أيها الممعنون في نقد الصحوة .. رويداً ( 2 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

شقّ العصا.. ثمّ تأتي الطامة الثانية.. وتتهم الصحوة بأنها نزعت يداً من طاعةِ كبار العلماء!! حسناً..

أسأل كذلك: من هم الآلاف الذين كانوا يحضرون محاضرات الشيخ العلامة ابن باز - رحمه الله -؟ ويتحلّقون حول درس العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - في العشر الأواخر في البيت الحرام؟ ويتهادون كتب بكر أبي زيد، وفتاوى الفوزان، ومقالات ابن جبرين، وتقريرات آل الشيخ؟ ويطبعون فتاوى هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة ويعلقونها على كل باب مسجد؟ من الذين كانوا يستضيفون هؤلاء الأعلام في مخيّماتِهم ويحتفون بهم في كل حين؟ من الذين كانوا يجتمعون شهريا مع ابن باز وابن عثيمين - رحمهما الله - ليتلقوا توجيهاتهما ويناقشونهما في قضايـا الساعة؟ من الذين ألفوا الكتب وسجلوا الأشرطة في الثناء على هذين الإمامين وإخوانهما؟ من الذين اهتزت المنابر بأصواتهم في رثائهما يوم فارقوا الحياة؟ ومن الذين بكوا يومئذٍ, وسالت دموعهم؟ ثمّ من الذين أعادوا وأبدؤوا في ترسيخ مكانة العلماء وحرمة أعراضهم، ومن الذين أشاعوا في كل مجلس كلمة ابن عساكر: إن لحوم العلماء مسمومة؟ من هم؟ أليسوا شباب الصحوة ورجالها؟ أليسوا رموزها ودعاتها وعلماءها؟ ألم تكن المراكزُ الصيفيّة التي تُحاربُ اليوم هي التي تحرص في كل رحلة صيفية إلى الطائف على زيارة الشيخ ابن باز - رحمه الله - وإخوانِهِ من المشايخ؟ ثمّ يُقال: إنّهم يعارضون كبار العلماءِ ويهزؤون بهم.. وأفحشُ ما هنالك.. أنّ كثيراً مما يعيبه هؤلاء على الصحوة إنما هو تطبيق أمين لفتاوى كبار العلماء!! تحريم قيادة المرأة للسيارة، وتحريم المهرجانات الغنائية، والحملة على الأطباق الفضائية، محاربة كشف الوجه.. كل هذه العيوب الصحوية في نظر بعض الناقدين هي في الحقيقة التزامٌ بفتاوى كبار العلماء في بلادنا.. ومع ذلك فالصحوة هي التي تشق عصا طاعتهم..!! والنّاقدون هم الأمناءُ على تراثهم وفقههم..!! ولك أن تعجب ما شئت!! نعم قد يختلف بعض رجال الصحوة معهم في مسائل، وقد يناقشونهم في فتاواهم.. لكنهم في النهاية يعرفون فضلهم، ورغم أنّ بعض رموز الصحوة اقتيد إلى السجنِ بتأييد من كبار المشايخِ إلا أنّ أحداً من هؤلاء الرموز لم يقل فيهم كلمةَ سوء واحدة في حياتهم ولا بعد مماتهم.

ونعم.. نبتت في الصحوة نابتة أساءت إليهم، ولمزتهم بأنهم علماء سلطةٍ,.. ولكنهم لم يكونوا أبداً وجه الصحوة البارز في بلادنا..

جدلية الخفاء والتجلي ونأتي إلى التهمة الثالثة النكراء.. إنّها اتّهام الصحوة بازدواجية المنهج.. فمنهج خفيّ، ومنهج معلن! وودتُ أن تطرحُ مسألةٌ واحدةٌ يمكن أن تدرج في المنهج (الخفيّ)!! لنعلم ما وراء الأكمة. إنني لا أنكرُ أن تيارات التكفير تتداولُ داخلها زخماً من المعاني المنكرةِ قد لا تجرؤ على التصريح بها.. ولكن أقول ما قلته أولا: كم نسبةُ هذه التيارات؟ كم نسبة التكفيريين في قطاع الصحوة العريض؟ كم هم الذين يتداولون منشورات التكفير بالنسبة إلى الذين يتداولون المصحف ورياض الصالحين والأربعين النووية؟ وخارجَ هذه الدائرةِ التكفيريّة لا يكادُ يستطيع أحدٌ أن يثبتَ أنَّ الصحوةَ تنطوي على أبجديات فكرية على غير ما هو معلنٌ في أشرطتها وكتبها ورسائلها وبرامجها.. وحين نفتَحُ هذا البابَ فإنّ بوسع قائل أن يقول: إن أصحاب المنهج الخفيّ هم الذين يتحدّثون عن الجدلِ الفقهيّ في كشف المرأة لوجهها ثم تتفلّت من أفواههم عباراتٌ تدلّ على رغبتهم في نزع امرأة بلادنا الحجاب بالكلية. إن أصحاب المنهج الخفي هم الذين يظهرون الغيرة على التراث الفقهي المتسامح الذي يعطي المرأة حقوقاً حرمها منها المجتمع.. ثمّ إذا أتيحت الفرصةُ نشروا صور نسائنا متبرجات حاسرات عن وجوههن وشعورهنّ على وجه لا يقرّه فقيه على وجه الأرض، ولا يرضى به فقه منذ كان الفقه! إنّ أصحاب المنهج الخفيّ هم الذين يظهرون الشفقة على عقول أبنائنا من تضخّم المناهجِ الدينية ويدعون لتخفيفها رحمةً بهم.. ثم لايبالون أن يتضاعف غيرها من المواد أضعافاً مضاعفةً. إنّ أصحاب المنهج الخفيّ هم الذين يتحدّثون عن ضرورة اتّباعِ المنهج الإسلاميّ الوسطيّ فإذا جاء من يدعو إليه ويبشّر به من رجال الصحوةِ ضجروا وزعموه نفاقاً واحتيالاً.بل يسع قائلاً أن يقول: إنّ أصحاب المنهج الخفيّ هم الذين يظهرون الوقوف مع قضايا المسلمين والدفاع عن بلدانهم، ثم يقدّمون كل مساعدة ممكنةٍ, للقضاء على تلك البلدانِ واستباحتها.أرأيتم إلى أين يقودنا هذا كله؟

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply