بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الحبيب، قد نطقت العبر فأين سامعها؟! وتجلت الحقائق فأين مطالعها؟! واستنار الطريق فأين تابعها؟! إلى أين تسير وأين تذهب إلى الجنة أم إلى السعير؟!! أما علمت أن لحظاتك تكتب، وأنفاسك تجمع، وحركاتك تحسب (أيحسب الإنسان أن يترك سدى ).
إخواني في الله بالأمس الأول رأيت فيكم صورة الشباب المتلألئ، صورة الأمل المتطلع، رأيت أنفساً تحمل همّ هذا الدين وتسعى لزيادة رقعته المباركة، رأيت قلوباً تحمل بين جنباتها آمال الأمة وتطلعاتها، رأيت قلوباً تذرف من عينيها الدموع على آلام الأمة ونكباتها، رأيت بأم عيني هذه الجديّة التي وصفت... واليوم بالذات أفل ذلك الطيف المتكرر، وخبت تلك الكلمات المدوية \"، وفترت تلك الجهود التي يبذلها أولئك الشباب لنشر هذا الدين المجيد، لذا كان هذا الكتاب، أوجه إلى الشباب عامة وطلاب الجامعات والكليات خاصة... فهم في مركز مهم لخدمة هذا الدين ونشره وبثه. فكونوا إخوتي على قدر المسؤولية، فأنتم شموع يستضاء بها، عفواً أيها الإخوة فلقد \" جاء حديثي متزامناً مع الدعة والراحة حتى غابت الغيرة على الدين فعاد كل إنسان يلهو بنفسه ويعمل من أجلها، غابت تلك الجهود الجادة،،، فأصبحت تطلق جماح الشهوة بلا رابط، وتفك اسر الشبهة بلا قيد، أفلا يكون هذا الفتور داعياً إلى الحديث معكم؟!!.
بربك لماذا أصابك هذا الفتور عن قيامك بحق الله في الأرض؟! لماذا هذا الفتور القاتل؟! أين الجدية في الالتزام، والغيرة على الأعراض والشرف... لم نرى تلك الجدية في المسارعة إلى الدنيا الفانية !
إني – والله – أتعجب من لاعبي الكرة وهم يبذلون جهدهم وطاقتهم إخلاصاً للكرة !! وهؤلاء الممثلون أنظر إليهم وهم يعيدون المشهد مرة تلو الأخرى قد تصل إلى العشرات إخلاصاً للتمثيل !! وكذلك عند المطربون والمغنون إخلاصاً للموسيقى. وللأسف لا نجد الملتزمين بشريعة الله يملكون هذا الإخلاص !!.
تسمو بكم عن دروب الطيش والصخب يا أخوتي يا شباب الحق همتكم
ولن يضيع ربي أجر محتسب أحبكم يا شباب الحق محتسباً
سواد ظلمته يطغى على الشهب أدعو لكم بصلاح الأمر في زمن
للخير،يدركه من جد في الطلب ما زال في الأرض ميدان ومتسع
لذا \" ليس كل من تزّيا بزي المستقيمين المهتدين، ولبس لباسهم، وردّد ألفاظهم، يعتبر مستقيماً مهتدياً حقاً، حتى يكون في شعوره وولائه وحبه وبغضه وهمته وجديته وخلقه وتعامله وكبح جماح نفسه على الخير كالمستقيمين المهتدين حقاً… فليس العبرة بالمظاهر فحسب، بل المظاهر مع الحقائق :
لا يخـلبنّكَ بـارقٌ متلمــع،،، إن ( الباروكة ) تخون في تلماعها
فالهداية نور وسرور، والنور لا يحلُ إلا في قلب صحيح سليم.. خالٍ, من الحسد والحقد والغلّ والهوى.. أما القلب المريض فإنه محجوب عن ذلك النور ولو كان الفكر في غاية الذكاء والفهم والعلم، فهو حينها ( أحير من ضَبّ.. إذا بَعُدَ عن جحره خبل ).
نعمº فحقيقة الهداية ليست بمجرد الانتساب لدين مع الارتكاب لكل ما يناقض له، وإن الحق لا يثبت بالدعوى، ولكن بالدليل، فما وقر في القلب، ظهر على الجوارح، وصدّقه العمل \".
القصد وجـه الله بالأقوال والأعمال والطاعات والشكران
وبذاك ينجو العبد من إشراكه ويصـير حـقاً عـابد الرحمن
أخي الحبيب – كم من تساؤل يطرحه شبابنا.. حين يقول: أن مُتعتي أجدها في السيجارة فَلِمَ أتركها؟! وآخر يقول: أهوى مشاهدة الأفلام فَلِمَ أدعها؟! وآخر لا يحب الارتباط والتقيد، فلِمَ الصلاة؟! وأخرهم يقول: أليس على المرء أن يفعل ما يسعده؟ فالذي يسعدني هو ما تسمّونه معصية.. وأنا غير مقتنع بهذه التسمية.. فلِمَ أتوب؟!!
أخي المسلم.. يا عبد الله.. تتوب لجهلك في الدين، وبالمعاصي التي تقترفها! تتوب لكي تعرف من عصيت!
فمثل العاصي كمثل الرجل في مكان دبغ الجلود، فإنه لا يشم الرائحة الكريهة إلا عندما يخرج منه، فاخرج من المعاصي، وتُب إلى الله ستعرف سوء ما كنت عليه وقبح ما كنت تفعل، كم كنت خاسراً لاهياً غافلاًَ…
أخي التائب - إن الله يفرح لك إذا تُبت، فيجازيك بأن يفرحك ويُسعدك، ولك في هذا دليل قال e : \" لله أشد فرحاً بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرضٍ, دويةٍ, مهلكةٍ, معه راحلته عليها طعامه وشرابه، فنام فاستيقظ، وقد ذهبت، فطلبها حتى أدركه العطش ثم قال : أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت. فوض رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه، فالله أشد فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده \".
انظر إلى هذه الفرحة التي يجدها التائب توبة نصوحاً صادقة، والسرور واللذة التي تحصل له فإنه لمّا تاب إلى الله، ففرح الله بتوبته أعقبه فرحا عظيماً. لذا تجد التائب في منتهى السعادة وقمة الراحة، وفي أعظم النشوة.
بالله عليك، أيهما أسعد؟ شاب ليس في قلبه سوى فتاة تسومُه سوء العذاب، أو مال يُرغم أنفه في التراب، أو منصب فذاق بسببه أشد الصعاب، ليس في فكره سوى السيارة والعمارة والصديقة والعشيقة؟!
أم من ليس في قلبه سوى رب الوجود، لا يتلفظ بكلمة إلا ومزجها مع (( إلهي،، ربي،، سيدي،، مولاي.. )) ليستشعر بدفء الجواب يناديه: (( لبيك عبدي )
بالله عليك من السعيد حينئذ؟ ومن أحق بالسعادة والطمأنينة وقتها؟! لذا إخواني في الله- إليكم هذه الكلمات التي خرجت من قلبي لعلها تصل إلى قلوبكم، وامتزجت بروحي فلعلها تمتزج بروحكم، كتبتها بمداد المحبة والصفاء والنصح والوفاء، لعلها لا تجد عن نفوسكم الصافية مصرفاً.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد