هوِّن عليكَ فقد أزرى بكَ الألمُ *** واستيئَسَ الحبرُ والقِرطاسُ والقلمُ
هوّن عليكَ فإنَّ القومَ في شغلٍ, *** وفي فراغٍ, وجود مثلهُ العدمُ
هوّن عليكَ فإنَّ الجرحَ في خِدرٍ, *** ولا يغرّكَ أنَّ الدمَ ينسجمُ
الحِسٌّ والجرحُ لا وصلَ ولا أثر *** الوخز يُدمي ولكن مالَهُ ألمُ
ما نحنُ إلا شعوبٌ ضمّها قدرٌ *** من سنةِ اللهِ مقدورٌ ومرتسمُ
تخلّفت وانبرى أعداؤها قُدماً *** وفي سباقِ الورى زلّت بها القدمُ
وسامَها الخسفُ أبناءَ لها مردوا *** على النفاقِ فكم جاروا وكم نقموا
أما ترى أنهم قد ضيّعوا وطناً *** لطالما ضيّعت من قبلهِ القيمُ
والأرضُ تصرخُ صرخاتٌ مجلجلةٌ *** والناسُ موتى وصوتُ الأرضِ ينعدمُ
تبكي على فرقةِ الأحبابِ والهةٌ *** رباهُ أبنائي الأبرارَ أينَ همُ
هوّن عليكَ فكم نادى سِواكَ وما *** لبّى الرشيدُ ولا لبّاهُ معتصمُ
أطرقتُ والدمعُ في عيني محتبسٌ *** والآهُ في خلجاتِ الصدرِ تنكتمُ
والنفسُ تطوي على الآلام رحلتها *** وترقبُ الفجرَ بالآمالِ يبتسمُ
وقلتُ يا صاحِ أحجم عن معاتبتي *** وخلّ يأسَكَ دونَ الناسِ يحتجمُ
وكف عنا لساناً ما نزالُ بهِ *** على المدى يعترينا الغمٌّ والسقمُ
أليسَ في أمةِ المعصومِ من أملٍ, *** أليسَ فيها الهدى والدين والقيمُ؟
بلى وربي فإنَّ الخيرَ مجتمعٌ *** والنبعُ ممتلئ والبحرُ مضطرمُ
وعصبةُ الحقِّ فيها ظاهرونَ على *** رغمَ البلاءِ فما ذلّوا وما رغموا
أما رأيتَ يدَ الأقصى وقد صفعت *** بالنعلِ شارونهم إذ جاءَ يقتحمُ؟
أمت رأيتَ دموعَ القدسِ كيفَ غدت *** حجارةً في وجوهِ الخَصمِ ترتجمُ؟
وذا صراخُ اليتامى صار قنبلةً *** دويها في رؤوسِ الجندِ يحتدمُ
والأرض يا صاحبي غضبى مزمجرة *** والغيظُ فيها على الأعداءِ يزدحمُ
كفكف نواحكَ لا دمعٌ ولا عتبٌ *** يحرّرُ الأرضَ..لا حزنٌ ولا ندمُ
لكنَّ دماءً مع البارودِ قد عقدت *** قرانها بحزامِ الموتِ تحتزمُ
قم حيِّ كوكبةَ الأبطالِ إذ عرجت *** إلى مراقي العُلا في السِّربِ تنتظمُ
من كثرةِ الشهداءِ الغرِّ كدتَ ترى *** بابَ الشهادةِ بالأبطالِ يزدحمُ
هذي فلسطين للأحرارِ منطلقٌ *** وتلكَ بغدادُ والشيشانُ والحَرمُ
وسائرُ الأرضِ في دنيا عروبتِنا *** ومهدَ إسلامِنا تغلي وتضطرمُ
ذي أمتي في شِعابِ المجدِ صاعدةً *** أفواجُها في دروبِ العزِّ تلتئمُ
يا أمةَ العربِ والإسلامِ قد برقت *** أسيافَ ثأرك بالإيمانِ تقتحمُ