بسم الله الرحمن الرحيم
هذا هو الخبر: هذا ما قاله الدكتور أساكوف: أنا لا أومن بأي ديانة لكن آمنت بالنار بعد هذه الحادثة، كنا نحفر في أحد الأراضي للتنقيب عن شيء حتى وصلنا إلى عمق ووصلت درجة الحرارة إلى 2000 فهرنايت وسمعنا أصوات وصراخ وصوت زفير أشبه بصوت النار...
رأيت هذا الخبر قد انتشر في أكثر من موقع عبر الشبكة
وسُئلت عنه من أكثر من سائل
فقلت:
أما أنا فلا أصدّق!
أما لمــاذا؟
فلأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن العبد إذا وضع في قبره وتولّى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم. قال: يأتيه ملكان فيُقعدانه، فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل؟ قال: فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، قال: فيقال له انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: فيراهما جميعا. رواه البخاري ومسلم.
زاد البخاري قال: وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس! فيُقال: لا دريت ولا تليت، ثم يُضرب بمطرقة من حديد بين أُذنيه، فيصيحُ صيحةً يسمعها من يليه إلا الثقلين.
يعني تسمعه الدواب ويسمعه من كان قريبا من المكان إلا الإنس والجن.
وعذاب القبر مما تُدركه المخلوقات غير الإنس والجن، لقوله - صلى الله عليه وسلم - عن الكافر أو المنافق -: ثم يُضرب بمطرقة من حديد بين أُذنيه، فيصيحُ صيحةً يسمعها من يليه إلا الثقلين. رواه البخاري وقد تقدم.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: إنهم يُعذّبون عذاباً تسمعه البهائم.
وهذا صريح في سماع عذاب القبر لغير الجن والإنس، أي أن الإنس والجن لا يسمعون عذاب القبر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولهذا السبب يذهب الناس بدوابهم إذا مُغِلَت إلى قبور اليهود والنصارى والمنافقين كالإسماعيلية والنصيرية وسائر القرامطة من بني عبيد وغيرهم الذين بأرض مصر والشام وغيرهما، فإن أهل الخيل يقصدون قبورهم لذلك كما يقصدون قبور اليهود والنصارى، والجهال تظن أنهم من ذرية فاطمة وأنهم من أولياء الله، وإنما هو من هذا القبيل، فقد قيل: إن الخيل إذا سمعت عذاب القبر حصلت لها من الحرارة ما يذهب بالمغـل. انتهى كلامه - رحمه الله -.
أي يُذهب الإمساك من بطونها.
وقد حدّثني بعض المسلمين الذين يُقيمون في بلاد الكفار اليوم، أن الكفار الذين يدفنون موتاهم بالتوابيت مدة معلومة ثم يجمعون عظامهم بعد ذلك في مكان واحد وتستخدم التوابيت في دفن آخرين، وهم يجدون آثار أظفار وخدوش على جدران التوابيت، ويظنّون أن سبب ذلك أن من الأموات من دُفِنَ حيّاً.
إذا عُلِمَ هذا فإن ما يتعلّق بالقبر من عرض وفتنة وسؤال وعذاب ونعيم، هو من علم الغيب الذي لا نعلم كيفيّته، ويجب علينا الإيمان به والتسليم فيه لله ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنؤمن به من غير سؤال عن كيفيّته، وكيف يقع؟ لأن عقولَنا قاصرة عن إدراك ذاتها فكيف تُدرك ما حُجِبَ عنها؟
قال ابن القيم: أحاديث عذاب القبر ومساءلة منكر ونكير كثيرة متواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال ابن أبي العز: وقد تواترت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلا وسؤال الملكين، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به، ولا نتكلم في كيفيته إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته لكونه لا عهـد له به في هـذه الدار، والشرع لا يأتي بما تحيلة العقول ولكنه قد يأتي بما تحار فيه العقول. اهـ.
وقد أسمع الله نبيّه وأطلعه على شيء من ذلك
فعن زيد بن ثابت قال: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - لبني النجار على بغلة له ونحن معه إذ حَادَت به فكادت تلقيه وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة، فقال من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟ فقال: رجل أنا. قال: فمتى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في الإشراك فقال: إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: تعوذوا بالله من عذاب النار، قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار، فقال: تعوذوا بالله من عذاب القبر. قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر. رواه مسلم.
كما أسمعه أيضا في قصة القبرين اللذين قال فيهما: إنهما ليُعذّبان وما يُعذّبان في كبير.
فهذا مما اختص به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
هذا من ناحية
ومن ناحية أخرى فإن هذا الخبر الذي يُتناقل عبر بعض المنتديات رواية عن كافر ولا تُقبل رواية الكافر إلا إذا أسلم.
وفي هذه المسألة لا تُقبل روايته حتى لو أسلم لأنها تُخالف ما ثبت في السنة.
وهذه الأمور من الأمور الغيبية التي لم يُطلع الله عليها الإنس والجن
ثم اعترض بعض الأخوة بكلام لبعض الأفاضل نقل فيه كلاما لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فيه رؤية صورة من صور العذاب، وما ذُكر من خروج جسد برأس حمار من مقبرة من المقابر... إلى الخبر.
فقلت:
ينبغي أن يُفرّق بين رؤية بعض صور العذاب، أو سماع الأصوات، فالأول ممكن لأنه لم يرد به نص على المنع، بينما الثاني وردت به نصوص كثيرة، ومنها ما سقته أعلاه.
وبالنسبة لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فقد ساقه مساق الاستئناس وليس مساق التقرير كما يعلم ذلك من يتتبّع كتبه وعلِم بطريقته في التصنيف.
وعلى كلٍّ,: كلُّ يؤخذ من قوله ويُردّ إلا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وقد قال - عليه الصلاة والسلام -: فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه. رواه مسلم، وقد تقدّم.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها أين يذهبون بها، يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعه صعق. رواه البخاري.
وهذا يدلّ على أن سمع الإنسان له طاقة محدودة، إلا أن الله اختص نبيّه بخاصيّة فأسمعه من عذاب القبر. وقد تقدّم هذا أيضا.
وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُقدّم على قول كل أحد، ولو كان القائل أفضل الناس من بعده، ولو كان قول الشيخين الخيّرين اللذين أُمِرنا أن نقتدي بهم.
قال - صلى الله عليه وسلم -: اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر.
ومع ذلك لا يُعدل عن قوله - صلى الله عليه وسلم - إلى قولهما، مع مكانتهما وفضلهما، فكيف بغيرهما ؟
وهذا من إجلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يُعارض بقول أحد كائن من كان.
ولا يعني هذا عدم إجلال العالم بل هذا من كمال إجلال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن إجلال العالم أن لا يُرفع فوق قدره، وأن يُردّ قوله إلى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا العكس.
والله - تعالى -أعلى وأعلم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد