني في الرجال ويعمرُ

حـتـى اسـتـووا زرعا خصيبا يانعاً ** غـاظ الـكـوافـر فهو غض اخضرُ

فـرمـى بـهـم يـوم الحصاد جبلةً ** فـاهـتـز عـرش الـكـفر ثمَّ يتبرُ

ربـى شـيـوخ الـمـجد تحمل بعده ** عـلـم الـعـقـيدة في الوغى لا تفترُ

واخـتـار مـن بـين الأشاوس فارسا ** لـكـتـائـب الـقـسام، نعمَ العسكرُ

فـتـرجـلـوا عـلـمـا ً يسلم رايةً ** لـخـلـيـفـة يـمـضي و لا يتعثر

ويـطـأطـأ الـرأسُ الـلعينُ مرغمَّاً ** ويـمـوت مـن كمدٍ,\" ربين \" ويسجرُ\"

وتُـدكُ فـي يـافـا وفـي تل الربي ** ع مــواكـر الإجـرام ثـم تـدمـرُ

ويـزلـزل الأمـن الـمـشوبُ بخسةٍ, ** ويـعـز ديـن الـحـقِ فهو الأظهرُ

يـا أيـهـا الـعـملاق طبت مجاهدا ** أتـعـبـت بـعـدك كل قومٍ, قصروا

هـذا هـو الإسـلام هـذا فـعـلـهُ ** إن عـدت الأفـعـال، لا يـتـغـيرُ

هـذا هـو الإسـلام، تـلـك رجاله ** فـي كـل عـصـر بـايعوه تحرروا

فـاربـأ بـنـفـسك لو أردت هدايةً ** أن تـجـعـل الـشـيطانَ فيك يؤثر

أو تـتـبـعـنَّ سـبـيـلـه ُ بغوايةٍ, ** أو داعـيـا لـلـحـق يـوما تزجرُ

فالله بــشــرنــا بـوعـد قـادمٍ, ** وهـو الـذي يـرعـى الأنام وينصرُ


أضف تعليق